قرر جيش الاحتلال الإسرائيلي تسريح عدد من الألوية القتالية في غزة، وفقا لتقييم الوضع في القطاع ومراعاة للاعتبارات الاقتصادية لإسرائيل.

وذكرت إذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي أن التسريح يتعلق بـ5 ألوية قتالية من الحرب البرية في قطاع غزة، منها لواءا الاحتياط 551 و14، إضافة إلى 3 ألوية تدريب.

وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن الألوية التي تم تسريحها من غزة ستعود للمساعدة في إنعاش الاقتصاد الإسرائيلي، وهو ما أكده المتحدث باسم الجيش دانييل هاغاري، إذ أشار إلى عملية إدارة وصفها بأنها "ذكية" للقوات الإسرائيلية في غزة، مما يسمح لجنود الاحتياط بالعودة إلى ديارهم للمساعدة في إنعاش الاقتصاد.

فهل "الإدارة الذكية" أم الخسائر الاقتصادية الكبيرة التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي هي من أجبرت الاحتلال على تسريح ألويته القتالية؟

خطة مساعدة مالية

قرار جيش الاحتلال تسريح عدد من ألويته القتالية جاء بعد أيام قليلة من تقديم كل من وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش ووزير الدفاع يوآف غالانت خطة مساعدة مالية لجنود الاحتياط في جيش الاحتلال بتكلفة سنوية تبلغ 9 مليارات شيكل (2.5 مليار دولار).

وبحسب صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية، تم تقديم الخطة حتى قبل إيجاد مصادر واضحة لموازنة الدولة المعدلة لسنة 2024.

واستدعت إسرائيل عددا قياسيا من جنود الاحتياط يتراوح بين 300 ألف و360 ألف جندي بعد عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية من قطاع غزة على جبهات متعددة، وهذه تفاصيل الخطة:

منح شهرية مستمرة بقيمة 1400 شيكل (388.6 دولارا) للجنود المقاتلين. منح شهرية مستمرة بقيمة 800 شيكل (222 دولارا) لغير المقاتلين. 133 شيكلا (36.92 دولارا) يوميا لمن يخدم أكثر من 60 يوما. مبلغ مالي منزلي لمرة واحدة للمساعدة في دفع الضرائب البلدية. نفقات أخرى يبلغ مجموعها 2500 شيكل (694 دولارا) للجنود المقاتلين الذين يخدمون أكثر من 45 يوما.

وقال سموتريتش إن أصحاب الأعمال سيحصلون على تعويض أكبر، إذ ستعادل المنح التي سيحصلون عليها ما يحصل عليه سكان مستوطنات غلاف غزة الذين تم إجلاؤهم، فضلا عن تعويض كامل عن خسائرهم جراء وجودهم في الاحتياط و6 أشهر إضافية بعد انتهاء فترة استدعائهم للمساعدة في تعافي شركاتهم.

وأضاف سموتريتش أنه سيتم تخصيص مليار شيكل لصندوق القروض التي تضمنها الدولة للعاملين لحسابهم الخاص، وتتضمن الخطة كذلك:

مساعدة للأسر، إذ وعد وزيرا المالية والدفاع بمنحة شهرية بقيمة 2500 شيكل (694 دولارا) للمقاتلين و1500 شيكل (416.4 دولارا) لغير المقاتلين من آباء الأطفال حتى سن 14 سنة. قسيمة بقيمة تتراوح بين 1500 شيكل (416.4 دولارا) و4500 شيكل (1449.1 دولارا) لقضاء إجازة عائلية، ومثلها كبديل لمخصصات البطالة لشريكة (زوجة) جندي الاحتياط غير القادرة على العمل لرعاية الأطفال. تمديد إجازة الأمومة من خلال صندوق تعويضات للذين يخدمون في الاحتياط وأسرهم.

مأزق غير مسبوق

ومن منطق "شهد شاهد من أهلها" يقتبس الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد البهنسي في تعليقه للجزيرة نت وصف عاموس هرئيل الكاتب في صحيفة هآرتس المأزق الذي وقعت فيه إسرائيل نتيجة التكلفة الاقتصادية للحرب بأنه "صعب وغير مسبوق".

ويقول إن الاقتصاد الإسرائيلي رغم أنه من أنجح الاقتصادات في المنطقة -حسب وصفه- فإنه لا يتحمل حربا طويلة، فتعداد سكان إسرائيل قليل (نحو 9.8 ملايين نسمة)، كما أنها صغيرة جغرافيا وديمغرافيا، وهي ذات موارد محدودة، مضيفا أن من بين الاعتبارات الأهم في صمود اقتصادها هو اعتمادها على جذب رؤوس الأموال والاستثمارات، وهي التي تأبى أن تخاطر في اقتصاد حرب.

وتحدث البهنسي عن مؤشر على أزمة اقتصادية إسرائيلي، ويتعلق بدفع الوزير بيني غانتس بضرورة تخصيص جزء من "الأموال الائتلافية" -التي تخصص للأحزاب المشكّلة للحكومة- لصالح المجهود الحربي في غزة، مما يعني إعادة هيكلة بصورة ما للإنفاق.

خلافات مالية

ويلفت البهنسي إلى نقطة خلاف مالي آخر داخل الحكومة الإسرائيلية، وهي أن وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش دخل في صراعات من أجل تخصيص موارد أكبر لقطاع المتدينين على حساب الجيش الذي يحارب في غزة.

وتعد شرائح واسعة من المجتمع الإسرائيلي اليمين اليهودي "عالة على المجتمع"، فهو لا يُجنَّد في الجيش ولا يساهم بصورة تذكر في الاقتصاد، فضلا عن أنه يعيش على المعونات الاقتصادية الحكومية، بحسب البهنسي.

ويقول البهنسي إن المكون الاقتصادي للمواطن الإسرائيلي يتحكم بصورة كبيرة في أولوياته حتى في وقت الحرب، مشيرا إلى أن رئيس الأركان الإسرائيلي إبان الحرب الثانية على لبنان عام 2006 اللواء دان حالوتس باع كل أسهمه في البورصة في يوم الحرب، وبعد هجوم الصحافة الإسرائيلية عليه وسؤاله عما إذا كان محاربا أم رجل اقتصاد أجاب بأنه "مواطن إسرائيلي يسعى إلى الربح".

تقديرات التكلفة

تعددت تقديرات التكلفة العسكرية لاستدعاء الاحتياط، إذ قالت هيئة البث الإسرائيلية في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إن التكلفة المباشرة لرواتب الجنود تقدر بحوالي 5 مليارات شيكل (1.38 مليار دولار) شهريا تضاف إليها تكلفة فقدان أيام العمل لهؤلاء الجنود، والتي تقدر بنحو 1.6 مليار شيكل (444.12 مليون دولار).

وأظهرت تقديرات أولية لوزارة المالية الإسرائيلية أن تكلفة قوات الاحتياط في الجيش الإسرائيلي منذ بدء عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي وحتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بلغت 20 مليار شيكل (5.55 مليارات دولار)، إلى جانب الأضرار والخسائر المباشرة للاقتصاد وسوق العمل الإسرائيلي الذي يشهد ارتفاعا بمعدلات البطالة.

وبحسب صحيفة "ذا ماركر" الاقتصادية، فإن تكلفة تجنيد قوات الاحتياط -التي تقدرها وزارة المالية الإسرائيلية بملياري شيكل أسبوعيا- أعلى بكثير من تلك التي يقدرها بنك إسرائيل الذي أشار إلى أن تكلفة فقدان أيام العمل نتيجة تعبئة قوات الاحتياط تقدر بنحو 500 مليون شيكل (138 مليون دولار) أسبوعيا.

وقدّرت وزارة المالية الإسرائيلية التكلفة المباشرة ليوم الاحتياط (دفع الأجور لجنود الاحتياط والمعدات والطعام وما إلى ذلك) بمبلغ 70 مليون شيكل (19.43 مليون دولار) لكل 100 ألف مجند.

لكن صحيفة "ذا ماركر" نقلت عن محللة الشؤون الاقتصادية ميراف أرلوزوروف قولها إنه بافتراض أن ثمة 200 ألف جندي احتياطي فإن تكلفتهم المباشرة ستبلغ نحو 150 إلى 200 مليون شيكل يوميا (41.63 مليونا إلى 55.5 مليون دولار)، تضاف إليها الأضرار التي لحقت بالاقتصاد جراء تغيب هذه القوات عن سوق العمل، في وقت يبلغ معدل الأجر الشهري للفرد منهم 12 ألف شيكل (3330 دولارا).

ارتفاع البطالة

ونتيجة الأوضاع الاقتصادية الإسرائيلية زادت معدلات البطالة بصورة غير مسبوقة، إذ بلغ عدد الباحثين عن عمل في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي 332 ألفا، أي بزيادة نسبتها 47% مقارنة بأكتوبر/تشرين الأول، وفق مكتب التشغيل التابع لمؤسسة التأمين الإسرائيلية.

ووفقا للبيانات، فإن 123 ألفا من بين 332 ألف باحث عن عمل هم مسجلون جدد خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في حين أن 209 آلاف هم باحثون عن عمل تم تسجيلهم في خدمة التوظيف في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أيضا.

وذكرت دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية أن معدل البطالة الواسع النطاق قفز مرتين ونصف مرة في غضون شهر واحد، ليصل إلى 10.4% في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهي أعلى نسبة تسجل منذ أبريل/نيسان 2021، ومن المتوقع أن تواصل الارتفاع في حال استمرت الحرب.

ولاحظ مراسل صحيفة "ذا ماكر" الاقتصادية ناتانيال جومز أن سوق العمل الإسرائيلي دخل في حالة طوارئ، إذ يلاحظ أن الشبان يتدفقون على مكاتب التوظيف والتشغيل بحثا عن العمل، وأيضا التسجيل للحصول على مخصصات البطالة.

ونقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية عن مركز توب لدراسات السياسة الاجتماعية -وهو مركز أبحاث مستقل في إسرائيل- أن نحو 20% من قوة العمل الإسرائيلية كانت غائبة عن السوق منذ طوفان الأقصى، ارتفاعا من 3% قبل بدئها.

وحتى 24 ديسمبر/كانون الأول الماضي قدم 191 ألفا و666 شخصا في إسرائيل طلبات للحصول على إعانات البطالة منذ بدء الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: نوفمبر تشرین الثانی الماضی المالیة الإسرائیلی جیش الاحتلال الأول الماضی للمساعدة فی ملیون دولار تشرین الأول فی غزة

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي: دوي صفارات الإنذار في عدة مناطق بوسط إسرائيل إثر إطلاق صاروخ من اليمن

إسرائيل – أفاد الجيش الإسرائيلي فجر اليوم الثلاثاء، بدوي صفارات الإنذار في عدة مناطق بوسط إسرائيل إثر إطلاق صاروخ من اليمن.

وأشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أنه “تم إطلاق صفارات الإنذار للتحذير من إطلاق صواريخ في تل أبيب، ويافا، وبيتح تكفا، وريشون لتسيون، وأشدود، ورمات غان، واللد، والرملة، وهرتسليا، ورحوفوت”.

كما تم إطلاق صفارات الإنذار من الصواريخ والقذائف في “عراد وكسيفة وعرعرة في النقب، وفي تل عراد ومريت وسافا”، وفق الصحيفة.

وبين الجيش الإسرائيلي أنه “عقب التحذيرات التي تم تفعيلها قبل قليل، تم اعتراض صاروخ أطلق من الأراضي اليمنية قبل أن يعبر إلى أراضي البلاد”.

وأوضح أنه “تم تفعيل الإنذارات الصاروخية والصاروخية خوفا من سقوط شظايا الصواريخ الاعتراضية”.

ويأتي ذلك بعد ساعات من إعلان حركة الحوثيون امس الاثنين، تنفيذ عمليتين عسكريتين على هدفين عسكريين إسرائيليين في منطقتي عسقلان ويافا.

جدير بالذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن  مؤخرا في بيان مصور أن إسرائيل ستواصل التحرك ضد الحوثيين في اليمن، متهما إياها بتهديد الملاحة العالمية والنظام الدولي.

من جهتهم، أعلن الحوثيون يوم السبت الماضي، “تضامنا مع غزة وردا على العدوان  على اليمن”، استهداف موقع عسكري إسرائيلي في تل أبيب بصاروخ باليستي فرط صوتي، تمكن من تجاوز منظومةِ الدفاع الجوي الإسرائيلية وأصاب هدفة بدقة.

في حين نفذت طائرات إسرائيلية يوم الخميس سلسلة غارات على البنية التحتية للطاقة والموانئ في اليمن، في خطوة قال المسؤولون إنها رد على مئات الهجمات التي يشنها الحوثيون بالصواريخ والطائرات المسيرة منذ بدء حرب غزة قبل 14 شهرا.

ويؤكد الحوثيون أنهم يستهدفون بالصواريخ والمسيّرات سفن الشحن الإسرائيلية أو المرتبطة بها في عدة بحار، كما يستهدفون تل أبيب وعددا من المناطق والموانئ الإسرائيلية، “تضامنا مع غزة” التي ترزح منذ أكثر من عام تحت ضربات الهجوم الإسرائيلي.

وتشدد “أنصار الله” على أنها “مستمرة في عملياتها العسكرية ضد العدو الإسرائيلي استجابة للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، واستجابة لنداءات الأحرار من أبناء شعبنا اليمني العزيز وأبناء أمتنا العربية والإسلامية، وأن هذه العمليات لن تتوقف إلا بوقف العدوان على غزة ورفع الحصار عنها”.

في الجهة المقابلة، ينفذ تحالف “حارس الازدهار”، الذي تقوده الولايات المتحدة، وتشارك فيه بريطانيا بشكل رئيسي، ضربات جوية على مواقع للحوثيين، كما قصفت إسرائيل عدة مواقع في اليمن أيضا.

 

المصدر: RT

مقالات مشابهة

  • تقرير: تأثير الضائقة الاقتصادية على التبرعات الخيرية في موسم الأعياد 2024
  • إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
  • بغداد اليوم تتقصى.. ما مصير 1900 جندي سوري بعد تسليمهم لـ ألوية الجولاني؟ - عاجل
  • الجيش الإسرائيلي: دوي صفارات الإنذار في عدة مناطق بوسط إسرائيل إثر إطلاق صاروخ من اليمن
  • الإعيسر : (110) مليون دولاراً حجم الخسائر الأولية في قطاع الثقافة والآثار والسياحة جراء عدوان المليشيا
  • بنك إسرائيل المركزي: حصار صنعاء أدى إلى إطالة فترات الإبحار من وإلى “إسرائيل” بأكثر من الضعف
  • بالأرقام.. إكتشفوا خسائر لبنان الاقتصادية بعد حربه ضدّ إسرائيل
  • أردوغان: إسرائيل ستنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها
  • من التضخم إلى البيتكوين.. هذه أبرز القوى الاقتصادية التي شكلت 2024
  • من التضخم إلى البتكوين.. هذه أبرز القوى الاقتصادية التي شكلت 2024