موقع النيلين:
2025-01-24@12:55:48 GMT

أسئلة صعبة في زمن حويصلة الوزة

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT


ارتفعت خلال الأيام القليلة الماضية الدعوات لتسليح المواطنين السودانيين. إن الحجة الداعمة للمقاومة الشعبية المسلحة واضحة وبسيطة: لقد ارتكب الجنجويد أعمال عنف مدمرة ضد المواطنين المدنيين المسالمين العزل في كل مكان، بما في ذلك الاغتصاب والنهب والقتل على نطاق واسع. وبما أن الجيش فشل في حماية المواطن من عنف الجنجويد، فإن الشيء الوحيد المتبقي للمواطنين هو تسليح أنفسهم لحماية حياتهم وسلامتهم وممتلكاتهم ومدنهم.

إن الدعوة إلى حمل السلاح يتبناها الإسلاميون، ولكن أيضا يتم تبنيها من قبل أشخاص ليسوا إسلاميين، وبعضهم ظل من أعداء الإخوان مدى الحياة.

وكما هو متوقع، أعرب العديد من الصادقين والصالحين عن تحفظاتهم، وزعموا أن تسليح المواطنين ينطوي على مخاطر كبيرة قد تنتهي بحدوث فوضى كاملة.

لكن بالطبع كانت آلة الدعاية الجبارة الموالية للجنجويد مفرطة النشاط في معارضة تسليح المواطنين رأفة بالجنجويد من يتم إيقافهم بعمل شعبي مضاد.

وياتي هذا المنحي من جهات روجت للعمل المسلح لعقود ضد البشير وخدمت كعضوية أو تحالفت مع ميليشيات تمت إدانتها بجرائم حرب من قبل أكبر منظمات حقوق الأنسان ومن الأمم المتحدة. حلال عليهم العمل المسلح المعرقن والمستند علي القبيلة حين يناسبهم، حرام علي غيرهم. نفاق.

لقد كنت طوال حياتي وما زلت ضد العمل السياسي المسلح، منذ أن كان المتحولون الجدد إلى السلام يشنون الحرب ضد نظام الأخوان ويضفون الشرعية على الميليشيات العرقية ضد نظام البشير.

ولم أغير موقفي أبدا إلي يومنا هذا وأشير إلى أن التحفظات على تسليح المواطنين مشروعة، أتفقنا أم أختلفنا، سواء أن عبر عنها مواطنون شرفاء أو أبواق تحالف الجنجويد.

لكن الوقوف ضد تسليح المواطنين للدفاع عن أنفسهم ضد إرهاب الجنجويد يفرض سؤالاً على معارضي التسلح “كيف تنصح العزل بالدفاع عن أنفسهم”؟ – أم تريدهم أن يجلسوا على مؤخراتهم ويتلقوا ويقبلوا الاغتصاب والنهب الجنجويدي ثم يديروا لهم الجمبة الايسر؟
ويجب أن تعلم أن شعار لا للحرب طوال تسعة أشهر دامية لم يحقق شيئا، ولم يحم امرأة مغتصبة واحدة أو مسلاتي مباد عرقيا.

وبغض النظر عمن يطيل أمد هذه الحرب، فهل على المواطنين أن يجلسوا ويقبلواعنف الجنجويد الذين أخرجوهم من دورهم حتى يتفق أعداء السلام على وقف الحرب، سواء كانوا الجنجويد أو الإخوان أو البرهان؟

ومن السخافة والكذب الشديد القول بأن هذه الحرب بين الجنجويد وجيش الإخوان حصراً وأن الشعب لا ناقة له فيها ولا جمل لأن هذا الادعاء تكذبه حقيقة أن الجنجويد يرهبون وينهبون ويغتصبون المدنيين العاديين العزل ويدفعونهم للفرار والهرب من مدينة إلى أخرى لأنهم يعرفون ما يحدث عندما يحتل الجنجويد مدنهم.

كما أن هذا الادعاء تدحضه حقيقة أن الجنجويد يهاجمون المدن وحتى القرى التي لا يوجد بها إخوان ولا جيش ولا أهمية استراتيجية لها أو وعسكرية بما في ذلك قري لم يسمع بها أحد من فرط هامشيتها وبساطتها . ومهما كانت هذه الحرب فهي أيضا حرب ضد المواطن السوداني في بيته وماله المنهوب وفي أجساد نسائه وضد مؤسسات الدولة كما تشهد بذلك البنوك المحروقة وغيرها من الأصول العامة والبني التحتية المدمرة عمدا.

الحقيقة أنه لا توجد إجابة سهلة لمشكل تسليح الشعب في بيئة أصلا مسلحة تعج بعشرات المليشيات الأثنية كما أن هناك اثنيات داخلة باكثر من صرفة مليشية.

سنحترم المعارضين للتسليح المتسرع، ونحن منهم، لو توقفوا عن تشجيع العنف الجنجويدي ببذل الغطاء السياسي والاعلامي الذي يوفر له الحماية في الداخل والخارج بما يساعده علي الأستمرار. وسنحترمهم أكثر لو ساهموا في فضح وإدانة العنف الجنجويدي في الدخل والخارج بدلامن توفير الغطاء السياسي له.

آخر كسرة في عام ٢٠٢٣ الأكثر برازية: في زمن ما ، كنا نختم كل عام بأغنية “لا تحلموا بعالم سعيد فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد ! وخلف كل ثائر يموت أحزان بلا جدوى “. وبتاويل القصيدة يمكن أن ننفي عنها التشاؤم المغلق ثم نفسرها علي أنها أيضًا تحذيرا واضحا لنا بأنه سينتهي بنا أمر التاريخ إلى عالم أسوأ إذا واصلنا في هذا المسار الغبي من العمل الاجتماعي والسياسي. القصيدة نبوءة تهدف لمنع تحققها بتشجيعنا على تغيير سلوكنا لتجنب مستقبل أسوأ.

معتصم اقرع

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: تسلیح المواطنین

إقرأ أيضاً:

طلابنا.. بين صعوبة الامتحانات وغموض المناهج!

 

ناصر بن سلطان العموري

 

انتهت امتحانات الفصل الدراسي الأول لطلبة الحلقة الأساسية، والتي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي، وشهدت مناقشات ساخنة حول صعوبة الامتحانات وطول مدتها ونوعية أسئلتها، مقارنة بمستوى الطلبة، خصوصًا للصف الخامس، هؤلاء الطلبة الذي عودهم ما زال طريًا هشًا يترقبون بشغف نهلًا سهلًا ميسرًا من العلم، تستوعبه عقولهم الصغيرة البريئة، إذ إنهم قد تجاوزا للتو، مرحلة الحلقة الأولى، وكان من المفترض أن تكون الأسئلة في متناول عقلية الطالب ومستوى شرح المدرس، لا أن تكون أسئلة لوغاريتمية معقدة، وكأنهم يحضرون لرسالة دراسات عليا!!

ما هكذا يصقل الطالب بالتلقين يا من أعد الامتحانات الخارجة عن المنطق؛ بل يُصقل بالترغيب والتحبيب وتسهيل المناهج لهم بطرق مبتكرة، لا أن يخوض الطالب الامتحانات وهو خائف مما هو آتٍ، وقادم يذهب لأداء الامتحانات بخطوات مثقلة يصاحبه الخوف والقلق وعيون وقلوب أسرهم لا سيما الأمهات اللاتي يسهرن على مراجعة دروس أبنائهن بخوف وتوجس.

المدرس- للأمانة- يقوم بالدور الذي عليه على قدر استطاعته واجتهاده، ولكني أعتقد أن الإشكالية في المناهج المعقدة التي لم تراعِ المرحلة الانتقالية للطبة من الحلقة الأولى إلى الحلقة الثانية؛ حيث إن كثرة تشعُّب الأهداف في بعض المواد، أفسدت المنهاج بالكامل، فنجد حشوًا في المعلومات والبيانات لا معني ولا هدف منها سوى أنها تتدخل الطالب في دائرة التِيه، وكان من المفترض عوضًا عمّا ذكر أن يكون المنهج في متناول عقلية الطالب والمرحلة العمرية متدرجًا فيما يتضمنه من مواد لكي يتمكن منها المدرس دون صعوبة ويشرحها للطلاب بكل يسر وسهولة.

والسؤال: هل من وضع الامتحان مُلمٌ بوضع الطالب العُماني في الميدان من حيث البيئة الأسرية والفروقات الفردية بين الطلبة وطبيعة البيئة الدراسية أم أنها في مكتب مرفه فخم ليس له دراية بما حوله؟!

وعند سؤالي عن مستوى الامتحان ومدى تناسب المناهج الحالية للمستوى الطلاب أفاد عدد من الأستاذة أنفسهم بأن المناهج لم تراع مستوى الطلبة مقارنة مع المرحلة العمرية المناسبة ولهذا جاء هذا التبيان الواضح بين الكم الهائل مما تضمنته المواد من حشو وصعوبة وبين مستوى الامتحان لهذا أصبح الطالب في حيص بيص بين المنهج المعقد والامتحان الأعقد.

هذا غير جدول الامتحانات، حيث نجد امتحانين لمادتين في يوم واحد! وكان الطالب المكسين سيكون قادرًا على مراجعة واستيعاب مادة واحدة، فما بالك بماديتين في يوم واحد!!

ولذلك.. أصبح من الضرورة لدى وزارة التربية والتعليم، أن تستمع للأصوات التي تنادي من هناك وهناك عبر مواقع التواصل وإعطائها آذان صاغية ومراجعة المناهج خصوصا للصف الخامس؛ باعتباره المرحلة الفاصلة بين الحلقتين الأولى والثانية، كما أتمنى تحليل نوعية أسئلة الامتحانات وأن تكون في مستوى الطالب لا أن تكون أسئلة معقدة قبل أن تكون أسئلة تعليمية بحتة.

نداء أخير لوازرة التربية والتعليم: رفقًا بأبنائكم الطلبة، رغبوهم وحببوا إليهم التعليم، ولا تنفروهم منه.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • في الجار الجُنب، وما كان من الجنجويد!
  • ارتعاد الجنجويد
  • السودان على موعد مع الحرية والتحرر من ميليشيات الجنجويد الإرهابية
  • هذه العمليات الإرهابية التي يقوم بها الجنجويد تعكس حالة الإحباط التي وصلوا إليها
  • النيل الأزرق .. الإقليم سيعلن خالياً من الجنجويد والمتمردين المنضوين تحت قيادة عبدالعزيز الحلو
  • يبدو أن الجنجويد يريدون العودة لكسر رقبتهم
  • طلابنا.. بين صعوبة الامتحانات وغموض المناهج!
  • بعد أن دخل حيز التنفيذ.. 3 أسئلة توضح هل ينهي اتفاق غزة الحرب نهائيا؟
  • أوضاع معيشية وإنسانية صعبة في ود مدني السودانية
  • إبراهيم عيسى: موقف مصر من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة هو الأعظم