سقوط مدني بيد ميليشيا الدعم السريع أو بالأحرى تسليمها لهم، اصبح مفترق طرق للحرب الدائرة منذ ابريل 2023، ولكن شأن كل مصيبة فهناك فوائد يمكن جنيها منها.
اولها: اتضح وجود خونة برتب عالية في صفوف القوات المسلحة، وقد كان هذا الامر مجرد تكهنات بدون أدلة. ولا يجب النظر لتصرف هذا اللواء الخائن الذي قام بتسليم المدينة باعتباره تصرفاً فردياً، بل يجب ان يكون السؤال: ومن هناك غيره يا ترى؟
ثانيها: أن تمدد هذه المليشيا داخل منطقة الجزيرة من وما صحبه اعمال همجية كما هي عادتها، وضعت المدافعين عن الجنجويد في موقف حرج، فقد صرح بعض هؤلاء المتعاطفين معها والذين يتمنون انتصارها ان المليشيا كانت تحتل منازل المواطنين في الخرطوم خوفا من قصف الطيران، فهل ينطبق هذا القول أيضا على قرى الجزيرة وقبلها نيالا والقرى الآمنة في غرب السودان؟
الذين يدعمون الجنجويد يمتازون بقصر نظر لا مثيل له، وعليهم ادارك انهم يدعمون قضية خاسرة، فمهما طال الزمن وطال امد الحرب، لن تتمكن هذه المليشيا من الاستيلاء على السودان كله ودخول الخرطوم واعلان حكومتها من هناك، لسبب بسيط هو ان الحاضنة الشعبية لن تقبل بهم ابداً، ليس من منظور عنصري ولا سياسي بل بسبب فقدانهم البوصلة الاخلاقية التي تجعل المواطن يحس بانه في ايدي امينة.
هذه البوصلة الاخلاقية هي تجعل القبول بالطرف الاخر بعد أي حرب ممكناً أو غير ممكن، فقد قبل الشعب السوداني بوجود جون قرنق رغم كل القتل والخراب الذي حدث، لأن القتال كان بين المتحاربين وحافظ كل طرف على اخلاقيات الحرب، وفي سابقة ثانية قبل الشعب بوجود جبريل ابراهيم واصبح وزيرا للمالية لأن قواته في عملية الذراع الطويل لم تنتهك حرمة منزل ولم يغتصب جنود خليل امرأة.
إذن هذه المليشيا فئة تحمل هزيمتها في داخلها بفضل سلوكها غير القويم وتصادمها مع القيم والموروثات المتأصلة في روح الشعب، وبالتالي ستجد مقاومة شرسة اينما حلت او قررت ان تحل.
ولعل انعدام البوصلة الاخلاقية هذه هي من تسبب في انطلاق المقاومة الشعبية والتي ستجعل قيامهم بمهاجمة القري والمدن صعبة للغاية ان لم تكن مستحيلة، لأنهم سيواجهون مواطنون مسلحون لا تنقصهم الشجاعة للدفاع عن عرضهم وارضهم.
انطلاق المقاومة المسلحة رغم انها برعاية القوات المسلحة إلا انها قد تحمل في طياتها ظلال رأي سلبي في الجيش، يجب عليه تداركه، ويتمثل ذلك في بدء شعور بالتململ من قدرة الجيش على حماية الارض والعرض. رغم ان المساندة للجيش من قبل القوى المحلية ليست امرأ جديدا في هذا العالم.
وحتى لا يتنامى هذا الشعور ويستغله البعض للتشكيك في الجيش وما حملات السخرية ضده من جانب قوى الحرية والتغيير (قحت) ببعيدة، وشعارهم معليش معليش ما عندنا جيش. يجب علينا أن نذكر أهم انجازاته الماثلة للعيان وهي تصديه للمؤامرة الكبرى على السودان وقيامه بإفشالها. ودفع من اجل ذلك ثمنا باهظا من ارواح جنوده وضباطه وقيادته.
استبسال القوات المسلحة في 15 ابريل وفقدانها عدد ليس بالقليل من ابنائها وتضحيات ودماء هؤلاء الشهداء هي التي فضحت كل هذا المخططات والتآمر وادت الى افشاله، يجب الا تذهب سدى.
على الجيش ان يقوم بتحركين سريعين.
الاول سرعة تنظيف قياداته من اولئك المتعاطفين مع الجنجويد، ولا شك ان التقارير الاستخباراتية عنهم متوفرة وموجودة.
الثاني: سرعة استرداد مدينة ود مدني
والسبب هو إن تقدمت المقاومة الشعبية على الجيش فهذا سيلحق ضررا بعيد المدى في ثقة الشعب بجيشه، وسيحدث شرخا يصعب علاجه، وهو المخطط المرسوم من جانب اعداء البلاد واعوانهم منذ البداية . استرداد مدني واجب مهم وملح للقوات المسلحة السودانية حتى لا تفقد زمام المبادرة، ويتعمق احساس المواطن ان جيشه غير قادر على حمايته.
يجب التخلص من هؤلاء الذين يكبلون ايدي الجيش لاستئصال شأفة الجنجويد ويمنعون انطلاقها، وعلى هؤلاء ان يدركوا الان ان بقاءهم في كراسيهم لن يطول لأنهم إن لم يخرجهم الجيش من تلقاء نفسه، فالانتفاضة الشعبية القادمة في الطريق ستقضي عليهم.
هؤلاء المخذلون يدعمون معركة خاسرة؛ وفي نهاية المطاف سينكشف امرهم ولن تنفعهم الاموال التي تلقوها بل سيتركون وراءهم عارا يلطخ نسلهم وذريتهم؛ لأن المال يذهب لكن التاريخ لن ينسى الخيانة.
تنظيف الجيش من المخذلين واسترداد مدني سيوجه ضربة قوية للمليشيا ولكل آمالها وآمال قحت التي انتعشت بعد تسليم مدني. وسيضع بداية النهاية للحرب.
nakhla@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
الجيش السوداني يعلن استعادة السيطرة على مدينة سنجة عاصمة ولاية سنار
قال الجيش السوداني السبت إنه استعاد السيطرة على مدينة سنجة في ولاية سنار الواقعة إلى الجنوب من الخرطوم والتي كانت تسيطر عليها قوات الدعم السريع منذ خمسة أشهر، وتعد سيطرة الجيش السوداني على سنجة، عاصمة ولاية سنار، إنجازا استراتيجيا في الحرب الدائرة منذ 19 شهرا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، لوقوعها عند محور أساسي يربط بين مناطق يسيطر عليها الجيش في شرق السودان ووسطه.
وأعلن الجيش “تحرير منطقة سنجة” من أيدي قوات الدعم السريع.
ونشر الجيش على منصة إكس للتواصل الاجتماعي تسجيل فيديو قال إنه التقط داخل القاعدة الرئيسية في المدينة.
وجاء في بيان لوزير الإعلام في السلطات السودانية الموالية للجيش خالد علي الإعيسر “عادت مدينة سنجة اليوم إلى حضن الوطن”.
وأفادت وزارة الإعلام بأن رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أجرى زيارة لمدينة سنار “تهدف الى الوقوف على سير العمليات العسكرية ومتابعة التطورات الامنية في المنطقة ومباركة تحرير سنجة”.
وكانت قوات الدعم السريع سيطرت على المدينتين في هجوم خاطف شنّته في حزيران/يونيو أجبر نحو 726 ألف مدني على النزوح، وفق الأمم المتحدة.
وتقول منظمات حقوقية إن السكان الذين رفضوا أو تعذّرت عليهم المغادرة تعرّضوا مدى أشهر لأعمال عنف عشوائية مارسها عناصر في قوات الدعم السريع.
وقال المدرّس عبد الله الحسن البالغ 53 عاما في تصريح لفرانس برس عبر الهاتف من داخل سنجة “هذه فرحة لا توصف” في معرض وصفه دخول الجيش إلى المدينة.
وأضاف “عشنا شهورا من الهلع، في أي لحظة تتوقع أن يدخل عليك افراد الميليشيا ليضربوك او ينهبوك”.
وطرفا النزاع في السودان متّهمان بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك القصف المتعمّد لمنازل وأسواق ومستشفيات.
وقوات الدعم السريع متّهمة أيضا بتنفيذ إعدامات خارج نطاق القانون وارتكاب أعمال عنف جنسي ممنهجة وممارسة النهب.
وتسيطر قوات الدعم السريع على القسم الأكبر من إقليم دارفور في غرب البلاد وعلى مساحات شاسعة من كردفان (جنوب). كما تسيطر على غالبية العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة الواقعة جنوبها.
منذ نيسان/أبريل 2023 أوقعت الحرب عشرات آلاف القتلى ودفعت أكثر من 11 مليون شخص إلى النزوح، ما أدى أكبر أزمة نزوح في العالم وفق الأمم المتحدة.
وفي ولاية القضارف (شرق) التي نزح إليها أكثر من 1,1 مليون نسمة، أعربت آسيا خضر البالغة 46 عاما عن أملها بأن تكون معاناة عائلتها قد أشرفت على الانتهاء.
وقالت في تصريح لفرانس برس “سنعود الى بيتنا ونودع حياة النزوح والمعاناة”.
بي بي سي
بيان من القيادة العامة للقوات المسلحة بمناسبة تحرير سنجة
تهنئ القيادة العامة للقوات المسلحة أبناء شعبنا الأبي الصامد بتحرير منطقة سنجة واستعادة قيادة الفرقة ١٧ مشاة بعون الله وفضله .
نهدي هذا النصر لشعبنا الذي عانى القتل والتشريد والقهر والنهب وكافة أنواع الفظائع من قبل مليشيا آل دقلو الإرهابية، ونؤكد على عزمنا وتصميمنا على بذل كل جهد بإذن المولى عز وجل لتطهير كل شبر من بلادنا دنسته هذه المليشيا المجرمة.
دعواتنا بالجنة والخلود لشهدائنا الأبرار
وعاجل الشفاء للمصابين وفرجاً قريبا للأسرى والمفقودين.
( نصر من الله وفتح قريب)