الذكرى المئوية لثورة 1924 (1) .. بقلم : تاج السر عثمان
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
1
يتزامن مطلع العام الجديد مع الذكرى 68 لاستقلال السودان، والذكرى المئوية لثورة 1924 التي كانت النواة لانطلاق الحركة الوطنية الحديثة في نضال طويل وشاق حتى تمّ رفع علم الاستقلال في 1 / يناير/ 1956، تمر الذكرى المئوية لثورة 1924 والبلاد تشهد حربا لعينة هدفها الأساسي تصفية ثورة ديسمبر، والتفريط في السيادة الوطنية ونهب ثروات البلاد، كما حدث في نزوح الملايين ومقتل الالاف من الاشخاص، وتدمير مواقع الإنتاج الصناهي والزراعي والخدمي، وتدمير البنية التحتية، والمراكز والمتاحف الثقافية والتراثية بهدف محو تاريخ السودان الذي يجب أن نبذل اقصى الجهد للمحافظة عليه وتمليكه للاجيال الجديدة ،وتهجير قوى الثورة كما حدث في الخرطوم ودارفور وأخيرا مدني .
نتابع بمناسبة الذكرى المئوية لثورة 1924 في هذه الحلقات كيف انفجرت الثورة، وأهدافها، واسباب فشلها، والرموز السياسية والفكرية والثقافية للثورة الذين مازالت ذكراهم خالدة مثل : على عبد اللطيف وعبيد حاج الأمين، و خليل فرح وعرفات محمد عبد الله . الخ.
2
كانت ثورة 1924 النواة التي انطلقت منها الحركة السياسية الوطنية الحديثة ، وتنظيماتها الحديثة التي انبثقت منها، والتي قامت علي أهداف سياسية، لا علي قبلية أودينية أو عنصرية أو طائفية مثل: حمعية الاتحاد السوداني وبعدها اللواء الأبيض التي كانت تطورا أوسع لها، يعزز ذلك الآتي:
جاء في أهداف جمعية اللواء الأبيض في الرسالة التي نشرها عبيد حاج الأمين من قيادات اللواء الأبيض في صحيفة الاهرام بتاريخ : 6 أغسطس 1924 ، أكدت تلك الرسالة الأهداف السياسية التي قامت عليها، رغم اختلاف وجهات النظر حول وحدة وادي النيل تحت التاج المصري، يقول عبيد في رسالته:
* "- جمعية اللواء الأبيض حمعية سودانية قبل كل شئ ، سودانية بأوسع الكلمة.
- غرضها الأساسي تحرير الوطن المعذب من رق العبودية وخلاصه من المستعمر الغاصب.
- تتوسل الجمعية بكافة الوسائل المشروعة لبلوغ مقصدها ، وأول هذه المجاهرة أمام العالم المتمدن ، ورفع صوت الأمة في كل ناد.
- ليست الجمعية جمعية دسائس أو مكائد سرية ضد أي فرد أو مجموع أو أمة ، وهي تخدم كل الآراء المنزهة عن الأغراض السيئة مهما كانت مغايرة لمبادئها.
- لا تتحيز الجمعية لحزب دون آخر ، وهي تحمل للجميع كل اخلاص واحترام.
- تعمل الجمعية لتحقيق غرضها الأسامي دون سواه، فهي لا تخدم أية سياسة أجنبية ، معتمدة علي قوة حقها وصدق جهادها، واثقة بالنجاح.
- الجمعية موطدة الأساس متينة الجوانب معضدة من سواد أهل السودان، ولا تزيدها تصرفات الغاصب الا قوة علي قوتها. "
(للمزيد من التفاصيل: راجع: مها عبد الله حاج الأمين ، عبيد حاج الأمين، جزيرة الورد، ط 2، 2017،ص 184- 185).
3
* كانت الجمعية لا تؤمن بالفوارق الاجتماعية، ولا بالعنصرية ، بل حاربت العنصرية والقبلية والطائفية التي وُلدت وترعرعت في أحضان الإدارة البريطانية وغذتها ورعتها السياسة البريطانية لتكون سلاحا لضرب الشعب السوداني.
حاربت الجمعية القبلية في أبسط صورها ، بل أن الجمعية كانت بوتقة انصهرت فيها كل الفوارق الاجتماعية لتصب في قالب الوحدة. ( المصدر السابق، ص 102).
من الأمثلة علي رفض رفض العنصرية ، احتجاج علي عبد اللطيف علي المقدمة التي كتبها سليمان كشة في مقدمة كتاب " تسمات الربيع" التي ورد فيها " شعب عربي كريم" ، أشار علي عبد اللطيف في احتجاجه بعبارة " شعب سوداني كريم" ، إذ لا فرق بين عربي وجنوبي أوزنجي، وكان علي عبد اللطيف رغم اصوله الزنجية رئيسا لجمعية اللواء الأبيض تكريما له.
* كانت حركة اللواء الأبيض ذات طابع قومي، وضمت في قيادتها وعضويتها أفرادا من قبائل وأجناس مختلفة تعكس تنوع السودان ومناطقه المختلفة ، وأصوله العربية والافريقية مثل: الملازم علي عبد اللطيف ، عبيد حاج الأمين، صالح عبد القادر، موسي لاظ ، عبد الفضيل الماظ ، الطيب بابكر ، مزمل علي دينار ( من دارفور) ابن السلطان علي دينار، وكذلك شيخ العلماء الأمين ابوالقاسم أحمد هاشم .الخ ( للمزيد من التفاصيل راجع مها عبد الله : مرجع سابق)، وكان لها قسم علي القرآن والانجيل للمسيحيين، وتطورت الحركة واصبح لها فروع في : بورتسودان، ودمدني، عطبرة، الأبيض ، سنار، حلفا وكل أرجاء السودان .
كان شعارها علم أبيض رُسمت عليه خريطة وادي النيل ، وفي ركن العلم المصري الأخضر، وكُتب عليه عبارة " الي الأمام" ( المرجع السابق).
4
* لم تكتف الجمعية بالشعارات والأهداف السياسية اعلاه، بل ربطت أهدافها بقضايا اقتصادية واجتماعية نوعية تتعلق بالنضال ضد الاستعمار ، كما في رفض واغتصاب أرض الجزيرة بطريق الايجار حتي جعل سعر الفدان عشرة قروش صاغ في السنة.
- مصادرة أملاكهم (الأهالي) وتسليمها لشركة استثمار السودان ، وحرمان الايتام والارامل من ارث الأملاك ، حتى أوقفوا تنفيذ أحكام المواريث والأوقاف الشرعية في الجزيرة. ( رسالة أحمد عمر باخريبة ، الاهرام : الخميس : 31 /7/ 1924 ، العدد ( 14435، في المرجع السابق).
اضافة للأهداف الاجتماعية والنوعية الأخري مثل :
- زيادة التعليم ، وتعليم المرأة ، وارسال الطلاب لمصر للتعليم.
- نزع احتكار السكر من الحكومة ووضعه في يد التجار.
- اسناد بعض الوظائف للسودانيين.
(للمزيد من التفاصيل راجع منشور: ناصح مخلص أمين ، في كتاب حسن نجيلة " ملامح من المجتمع السوداني – الجزء الأول").
5
* مع نشأة الحركة السياسية الحديثة ظهرت اشكال جديدة في الكفاح والنضال مثل:
- قيام الجمعيات والاتحادات السرية " الاتحاد السوداني ، وبعدها اللواء الأبيض " .
- تأسيس الأندية الاجتماعية " أندية الخريجين ، وأندية العمال والثقافية والرياضية ".
-برزت أساليب نضالية جديدة مثل: الاضرابات والمظاهرات ، حملات التضامن لاطلاق سراح المعتقلين، جمع المال لسفر الطلاب للدراسة في مصر وتهريبهم سرا، المنشورات والكتابة في الصحف، الخطب في المساجد، انتفاضات وتمرد الجنود السودانيين " تمرد الأورطة السودانية 1900 ، مقاومة العسكريين المسلحة في 1924 "، ثورة 1924.
- الجمعيات الأدبية والثقافية التي تكونت بعد هزيمة ثورة 1924 "جمعية أبى روف وجمعية الفجر".
- صدور مجلة “النهضة السودانية "وبعدها "الفجر".
- ظهور حركة تحرير المرأة ونهضتها والدعوة لتعليمها وخروجها للعمل.
- تطورت حركة الأدب والفن والمسرح والأغنية السودانية.
- ظهور الصحافة الوطنية التي لعبت دورا كبيرا في الوعي، وظهور حركة الدفاع عن الحريات والسلام.
- استمرار اضرابات العمال من أجل تحسين الأجور وشروط الخدمة ، واضراب طلاب كلية غردون 1931 بسبب تخفيض الأجور بعد الأزمة الاقتصادية 1929.
- تكوين مؤتمر الخريجين عام 1938 ، ومذكرته الشهيرة عام 1942 التي طالبت بتقرير المصير.
- تكوين الأحزاب السياسية بعد الحرب العالمية الثانية ، وانتزاع الطبقة العاملة لتنظيمها النقابي " هيئة شؤون العمال" عام 1947 ، وقانون النقابات لعام 1948 الذي قامت علي أساسه النقابات وتم تكوين اتحادات العمال والمزارعين والطلاب والشباب والنساء والمعلمين والموظفين التي لعبت دورا كبيرا في معركة الاستقلال حتى انتزاعه في أول عام 1956...
نواصل
alsirbabo@yahoo.co.uk
///////////////////
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: علی عبد اللطیف اللواء الأبیض
إقرأ أيضاً:
جناح الأزهر بمعرض الكتاب يقدم لزواره 8 كتب في القراءات وعلوم القرآن
يقدِّم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56 لزوَّاره من طلاب العلم والمهتمين بعلوم القرآن ٨ كتب تتناول تاريخ المصحف الشريف ورسم القرآن والقراءات والتجويد، من إصدارات قطاع المعاهد الأزهرية بالأزهر الشريف، وهي كالتالي:
١- كتاب "تاريخ المصحف الشريف"، بقلم الشيخ العلامة المحقق/عبد الفتاح بن عبد الغني القاضي، عالم أزهري في القراءات وعلومها والعلوم الشرعية، يتناول تاريخ الكتابة العربية وتاريخ الخط العربي، وتاريخ كتابة القرآن الكريم من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى العصر الحديث، مبينًا ما يجب وما يستحب على كاتب رسم المصحف وناشره، ويناقش الكتاب بعض المسائل العلمية الخاصة برسم المصحف الشريف مبينا آراء العلماء فيها وموضحًا الرأي الراجح فيها.
٢- كتاب "شرح تلخيص الفوائد وتقريب المتباعد"، بقلم أبي البقاء علي بن عثمان بن محمد بن القاصح، وهو شرح مختصر لمنظومة "عقيلة أتراب القصائد للإمام الشاطبي"، التي تسمَّى بالمنظومة الرائية والشاطبية الصغرى، ويعد هذا الشرح من أبسط شروح هذا المتن الذي هو تلخيص لكتاب المقنع في رسم المصحف، الذي يحتوي على أهم قواعد الرسم العثماني.
٣- كتاب "لطائف البيان في رسم القرآن"، بقلم الشيخ أحمد محمد أبو زيتحار، المدرس بمعهد القراءات بالأزهر الشريف سابقًا، والكتاب مكوَّن من جزأين، وهو عبارة عن شرح مختصر لمنظومة مورد الظمآن في رسم القرآن للإمام الخراز، وتأتي أهمية الكتاب في أن مورد الظمآن هو أحد أهم المصادر التي تعتمد عليها لجان مراجعة المصحف الشريف على مستوى العالم الإسلامي، فالكتاب جامع لأهم مذاهب الرسم العثماني المشهورة: مذهب الداني وابن نجاح والشاطبي والبلنسي.
٤- كتاب "متن الدرة المضية"، بقلم الإمام محمد بن محمد بن محمد بن الجزري، وهو منظومة شعرية مكونة من ٢٤١ بيتًا من بحر الطويل، نظم فيها الإمام العلامة ابن الجزري القراءات الثلاثة المتممة للقراءات العشرة وسلك فيها الإمام ابن الجزري مسلكا فريدا بحيث تكون مكملة ومرتبطة بمتن الشاطبية للإمام الشاطبي وتم ضبط المتن على نسخة الإمام الضباع.
٥- كتاب شرح الجزرية المسمى (بالدقائق المحكمة في شرح المقدمة)، بقلم أبي يحيى زكريَّا بن محمد بنِ أحمدَ بنِ زكريا الأنصاري الأزهري، المعروف بـشيخ الإسلام، وزين الدين، يتناول الكتاب شرح المنظومة التي صاغها ابن الجزري -رحمه الله- على بحر الرجز، المكونة من مئة وسبعة أبيات أو مئة وتسعة أبيات في بعض النسخ، مر من خلالها على جميع موضوعات علم التجويد الأساسية، التي رتبها بشكل منطقي وواضح، وقسم المنظومة إلى ثلاثة أقسام حيث عرض في القسم الأول خطبة الناظم في ثمانية أبيات، ووضح فيها اسمه ومذهبه الشافعي ثم الحمد لله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وبعدها أوضح ما جاءت به المنظومة، وأشار إلى ما يحتاجه قارئ القرآن من معرفة مخارج الحروف وصفاتها، والوقف والابتداء إضافةً إلى ما يتعلق من أبحاث في رسم المصحف، وفي القسم الثاني تحدَّث عن أحكام التجويد كاملة، وفي القسم الثالث وضع الخاتمة.
٦- كتاب "الوافي في شرح الشاطبية في القراءات السبع"، بقلم فضيلة الشيخ العلامة المحقق/ عبد الفتاح بن عبد الغني القاضي، عالم أزهري مبرز في القراءات وعلومها والعلوم الشرعية (1325هـ/1907م – 1403هـ/1982م)، وهو شرح لقصيدة حرز الأماني ووجه التهاني، نظم للإمام الشاطبي-
رحمه الله- نظم فيها كتاب "التيسير" في القراءات السبع للإمام أبي عمرو عثمان بن سعيد الداني، وزاد عليه فوائد والقصيدة لامية من البحر الطويل بلغ عدد أبياتها 1173 بيتًا، نظم فيها الشاطبي القراءات السبع المتواترة عن الأئمة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، ويعتبر هذا الشرح من أيسر الشروح وأفضلها للطالب المبتدئ في علم القراءات حيث اتضح من خلاله كفاية معلوماته وسهولة عباراته والتجربة العلمية العالية لصاحبه ودرايته الفائقة بعلم القراءات، وتناول الشيخ فيها شرح الأصول والقواعد التي يعتمدها كل قارئ.
٧- كتاب "شرح السمنودي على متن الدرة المتممة للقراءات العشرة (للإمام محمد بن الجزري)"، بقلم الإمام المتقن المقرئ المعمر محمَّد بن حسن بن محمَّد الشافعي السمنودي الأزهري المعروف بالمنير، وهو شرح على متن الدرة المضية في القراءات الثلاث للإمام ابن الجزري رحمه الله؛ فقد استعان الشارح رحمه الله بما سبقَه من شروح؛ ونهجَ نهجًا مميزًا، فقد شرحَ البيتَ بأسلوب سهل، ولم يتعرَّض للإعراب، بل اهتمَّ بفك الرموز، وتوضيح القراءة.
٨- كتاب "بغية الطالبين في تجويد كلام رب العالمين"، بقلم فضيلة الشيخ العلامة المتقن المدقق حسن عبد النبي عبد الجواد عراقي، يتناول شرحًا مبسطًا لأحكام التجويد بطريقة سهلة، يستوعبها القارئ المتخصص وغير المتخصص؛ حيث شرح فيها المؤلف كل أحكام التجويد.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56، وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام.
ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان؛ مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.