سودانايل:
2025-01-31@22:37:59 GMT

تاريخ السودان الذي نشفق من عواقبه

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

بسم الله الرحمن الرحيم

ولاية نهر النيل مترفة في جدها إذن، وماضية في تعبئة الحشود التي تتداعى إليها في دعة وخفة، هي حريصة على الا يبلغ العدو منها ما يريد، وفي ظني أنها قد وفقت توفيقا عظيما في ارسال رسالتها الضافية لخصمها، فخصمها منذ أن تلقى تلك الرسالة، يعيد قراءتها بين الفينة والأخرى، وهو يسعى أن يلم بموضوعها وغرضها، فشكل الرسالة وصورتها ،جعلت هذا العدو الذي قنع بتلك الحياة الصاخبة التي يعيشها الآن، يفكر ويطيل التفكير، في مآلات تلك الرسالة التي حطت على بريده في رشاقة وعجل، هي رسالة لا أكثر ولا أقل، وضعتها ولاية نهر النيل أما بصر الدعم السريع، رسالة هادئة، واثقة، مطمئنة، تخبره فيها في وضوح وجلاء، بأنه سيعجز عن المضي في طريقه الذي اعتاد أن يسلكه، وأنها ستتصدى إليه، وتأخذه بيمينها لتهوي بها على رأسه فتدميه وتشجه، إذا صمم أن يخوض غمار تحديه معها، هي واثقة إذن من انتصارها عليه، وهو يعلم أنه يحتاج إلى الالحاح على شيطانه، ويطلب منه الأناة والرفق، وشيطانه هذا شديد السخط على هذه الولاية، شديد البغض لها، لذا لم يحفل بذلك الرجاء، أو يذعن له، فهو لا يفكر إلا في التبر الذي تعلوه رمال تلك الولاية، وفي انسانها الذي أظهر الصمود والتمرد، والشيطان الذي فقد رشده أو كاد، يرفض أن يستأنف رعاعه العمل بعد حين، عليهم إذن يضعوا الخطط، ويعدوا العدة لغزو هذه الولاية التي عرف السودان بأسره حماستهم و هدفهم الذي التصقوا به التصاقا، لقد اعتزمت ولاية نهر النيل والولاية الشمالية، جز هامة الدعم السريع ثم العودة لمضاربهم التي لا اثم فيها ولا ريب، وفي الحق أن قوات الدعم السريع تعلم أن ولاية نهر النيل والولاية الشمالية تلتمس نزالهم، وأن جيشهم لم يعد بحاجة لمن يعينه بعد أن انكب كل الناس في العمل، وتهافتوا على حمل السلاح، صونا لعروضهم، وحرصا على ممتلكاتهم، وحماية لمدخراتهم، لقد فهمت الولاية الشمالية وولاية نهر النيل الدعم السريع كما لم يفهمه غيرهم من الناس، والدعم السريع السادر في غيه، والممعن في ضلاله، يعلم أن هؤلاء الناس مستعدون للجهاد والتضحية، وأنهم كذلك ثائرين ساخطين عليه، ولكنه يجهل حتما أنهم جميعا واقعين في الاثم لا محالة، لأنهم ما زالوا ينتظرون مقدمه عليهم، هو يعلم أن أصوات الجيش المنكرة التي تجعله يقضي الليل كله خائفا مضطربا، قد التف حولها الناس، كل الناس في الولايتين، ولكنه يجهل أن الجيش والناس معا لذتهم التي لا تعادلها لذة، أن يطوي الله لهم الأرض، ويسخر لهم الريح وما شاء الله من قوى الطبيعة، حتى يصلوا إليهم في أماكنهم التي يتواجدوا فيها، فيحتدم الصيال، وتطير الرقاب، وتنقشع المعركة التي تنتهي حقيقتها التي لا تكلفنا عناء أو مشقة، فقوات "الدعم الصريع" قد منيت بهزيمة ساحقة، وأنها باتت عرضة للضحك والاشفاق، وأن كماتها الذين لم يكن هاجسهم مطلقا جلب الديمقراطية وتحقيقها، بل جمع طائفة من الحديد ممثلة في سيارات الدفع الرباعي بعد أخذها عنوة من أصحابها، والتنحي وتفريقها في زوايا الغرب ودول الجوار.


انسان الشمال الذي لا أريد أن اتخذه موضوعا لهذا المقال، لست في حاجة أن أوضح كيف تستهدفه قوات الدعم السريع، فالأحاسيس التي ملأت نفسها، والمشاعر التي تطبعت في مدارج حسها، هي بغض الشمال، وكلما ينتمي لانسان الشمال بصلة، ولعل التاريخ يحملهم على أن يجتهدوا في اذكاء هذه الأهواء الخطرة، والتماهي مع هذه العواطف المنكرة،التي تعبث بحنياهم الصدئة الماقتة للقبائل النيلية، فقبائل الشمال التي إذا تحدثت لا تعرف إلا أن تصف الأشياء كما هي، في تاريخ المهدية القريب، كانت حقيقة محبة ومجلة للامام المهدي، وكارهة مسرفة في كراهيتها لخليفته الذي آلت إليه الأمور من بعد المهدي الإمام، فخليفة المهدي لم يكن يجد من يكفكف من غلوائه ويرده إلى العدل، وقبائل الشمال التي لا تعنو إلى قهر، أو تطمئن إلى غضاضة، فاضت على ما حولها تبرما وسخطا، فأطلق خليفة المهدي جنوده عليها من غير حساب، على ضوء ذلك نستطيع أن نزعم أن قبائل الشمال قد أسبغت على بعض القبائل التي تعود جذورها للب النزاع قناعاتها الخاصة، وأخذت تمعن في الاستخفاف بها، القدح عليها، وبالمقابل أضحت قبائل الغرب تزدري قبائل الشمال، وتدمغهم بتهمة التعاطي والتزلف للمستعمر، ومما زاد الأمور ضغثا على ابالة، أن القبائل النيلية المعتدة بأصولها العربية، لا تتحرج من أن تستعمل في قواميسها ألفاظا تمجها القبائل الأفريقية، بل حتى القبائل العربية في غرب السودان وتنفر منها نفورا عظيما، فقبائل الشمال قانعة بأن جرثومتها تعود إلى منبتا مؤصل، ومجدا أصيل، وهي مع هذا كله لا تكتفي بهذه القناعة التي نعتقد أن الخطل يشوبها من كل مكان، بل تزعم أن القبائل العربية في غرب السودان، لم تصب العروبة إلا قليلا، وقبائل الشمال مترفة في هذا الزعم، مغالية فيه، وفي الحق أن مزاعمها السخيفة تلك قد مست حياة القبائل كلها، وجعلتهم يتحاورون طول النهار، وإذا أقبل الليل في تباهي قبائل الشمال بأصولهم، وزعمهم بأن أرومتهم تعود لعروبة محضة، وهي لعمري مزاعهم تتناقض مع لونهم الكالح، وشعرهم الأكرد، وقبائل الشمال التي تسرف في عدم الاكتراث لتشكيك القبائل الأفريقية في عروبتها، قد جمعت مع مغالاتها في التهكم والطعن على القبائل، طامة أخرى، ولا أدري ما هو ذنب الشمال إذا كانت النظم السياسية المختلفة، هو من هيأ لها قيادة من عنده، فالشمال سبق غيره من أقاليم السودان في المعرفة والاستنارة، ولم يكن هناك ما يعيقه عن الحركة، والمضي قدما في الحياة العقلية التي استبق فيها غيره استباقا عظيما، فقد ضاقت مصر القريبة جغرافيا منه بطلابه، فالشمال لم يكن في حاجة إلى حادثة من الحوادث حتى يقف على حقيقة العلم، والثمار التي يمكن أن يجنيها منه، لم يكن الشمال يجهل نفسه، أو يجهل حضارته التي لا يكاد البعض يتبينها، أو ينصرف عنها ويزهد فيها، لم يتورط الشمال فيما مضى في شيء من الاثم حينما اعتلى المناصب العليا في الدولة، ونحن نجد له العذر في ذلك، ولكن الآن بعد أن استأنفت كل أقاليم وقبائل السودان الصلة بينها وبين العلم، من المعيب أن تظل الرتب الرفيعة حكرا عليه، والدعم السريع الذي يتهم الشمال بأشنع التهم، ويصدح باتهاماته تلك في عنف وقسوة، ساخط على الشمال وأمه وأبيه، لأنه اعترض سبيله، ووقف حجرة عثرة أما مخططه، ويتحمل الشمال أيضا إلى حد كبير ما تعرض له الدعم السريع من أخطار.
د. الطيب النقر

nagar_88@yahoo.com
///////////////////////  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: ولایة نهر النیل الدعم السریع التی لا لم یکن

إقرأ أيضاً:

شبكة أطباء السودان: مقتل طبيب في نيالا بعد اختطافه من قبل الدعم السريع 

الشبكة حذرت من استمرار استهداف الكوادر الطبية، داعية المنظمات الدولية إلى التدخل والضغط على قوات الدعم السريع لحماية العاملين في المجال الصحي.

نيالا: التغيير

قالت شبكة أطباء السودان – منظمة طبية مستقلة – إن الطبيب آدم عبد الله يحي قُتل على يد أفراد من قوات الدعم السريع بعد اختطافه من منزله في نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور.

وأوضحت الشبكة أن الطبيب تم تصفيته بتهمة انتمائه للقوات المسلحة، وألقيت جثته خارج المدينة.

ونعت الشبكة الطبيب الراحل، مشيرةً إلى أنه ظل يقدم خدماته الطبية للمرضى رغم تواجده في مناطق خاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع.

كما حذرت من استمرار استهداف الكوادر الطبية، داعية المنظمات الدولية إلى التدخل والضغط على قوات الدعم السريع لحماية العاملين في المجال الصحي، نظراً لدورهم الحيوي في تقديم الرعاية الطبية للسكان الذين لم يتمكنوا من مغادرة المدينة في ظل تدهور الأوضاع الأمنية وسيطرة قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من إقليم دارفور.

ومنذ اندلاع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، شهد إقليم دارفور انتهاكات واسعة النطاق، حيث تعرض المدنيون والعاملون في المجال الصحي للاستهداف وسط تدهور الأوضاع الإنسانية.

وسبق أن وثّقت منظمات حقوقية حالات اختطاف وقتل لمدنيين وكوادر طبية في مناطق النزاع، مما زاد من معاناة السكان الذين يجدون صعوبة في الحصول على الخدمات الصحية الأساسية.

وتشكل استمرارية العنف تهديداً مباشراً لحياة الأطباء والعاملين الصحيين، ما أدى إلى نزوح عدد كبير منهم أو توقف المستشفيات عن العمل بسبب المخاطر الأمنية ونقص الإمدادات الطبية.

الوسومآثار الحرب في السودان إقليم دارفور شبكة أطباء السودان مدينة نيالا

مقالات مشابهة

  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش (شاهد)
  • حميدتي يعترف بخسارة قوات الدعم السريع مناطق لصالح الجيش
  • السودان.. حميدتي يقر بخسارة "الدعم السريع" مناطق لصالح الجيش
  • الدعم السريع … شبح الحكومة من أجل الشرعية
  • شبكة أطباء السودان: مقتل طبيب في نيالا بعد اختطافه من قبل الدعم السريع 
  • مقتل جلحة نهاية مليشيا الدعم السريع في كردفان والخرطوم
  • وضعية قوات الدعم السريع على الأرض في السودان وما التوقعات
  • السودان: تصاعد انتهاكات الدعم السريع ضد النساء في ولاية الجزيرة
  • مستقبل القبائل العربية بعد هزيمة الدعم السريع في السودان
  • هجرة جماعية من عدة قرى حول الفاشر بعد تصاعد هجمات الدعم السريع