خالد نزار.. جنرال العشرية السوداء في الجزائر
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
خالد نزّار (1937-2023) وزير الدفاع الجزائري السابق، ورابع رئيس لأركان الجيش الجزائري، شخصية عسكرية وسياسية لعبت دورا محوريا في تشكيل المشهد السياسي في الجزائر، خاصة في الفترة المعروفة بـ"العشرية السوداء" في التسعينيات من القرن العشرين، التي طبعت التاريخ المعاصر للجزائر.
لقّب بـ"صانع الرؤساء" وبـ"أبو العكّاز"، وبـ"مهندس العشرية السوداء" أيضا، التي يقصد بها السنوات العشر التي تلت حادثة إلغاء نتائج الانتخابات التشريعية لسنة 1992، وهي السنوات التي شهدت أعمال عنف وتفجيرات زعزعت استقرار البلاد لمدة عقد.
خضع الجنرال نزار لملاحقات قضائية دولية عدة -بعد ابتعاده عن عالم السياسة- بتهم تتعلق بالقتل والتعذيب، لكنه بقي حرا طليقا حتى وفاته.
المولد والنشأةولد خالد نزار في قرية سريانة بولاية باتنة التي تقع بمنطقة الأوراس شرق الجزائر في 25 ديسمبر/كانون الأول 1937، لأسرة من 14 فردا.
كان والده رحّال نزّار يعمل رقيبا في الجيش الفرنسي وجُنّد سنة 1916 وغادر الخدمة العسكرية سنة 1931، ثم امتهن التمريض دون شهادة علمية، معتمدا على بعض ما تعلمه خلال خدمته في الجيش الفرنسي.
توفيت والدة خالد نزار سنة 1944 وهو لم يتجاوز بعد السابعة من العمر.
تزوج وأنجب 3 أولاد، واتهمه أحدهم سنة 2020 بقتل والدته، لكن خالدا نفى تلك التهمة بتاتا، وصرّح آنذاك بأن ابنه مختل عقليا.
الجنرال خالد نزار واجه العديد من التهم بالتعذيب والقتل (الفرنسية) الدراسة والتكوينسنة 1945 دخل خالد نزار مدرسة القرية في سن الثامنة، وهي سن متأخرة نسبيا، حيث حفظ القرآن وتعلم الحروف اللاتينية، وبعد ذلك انتقل إلى مدرسة الأهالي، ومنها إلى المدرسة الثانية الخاصة بالمعمّرين الفرنسيين.
سنة 1949 نجح في ختم التعليم الابتدائي، والالتحاق بمدرسة "أبناء الجنود" بمدينة مليانة.
التحق في 1955 بالمدرسة الحربية الفرنسية "سان مكسون"، وتخرج فيها سنة 1957 برتبة ملازم في الجيش الفرنسي، ثم عمل في الفرقة 13 الفرنسية المتمركزة في ألمانيا.
فرّ في أواخر 1958 من الجيش الفرنسي ليلتحق بالناحية الأولى لجيش التحرير الوطني الجزائري، التي كان على رأسها الرئيس الجزائري الراحل الشاذلي بن جديد، وقد توجهت نحوه الشكوك في تلك الفترة بحكم التحاقه المتأخر بالثورة.
ويقول كثيرون، إن هذه الشكوك كانت وراء بقائه في تونس -التي مكث فيها حتى حصول الجزائر على استقلالها سنة 1962- واضطلاعه بتدريب الثوار الجزائريين فقط، بينما كان هناك من أرجع الأمر إلى كونه يملك الخبرة والدراية العسكرية التي تحصل عليها من خلال انتسابه للجيش الفرنسي.
المسيرة العسكريةسمح له تكوينه الأكاديمي العسكري، إضافة إلى عمله مع الثوار، بأن يتسلق الرتب العسكرية بعد الاستقلال، خاصة بعد أن استعان الرئيس الراحل هواري بومدين وسط السبعينيات من القرن الماضي بالجناح المحسوب على خالد نزار في وزارة الدفاع الجزائرية.
سنة 1978، وبعد رحيل الرئيس هواري بومدين وتولي الشاذلي بن جديد زمام السلطة في الجزائر، بدأت ترقيات خالد نزّار تتوالى بنسق سريع، إذ عيّن سنة 1982 قائدا للمنطقة العسكرية الخامسة بقسنطينة شرقي الجزائر، وسنة 1987 قائدا لجيش البر الجزائري، ثم نائبا لرئيس أركان الجيش، وذلك قبل نهاية 1988.
أحداث الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1988، التي عمّت غالبية الولايات الجزائرية جراء الوضع المعيشي المتردي والبطالة المستشرية والانهيار الاقتصادي، وسقط فيها أكثر من 600 قتيل، اضطرت بن جديد إلى منح خالد نزّار مسؤوليات جسيمة ومتقدمة من أجل ضبط الشارع الجزائري، وهو ما جعله من أهم صنّاع القرار في البلاد.
سياسي ببدلة عسكريةفي 10 يوليو/تموز 1990 عينه بن جديد وزيرا للدفاع، وهو أول منصب تسييري رفيع يتولاه خالد نزّار. وسنة 1991، وبعد أن فاز حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالانتخابات التشريعية أعلن خالد نزّار وقف المسار الانتخابي.
خطة وزير الدفاع خالد نزّار المدعومة من إحدى الأجنحة النافذة في السلطة كانت تقضي برفض نتائج الدور الأول من الانتخابات التشريعية، التي جرت في ديسمبر/كانون الأول 1992، ثم العمل على إقناع الرئيس الشاذلي بن جديد حتى يعلن توقيف المسار الانتخابي، ويكون هو في الواجهة بصفته صاحب القرار.
ولكن يوم 11 يناير/كانون الثاني 1992، أعلن بن جديد استقالته المفاجئة التي أثارت جدلا كبيرا في الساحة السياسية، بالنظر إلى الأحداث التي كانت تعرفها الجزائر وقتها، خاصة أن القرار جاء أياما قليلة قبل الموعد الذي كان مقررا لإجراء الدور الثاني للانتخابات التشريعية.
تلا قرار إلغاء الانتخابات قرار آخر اتخذ في مارس/آذار 1992، تم على إثره حل حزب الجبهة الإسلامية للإنقاذ ومنعه من المشاركة في الحياة السياسية.
وبمجرّد استقالة بن جديد أصبح خالد نزار من أعضاء المجلس الأعلى للدولة، الذي عيّن محمد بوضياف رئيسا للبلاد، وبقي خالد في هذا المنصب إلى تاريخ انتهاء عهدة المجلس، وفي 27 يوليو/تموز 1993 استقال من وزارة الدفاع الجزائرية.
ارتبط اسم خالد نزّار بالأحداث التي شهدتها الجزائر سنة 1988 حين استُخدم الرصاص الحي ضد المتظاهرين، مما تسبب في مقتل أزيد من 600 شخص، لتزيد التهم على وزير دفاع "العشرية السوداء" بعد استقالة الشاذلي ودعمه توقيف المسار الانتخابي، ودخول البلاد بعدها في ما يعرف بـ"عشرية الدم".
اتهمه الشاذلي بن جديد بعد استقالته من رئاسة البلاد بكونه "جاسوسا يعمل لصالح فرنسا"، الأمر الذي استنكره نزار مرارا في تصريحاته، كما وجهت له العديد من الاتهامات، ومنها إقامة معتقلات في الصحراء، نقل إليها كل من اشتبه في علاقته بالجبهة الإسلامية للإنقاذ.
في 1993، تعرض خالد نزّار لمحاولة اغتيال مخفقة، وهو ما جعله يبتعد شيئا فشيئا إلى أن انسحب من الحياة السياسية بعد تسلم السلطة من قبل ليامين زروال سنة 1994، ودخل عالم الأعمال، إذ أسس سنة 2000 مع أبنائه شركة خدمات إنترنت برأس مال بلغ حينها 6 ملايين دينار جزائري.
المحاكماتحملته جهات داخلية وخارجية المسؤولية عن حمام الدم الذي شهدته الجزائر في التسعينيات من القرن العشرين، بينما كشف عسكريون فروا للخارج عن دور للجيش في مجازر ارتكبت بحق عائلات الإسلاميين لاستدراجهم من الجبال، وتم العمل على تسويقها على أنها من تنفيذ "عناصر متطرفة".
في 2001 و2002 سعى القضاء الفرنسي إلى توقيفه من أجل تهم تتعلق "بممارسة التعذيب أو التغطية عليه" خلال فترة توليه حقيبة وزارة الدفاع، غير أنه استطاع مغادرة باريس قبل القبض عليه.
في أكتوبر/تشرين الأول 2012، أوقفت السلطات القضائية السويسرية خالد نزار لمدة 36 ساعة على خلفية اتهامه باتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال سنوات العشرية السوداء، التي راح ضحيتها أزيد من 250 ألف جزائري بين قتيل ومفقود، ثم وقع الإفراج عنه بعد تدخل الخارجية الجزائرية، ورفع عدد من الشخصيات الجزائرية عريضة وقعها 177 من الناشطين والسياسيين والصحفيين لإطلاق سراحه، والتزم نزار بالتعاون مع القضاء السويسري أثناء التحقيق.
في 31 يوليو/تموز2012 أصدرت المحكمة الجنائية الاتحادية في سويسرا قرارا بإسقاط الحصانة الدبلوماسية عن خالد نزار، مما سمح بمحاكمته في سويسرا.
بعد اندلاع حراك 22 فبراير/شباط 2019 اتُهم نزار من قبل رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي الراحل الفريق أحمد قايد صالح، بالتعاون مع السعيد شقيق الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة لإجهاض الحراك الجزائري، وهي التهمة التي لم يثبتها القضاء.
إسقاط القضاء التهم الموجهة لخالد نزار جعلته يعود بعد ذلك للجزائر في ديسمبر/كانون الأول 2020 بعد رحيل قايد صالح.
مؤلفاتهصدرت له العديد من المؤلفات؛ وهي:
مذكرات الجنرال خالد نزّار- إفشال تقهقر مبرمج (2000). ذكريات كفاح (2001). يوميات الحرب (2002). محاكمة باريس (2003). عهدة من غير فائدة (2003 وأعيد نشره سنة 2019 تحت عنوان "بوتفليقة.. مؤشرات الانهيار). إلغاء المسار الانتخابي (2005). اللواء الثاني المحمول للمشاة 1968-1969 (2010). المذكرات الكاملة للواء خالد نزّار في جزأين (2018). وفاتهتوفي الجنرال خالد نزار يوم 30 ديسمبر/كانون الأول 2023 في مقر إقامته بالجزائر العاصمة، عن عمر ناهز 86 عاما بعد صراع مع المرض.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دیسمبر کانون الأول المسار الانتخابی العشریة السوداء الجیش الفرنسی خالد نزار
إقرأ أيضاً:
جنرال أمريكي يزور إسرائيل لمناقشة الأوضاع في لبنان
يزور رئيس القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل إريك كوريلا إسرائيل، لمناقشة الأمن والاستقرار في المنطقة، "مع التركيز على لبنان"، وهي مسألة تمت مناقشتها أيضاً في اتصال هاتفي بين وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس ونظيره الأمريكي لويد أوستن.
ووصل كوريلا إلى إسرائيل بدعوة من رئيس الأركان الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، الذي أجرى معه ”تقييماً أمنياً“، بحسب ما أعلن الجيش الإسرائيلي، شارك فيه أيضاً رئيس العمليات يسرائيل شومر وقائد القيادة الشمالية، أوري جوردين.
وجاء اللقاء في أعقاب زيارة الوسيط الأمريكي آموس هوكشتاين إلى إسرائيل، للدفع باتجاه اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وناقش” القضايا الاستراتيجية والأمنية، مع التركيز على لبنان “.
كما ناقش كاتس وأوستن في محادثتهما الهاتفية الأوضاع، حيث رحب الوزير الإسرائيلي بالجهود الأمريكية ”لتسهيل الانفراج في لبنان“ وأصر على التزام إسرائيل بإعادة الأمن الذي يسمح لسكان الشمال” بالعودة إلى منازلهم سالمين “.
وجاء في بيان لوزارة الدفاع أن ”الوزير كاتس أكد أن إسرائيل ستواصل العمل بحزم رداً على هجمات حزب الله على سكانها المدنيين “.
وفيما يتعلق بغزة، أكد كاتس على أولوية إسرائيل لإعادة الرهائن، مع التأكيد على التزامها بالحفاظ على تدفق المساعدات الإنسانية، التي لا تكفي وفقاً لجميع وكالات الأمم المتحدة والهيئات الإنسانية.
وناقش الجانبان أيضاً مذكرات الاعتقال التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية، يوم الخميس، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت.
ورحب كاتس بدعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل، واصفاً قرار المحكمة بأنه ”طعنة في الظهر للديمقراطيات جميعها التي تحارب الإرهاب“، حسب قوله.