الذكاء الاصطناعي يعزز الاحتيال برسائل ومقاطع فيديو وأصوات مزيفة واقعية
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
شفق نيوز/ أحدثت تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، طفرة كبيرة في تطوير الهجمات السيبرانية ضد مستخدمي الإنترنت، بدايةً من رسائل البريد الإلكتروني المزيفة، مبروراً بانتحال الصفة اعتماداً على المحادثات الهاتفية المزيفة، ومقاطع الفيديو المحررة، إلى المكالمات الآنية سواء بالصوت أو الفيديو.
كل هذه الخدع أصبح من السهل اختلاقها لتظهر وكأنها واقعاً، اعتماداً على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ومن المتوقع أن يصبح الأمر أصعب في اكتشافه في العام الجديد.
وأفادت مؤسسة "سلاش نيكست"، بشأن إحصائيات الاصطياد الإلكتروني في 2023، بأن هجمات التصيد الإلكتروني زادت بنسبة 1265% بدايةً من الربع الأخير من عام 2022، بالتزامن مع بداية وصول تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي بدأ نجمها يسطع مع إطلاق منصة ChatGPT لجميع مستخدمي الإنترنت.
أساليب مختلفة
مع تنوع قدرات منصات الذكاء الاصطناعي على التعامل مع أشكال متعددة من البيانات من صور وفيديوهات ونصوص وصوت، نجح المحتالون في توظيف تلك الأدوات بأساليب فعالة لتنفيذ هجماتهم على الضحايا، فمثلاً، تعتبر رسائل الاحتيال الإلكتروني البريدية واحدة من أكثر وسائل استهداف مستخدمي الإنترنت بالهجمات الاحتيالية، لكن عادةً ما كان يعاني المحتالون من غير متحدثي الإنجليزية، خاصة الصينيين والروس، من صعوبة كتابة الرسائل لاستهداف الضحايا في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أوروبا، لكن مع تطور أدوات الذكاء الاصطناعي وتسارع وتيرة إجادة النماذج اللغوية الضخمة LLM لكتابة أنواع مختلفة من المحتوى بلغات العالم، ربما يصبح تأثير الهجمات البريدية الخبيثة أكثر فاعلية، بعد أن يتفادى المخترقون الوقوع في الأخطاء الإملائية داخل رسائلهم، والتي كانت واحدة من وسائل كشف زيف الرسائل.
وتوقعت تقارير أن يصبح الأمر أكثر سهولة لتطوير هجمات تستهدف قطاعاً من قطاعات الأعمال، أو شركة بعينها، من خلال تدريب نماذج ذكاء اصطناعي على البيانات المتاحة عن شركة أو قطاع ما، بحيث يصبح النموذج الذكي محترفاً في كتابة أي محتوى نصي يعتمد على نفس المصطلحات الشائعة بين العاملين داخل هذا القطاع أو تلك الشركة، ما يجعل كشف تزييف رسائل التصيد أمراً عسيراً.
وأفادت دراسة أجرتها مؤسسة SoSafe للتوعية بأمن المعلومات في أبريل الماضي، بأن قرابة 80% من عينة الدراسة فتحوا الرسائل الاحتيالية المنشأة بالذكاء الاصطناعي، و21% من العينة ضغطوا على الروابط الخبيثة داخل الرسائل.
محادثات فيديو مزيفة
واحترف المحتالون استخدام الذكاء الاصطناعي في تزييف الصور والمقاطع المصورة، فأصبح من السهل التعديل في الصور الحقيقية وتزييف بعض تفاصيلها، أو كذلك إنشاء صور مزيفة بالكامل من خلال منصات الذكاء الاصطناعي ذات الإمكانيات المتطورة، والتي تقدم بعضها خدماتها بشكل مجاني للمستخدمين.
وتوقع خبراء أمن معلومات ألا تتوقف الأمور في 2024 عند تزييف الصور، خاصة أن عام 2023 شهد ارتفاعاً كبيراً في إنشاء مقاطع الفيديو المزيفة لشخصيات عامة ومشاهير وسياسيين، ورصدت شركة الخدمات الأمنية OnFido، زيادة الفيديوهات المزيفة بتقنية "التزييف العميق Deep Fake" بنسبة 3000%.
وأفاد تقرير حديث بأن تكلفة تزييف المقاطع المصورة بحرفية فائقة أصبحت أقل من 100 دولار.
ويرى الخبراء أن عملية تزييف المحتوى البصري أصبحت أكثر سهولة، بل وأكثر إقناعاً، ولم تعد محادثات الفيديو دليلاً كافياً على أن المكالمة مع الشخص المقصود، فمن الممكن أن يكون مجرد نسخة رقمية مزيفة يتحكم فيها أحد المحتالين، باستخدام منصات الذكاء الاصطناعي لجعل حركات النسخة المزيفة أكثر واقعية، بل ويستخدم بعض المنصات لإنشاء نسخة أكثر طبيعية من صوت الشخص المستهدف، وبالتالي تكون محادثة الفيديو مقنعة.
الاعتماد على تزييف الأصوات ليس تقنية جديدة، ففي دراسة أجرتها مؤسسة Kroll، اتضح أن عام 2022 شهد ارتفاعاً قياسياً في عدد المحادثات الصوتية الاحتيالية بنسبة 54%، لذلك فإن الخبراء يتوقعون استمرار الاحتيال الصوتي Vishing، وهو مصطلح ناتج عن دمج كلمتي Voice وPhishing، في تهديد الأمن الإلكتروني للمستخدمين، بالتزامن مع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي.
لا تصدق أذنيك
وفي أبريل 2023، وضعت جوانا ستيرن، محررة التقنية بصحيفة "وول ستريت جورنال"، تقنيات بعض الخدمات لصناعة نسخ رقمية من أصوات البشر، للتجربة، وكان على رأسها خدمة Eleven Labs الشهيرة، وخرجت نسخة صوت جوانا واقعية كفاية لتخدع بها أختها، وكذلك إيفان شبيجل، مؤسس ومدير شركة "سناب".
وتوقع الخبراء أن تشهد هجمات الاحتيال الصوتي عبر المحادثات الهاتفية طفرة كبرى خلال العام الجديد، موضحين أن هذه الهجمات تحتاج إلى استخدام نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على فهم حديث البشر في الوقت الفعلي، وتحليل الكلام المنطوق، ثم بدء إنتاج ردود طبيعية في صياغتها وطريقة ترتيب الكلمات والعبارات بشكل أقرب للبشر، وهو ما تحقق بالفعل في 2023، مع التطور السريع للنماذج اللغوية الضخمة LLM
وأضافوا أن المحتالين يحتاجون عند تنفيذ عمليات احتيال عبر المكالمات الهاتفية، إلى نماذج ذكية قادرة على خلق نموذج رقمي من صوت الشخص المستهدف تقليد صوته، ليكون مقنعاً لأقاربه وأصدقائه.
وتطورت هذه النماذج بشكل كبير في التعامل مع أصوات البشر، إذ كشفت العديد من الشركات، مثل "ميتا" عن نماذج متاحة للجميع على الإنترنت، بإمكانها إجراء ترجمة صوتية لأي مقاطع صوتية، وشهد 2023 العديد من الوقائع بالفعل، إذ تعرض صانع المحتوى الشهير جو روجان لعملية انتحال لصفته من جانب شركة مغمورة استغلت صوته بتقنيات الذكاء الاصطناعي، للترويج لمنتج لم يناقشه إطلاقها من قبل.
ولذلك توقع الخبراء أن تظهر تقنيات جديدة تحاول تأكيد هوية الأشخاص في التواصل الرقمي، بعيداً عن محادثات الفيديو أو الصوت، تجنباً للوقوع ضحايا لهجمات المحتالين، مطالبين المستخدمين وقطاع الأعمال بالوعي والحذر اللازم لمواجهة الهجمات.
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي الذكاء الاصطناعي احتيال تقنیات الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي الشامل.. الوحش الحقيقي!
مؤيد الزعبي
صحيحٌ أن أدوات الذكاء الاصطناعي باتت موجودة في كل المجالات تقريبًا فأحدها يكتب نصًا وآخر يرسم صورة أو يصمم تصميمًا أو يصنع فيديو أو حتى يؤلف موسيقى ويقلد فنانًا أو يحاورك ويسمعك كما لو كان طبيبًا أو صديقًا أو يدافع عن حقوقك كما لو كان محاميًا.
وهناك أدوات تتشكل على هيئة روبوتات وسيارات وثلاجات وهواتف وأجهزة مختلفة، كل هذا جميل ومذهل ولكن طالما أن كل هذه الأدوات لم تتجسد في نظام واحد شامل فالوحش الحقيقي لم يظهر بعد، فتخيل معي عزيزي القارئ كيف سيكون تأثير الذكاء الاصطناعي لو كان نظامًا متكاملًا يرسم ويكتب ويعزف ويحمل ويبني ويصنع ليس كل واحد على حدة إنما كيان واحد متكامل، وقتها سيكون الوحش قد خرج وظهر للعلن، وعندما أقول لك كلمة "وحش" لا أقصد أبدًا المعنى السلبي؛ بل أعني أن قدرات الذكاء الاصطناعي ستصبح كالوحش قادرة على القيام بكل شيء نجده اليوم صعبًا أو مستحيلًا.
كل ما نراه اليوم من تطورات في عالم الذكاء الاصطناعي مازالت متفرقة، فما يصنعه شات جي بي تي وشبيهاته من أنظمة التوليد اللغوي ما هي إلا كلمات وأفكار يولدها، لم يحرك بها ذراعًا آلية ليبتكر ويصنع، ولم يمسك ريشة فنان ويبدأ بالرسم، إنما يرسم إلكترونيًا ويكتب إلكترونيًا، وحتى لو سألته كيف بالإمكان أن تصنع طائرة مسيرة كمثال سيقدم لك الطريقة لكنه لن يذهب للمعمل أو المصنع ويصنعها بنفسه، ولو تحدثت معه عن كيفية بناء مفاعل نووي بطريقة مبتكرة وصديقة للبيئة سيقدم لك إجابة شافية ووافية ولكنه لا يملك السلطة ولا حتى الأذرع لتنفيذ فكرته، فهو مجرد مولد للكلمات والرسومات والصور، ولهذا أخبرتك أن الوحش مل يظهر بعد، فتخيل عندما تصبح هذه الأدوات عبارة عن عقول وأذرع وأرجل وأنظمة متكاملة حينها ستكون قادرة على كتابة فكرتها وتضع خطتها ولديها أذرع تنفذ ما في عقولها.
وإذا ذهبت لأدوات تصنيع الفيديوهات بالذكاء الاصطناعي فصحيح أن نتائجها مذهلة ومتطورة فعندما تحول لك النص لفيديو، أو تقوم بتحويل فيديوهاتك لنماذج وأشكال غاية في الروعة إلا أنها حتى الآن لم تصبح نظامًا شاملًا قادرًا على إنشاء محتوى متكامل، وليست قادرة على إنشاء فيديو نستطيع القول بأنه احترافي من حيث الصورة والانيميشن والقصة والمؤثرات والنص، وبالطبع لم تصل قدرات الذكاء الاصطناعي لأن تصنع فيلمًا ولا حتى قصيرًا، فصحيح أن الأدوات موجودة بكل جانب على حدة إلا أنها غير شاملة في برنامج واحد، ولهذا تخيل عزيزي القارئ عندما تصبح هذه الأدوات متكاملة فحينها ستصنع لك فيلمًا سينمائيًا لو أردت، وربما لن تصنع لك ربما تصنع لنفسها وتصبح هي التي تدير قطاع المحتوى بأكمله، وسنجد حينها ذكاء اصطناعي قادر على كتابة سيناريو فيلم ويراجعه ويدققه ومن ثم يبدأ بتجهيزه وتنفيذه ونشره وترويجه دون أي تدخل منك، وربما نجدك تتفاوض معه لشراء حقوق بث أو استخدامه.
وكذلك الأمر في مسألة السيارات ذاتية القيادة، فنحن نجهز لسيارات تقود نفسها بنفسها وإلى الآن لم تكتمل الصيغة النهائية لهذه السيارة وحتى عندما تكتمل ستكون هذه السيارات ملكنا نحن البشر، ولكن ما أن تصبح أنظمة الذكاء الاصطناعي هي التي تحركها وتنظم حركتها وتضع قوانينها وتطبقها على أرض الواقع حينها سنقول بأن هذا النظام لم يعد نظام ذكاء اصطناعي بل سيكون بمثابة وزارة للمواصلات والطرق، وكذلك الأمر عندما تصبح الربوتات هي الطبيب وأجهزة الفحص وهي نفسها المعامل والمختبرات وهي ذاتها من تعمل على تصنيع الأدوية وتقوم بتجريبها واختبارها، وأنا أتحدث أن يكون كل هذا ضمن نظام شامل متكامل، حينها سنجد الذكاء الاصطناعي وحشًا قادر على القضاء على الكثير من الأمراض وبنفس الوقت سيكون بمقدوره تحديد مصائرنا أو التأثير فيها فأنا أتحدث عن ذكاء اصطناعي شامل يدير بيوتنا وشوارعنا ومدننا ومكاتبنا وشركاتنا ومستشفياتنا ومدارسنا وجامعاتنا وكل شيء من حولنا.
ربما قد يصل لك عزيزي القارئ تصورًا بأن الذكاء الاصطناعي سيعمل مكان الحكومات في قادم الوقت وهو من سينفذ أعمالها بدلًا عنها، ولكن ماذا إن قلت لك أن الذكاء الاصطناعي الشامل سيكون قادرًا على إدارة ما هو أصعب من ملفات الحكومات أنفسها، سيكون قادرًا على إدارة حياتنا بأرضنا وسمائنا والدليل أننا نصنع اليوم أدوات ذكاء اصطناعي متفرقة تقوم بمهام هنا وهناك وقد شاهدنا العجب العجاب من قدراتها فكيف هو الحال لو كان النظام شامل.
لا أجد الأمر سيئًا أو مخيفًا؛ بل إنني على يقين بأن الذكاء الاصطناعي سيقدم لنا حلولًا لمشاكل لم نستطع نحن البشر القيام بها، خصوصًا وأننا على مفترق طرق من أمور كثيرة تهدد حياتنا؛ كالحروب والنزاعات وقضايا البيئة وانتشار الأمراض وعدم المساواة والتفاوت في معيشة الشعوب، كل هذا سيجد له الذكاء الاصطناعي تصريفًا ربما شاملًا، لكن كل ذلك مرهون بكيفية بنائه وتأسيسه وبرمجته، وهذا هو دورنا كبشر من الآن وصاعدًا، حتى نضمن تواجدنا في عالم الذكاء الاصطناعي الشامل.
رابط مختصر