شهد عام 2023 أزمات وحروب عالمية عديدة، والتي لا تزال مستمرة في العام الجديد 2024، حيث إن عام 2023  قد يكون العام الأكثر دموية في القرن الحادي والعشرين، خاصة في المنطقة العربية والشرق الأوسط.

ففي بدايته وبالتحديد في السادس من فبراير، زلازل مدمرة اجتاحت سوريا وتركيا، ونتج عنها أكثر من 50 ألف قتيل، وأضعافهم من المصابين، ثم كانت نهايته المأساوية في قطاع غزة بتلك الحرب التي لاتزال تدور رحاها حتى الآن، والتي حصدت أكثر من 21 ألف قتيل فلسطيني، وأكثر من 50 ألف مصاب، وسط صمت وعجز دولي، وشراكة أمريكية كاملة في أبشع جريمة إنسانية يشهدها العالم في التاريخ الحديث.

وفي المنطقة العربية، انفجرت الأوضاع في السودان بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، بعد شراكة طويلة وممتدة بينهما، إلا أن هذه الشراكة انقلبت إلى نزاع مسلح في أبريل الماضي، ولايزال النزاع مستمرا، ما أدى إلى مصرع أكثر من 10 آلاف، وتشريد الملايين من أبناء الشعب السوداني، بحثًا عن المناطق الآمنة داخل السودان وخارجه.

الأوضاع في السودان

وبدأ للصراع الدائر فى دولة السودان منذ منتصف أبريل الماضى، لاسيما وأن العام 2023 يأبى أن ينتهى دون إيجاد بصيص أمل فى نهاية النفق المظلم، يبعث التفاؤل على الأشقاء فى السودان، بعد معاناة أكثر من 255 يوما فى الحرب وتصعيد قتال دائر بين طرفى السلطة.

وعقب 9 أشهر قتال، يجتمع للمرة الأولى طرفى الصراع قائد الجيش السودانى وقائد الدعم السريع فى جيبوتى برعاية قمة الهيئة الحكومية للتنمية "إيجاد"، الأمر الذى يمهد الطريق لبداية حل سياسى يكتب سطر النهاية للمأساة الراهنة، من خلال التوصل لسبل وقف الحرب عبر حل سياسي تفاوضي بحسب تقارير إعلامية سودانية.

وبدأ تصعيد الأحداث الدائرة فى السودان منذ أبريل 2023، عقب اندلاع قتال بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين بسبب خلافات حول خطط لدمج الدعم السريع في الجيش، في الوقت الذي كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دوليا.

يرتكبون جرائم تطهير عرقي في غزة.. تقرير حقوقي يفضح ممارسات قوات الاحتلال انقسام في الداخل الإسرائيلي.. هل تنهار العلاقات بين تل أبيب وأمريكا؟

وفى  18 ديسمبر سيطرت قوات الدعم السريع، على ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، وتمددت واستباحت مناطق واسعة خارج العاصمة الخرطوم وتزايدت حالات الاستنفار والتسليح الشعبي لمواجهتها فيما اتهم موالون للجيش الدعم السريع بارتكاب جرائم واسعة ضد المدنيين شملت النهب والاخفاء القسري والاعتقال، ورد الجيش بقصف مقار للدعم.

وتسبب انتقال الصراع إلى ولايتي الجزيرة وسنار في فرار أعداد كبيرة من المدنيين بينهم نازحين سبق أن فروا من حرب الخرطوم وكانت تستضيفهم مدن وقرى الجزيرة.

الحرب الروسية الأوكرانية

وتستمر الحرب الروسية الأوكرانية، وسط حالة من التخبطات الكبيرة خلال الفترة الماضية، إثر رفض الكونجرس تقديم المزيد من الدعم المالي لأوكرانيا خلال الفترة المقبلة، بالتزامن مع الأزمة الجارية في غزة.

وأعلن مكتب المدعي العام الأوكراني، السبت، مقتل 513 طفلا وإصابة 1167 آخرين، منذ أن بدأت العملية العسكرية الروسية بأوكرانيا في شهر فبراير 2022، وأفاد المكتب، في بيان حسبما ذكرت وكالة أنباء /يوكرينفورم/ الأوكرانية، بأنه حتى اليوم، تأثر أكثر من 1680 طفلا في أوكرانيا جراء العملية العسكرية الروسية، موضحا أن معظم حالات الأطفال القتلى والجرحى كانت في منطقة دونيتسك بـ 497 حالة، وتليها خاركييف بـ 304 حالات وفي كييف 129 حالة وفي خيرسون 141 حالة.

السودان يئن من الحرب.. البلد العربي يواجه مصيرا مجهولا وشعبه يطلب المدد مصر تجدد خطوطها الحمراء بشأن غزة.. أمريكا تؤيد وإسرائيل تعاني فوضى سياسية

ونشرت وكالة الأنباء الأوكرانية الرسمية، السبت، حصيلة محدثة لقتلى الجيش الروسي، في الحرب المستعرة منذ فبراير 2022، تزيد بعشرات الأضعاف على الحصيلة المعلنة من جانب موسكو، وقالت إنه منذ 24 فبراير 2022، يوم اندلاع الحرب، حتى 23 سبتمبر 2023، قتل 275 ألف روسي.

وأضافت أن "من بين هؤلاء 510 جنود قتلوا خلال الأحد فقط، فضلا عن تدمير 11 دبابة و21 مركبة مدرعة قتالية و33 نظام مدفعية"، وأوضحت أن مصدر هذه الأرقام هيئة الأركان في الجيش الأوكراني، بينما لا يمكن التحقق من هذه الأرقام من مصادر مستقلة.

وفي هذا الإطار، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، إن الصراعات العالمية ستظل مكبوتة، ولن تندلع إلا بعد تصعيد بعض الأطراف.

حروب ليست منسية 

وأضاف فهمي- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أنه يوجد 122 نزاع في العالم مكبوت وقيد الاشتعال، وهي حروب ليست منسية ولكن يتعايش معها النظام الدولي، وترحل عامًا بعد عام.

وأشار إلى أن الأزمات الإقليمية والدولية ستظل ممتدة لعام 2024، ولا بد من إدارة للحروب والصراعات، وما هو ينطبق على أزمة روسيا وأوكرانيا على سبيل المثال، وكذلك حرب غزة، وأوضح أن العالم أصبح يتعامل مع واقع ليبي صعب، ولكن واقع، متوقعًا أن يحدث مقايضات في بعض الملفات بين  الدول الكبرى، إلى أن تبدو الصورة أفضل.

أما عن الحرب السورية، قالت ثلاثة مصادر أمنية ووسائل إعلام رسمية إيرانية إن ضربة جوية إسرائيلية خارج العاصمة السورية دمشق،  الاثنين، أسفرت عن مقتل مستشار كبير في الحرس الثوري الإيراني، وأضافت المصادر لرويترز إن المستشار المعروف بـ رازي موسوي كان مسؤولا عن تنسيق التحالف العسكري بين سوريا وإيران.

وقطع التليفزيون الرسمي الإيراني بثه الإخباري المنتظم ليعلن مقتل موسوي، ووصفه بأنه أحد أقدم مستشاري الحرس الثوري في سوريا، وقالت إنه كان "من بين المرافقين لقاسم سليماني"، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري، والذي قُتل في هجوم بطائرة أمريكية بدون طيار في العراق عام 2020.

وتعليقا على الحادث، قال الحرس الثوري الإيراني إن إسرائيل ستدفع ثمن قتل موسوي، الذي كان يشغل رتبة عميد في الحرس الثوري، قائلا في بيان تلاه التليفزيون الرسمي: "إن النظام الصهيوني الغاصب والهمجي سيدفع ثمن هذه الجريمة".

وتشن إسرائيل منذ سنوات هجمات ضد ما وصفته بأهداف مرتبطة بإيران في سوريا، حيث تزايد نفوذ طهران منذ دعمت الرئيس بشار الأسد في الحرب التي اندلعت في سوريا عام 2011.

الوضع في غزة

والوضع في غزة يعد الأكثر تعقيدا علي إلاطلاق، فقد اندلعت الأعمال العسكرية الموجهة ضد أهالي غزة منذ 7 أكتوبر 2023، ومن حينها تقوم الدولة المصرية بأكملها بجميع مؤسساتها بمحاولة دعم أهالي غزة في الوضع الإنساني المتردي الذي يعانونه، بما في ذلك من خلال اتصالاتها الدولية والقومية والثنائيّة مع أطراف الصراع محاولة حله بكافة الطرق، إنقاذا لأبناء غزة وما يواجهونه من مصير مشؤوم نتيجة للتعنت الإسرائيلي.

كما قامت بتنظيم دخول المساعدات الإنسانية من كافة الأطراف عبر معبر رفح، رغم كونه معبر أفراد وليس معبر بضائع. وإذا كانت الدولة تحاول بكل طاقتها حل الصراع تخفيفا على أهلنا في غزة؛ فأن أولوية مضاعفة قد أعطيت  للمصريين الموجودين في قطاع غزة، بالتعاون مع وزارة الخارجية، وتم التنسيق مع الجهات المعنية لإجلاء عشرات المصريين العالقين في القطاع.

وكان هناك العديد من النماذج التعاون في إنقاذ المصريين العالقين في غزه والقدس، فقد سطرت وزارة الهجرة ملحمة من التعاون مع سفارتنا، لخروج  30 من المصريين من حاملي الجنسيةُ الكندية والذي أدوا الشعائر الدينية في القدس، وكان عليهم الرحيل إلا أن القصف العسكري قد بدأ وحاولوا التواصل مع السفارة الكندية في تل أبيب لإنقاذهم، والتي لم تستطع أن تقدم لهم شيئاً إلا أن وزارة الهجرة قد قامت بالتعاون مع السفارة المصرية، باتخاذ المزيد من الإجراءات التي تم بموجبها إنقاذ حياتهم، وعادوا سالمين إلى مصر،  ومنها بعد أسابيع لكندا ليتغنوا بقوة وعظمة الدولة المصرية التي لا تتهاون في حق وحياة أبنائها مهما حدث، وتحت أي ظروف.

عام 2023 تضمن عددًا من التحديات والأزمات إقليمية ودولية لها انعكاساتها على الداخل، وكذلك شهد نجاحات وإنجازات كثيرة، ومشاهد مبهرة، فكان عامًا مليئًا بالفرص والمكاسب، والوعي، والاصطفاف والتحدي وكشف عن معدن المصريين النفيس، بل إن استمرار ما تشهده مصر من أمن وأمان واستقرار ووعي وفرص هو أبرز مكاسب العام الذي انقضى منذ ساعات لتحمل في العام الجديد 2024 آمالًا وتطلعات وأهدافًا كثيرة نسعى بتحد لتحقيقها. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: تقنية الفار عام 2023 أزمات قطاع غزة السودان الحرب الروسية الأوكرانية غزة الدعم السریع الحرس الثوری أکثر من فی غزة عام 2023

إقرأ أيضاً:

هل انتصار الجيش ممكن؟

سيظل المشهد نابضاً في الذاكرة، مشهد سقوط “سنجة” ومشهد تحريرها، سواء في “سنجة” أو مجمل المناطق المحتلة بواسطة المليشيات الإجرامية، يظل انتصار الجيش أمراً شديد الأهمية؛ لأنه يعني وقف القتل والتخريب والتهجير . بيد أنّ المشكلات الأخرى المتكاثرة في الدولة التي تبدو الآن أكثر عسراً واستعصاء بعد الحرب سهلة يمكن حلها.

قد يبدو المشهد بائساً للسودانيين في الجزيرة ودارفور بهذا الكم من الجنون المليشاوي الذي يحظى بموافقة وتأييد الغرب وبعض الخونة من السياسيين في الداخل ،رغم القتل والدمار الذي حصل، ويستمر بلا هوادة، فالتغيير على الأرض سيأتي طوعاً أو بالقوة، وهذا سينهي اسطورة مليشيا “الدعم السريع” وكل أشكال التمليش التي زعزعت أسس المجتمع السوداني لتفرض نظاماً مبنياً على الهمجية والوكالة للخارج ..

هذا المشروع تساقط سريعاً إثر ضرب الجيش لمليشيا الدعم السريع وإبطال قدراتها على محاولة الاستيلاء على السلطة ، عندما حاولت القيام بذلك عبر النهج الذي كانت تستخدمه قيادتها في نهب قافلة تجارية على طريق بري في دارفور .

وعلى الرغم من محاولات بائسة لالتقاط زمام الأمور بعد قضاء القوات المسلحة على مشروع مليشيات “حميدتي” فإن أفول هذه الحقبة يفتح المجال أمام فرص حقيقية لقيام نظام حاكم يخطط لمستقبل سوداني واعد بعيداً عن ثقافة الموت والقتال العبثي.

بعد تحرير “سنجة” أصبح تحرير المناطق المحتلة في ولاية الجزيرة امراً ملحاً، لا يحتمل التأجيل أو الانتظار، فالمشاهد الوافدة من هناك مخيفة ومروعة، جثث تقيم داخل البيوت المهجورة وبنايات محروقة أو مهجورة، الآلاف من النازحين ، ارقام قياسية في تاريخ البلاد، بعضهم يفترشون الأرضَ في قلب المدن الآمنة ، وينام آخرون في العراء لتعذر العثور على سقف، مشاهد مؤسفة تنقل رائحة الموت إلى كل الجهات ومعها رائحة القلق والذعر.

الامل معقود، والنصر آت بلا شك ، فتحرير “سنجة” ، وصمود “الفاشر” أعادا التذكير بتفوق قوات الشعب المسلحة واختراقاتِها الاستخبارية العميقة ، وقدرتها على التحرك لسريع لاغتيال امنيات المليشيا المعقودة على ضغوط دولية من اجل العودة الى مربع التفاوض من جديد ، يمكن القول إن الأيام التالية ستشكل منعطفاً تصعيدياً في مسار الحرب وتوسيع مسرح استعادة السيطرة لصالح الجيش والوطن .

توجه القيادة السودانية الجديد ، وتحالفاتها الخارجية التي بدأت تتضح ملامحها مع انقشاع الضبابية، تشير بوضوح الى كيف سيعيد السودان بناء نفسه وتحديدها في ضوء موازين القوى .
ملامح السودان بعد العاصفة ستؤثر بالضرورة على ملامح الإقليم، كما أن ترميم مؤسساته وإعادة جمع حجارة وحدته سترسم موقعه الإقليمي.

ظهور “البرهان” في “سنجة” على هيئة مقاتل ، كشفت عن طبيعة المرحلة القادمة ، وأن انتصار الجيش في معركة الوجود واقع محسوم .
محبتي واحترامي

رشان اوشي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • منها مدينتين عربيّتين.. أكثر مدن العالم استقبالاً للزوّار الدوليين لعام 2023
  • هل انتصار الجيش ممكن؟
  • الأمم المتحدة: 85 ألف امرأة وفتاة قتلت عمدا بالعالم في 2023
  • جرائم العنف الأسري تحصد حياة امرأة كل 10 دقائق في العالم.. و85 ألفا قتلن في 2023
  • قرار مهم من وزيرة التضامن بشأن 9 آلاف ابن في مؤسسات الرعاية
  • مفاجأة كبرى في سعر جرام الذهب عيار 21 اليوم الاثنين 25-11-2024
  • ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة إلى 44211 شهيدا و104567 مصابا
  • الجيش السوداني يكثف ضرباته على مواقع الدعم السريع في الخرطوم وبحري
  • كم من الأرواح البريئة كان يمكن إنقاذها لو وافق الجيش على حضور مباحثات جنيف؟
  • قراصنة يخترقون بعمق شركات اتصالات كبرى فى الولايات المتحدة