شراسة المقاومة تضع النتن ياهو في مواجهة ضغوط داخليّة كبيرة جدًا والاحتلال يخشى تهريب الأسرى للخارج
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
سرايا - ما زالت حكومة الاحتلال الاسرائيلي تتخبّط حول المرحلة الثالثة في العدوان الهمجيّ والبربريّ الذي تشنه منذ نحو 87 على قطاع غزّة، في ظلّ تأجج الخلاف بين صُنّاع القرار من المُستويين الأمنيّ والسياسيّ حول اليوم الذي سيلي انتهاء القسم الثاني من العملية العسكريّة، والتي أكّد رئيس وزراء الاحتلال أنّها ستستمّر لعدّة أشهرٍ، دون أنْ يذكر موعدًا محددًا.
وبرزت هذه الخلافات بعد رفض وزير الأمن يوآف غالانط، والوزير في كابينيت الحرب، الجنرال بالاحتياط بيني غانتس، المُشاركة في المؤتمر الصحافيّ الذي عقده في نهاية المطاف نتنياهو لوحده دون أنْ يحمل أيّة بشائر "للإسرائيليين" حول مجريات الحرب في غزّة، لا على صعيد القضاء على حماس، ولا في قضية إبرام صفقاتٍ لتبادل الأسرى مع حماس.
وقال نتنياهو خلال المؤتمر الصحافي إنّهم سيواصلون الحرب حتى النهاية، زاعمًا بأنّ الهدف هو إعادة الأمن إلى جبهتيْ الشمال والجنوب وإعادة السكان إلى منازلهم، في المنطقتيْن المذكورتيْن، ويبلغ عددهم حوالي مائتي ألف "إسرائيليّ"، علمًا أنّ مواطني الشمال وضعوا شرطًا بموجبه لن يعودوا إلى البلدات الحدوديّة إلّا بعد انسحاب حزب الله إلى نهر الليطاني.
على صلةٍ بما سلف، ونقلاً عن مصادر أمنيّةٍ واسعة الاطلاع في دولة الاحتلال، كشف المُحلِّل في صحيفة (يديعوت أحرونوت)، ندّاف إيال، النقاب عن خشيةٍ عميقةٍ لدى الكيان من قيام حركة حماس بتهريب الاسرى من قطاع غزة إلى الخارج عن طريق الانفاق التي تصل إلى رفح المصريّة، ومن هناك إلى جهةٍ غيرُ معروفةٍ، مُشدّدًا على أنّ شبكة الأنفاق المُتطوّرة التي أقامتها حماس تربط القطاع بشبه جزيرة سيناء.
وأضاف إيال قائلاً إنّ: “العملية العسكرية ليست كافيةً، ولذا يتحتّم على دولة الاحتلال القضاء على حماس كنظام حكمٍ يسيطر على قطاع غزّة دون منافسين”، بيد أنّه استدرك قائلاً: ” حتى لو عادت السلطة الفلسطينية لإدارة القطاع، فإنّ حماس ستدير الأمور من وراء الكواليس، وعمليًا سينتقل النموذج اللبنانيّ إلى غزّة، أيْ ستسيطر حماس تمامًا كما يسيطر حزب الله على لبنان”.
واختتم قائلاً:” قد يربح الجيش الإسرائيليّ المعركة، ولكنّ الدولة العبريّة ستخسر الحرب”.
على صلةٍ بما سلف، قال وزير خارجية دولة الاحتلال الأسبق، البروفيسور شلومو بن عامي، في مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة إنّ “عملية السابع من تشرين الأوّل (أكتوبر) الفائت، التي نفذتها حركة حماس، أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة.
وتابع بن عامي، وهو أحد المؤرّخين "الإسرائيليين" البارزين، أنّ هناك ظاهرة تتكرر منذ الحرب العالمية الثانية، وهي ظاهرة فشل دولٍ قويّةٍ في حروبٍ غير متناظرة أمام قوّةٍ أقل منها.
وبرّرّ بن عامي الفشل "الإسرائيليّ" في غزة بالقول: “الأمريكيون هُزموا في فيتنام وفي أفغانستان وفي العراق. الاتحاد السوفييتي سابقًا هُزم أيضًا في أفغانستان”.
وتابع: “هذا رغم أنّه خلافًا لـ "إسرائيل"، فإنّ هذه الدول العظمى حظيت بالتفوّق الحاسم وهو القدرة على حربٍ طويلةٍ بقدر الحاجة، رغم المجتمع الدوليّ، بينما تحارب "إسرائيل" دائمًا ضد الزمن”، على حدّ زعمه.
وأضاف بن عامي، وهو مُستجلب من المغرب عام 1956، أنّ تصميم الجانب الضعيف صمد على الأغلب أمام قدرة الطرف القويّ، وأساسًا عندما كانت أهداف الحرب غامضة مثل القضاء بشكلٍ كاملٍ على العدوّ وهو الهدف الذي له تعريف غير واضح، وفي الأساس لانهائيّ، على حدّ تعبيره.
وخلُص وزير خارجيّة الاحتلال إلى القول إنّ: “الحرب الخاطفة في 1967 كانت الحرب الأخيرة التي نجحت فيها إسرائيل في تحقيق انتصارٍ سريعٍ ومُهذّبٍ، وبعد ذلك لم يكن هناك أيّ انتصارٍ فاخرٍ، خاصّةً في الساحة الفلسطينيّة”، كما قال.
واليوم، بعد مرور حوالي ثلاثة أشهرٍ على بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزّة، مع دعمٍ أمريكيٍّ لا مثيل له، يُقِّر العديد من الساسة والمختّصين والمحللين في تل أبيب، وإنْ كان بصورةٍ خجولةٍ، إنّه من الصعب، إنْ لم يكُن مُستحيلاً، الإشارة إلى أيّ إنجازٍ "إسرائيليٍّ"، إنْ كان تكتيكيًا أوْ إستراتيجيًا.
رأي اليوم
إقرأ أيضاً : بالفيديو .. لحظة هجوم القوات الأمريكية على زوارق الحوثيين في البحر الأحمرإقرأ أيضاً : وزير متطرف يدعو مجددًا لعودة المستوطنين إلى غزة ويحاول تشجيع سكان القطاع على الهجرة لدول أخرى إقرأ أيضاً : الاحتلال يقتحم باحات المسجد الأقصى بأول أيام العام الجديد
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
كلمات دلالية: الاحتلال اليوم الثاني رئيس الاحتلال الله غزة القطاع الاحتلال الله الدولة الاحتلال غزة المغرب الاحتلال المغرب العراق اليوم الدولة الله غزة الاحتلال الثاني رئيس القوات القطاع ة الاحتلال قطاع غز بن عامی
إقرأ أيضاً:
الحرب الإقليمية القادمة ودور حزب الله واليمانيين
يبدو أن حرب طوفان الأقصى لم تنتهِ بعد، وأن الهدنة الحالية هشّة وقابلة للانهيار. والواقع أن إسرائيل قد هُزمت في جبهات القتال واضطرت لرفع يديها استسلامًا وقبول شروط حركة حماس. ومع قبولها بهذه الشروط، أصبحت إسرائيل في وضعٍ أسوأ مما كانت عليه في 7 أكتوبر. ففي ذلك اليوم، شهد العالم كيف تخلخل الجهاز العسكري والأمني الإسرائيلي، وكيف تمكن المجاهدون الفلسطينيون من التوغل حتى حدود 1948، داخل إسرائيل وفي المعسكرات العسكرية والمراكز الأمنية والاستخباراتية السرية. لقد كانت هذه الحادثة صعبة جدًا على إسرائيل، التي تُعد كيانًا مصطنعًا ومؤقتًا، وتسببت في خسائر فادحة لها ولآبائها الاستعماريين.
ذلك لأن الأساس الأول والأهم لوجود الكيان المؤقت إسرائيل هو مسألة السكان، وهذه المسألة مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمسألة الأمن. ومنذ تأسيسها، لم تستطع إسرائيل تحقيق استقرار أمني يضمن لها البقاء والتثبيت. فمنذ البداية، قام الاستعمار بجمع اليهود من مختلف بقاع العالم بوعد الأرض الموعودة وبشعارات تمتد من النيل إلى الفرات وإلى شوش وهمدان في إيران، وبوعد الأمن والحياة الأفضل، وأرسلهم إلى فلسطين لاحتلالها وإنشاء معسكر مؤقت يُسمى إسرائيل ليكون أداة استعمارية ضد شعوب المنطقة. وكلما زاد الأمن لليهود في الأراضي المحتلة، زادت هجرتهم إليها، ولكن كلما تراجع الأمن، زادت هجرة اليهود من الأراضي المحتلة إلى أوروبا وأمريكا أو أي مكان آخر.
وكان أحد أهم الشعارات والاستراتيجيات الكبرى التي اعتمدتها المقاومة خلال حرب طوفان الأقصى هو “التهجير بالتهجير”، وقد نجحت هذه الاستراتيجية إلى حد كبير. لقد تحطم وهم الأمن الذي كانت إسرائيل تحاول ترسيخه في الداخل والخارج لإقناع الصهاينة واليهود بعدم مغادرة الأراضي المحتلة. كما كانت تهدف لجذب اليهود والصهاينة من الخارج للاستثمار والاستقرار في الأراضي المحتلة. لكن هذا الوهم تحطم في 7 أكتوبر بصوتٍ دوى في أنحاء العالم، وأصاب المستوطنين المحتلين بالصدمة والذهول.
لقد وضعت هذه الواقعة إسرائيل في مأزق حقيقي، حيث تحطم وهم الأمن التام في أذهان العالم، وبالأخص في أذهان المجتمع الاستيطاني داخل إسرائيل. كما انهارت الثقة في الجيش والنظام الأمني في توفير الحماية للمجتمع المحتل. وقد هدد هذا الانهيار النفسي وجود إسرائيل ذاته، واضطرت إلى محاولة إعادة بناء هذه الثقة وإقناع المستوطنين بأنها لا تزال قادرة على حمايتهم. وفي مواجهة هذا الواقع، وضعت المقاومة الفلسطينية إسرائيل والاستعمار أمام خيارين لا ثالث لهما.
الخيار الأول:
أن تتجنب إسرائيل الدخول في حرب مع حماس والفصائل الفلسطينية، وتسلك طريق المفاوضات من أجل تحرير أسراها الذين أُسروا في 7 أكتوبر. وكان هذا يتطلب قبول شروط حماس للإفراج عن الأسرى وعودتهم إلى بيوتهم المغتصبة في الأراضي المحتلة.
الخيار الثاني:
أن تدخل إسرائيل في حرب مع الفلسطينيين وحماس، وتعد بتحرير الأسرى ونزع سلاح حماس وتدميرها.
ولكن كلا الخيارين كان صعبًا للغاية. فاتباع الخيار الأول، أي طريق المفاوضات بدون حرب، وقبول شروط حماس كان سيجعل إسرائيل تظهر بمظهر الضعف والهوان أمام العالم والمستوطنين. وهذا كان سيؤدي إلى موجة هجرة معاكسة وانهيار داخلي. أما الخيار الثاني، أي خوض الحرب، فكان أكثر صعوبة وكلفة، لأن الآلة الحربية والاقتصاد والبنية السياسية والاجتماعية لإسرائيل لا تملك القدرة على خوض حرب استنزاف طويلة الأمد. ونتائج الحرب أثبتت ذلك بوضوح، حيث عجزت إسرائيل عن تحقيق أي من أهدافها المُعلنة، واضطرت في النهاية للاستسلام وقبول شروط حماس.
والآن، مع قبول إسرائيل بالهدنة وقبولها بشروط حماس، عادت إلى نفس المأزق. فالرأي العام، داخليًا وخارجيًا، يعتبر إسرائيل مهزومة، وهذا يشكل تهديدًا خطيرًا لها. وإسرائيل أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن تقبل بهذه الهزيمة وتتجنب استئناف الحرب، أو أن تبدأ الحرب من جديد على أمل تحقيق نصر قد يساعدها على إعادة بناء ما تهدم.
يعود السبب في نقض إسرائيل المستمر للهدنة في غزة ولبنان إلى ذات الإشكالية الأساسية. وقد أدركت المقاومة هذه الحقيقة، حيث صرح أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام قبل أيام قائلاً:
“إن مجاهدي حماس في حالة تأهب قصوى، ويتوقعون اندلاع الحرب مجددًا، وفي حال حدوث ذلك، سنحطم ما تبقى من كرامة الكيان الصهيوني وسنضاعف خسائره.”
وفي هذا السياق، كان الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله، قد أكد مرارًا أن استمرار إسرائيل في انتهاك الهدنة ورفضها الانسحاب الكامل من لبنان سيقابل بحسم من قبل المقاومة، وأن حزب الله مصمم على إخراج الاحتلال من لبنان بشكل نهائي.
وكما جرت العادة، لا بد من التوقف عند سوريا، التي تعد محورًا مركزيًا واستراتيجيًا في الجغرافيا السياسية للصراع القائم في الشرق الأوسط. فقد بدأت الفوضى في سوريا عام 2011 من محافظة درعا ، وسرعان ما انتشر الصراع ليعم أرجاء البلاد. إلا أنه قبل أيام، ومع بدء هجمات المقاومة على السواحل الغربية لسوريا، شهدت درعا تطورًا لافتًا؛ إذ أعلنت مجموعة مقاومة جديدة عن نفسها، مؤكدة أن هدفها هو تحرير الأراضي السورية المحتلة من إسرائيل.
وفي الوقت ذاته، يواصل الاحتلال الإسرائيلي محاولاته للتقدم في سوريا. وأكد قادة الاحتلال أنهم يطبقون النموذج الأردني في سوريا عسكريًا وأمنيًا، ولن يسمحوا لسوريا بامتلاك قدرات عسكرية أو دفاعية. وتكشف مجريات الأحداث في المنطقة عن اقتراب اندلاع حرب كبرى في الشرق الأوسط خلال الربيع أو الصيف المقبل، ويبدو أن تجنب هذه الحرب بات أمرًا مستحيلًا.
في هذا الإطار، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتصريح مثير حيث قال:
“كل من يحاول مهاجمة سوريا سيجد نفسه في مواجهة معنا. وسنقاتل دفاعًا عن إخوتنا السوريين في البر والبحر والجو.”
لكن من المؤكد أن أردوغان لم يكن يقصد إسرائيل بهذا التصريح، خاصة وأن الاحتلال الإسرائيلي كان حاضراً في سوريا منذ الأيام الأولى لسقوط دمشق، ولم يتحرك أردوغان حينها ضد هذا العدوان. ومن المرجح أن الاستخبارات التركية قد رصدت تحركات كثيفة للمقاومة داخل سوريا، أو أنها استنتجت من خلال تحليل التطورات أن الحرب قادمة لا محالة. وقد أكدت المجازر التي ارتكبها مقاتلو الجولاني بحق السكان العلويين في القرى والمدن الساحلية الغربية لسوريا وجود تحولات خطيرة تشير إلى أن سوريا باتت على أعتاب حرب إقليمية كبرى.
وفي هذا السياق، لم يكن الروس غائبين عن المشهد السوري، فهم طرف رئيسي في الصراع العالمي لإعادة تشكيل النظام الدولي. ومن أجل ترسيخ نفوذهم على السواحل الإفريقية -التي تحررت مؤخرًا من الهيمنة الغربية عبر سلسلة من الانقلابات- يسعون للبقاء بقوة على السواحل الغربية لسوريا وعلى البحر الأبيض المتوسط. وفي هذا الصدد، فتح الروس قاعدة “حميميم” الجوية في اللاذقية أمام موجات اللاجئين العلويين، في إشارة واضحة إلى استعدادهم للمشاركة في الحرب المقبلة.
ويعزز هذا السيناريو اللقاء الذي جمع ميخائيل بوغدانوف، نائب وزير الخارجية الروسي والمبعوث الخاص للشرق الأوسط وأفريقيا، مع قادة الجولاني خلال زيارته الأخيرة لسوريا. وبعد عودته إلى موسكو، توجه مباشرة إلى السفارة الإيرانية بدلًا من العودة للكرملين، وهو ما يعكس مستوى التنسيق العميق بين روسيا وإيران بشأن الملف السوري.
ولا يمكن تجاهل تصريحات ألكسندر دوغين، المفكر الروسي المقرب من الكرملين، الذي كان له تعليق حاد على موقف أردوغان، حيث كتب في تغريدة على تويتر بتاريخ 9 ديسمبر 2024 قائلاً:
“لقد كانت سوريا فخًا لأردوغان. لقد ارتكب خطأً استراتيجيًا وخان روسيا، وخان إيران أيضًا. وهو الآن محكوم بالفشل. بداية نهاية تركيا الكمالية قد بدأت. كنا حتى اليوم ندعمك، لكن من هذه اللحظة ستندم.”
تكشف هذه التصريحات أن إيران وروسيا لم تكونا غافلتين عن تطورات الميدان السوري منذ سقوط دمشق، بل كانتا تجهزان لخوض معركة استراتيجية حاسمة في سوريا والمنطقة.
كل المؤشرات تؤكد أن حربًا كبرى تلوح في الأفق، وأن على الجميع أن يكونوا على أهبة الاستعداد لمواجهة هذا الصراع الذي سيحدد مستقبل المنطقة بأسرها.
دور حزب الله واليمنيين في الحرب القادمة ودورهم في تحقيق الهدف الاستراتيجي للمقاومة
لا شك أن سوريا تعد من أهم المناطق الجيوسياسية والاستراتيجية في الصراع القائم، لكن لا ينبغي إغفال أن الهدف الأكبر لمحور المقاومة هو القضاء على إسرائيل وطرد الولايات المتحدة والاستعمار الغربي من المنطقة. وتأتي الأهمية الاستراتيجية لسوريا في سياق دعم هذا الهدف الكبير.
دروس من الحرب في أوكرانيا:
ما حدث في الحرب الروسية ضد الناتو والغرب في أوكرانيا أظهر أن الكلفة الباهظة للحرب على الولايات المتحدة لم تحقق أي فائدة تُذكر، وهو ما دفع الأمريكيين إلى التفكير في التخلي عن أوكرانيا لتجنب المزيد من الخسائر. وبالمثل، فإن دعم الولايات المتحدة لإسرائيل قائم فقط على حماية مصالحها الاستعمارية وتحقيق المكاسب الاقتصادية والسياسية. ولذلك، فإن استراتيجية المقاومة يجب أن تتركز على إلحاق خسائر جسيمة بإسرائيل، بحيث تصل واشنطن وحلفاؤها إلى قناعة مفادها أن دعم إسرائيل أصبح عبئًا أكثر من كونه مكسبًا.
الواجبات الميدانية لحزب الله واليمنيين:
للوصول إلى هذه النتيجة، يجب على حزب الله والحوثيين (أنصار الله) تبني استراتيجية هجومية أكثر شراسة وفعالية، بحيث تشمل:
رفع سقف الهجمات بلا رحمة:
يجب أن يتجاوز نطاق الهجمات استهداف القواعد والمراكز العسكرية فقط، بل يجب أن تشمل المناطق السكنية المكتظة في قلب الكيان المحتل، حيث يتم استهداف الأبراج السكنية والمجمعات الكبرى داخل المدن الرئيسية.
هذا النوع من الهجمات سيؤدي إلى انهيار الروح المعنوية للمجتمع الصهيوني، ويعزز حالة فقدان الثقة بقدرة جيش الاحتلال ومنظومته الأمنية على توفير الحماية، مما يدفع بالمجتمع الصهيوني نحو الهجرة العكسية والخروج من الأراضي المحتلة.
استهداف البنية التحتية الحيوية:
يجب أن يكون ضمن الأولويات استهداف خزانات المياه، مصافي النفط، منصات الغاز، محطات توليد الكهرباء، والموانئ التجارية الكبرى في الأراضي المحتلة.
تدمير هذه المنشآت الحيوية سيؤدي إلى شلل اقتصادي واسع النطاق يصعب على الاحتلال وحلفائه من الغرب تحمّل تكاليف إعادة إعماره، مما يجعل الكيان في وضع اقتصادي منهار وضعيف.
الانتقال إلى استخدام الأسلحة الثقيلة:
يجب أن يعتمد حزب الله والحوثيون بشكل أساسي على الصواريخ الباليستية الثقيلة وصواريخ الكروز بعيدة المدى، بدلاً من الاكتفاء بالطائرات المسيّرة أو الصواريخ قصيرة المدى.
هذه الأسلحة المتطورة قادرة على إحداث دمار واسع النطاق في العمق الإسرائيلي وإحداث صدمة استراتيجية تقوض قدرة الاحتلال على الصمود أو الرد الفعال.
ضربات مركزة ومتواصلة:
استمرار وتيرة الهجمات بشكل متواصل ومتزامن بين جبهات لبنان واليمن وسوريا، بحيث يتم تشتيت قدرات الاحتلال وعدم منحه أي فرصة لإعادة ترتيب صفوفه.
الأثر الاستراتيجي المتوقع:
في حال تنفيذ هذه الاستراتيجية بنجاح، فإن الكيان الصهيوني سيتكبد خسائر اقتصادية وبشرية فادحة، وسيدفع الولايات المتحدة وبقية القوى الغربية إلى التفكير جديًا في التخلي عن إسرائيل كما تخلوا عن أوكرانيا.
انسحاب أمريكا من دعم الكيان المحتل سيكون بداية النهاية للمشروع الصهيوني في المنطقة، حيث سيتسارع انهيار الاحتلال وسيتعزز دور المقاومة في تقرير مصير المنطقة بعيدًا عن هيمنة الاستعمار.
التوصية الأساسية:
على حزب الله واليمنيين وبقية فصائل المقاومة أن يتخذوا قرارات جريئة وحاسمة تتناسب مع متطلبات الحرب القادمة، مع ضرورة الانتقال إلى تكتيكات هجومية متطورة تستهدف العمق الإسرائيلي بلا هوادة. هذه هي المعركة الحاسمة التي ستحدد مستقبل المنطقة بأسرها.
كاتب ومحلل ايراني