القاهرة- برز الحديث عن محور فيلادلفيا الحدودي بين قطاع غزة ومصر إلى الواجهة مجددا في أعقاب حديث رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، عن ضرورة السيطرة على المحور بشكل كامل بعد مرور نحو 3 أشهر على الحرب دون تحقيق الأهداف المعلنة.

وقال نتنياهو في مؤتمر صحفي، مساء السبت، إن "محور فيلادلفيا يجب أن يكون تحت سيطرتنا، يجب إغلاقه، من الواضح أن أي ترتيب آخر لن يضمن نزع السلاح الذي نسعى إليه".

وأكد حديث نتنياهو ما تردد في الإعلام العبري خلال الأسابيع الماضية بشأن نية الحكومة الإسرائيلية إعادة احتلال الشريط الحدودي وإقامة منطقة عازلة، مما أثار تساؤلات عن الهدف من تلك الخطوة وقانونيتها وخيارات القاهرة للرد عليها.

#نتنياهو: يجب أن يكون محور فيلادلفيا تحت سيطرتنا#الجزيرة_مباشر pic.twitter.com/5YUyXVRUuj

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) December 30, 2023

توتر حدودي وصمت مصري

لم يصدر أي تعليق مصري رسمي ردا على تصريحات نتنياهو، التي تعد بمثابة إعلان من أعلى سلطة سياسية في إسرائيل بشأن رغبة تل أبيب في إعادة السيطرة على محور فيلادلفيا الذي تعتقد أنه يسمح بمرور الأسلحة للمقاومة الفلسطينية.

وشنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومين على الأقل منذ يوم 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي على طول الحدود بين مصر وقطاع غزة، بحجة تدمير الأنفاق التي تستخدمها المقاومة لتهريب الأسلحة.

وفي أعقاب العملية العسكرية الأولى، حذّر عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري (المقرب من النظام) عبر منصة إكس، مما أسماه بالتطور الخطير والذي قال إنه "يدفع إلى انفجار الموقف بين مصر وإسرائيل.. الضربات على بعد أمتار قليلة من الحدود المصرية.. العدو يتمادى في مخططاته.. حدود مصر خط أحمر".

الجيش الإسرائيلي يشن هجوما منذ قليل بطول الحدود المصرية الفلسطينية على محور فلادفيا بزعم تدمير الأنفاق بين مصر وغزه . هذا تطور خطير قد يدفع إلي انفجار الموقف بين مصر وإسرائيل الضربات علي بعد أمتار قليله من الحدود المصريه ، العدو يتمادي في مخططاته . حدود مصر خط أحمر

— مصطفى بكري (@BakryMP) December 13, 2023

شماعة إسرائيلية

وأثارت وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخرا مسألة إعادة السيطرة أو شن هجمات على محور "فيلادلفيا"، وكان هذا الأمر مضمون سؤال أحد الصحفيين خلال مؤتمر لوزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت مساء 13 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وتساءل الصحفي "إذا ما كان الضغط الذي تمارسه مصر هو السبب في أن إسرائيل لا تقوم بعملية عسكرية على طول خط فلادلفيا؟".

وأجاب غالانت بأنهم يعملون حسب برنامجهم "وهو برنامج جيد ويتقدم"، مشيرا إلى أنهم يعملون في كل مكان في غزة، ولا يحدد لجيشه ما يجب فعله سوى نفسه، وأنه لا توجد ضغوط على إسرائيل.

وأوضح غالانت أن خط فيلادلفيا هو ضمن اهتمامات واعتبارات الجيش من أجل القضاء على القوة العسكرية التي تهددهم الآن وفي المستقبل، وجعل قطاع غزة منزوع السلاح.

غالانت: لا يحدد لجيش الدفاع ما يجب فعله سوى نفسه (الجزيرة) تصريحات "مأزوم"

مع تكرار الهجوم الإسرائيلي، نقلت قناة القاهرة الإخبارية (المحسوبة على الدولة) عن مصادر مصرية مطلعة، قبل أيام، نفيها ما أورده الإعلام العبري حول بدء الدبابات الإسرائيلية عملية برية من كرم أبو سالم لمحور فيلادلفيا على حدود القطاع مع مصر.

وعسكريا، اعتبر المحلل العسكري وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية اللواء منير حامد أن "تصريحات نتنياهو بالسيطرة على محور فيلادلفيا هي تصريحات المأزوم، ويوجهها للداخل الإسرائيلي، لأن هذا المحور له وضع خاص في اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل، وأي تحرك عسكري هناك سيكون خرقا للبروتوكول العسكري الملحق بمعاهدة كامب ديفيد، ومخالفا أيضا للتفاهمات الأمنية بين البلدين".

وبخصوص خيارات مصر لمواجهة مثل تلك التحركات، أكد في حديثه للجزيرة نت، أن مصر لن تسمح بشن عمليات عسكرية على طول الخط الحدودي من شأنها أن تمس أمنها القومي وهي قادرة على تأمين حدودها، ولن يقدر نتنياهو أن يخرق معاهدة السلام، ويوسّع الجبهات المفتوحة في الشمال والجنوب وزيادة الموقف تأزما.

وبشأن عدم تعليق مصر على تصريحات نتنياهو، أوضح المحلل العسكري أن ما يجري في إسرائيل هو تخبط سياسي وعسكري، "لكن مصر سياستها حكيمة ولديها قدرة على ضبط النفس والالتزام بالقانون الدولي وعدم الانجرار إلى مواقف استفزازية، وفي الوقت نفسه معنية بتأمين حدودها الدولية ضد أي اعتداء أو تجاوز".

ما خيارات مصر للرد؟

سياسيا، يعتبر أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة مصطفى كامل السيد، أن "خروج رغبة إسرائيل في السيطرة على محور فيلادلفيا للعلن هو أمر خطير، وأي تحرك عسكري على طول الشريط الحدودي يعرض معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل للخطر، لأنها تتضمن ملحقا عسكريا يحدد وضع المحور، ولا يسمح بمثل تلك الخطوة، وبالتالي عندما تتحرك إسرائيل عسكريا هناك يعتبر ذلك خرقا لمعاهدة السلام".

ويعتقد السيد أن مصر ستخاطب الإدارة الأميركية بشأن التصريحات غير المسؤولة، وتضعها أمام مسؤولياتها في تنفيذ وحماية معاهدة السلام، ومنها الملحق العسكري الخاص بمحور فيلادلفيا، وهي (أي واشنطن) حريصة على عدم حدوث خرق كبير للاتفاقية في الوقت الذي تسعى فيه لتوسيع معاهدات السلام مع دول المنطقة.

واستبعد السيد أن تقدِم مصر على تجميد اتفاقية السلام لعدة أسباب تتعلق بـ:

استمرار فتح قنوات تواصل مع إسرائيل لوقف الحرب على قطاع غزة. وإدخال مساعدات إنسانية وإغاثية. ولعب دور الوسيط في أي تفاهمات بين حركات المقاومة وإسرائيل. ويقول السيد إن تجميد اتفاقية السلام ليس إعلان حرب، ولكنه يضع مصر في صف العداء لإسرائيل، ويغلّ يدها عن تقديم مساعدات للقطاع. ولفت إلى أن مصر ستضغط دبلوماسيا من أجل منع التدخل العسكري الإسرائيلي في تلك المنطقة، ولا أحد يرغب في أن توضع في موقف تضطر فيه لاستخدام القوات المسلحة إذا تعرض أمنها القومي للخطر.

 

 

"العالم السفلي"

ومحور "صلاح الدين" أو "فيلادلفيا"، هو شريط حدودي عازل يبلغ طوله 14 كيلومترا، يفصل بين الأراضي الفلسطينية بقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء، ويمثل منطقة إستراتيجية أمنية خاضعة لاتفاقية ثنائية مصرية-إسرائيلية، وتتنازع السيطرة عليها 3 قوى هي إسرائيل ومصر وحركة المقاومة الفلسطينية (حماس).

ظهرت المنطقة العازلة أو "محور فيلادلفيا"، التي تعرف فلسطينيا باسم "محور صلاح الدين"، على إثر معاهدة كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل عام 1979، التي نصت على إنشاء منطقة عازلة على طول الحدود بين الطرفين.

تعرف على محور فيلادلفيا التي بدأت إسرائيل تنفيذ توغل بري خلاله#الجزيرة_رقعة #حرب_غزة pic.twitter.com/9ItuQQoi2p

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) December 24, 2023

 

وفي سبتمبر/أيلول 2005، تم توقيع "اتفاق فيلادلفيا" بين إسرائيل ومصر الذي تعتبره إسرائيل ملحقا أمنيا لمعاهدة السلام عام 1979، وتقول إنه محكوم بمبادئها العامة وأحكامها، وبموجب هذا الاتفاق انسحبت إسرائيل من محور "فيلادلفيا" وسلمته مع معبر رفح إلى السلطة الفلسطينية.

في نهاية عام 2013، أحكمت السلطات المصرية قبضتها على المنطقة الحدودية، وبنت جدارا فولاذيا قالت إن الهدف منه منع تسلل "المسلحين" و"المتطرفين" إلى أراضيها، وفي وقت لاحق حفرت قناة عرضية من ساحل البحر شمالا حتى معبر رفح جنوبا، لإقامة منطقة حدودية عازلة تمتد لنحو 5 كيلومترات بهدف القضاء على أنفاق محور "فيلادلفيا".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: على محور فیلادلفیا بین مصر وإسرائیل معاهدة السلام السیطرة على على طول

إقرأ أيضاً:

جيش الاحتلال يشتكي من نقص الذخائر ويريد هدنة في غزة

بدأت أصوات كبار جنرالات جيش الاحتلال بالتعالى، مطالبة بهدنة قريبة للقتال في قطاع غزة، بسبب نقص الذخائر، وحالة الإرهاق التي يعاني منها جنود الاحتلال.

وتزداد الفجوة بين قادة الجيش من جهة، والحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو من الجهة الأخرى، بشأن طريقة التعامل مع الحرب في قطاع غزة، فبينما يصر نتنياهو على "تحقيق النصر المطلق"، يرى الجنرالات أن هذا الهدف أصبح مستحيلا مع دخلو الحرب شهرها التاسع.

وقال الكاتب الإسرائيلي، بصحيفة "نيويورك تايمز"، رونين بيرغمان، إن قادة الجيش يضغطون نحو هدنة للقتال، حتى لو بقيت حركة حماس في السلطة في الوقت الحالي، وذلك في توجه وقناعة جديدة، تشي بتآكل أهداف الحرب بشكل كبير.


تاليا نص مقال رونين بيرغمان:
يريد كبار جنرالات إسرائيل بدء وقف إطلاق النار في غزة حتى لو أبقى ذلك حماس في السلطة في الوقت الحالي، وهو ما يزيد من الفجوة بين الجيش ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي عارض هدنة تسمح لحماس بالبقاء على قيد الحياة في الحرب.

ويعتقد الجنرالات أن الهدنة ستكون أفضل وسيلة لتحرير حوالي 120 إسرائيليًا ما زالوا محتجزين – سواء كانوا أحياء أو أمواتًا – في غزة، وفقًا لمقابلات مع ستة من المسؤولين الأمنيين الحاليين والسابقين.

ويرى الجنرالات – الذين يفتقرون إلى التجهيزات اللازمة لمزيد من القتال بعد أطول حرب لإسرائيل منذ عقود – أيضًا أن قواتهم بحاجة إلى وقت للتعافي في حالة اندلاع حرب برية ضد حزب الله – الميليشيا اللبنانية التي تخوض قتالًا منخفض المستوى مع إسرائيل منذ تشرين الأول/ أكتوبر – حسبما قال العديد من المسؤولين.

ومن الممكن أيضًا أن تجعل الهدنة مع حماس من الأسهل الوصول إلى اتفاق مع حزب الله؛ وفقًا للمسؤولين، ومعظمهم تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لكونهم يناقشون مسائل حساسة تتعلق بالأمن. وقال حزب الله إنه سيستمر في ضرب شمال إسرائيل حتى توقف إسرائيل القتال في قطاع غزة.

وتتشكل القيادة العسكرية الإسرائيلية المعروفة بشكل جماعي باسم منتدى هيئة الأركان العامة من حوالي 30 من كبار الجنرالات، بما في ذلك رئيس أركان الجيش الفريق هرتسي هاليفي، وقادة الجيش والقوات الجوية والبحرية، ورئيس الاستخبارات العسكرية.


ويعكس موقف الجيش الإسرائيلي بشأن وقف إطلاق النار تحولًا كبيرًا في تفكيره خلال الأشهر الأخيرة مع تزايد وضوح رفض نتنياهو صياغة خطة لما بعد الحرب أو الالتزام بها. وقد أدى هذا القرار بشكل أساسي إلى خلق فراغ في السلطة في القطاع أجبر الجيش على العودة والقتال في أجزاء من غزة التي كان قد أخلاها بالفعل من مقاتلي حماس.

وقال إيال حولاتا، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في إسرائيل حتى بداية السنة الماضية، والذي يتحدث بانتظام مع كبار المسؤولين العسكريين: “الجيش الإسرائيلي يؤيد بالكامل اتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار”.

وأضاف حولاتا: "إنهم يعتقدون أن بإمكانهم دائمًا العودة ومواجهة حماس عسكريًا في المستقبل. إنهم يدركون أن التوقف في غزة يجعل تهدئة التوترات في لبنان أكثر احتمالًا؛  حيث إن لديهم ذخائر أقل وقطع غيار أقل وطاقة أقل مما كان لديهم من قبل، لذا فهم يعتقدون أيضًا أن التوقف في غزة يمنحنا المزيد من الوقت للتحضير في حالة اندلاع حرب أكبر مع حزب الله". 

وليس من الواضح إلى أي مدى عبّرت قيادة الجيش الإسرائيلي عن آرائها لنتنياهو في الجلسات الخاصة، ولكن كانت هناك تلميحات عن الإحباط في العلن، بالإضافة إلى إحباط رئيس الوزراء من الجنرالات.

ورفض مكتب نتنياهو التعليق على هذا المقال، وفي بيان بعد نشر المقال عبر الإنترنت، أكد نتنياهو على أن إسرائيل لن تنهي الحرب "إلا بعد تحقيق جميع أهدافها، بما في ذلك القضاء على حماس وإطلاق سراح جميع الرهائن".

ويتخوف نتنياهو من قبول هدنة تُبقي على حماس في السلطة لأن هذا الاحتمال قد يؤدي إلى انهيار تحالفه الحكومي، الذي قال بعض أعضائه إنهم سيغادرون التحالف إذا انتهت الحرب دون هزيمة حماس.

وحتى فترة قريبة؛ كان الجيش يؤكد علنًا أن من الممكن تحقيق الهدفين الرئيسيين للحكومة في الحرب: هزيمة حماس وإنقاذ الرهائن الذين أسرتهم عليهم حماس وحلفاؤها خلال الهجوم الذي وقع في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل. أما الآن؛ فقد خلصت القيادة العسكرية العليا إلى أن الهدفين غير قابلين للتوفيق بينهما، بعد عدة أشهر من بداية الشكوك لدى الجنرالات.

ومنذ اجتياح غزة في تشرين الأول/ أكتوبر، تغلبت إسرائيل تقريبًا على جميع كتائب حماس واحتلت معظم القطاع في بعض مراحل الحرب، لكن لا يزال ما يقرب من نصف الرهائن الـ250 الذين أُخذوا إلى غزة في تشرين الأول/ أكتوبر في الأسر، وتخشى القيادة العليا أن المزيد من العمليات العسكرية لتحريرهم قد تعرض حياة الآخرين للخطر.

ومع رفض نتنياهو علنًا الالتزام باحتلال غزة أو نقل السيطرة إلى قادة فلسطينيين بديلين، يخشى الجيش الإسرائيلي من حرب طويلة الأمد تستنزف طاقته وذخيرته تدريجيًا بينما يظل الرهائن محتجزين وزعماء حماس طلقاء. وفي مواجهة هذا السيناريو؛ يبدو أن إبقاء حماس في السلطة في الوقت الحالي مقابل استعادة الرهائن هو الخيار الأقل سوءًا بالنسبة لإسرائيل، حسبما قال حولاتا، واتفق مع ذلك أربعة مسؤولين كبار تحدثوا بشرط عدم الكشف عن أسمائهم.


وعندما طُلب من الجيش التعليق على ما إذا كان يدعم الهدنة، أصدر بيانًا لم يتطرق مباشرةً إلى السؤال، وقال البيان إن الجيش يعمل “وفقاً لتوجيهات المستوى السياسي على تحقيق أهداف الحرب”، بما في ذلك تدمير “قدرات حماس العسكرية والحُكمية، وعودة الرهائن وعودة المدنيين الإسرائيليين من الجنوب والشمال بأمان إلى منازلهم”.

وبعد نشر هذا التقرير، أصدر الجيش بيانًا مماثلًا ردًا عليه، متجنبًا مسألة دعمه لوقف إطلاق النار مرة أخرى، ولكن في بيانات ومقابلات أخرى أجريت مؤخراً، أعطى القادة العسكريون تلميحات علنية حول ما توصلوا إليه بشكل سري.

وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانيال هاغاري في مقابلة تلفزيونية في 19 حزيران/يونيو: “أولئك الذين يعتقدون أننا نستطيع أن نجعل حماس تختفي مخطئون، حماس فكرة، حماس حزب سياسي، إنها متجذرة في قلوب الناس”، وفي انتقاد مبطن للسيد نتنياهو، قال الأدميرال هاغاري إن الإيحاء بغير ذلك هو “ذرّ الرمال في عيون الجمهور”.

وأضاف: “ما يمكننا القيام به هو إقامة شيء آخر، شيء يحل محلها، شيء يجعل السكان يعرفون أن هناك من يوزع الطعام، شخص آخر يقدم الخدمات العامة، من هو هذا الشخص! وما هو هذا الشيء! هذا ما يقرره صناع القرار”. 

وحاول الجنرال هاليفي، رئيس هيئة الأركان، في الآونة الأخيرة التباهي بإنجازات الجيش، فيما قال بعض المحللين إنها محاولة لخلق ذريعة لإنهاء الحرب دون فقدان ماء الوجه.

ومع تقدم القوات الإسرائيلية عبر مدينة رفح جنوب قطاع غزة في 24 حزيران/يونيو، قال الجنرال هاليفي إن الجيش “يقترب بوضوح من النقطة التي يمكننا القول فيها إننا فككنا لواء رفح، أي أنه هزم، ليس بمعنى أنه لم يعد هناك المزيد من الإرهابيين، ولكن بمعنى أنه لم يعد بإمكانه العمل كوحدة قتالية”.

ويقدر الجيش الإسرائيلي أنه قتل ما لا يقل عن 14 ألف مقاتل – الجزء الأكبر من قوات حماس ـ لكن المسؤولين يعتقدون أيضًا أن عدة آلاف من مقاتلي حماس لا يزالون طلقاء، مختبئين في أنفاق محفورة في أعماق الأرض تحت سطح غزة، يحرسون مخزونات الأسلحة والوقود والغذاء وبعض الرهائن.


ورفض مكتب السيد نتنياهو التعليق على هذا التقرير، وقال في بيان له يوم الإثنين إن إسرائيل كانت على وشك “القضاء على جيش حماس الإرهابي”، لكنه لم يذهب إلى حد القول إن هذا سيسمح لإسرائيل بإنهاء الحرب في غزة.

وفي مقابلة تلفزيونية نادرة في أواخر حزيران/يونيو، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الاقتراحات القائلة بضرورة إنهاء الحرب، لكنه أقرّ بأن على الجيش أن يخفض وجوده في غزة من أجل “نقل جزء من قواتنا إلى الشمال”.

ووفقاً للمسؤولين العسكريين، فإن هذه الخطوة ضرورية لمساعدة الجيش على التعافي في حال اندلاع حرب أوسع نطاقاً مع حزب الله، وليس لأن إسرائيل تستعد لغزو لبنان قريباً، ومع ذلك فقد أشارت تقارير إخبارية أخرى إلى أن إسرائيل ربما تخطط لغزو في الأسابيع المقبلة.

وبعد مرور ما يقرب من تسعة أشهر على الحرب التي لم تخطط لها إسرائيل، يعاني جيشها من نقص في قطع الغيار والذخائر والدوافع وحتى القوات، حسبما قال المسؤولون.

وتعد هذه الحرب هي أعنف صراع خاضته إسرائيل منذ أربعة عقود على الأقل، وأطول حرب خاضتها في غزة، وفي جيش يعتمد إلى حد كبير على جنود الاحتياط، فإن بعض جنوده يؤدون جولتهم الثالثة منذ تشرين الأول/أكتوبر ويكافحون من أجل تحقيق التوازن بين القتال والتزاماتهم المهنية والعائلية.

ووفقًا لأربعة مسؤولين عسكريين فإن عددًا أقل من جنود الاحتياط يلتحقون بالخدمة، كما يتزايد انعدام ثقة الضباط في قادتهم، وسط أزمة ثقة في القيادة العسكرية دفعها جزئيًا فشلها في منع الهجوم الذي قادته حماس في تشرين الأول/أكتوبر، وفقاً لخمسة ضباط.

وقد قُتل أكثر من 300 جندي في غزة، وهو أقل مما توقعه بعض المسؤولين العسكريين قبل اجتياح إسرائيل للقطاع، لكن أكثر من 4000 جندي أصيبوا منذ تشرين الأول/أكتوبر، وفقًا للإحصاءات العسكرية، وهو ما يعادل 10 أضعاف العدد الإجمالي خلال حرب 2014 في غزة التي استمرت 50 يومًا فقط، ويعاني عدد غير معروف من الآخرين من اضطرابات ما بعد الصدمة.

وبحسب ضابطيْن فإن بعض الدبابات في غزة غير محملة بكامل حمولتها من القذائف التي تحملها عادة؛ حيث يحاول الجيش الحفاظ على مخزونه في حال اندلاع حرب أكبر مع حزب الله، وأكد خمسة مسؤولين وضباط أن الجيش يعاني من نقص في القذائف، كما أنه يفتقر إلى قطع الغيار لدباباته وجرافاته العسكرية وعرباته المدرعة، وفقاً لعدد من هؤلاء المسؤولين.

وقال جميع الضباط، بالإضافة إلى السيد حولاتا، إن إسرائيل لديها ما يكفي من الذخائر للقتال في لبنان إذا ما اعتقدت أنه لا بديل عن ذلك.

وقال هولاتا: "إذا ما تم جرنا إلى حرب أكبر، فلدينا ما يكفي من الموارد والقوة البشرية، لكننا نرغب في القيام بذلك في أفضل الظروف الممكنة، وفي الوقت الحالي، ليست لدينا أفضل الظروف". 

مقالات مشابهة

  • إعلام عبري: حماس طالبت إسرائيل بالانسحاب من محور فيلادلفيا لاستمرار المفاوضات
  • جيش الاحتلال يشتكي من نقص الذخائر ويريد هدنة في غزة
  • الخدمات النيابية تكشف عن "الحل الأمثل" للسيطرة على أسعار العقارات
  • نتنياهو يرد على تقرير نيويورك تايمز ويتمسك بمواصلة حرب غزة
  • من يجبر نتنياهو على وقف الحرب؟
  • هل تتجه إسرائيل لإقامة حكم عسكري في غزة؟
  • نتنياهو: إسرائيل تقترب من القضاء على قدرات حماس العسكرية
  • أولمرت: خطاب نتنياهو أمام الكونغرس ضد مصلحة إسرائيل
  • مكي المغربي: الحرب لن تحسم البتة إلا بالتداول حول خيارات استراتيجية الآن الآن
  • إسرائيل تغلي.. نتنياهو في عين العاصفة