إسرائيل.. نصب واحتيال وانتحال صفات رسمية خلال الحرب على غزة
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
سلّط تحقيق لصحيفة "يديعوت أحرونوت" الضوء على استغلال بعض المحتالين في إسرائيل الحرب الدائرة في غزة لممارسة أنواع من الاحتيال، بما في ذلك ابتزاز كبار السن بحجة استخدام حساباتهم البنكية "لتحويل أموال للإرهاب في غزة"، وانتحال صفة جهات حكومية تقدم المساعدات على خلفية الحرب للحصول على تفاصيل الحسابات البنكية للإسرائيليين، وسرقة أموال بحجة بيع أقراص مدمجة "للمخطوفين"، وانتحال شخصية أقارب المختطفين، وغيرها من صنوف الاحتيال الإلكتروني.
وجاء في التحقيق الذي أعده للصحيفة ليئور أوحانا بعنوان "محتالون وقحون: الأشخاص الذين يستغلون الحرب لارتكاب عمليات احتيال" أنه منذ شهرين، تلقت الرقيب شير بار، المحققة في شرطة منطقة تل أبيب، شكاوى من أنواع لم تواجهها خلال السنوات الثماني التي عملت فيها كمحققة، من قبيل بيع أقراص مدمجة من أجل المختطفين عبر عدة مجموعات واتساب، والتعهد بتحويل الأموال كمساهمة للعائلات، لكن الأموال التي دفعت تختفي.
ونقلت الصحيفة عن الرقيب قولها "أنا أخدم في قسم مكافحة الاحتيال في تل أبيب، حيث تتدفق الجرائم التي تحدث في جميع المناطق"، وتضيف "في نهاية أكتوبر/تشرين الأول، بدأنا نتلقى شكاوى أصابتنا جميعاً بالصدمة. ففي الوقت الذي تقوم فيه الدولة بأكملها بدعم كل من يحارب، وتحتضن أهالي المختطفين، وصلتنا شكاوى في حق أشخاص نشروا رابطا يمكن من خلاله شراء أقراص مدمجة مقابل 40 شيكل، والتبرع لجمعية المختطفين، ثم يختفي الأشخاص، ولا تصل الأقراص أبدا".
وتقول النقيب بار: "لم يكن من السهل الوصول إلى الجناة وكان التحقيق معقدا للغاية، فهم يستخدمون وسائل متطورة".
وأوضحت الصحيفة أن هذه الحالة ليست إلا غيض من فيض لظاهرة تم اكتشافها في الأشهر الأخيرة وهي استغلال ساخر للحرب لارتكاب عمليات احتيال وخداع مواطنين، كانتحال صفة الجهات الرسمية للدولة التي يُزعم أنها تقدم مساعدات حكومية، وصفة بنك إسرائيل وبنوك أخرى، والشرطة والمنظمات المساندة للجيش الإسرائيلي، ونجمة داود الحمراء، والأبرز من هذا كله انتحال صفة المقر الرئيسي للمختطفين.
فقد جرى انتحال شخصية يفعات زايلر، قريبة عائلة محتجزة لدى حماس منذ ما يقرب 3 أشهر، لطلب تبرعات من الناس نيابة عن عائلتها من أجل العمل على عودتهم، وتم تحويل الأمر إلى تحقيق منطقة المركز.
وهذه ليست الحالة الوحيدة، حيث نشرت الصحيفة مجموعة من الحالات التي تعرض فيها أقارب بعض المختطفين لمثل هذا النوع من الاحتيال وقاموا بالفعل بتحويل الأموال.
وتكشف الصحيفة عن أن هناك حالات أخرى لمحتالين يتظاهرون بأنهم أشخاص تم إجلاؤهم من الشمال والجنوب، ويقولون إنهم يواجهون العديد من الصعوبات المالية منذ الحرب ويطلبون المساعدة المالية على منصات التواصل الاجتماعي. وفي مجموعة من الحالات التي تم الكشف عنها مؤخرا، وقع مواطنون في الفخ لأنهم أرادوا التبرع والدعم، وقاموا بتحويل مبالغ تتراوح بين مئات وآلاف الشواكل إلى هؤلاء المحتالين.
كما تنقل الصحيفة عن بعض المسنين الذين لا يجيدون التحدث بالعبرية، روايتهم بشأن تعرضهم لنوع آخر من الاحتيال، وذلك بتقديم المحتالين أنفسهم على أنهم محققون من الشرطة، ثم يستدعونهم ويحققون معهم ويتمكنون من سرقة ما يقرب من مائة ألف شيكل، وذلك بعد تهديدهم بأنهم ضمن قائمة المواطنين الذين يحولون الأموال إلى فلسطين و"دعم الإرهاب".
وتضيف الصحيفة أن هناك نوعا آخر لا يصدق من جرائم الحرب الساخرة هو سرقة الممتلكات من منازل المستوطنين بغلاف غزة، الذين تم إجلاؤهم، أو من منازل عائلات القتلى والمختطفين. وفي هذا السياق اعتقلت في منطقة الجنوب هذا الأسبوع خلية مجرمين من وسط البلاد سرقوا عشرات المركبات من العائلات النازحة في الشهر الأول من الحرب.
وتذكر الصحيفة أن رئيس بلدية ريشون لتسيون، راز كينستليخ، أيضاً كان ضحية انتحال شخصيته بشكل غير مباشر، ففي رسالة أرسلت نيابة عنه قبل بضعة أسابيع، جاء فيها: "أعزائي سكان ريشون لتسيون، أخيرا، وبعد جهد كبير، يحق لكم الحصول على منحة لمرة واحدة من الدولة بمبلغ 1500 شيكل للشخص الواحد ولا يزيد عن 10 آلاف شيكل للعائلة الواحدة، بالإضافة إلى ذلك، يحق لكل عائلة الحصول على بطاقة ائتمانية متعددة الاستخدام برصيد بقيمة 3 آلاف شيكل للتسوق، ويمكن تقديم الطلب من خلال الرابط المرفق بدءا من يوم الأحد. معًا سننتصر، مع أطيب التحيات.. راز كينستليخ"، وأرفق بالرسالة رابط، وبناء عليها أدخل سكان ريشون لتسيون الذين تلقوا المساعدة من البلدية أثناء الحرب، البيانات هذه المرة أيضاً، لكنهم سُلبوا آلاف الشواكل.
وأشارت الصحيفة إلى أن الشخص الذي يتعامل على مدار الساعة مع هذا النوع من الاحتيال، وخاصة بين المواطنين الأكبر سنا، هي عضو الكنيست ميراف كوهين من حزب "هناك مستقبل"، وهي أيضا رئيس اللجنة الخاصة لعلاج الناجين من المحرقة، حيث عقدت اللجنة الأربعاء الماضي اجتماعا بشأن ارتفاع حالات الاستغلال الاقتصادي للناجين من المحرقة وكبار السن بسبب الحرب، وقال ممثلو البنوك والشرطة في الاجتماع إن هناك زيادة في مثل هذه الأعمال الاحتيالية في الأشهر الأخيرة.
وقالت عضو الكنيست كوهين إن هناك زيادة في عمليات الاحتيال وفي خطورتها، "فعندما يكون هناك معتدون يستغلون الخوف والقلق الذي يعيشه الناجون هذه الأيام سيكون من السهل استغلالهم".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: من الاحتیال
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تصعّد حصارها على غزة بقطع الكهرباء وسط تفاقم الأزمة الإنسانية
في خطوة تصعيدية جديدة، ضمن الحرب المستمرة في قطاع غزة، قررت إسرائيل قطع التيار الكهربائي بالكامل عن القطاع، وذلك في محاولة لزيادة الضغط على حركة حماس لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها.
يأتي القرار الذي أعلنه وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، في سياق تشديد الحصار الإسرائيلي على غزة، بعد قطع الإمدادات الإنسانية عن أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون في القطاع.
صرح وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين مساء الأحد، في بيان متلفز، قائلاً: “سوف نستخدم كل الأدوات المتاحة لدينا لإعادة الرهائن، وضمان عدم وجود حماس في غزة في 'اليوم التالي' بعد انتهاء الحرب”.
ويأتي هذا القرار بعد أسبوع من وقف إسرائيل جميع المساعدات الإنسانية عن القطاع، مما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية التي يعاني منها السكان.
من المتوقع أن يؤدي انقطاع التيار الكهربائي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية، خاصة فيما يتعلق بتشغيل محطات تحلية المياه الضرورية لإنتاج مياه الشرب النظيفة، وهو ما قد يؤدي إلى أزمة صحية كارثية.
كما لم تستبعد الحكومة الإسرائيلية قطع إمدادات المياه عن القطاع، ما يهدد بزيادة معاناة السكان.
ردود الفعل الفلسطينية والدوليةأدانت حركة حماس القرار الإسرائيلي، واعتبرته جزءًا من سياسة العقاب الجماعي المفروضة على غزة منذ بدء العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023.
وقال عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحماس: "إعلان قطع الكهرباء عن غزة هو إمعان في ممارسة سياسة العقاب الجماعي بحق أهلنا في القطاع، التي بدأها الاحتلال منذ اليوم الأول لعدوانه على غزة".
وأضاف الرشق أن هذه القرارات الإسرائيلية، التي تشمل “قطع الكهرباء، إغلاق المعابر، وقف المساعدات والإغاثة والوقود، وتجويع شعبنا”، تمثل "جريمة حرب مكتملة الأركان".
من جهته، انتقد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، يوم الجمعة الماضي، الإجراءات الإسرائيلية، معتبرًا أن “أي منع لدخول الإمدادات الضرورية للمدنيين قد يرقى إلى مستوى العقاب الجماعي”.
تداعيات الحرب واستمرار المفاوضاتيأتي هذا التصعيد الإسرائيلي في وقتٍ تتواصل فيه الجهود الدبلوماسية لمحاولة التوصل إلى هدنة جديدة.
وكانت حماس قد اختتمت جولة من المحادثات مع الوسطاء المصريين دون التوصل إلى اتفاق، لكنها أكدت استعدادها لبدء المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار، والتي تتضمن:
- إطلاق سراح بقية الرهائن الإسرائيليين.
- انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
- التوصل إلى اتفاق دائم ينهي الحرب بشكل نهائي.
وبحسب تقارير، تحتجز حماس 24 رهينة على قيد الحياة، إلى جانب جثث 35 رهينة آخرين. وتتهم الحركة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “بتعطيل الاتفاق الذي شهد عليه العالم، محاولاً فرض خارطة طريق جديدة تخدم مصالحه الشخصية” على حساب حياة الرهائن، ودون اكتراث بمطالب عائلاتهم.
مستقبل غزة بعد الحربفي سياق البحث عن حلول مستقبلية، جددت حركة حماس دعمها لمقترح تشكيل لجنة مستقلة من التكنوقراط لإدارة قطاع غزة، لحين إجراء الانتخابات الفلسطينية الرئاسية والتشريعية.
ومن المقرر أن تعمل هذه اللجنة تحت مظلة السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.
إلا أن إسرائيل رفضت أي دور للسلطة الفلسطينية في غزة، ولم تطرح حتى الآن بديلاً واضحًا لكيفية إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب، مما يترك مستقبل الحكم في غزة مجهولًا وسط تصاعد التوترات والمخاوف من استمرار المعاناة الإنسانية لسكان القطاع.