شاهد يروي للجزيرة نت: هكذا اغتال السجانون الأسير ثائر أبو عصب
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
نابلس- ما عاشه الأسير الفلسطيني بنان برهم واقعا أهون عليه مما سمعه بأذنيه، فالتعذيب بالضرب المبرح والتجويع والتعطيش والحرمان من الاستحمام والفراش والغطاء وسط برد شديد، كان محتملا أمام سماع أنين وصرخات قادمة من غرف رفاقه، ثم استشهاد أحدهم.
يقف الأسير برهم (42 عاما) المفرج عنه من سجون الاحتلال قبل أيام، بعد اعتقال دام 16 عاما، كأحد الشاهدين على قتل رفيقه الأسير ثائر أبو عصب (38 عاما) ضربا في 18 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
ويروى برهم للجزيرة نت ما سمعه نصا وحرفا من الأسير هشام طقاطقة، حول حادثة إعدام الأسير أبو عصب، المنحدر من مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية، ليكون أول ناقل للخبر بتفاصيله المروعة التي ظلت طي الكتمان، إلا ما شح منها، وصرَّح به الاحتلال، حول ظروف استشهاد 6 من الأسرى الفلسطينيين قُتلوا داخل معتقلاته منذ الحرب على غزة.
ويقول برهم إنه اهتم بالقصة لنقلها بدقة وبحذافيرها من مصدرها وهو الأسير طقاطقة، "لأني كنت أول الأسرى المفرج عنهم ممن التقى معهم هشام، وبجعبتي تفاصيل تكشف جرائم الاحتلال وتفضحه".
بنان برهم أول من نقل عن رفيق الأسير أبو عصب حادثة استشهاده في السجن (الجزيرة) افتدى الأسرىفي معتقل النقب الصحراوي الإسرائيلي حيث وقع الحدث، لم يكن ذنب الأسير ثائر أبو عصب، وباعتباره ممثلا عن الأسرى في قسمه، إلا أنه سأل الحارس الإسرائيلي "إلى متى سنظل هكذا؟ هل من خبر عن هدنة؟" فرد الحارس، "أنا سآتيك بالجواب".
يقول برهم "شعر ثائر عقب سؤاله البسيط أن شيئا ما سيحصل، وعاد للأسرى رفاقه، واعتذر منهم على ما فعل، وأخبرهم أنه سيجلس بمقدمة الغرفة ليتصدى لأي اقتحام للغرفة".
ويضيف "جاء الجواب بعد نحو 3 ساعات، عبر 19 من الجنود المقنعين والمدججين بالسلاح والهراوات الحديدية والكلاب البوليسية، واقتحموا غرفة ثائر و7 أسرى آخرين، وبعد أن أنهوا عملية العد المذلّة لهم، وتحققوا من اسم ثائر الكامل، أمروا الأسرى بالاستدارة للخلف، ورفع اليدين فوق الرأس وبأن يجلسوا القرفصاء".
وتابع برهم "في الأثناء هاجم الكلب الأسير هشام طقاقطة، وجلس فوق جسده، ثم انهال السجانون على ثائر ورفاقه بالضرب المبرح بالعصي والهراوات الحديدية، ولنحو 20 دقيقة متواصلة، وحينها سقطت يدا ثائر من فوق رأسه، ولم يقدر على رفعها، وشلت حركته بالكامل، بينما غاب الأسرى الآخرون عن الوعي".
وللحظة توقف السجانون وكادوا يخرجون من الغرفة، لكنهم سرعان ما عادوا وباشروا بضرب ثائر مجددا وبعنف أكبر، "ليتأكدوا أنها الضربة القاضية" يضيف برهم.
"وينك يا أمي"ولحسن حظ الأسير طقاطقة أن جلوس الكلب فوقه حماه من ضربات قاتلة، "لأنهم لا يريدون إيذاء الكلب"، فراح يصرخ ويستنجد بالأسرى في الغرفة الثانية محاولا إنقاذ ثائر الذي أصيب باختناق وضيق بالتنفس، وراح يتقلب ويصرخ "وينك (أين أنت) يا أمي".
يواصل برهم ما سمعه "جرَّ ثائر جسده المنهك نحو الأسير طقاطقة، وحاول النهوض ثم صرخ (يا أمي) وسقط أرضا وغاب عن الوعي"، ليجدد طقاطقة استنجاده بالأسرى الذين حاولوا مساعدته بتوجيه النصائح للتعامل مع ثائر.
وبعد حوالي ساعة ونصف وبضغوط من الأسرى، استجاب الحارس وجلب الطبيب، وأخرجوا الأسير ثائر الذي كان قد فارق الحياة.
ووسط ذلك كله، ترك باقي الأسرى في الغرفة وحدهم يصارعون الموت وفاقدين الوعي، وعندما استنجد طقاطقة بالحارس مجددا لإحضار طبيب لهم، رفض وشتمه، وقال له "اذهب وتفقّدهم، ومن تجده على قيد الحياة اتركه، ولغير موت أي منهم لا تستدعني".
وظل الأسرى على حالهم لليوم التالي، حين حضرت الشرطة للتحقيق، وجرى معاينتهم وكأنهم جثث دون أن يقدموا لهم العلاج، بينما ادعت الشرطة وهي تحقق مع طقاطقة بأن شجارا وقع بين الأسرى أنفسهم، وأن ثائر ضحية ذلك، "ودحض طقاطقة ذلك، ودعا للتحقيق وفحص الجثمان المثخن بضربات الهراوات الحديدية".
وفور تحرره، نقل الأسير بنان برهم شهادته حول قتل الأسير أبو عصب لوالدته، لتكون أول من يرد على صرخاته "يا أمي"، وقالت "لم أصدق أن ثائر مات، وأنتظر زياراته، ولن تبرد ناري حتى أراه".
المخفي أعظماعتقل الاحتلال ثائر أبو عصب عام 2005، وحكم عليه بالسجن 25 عاما، وهو أحد الأسرى الـ6 الذين استشهدوا داخل معتقلات الاحتلال خلال فترة العدوان على غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
بينما أشارت وسائل إعلام إسرائيلية إلى استشهاد معتقلين آخرين من غزة في معسكر "سديه تيمان" في بئر السبع (جنوب)، ولكن الاحتلال يرفض الكشف عن مصيرهم.
واتهم ذوو الأسرى الشهداء -في أحاديث سابقة مع الجزيرة نت- سلطات الاحتلال بقتل أبنائهم بعد اعتقالهم وضربهم، لا سيما ذوي الشهيدين عمر دراغمة من مدينة طوباس وعرفات حمدان من رام الله، في حين فتحت إسرائيل تحقيقات للوقوف على ظروف استشهاد بعضهم.
ووثقت المؤسسات الفلسطينية الحقوقية 243 حالة لأسرى استشهدوا داخل سجون الاحتلال منذ احتلال عام 1967، ولا تزال إسرائيل تحتجز جثامين 17 منهم، إحداها جثة الأسير أبو عصب.
وتقول هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطيني أن التحقيق بظروف استشهاد الأسرى، الذي جاء بفعل جهود قانونية لتلك المؤسسات، "ليس لتوخي العدل من الاحتلال، بل لوضع حد لعمليات التّعذيب والتّنكيل التي تصاعدت بحق المعتقلين".
وقفة شعبية تطالب باسترداد جثمان الأسير الشهيد ثائر أبو عصب في مسقط رأسه بمدينة قلقيلية (الجزيرة) قتل مع سبق الإصراروترجح مسؤولة الإعلام في نادي الأسير الفلسطيني أماني سراحنة أن ذهاب إسرائيل لفتح تحقيقات حول استشهاد الأسرى "لتتفادى وصول الملف للمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي إسقاطه محليا".
وتقول سراحنة للجزيرة نت "هناك نية مبيتة وتوجّها لدى حكومة الاحتلال لإعدام الأسرى، حيث دعا رؤوسها لإقرار القوانين لذلك، لكنهم بالواقع يطبقون الإعدام دون قانون، ويتصرفون بمنطق الانتقام".
وتضيف سراحنة "بعد 7 أكتوبر لم تعد أولوية المؤسسات الحقوقية التركيز على مصطلحات كالإهمال الطبي أو التعذيب لتوصيف استشهاد الأسرى، فقد أصبح لدى الاحتلال قرار بإعدام الأسرى، وأن كل من يستشهد منهم بعد هذا التاريخ فهو بسبب القتل".
وتضيف أنهم لم يعودوا يتعاملون مع جسم اسمه "منظومة إدارة السجون"، وإنما مع أشخاص يتفننون بإدارة المعتقلات "بشهوة الانتقام".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الأسیر أبو عصب ثائر أبو عصب الأسیر ثائر الأسرى فی
إقرأ أيضاً:
انتهاكات الاحتلال لا تتوقف| الكنيست يقر قانونا بترحيل الفلسطينيين واحتجاز الأطفال.. وخبير: إساءة لحقوق الإنسان
أثار قانون جديد أقره الكنيست الإسرائيلي جدلًا واسعًا بعد أن منح وزير الداخلية صلاحيات لترحيل أقارب الفلسطينيين المتهمين بأعمال "إرهابية" وفق تصنيف إسرائيل، كما تضمن القانون أحكامًا بالسجن على أطفال فلسطينيين تقل أعمارهم عن 14 عامًا في قضايا تتعلق بالمقاومة.
قانون الكنيست الإسرائيليوتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من القوانين التي يعكف الكنيست ذو الأغلبية اليمينية على إقرارها مؤخرًا، وسط إدانات حقوقية ودولية، ويعتبر القانون بمثابة تصعيد في السياسات الإسرائيلية تجاه فلسطينيي الداخل، إذ يهدف، بحسب ما يرى محللون، إلى خلق بيئة من الضغوط النفسية والاجتماعية على العائلات الفلسطينية.
وحسب القانون، يحق لـ وزير الداخلية الإسرائيلي سلطة ترحيل أقارب منفذي العمليات ضد إسرائيل، الذين يزعم أنهم كانوا على علم بالخطة دون منعها، لمدة تصل إلى 20 عامًا، مع إمكانية الترحيل إلى قطاع غزة أو وجهة أخرى، ويشمل القانون أيضًا ترحيل أي قريب يُظهر تعاطفًا أو دعماً علنيًا للعمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، سواء عبر تصريحات أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
كما وافق الكنيست على أمر مؤقت، يسمح للمحاكم الإسرائيلية بسجن الأطفال الفلسطينيين تحت سن 14 عامًا في قضايا تتعلق بعمليات "إرهابية"، إذ قد يُسجن الأطفال في حال إدانتهم بمحاولة قتل أو تنفيذ عملية لصالح جماعة تعتبرها إسرائيل إرهابية.
الكنيست يصادق على قانون لطرد أقارب منفذي الهجمات في إسرائيل اهتمام البابا تواضروس بتعميق العلاقات.. زيارة مطران الكنيسة الأرمنية لـ القبطية بقبرص|صوروتفاوتت ردود الفعل بين انتقادات حقوقية داخلية ودولية، واعتبرت منظمات حقوق الإنسان القانون قمعيًا ويهدف إلى إضعاف الروابط العائلية وتكميم الأفواه المعارضة، فيما رأت أطراف داخل إسرائيل أن القانون جاء بهدف "ردع الإرهاب" على حد تعبيرهم.
وتظل التساؤلات قائمة حول مدى نجاح القانون في تحقيق أهدافه الأمنية المزعومة، بينما يخشى البعض من تفاقم التوترات بين فلسطينيي الداخل والسلطات الإسرائيلية.
وفي إطار ردود الفعل على القوانين التي أقرها الكنيست الإسرائيلي مؤخرًا، قال الدكتور محمد محمود مهران، خبير القانون الدولي، إن قوانين الكنيست الإسرائيلي الجديدة التي تسمح بترحيل أقارب الفلسطينيين المتهمين بأعمال ضد الاحتلال واحتجاز الأطفال دون سن 14 عامًا، جزء من سلسلة انتهاكات تمارسها سلطة احتلال غير شرعية، مستندًا إلى رأي محكمة العدل الدولية التي اعتبرت الاحتلال الإسرائيلي غير مشروع، مما يجعل هذه التشريعات باطلة من منظور القانون الدولي.
وأشار مهران في تصريحات لـ "صدى البلد"، إلى أن قانون ترحيل عائلات الفلسطينيين إلى غزة أو "وجهات أخرى" يمثل انتهاكًا للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر العقوبات الجماعية وتدابير التهديد والإرهاب، وهذا القانون يعدّ خرقًا واضحًا لحقوق الأشخاص المحميين، الذين لا ينبغي معاقبتهم على جرائم لم يرتكبوها.
قانون احتجاز الأطفال الفلسطينيينكما شدد الخبير على أن قانون احتجاز الأطفال الفلسطينيين يخالف المواثيق الدولية، مشيرًا إلى أن المادة 37 من اتفاقية حقوق الطفل تحظر احتجاز الأطفال بشكل تعسفي، مؤكدا أن احتجاز الأطفال في قضايا "ذات طابع إرهابي" يعتبر انتهاكًا صارخًا للمعايير الدولية لعدالة الأحداث وحقوق الطفل.
وطالب المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم ضد هذه الانتهاكات، مطالبًا بتفعيل دور المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم، مؤكدًا أن استمرار هذه السياسات يمثل تهديدًا للأمن والسلم الدوليين.
في هذا السياق، كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين عن تصعيد خطير في أساليب تعامل جنود الاحتلال مع الأسرى الفلسطينيين في مراكز التوقيف، خاصة في مركز "عتصيون"، مما يشكل انتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان، وسط نداءات من عائلات الأسرى لحمايتهم.
وفد جماعة عمانوئيل يزور السفير البابوي بمصر وبعض مطارنة الكنيسة الكاثوليكية من الصيدلة الي الرهبنة.. الكنيسة تحتفل بعيد ميلاد البابا تواضروس وذكرى القرعة الهيكليةوأوضحت الهيئة أن الأساليب المستخدمة مؤخرًا تهدف لإلحاق أضرار جسدية ونفسية بالأسرى، حيث يتم إحضارهم للزيارات بأيدٍ وأرجل مقيدة، وأعين معصوبة، مع تغطية رؤوسهم بأكياس بلاستيكية تضغط على الفم والأنف وتعيق التنفس، ومعظم الأسرى الذين تمت زيارتهم كانوا يحملون آثار تعذيب وكدمات واضحة.
وفي ظل تزايد الانتهاكات، ناشدت عائلات الأسرى حركة حماس للعمل على تحرير الأسرى بأي طريقة، معربة عن قلقها من أن هذه الانتهاكات قد تؤدي إلى تراجع فرص الإفراج عنهم، خاصة مع استمرار تدهور أوضاعهم داخل السجون الإسرائيلية.