تحديات اقتصادية تواجه أمريكا في 2024.. هل تتمكن من الهبوط الناعم؟
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
نشرت مجلة "الإيكونوميست" تقريرًا تناولت فيه تحديات اقتصادية تواجه الولايات المتحدة في عام 2024، متسائلة عما إذا كانت البلاد ستتمكن من تحقيق هبوط ناعم، وذلك في ظل الضغوط المتزايدة بما في ذلك ارتفاع معدل التضخم وتقلبات الأسواق المالية.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إنه لم يحدث قط منذ سنة 1945 أن انخفض معدل التضخم السنوي من أكثر من 5 بالمئة إلى أقل من 3 بالمئة، دون حدوث ركود في وقت الخريف أو خلال الثمانية عشر شهرًا اللاحقة.
وأوضحت أن المتنبئين المحترفين الذين شملهم استطلاع رأي بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا يقولون إنه في نهاية سنة 2024، سيبلغ التضخم السنوي الرئيسي 2.5 بالمئة، في حين أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سينمو بنسبة 1.7 بالمئة على مدار السنة - وهو ما يتماشى تقريبًا مع اتجاهه على المدى الطويل، وتبتهج الأسواق المالية باحتمال حدوث مثل هذا "الهبوط الناعم".
وأشارت المجلة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي كان يحارب التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة منذ آذار/ مارس 2022. وعادة ما يؤدي تشديد السياسة النقدية إلى الركود لأن تثبيط الاقتصاد يشبه إلى حد كبير تفريغ البالون؛ فمن الصعب القيام بذلك بلطف. كانت هناك حالات لم يؤد فيها ارتفاع أسعار الفائدة إلى تراجع، كما حدث في منتصف الثمانينيات وأواخر التسعينيات (وأوقات أخرى حيث تدخلت الأحداث، مثل جائحة كوفيد - 19)، لكن في تلك المناسبات، لم يصل التضخم إلى أي مستويات مماثلة للمستويات المرتفعة التي وصل إليها في سنة 2022. إن قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بهذه السرعة في سنتي 2022 و2023 من شأنه أن يجعل الهبوط الناعم أكثر استثنائية.
وتساءلت: متى سيتضح أن الاقتصاد قد هبط؟ مبينة أنه تتم مراجعة بيانات التضخم بشكل أقل من البيانات الاقتصادية الأخرى، وبالتالي فإن تحقيق بنك الاحتياطي الفيدرالي لهدفه من المحتمل أن يحدث على مرأى من الجميع. ونظرًا لندرة وصول معدل التضخم إلى 2 بالمائة على وجه التحديد، سيكون من العدل الإعلان عن تحقيق الهدف في حالة انخفاض معدل التضخم الرئيسي السنوي والتضخم الأساسي السنوي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، إلى أقل من 2.5 بالمائة على مؤشر الأسعار المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، والذي يرتفع بشكل أبطأ قليلًا من مؤشر أسعار المستهلك، بحسب المجلة.
وذكرت المجلة أن معدل التضخم الأساسي في أمريكا قد ارتفع، في الأشهر الثلاثة الماضية، بمعدل سنوي بلغ 2.2 بالمائة فقط. وإذا استمر ذلك؛ فإن المقياس السنوي سينخفض إلى أقل من 2.5 بالمائة في شباط/ فبراير. فمن دون ارتفاع أسعار النفط على سبيل المثال، ربما يكون التضخم الإجمالي عند الهدف أيضًا.
وبينت أنه من الصعب الحكم على المعيار الآخر للهبوط الناعم ــ تفادي الانكماش ــ حيث يميل الركود إلى الإعلان عنه بعد فترة طويلة من حدوثه. ففي الماضي؛ كان المؤشر الحقيقي الأكثر موثوقية الذي يبدأ به المرء هو "قاعدة السهم". ويتم تحفيزه عندما يرتفع المتوسط المتحرك لمدة ثلاثة أشهر لمعدل البطالة بمقدار 0.5 نقطة مئوية مقابل أدنى مستوى له خلال السنة السابقة. وحددت القاعدة كل حالة ركود أمريكي منذ سنة 1960، دون أي نتائج إيجابية زائفة. وارتفعت البطالة اليوم بنسبة 0.3 نقطة مئوية عن أدنى مستوى لها في منتصف سنة 2023.
ووفق المجلة، من الممكن أن تنهار قاعدة "السهم" هذه المرة؛ حيث كانت أسواق العمل متشددة بشكل استثنائي منذ تفشي الوباء. وسيكون من الطبيعي أن يرتفع معدل البطالة قليلًا. وحذرت كلوديا سهم، التي اخترعت القاعدة، من أنها مشوهة بسبب عودة الأشخاص الذين غادروا أثناء الوباء إلى القوى العاملة، وهو الأمر الذي يدفع معدل البطالة إلى الارتفاع حتى في غياب تسريح العمال.
ولكن في هذه الحالة، ستطلق القاعدة دعوة غير صحيحة للركود، بدلًا من تفويت فرصة الانكماش، فإذا حقق الاحتياطي الفيدرالي هدف التضخم دون تفعيل قاعدة "سهم"، فسيكون من الآمن الإعلان عن هبوط الطائرة.
وأشارت إلى أن الأمر لم يكن ليتوقف؛ ففي أوائل الخمسينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي، حدثت حالات الركود بعد سنة ونصف كامل تقريبًا من انخفاض التضخم. ولم يكن صناع السياسات قد انتهوا من تعديل الضوابط. وأشار بنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه في كانون الأول/ ديسمبر إلى أنه يتوقع خفض أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية في سنة 2024.
وأضافت المجلة أنه الاحتياطي الفيدرالي يريد تخفيف السياسة النقدية جزئيًا لأنه يعتقد أن نقطة الراحة الطبيعية لأسعار الفائدة أقل من مستواها الحالي. وإذا كان مخطئًا؛ فإن تخفيضات أسعار الفائدة سوف تكون بمثابة حافز غير مبرر، وسوف يتسارع التضخم من جديد. وستظل السياسة المالية أيضًا تنظر إلى وضع الأزمة، نظرًا للعجز الأساسي الهائل في أميركا، والذي وصل إلى 7.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2023. إن قطع هذا بشكل كبير يمكن أن يضر.
واختتمت تقريرها قائلة إن السبب الآخر للحذر هو أن الحديث عن الهبوط الناعم غالبا ما يحدث قبل حدوث الركود مباشرة. وذلك في دورات العمل العادية. ومنذ ظهور الجائحة كان أداء المتنبئين سيئًا؛ حيث قللوا من تقديرات النمو، وحتى وقت قريب، التضخم. إن اعتقادهم الآن بأن الهبوط الناعم قادم هو خبر سار، ولكن لا تصدق ذلك حتى تراه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي تحديات اقتصادية اقتصاد امريكا تحديات المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بنک الاحتیاطی الفیدرالی الهبوط الناعم أسعار الفائدة معدل التضخم أقل من
إقرأ أيضاً:
تحديات عاجلة تواجه سورية الجديدة
كان متوقعا وطبيعيا أن تواجه الدولة السورية الجديدة اعتداءات مسلحة داخلية وتحركات عدائية أخرى خارجية ترمي إلى إسقاطها، من خلال زرع الفتن وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية؛ لإدخال البلاد نحو الفوضى وبالتالي تهديد السلم الأهلي، ولكن من غير الطبيعي وغير المتوقع أن تكون هذه الاعتداءات وهذه التحركات بهذا التناغم وبهذه السرعة والقوة والاتساع والدعم العلني الإقليمي لهذه التحركات.
لقد راعهم انتصار ثورة شعبية على أعتى الأنظمة الغاشمة الديكتاتورية المتأصلة منذ عقود، وراعهم خسارة نفوذهم واستباحتهم للأرض السورية ومقدراتها، فعملوا على إجهاضها بشتى الوسائل ومن مختلف الأطراف، بيد أن هؤلاء افتقدوا الرؤية الصحيحة لواقع الأمر في سوريا، ولم يدركوا معنى التضحيات التي بذلها الشعب السوري ثمنا لحريته وكرامته، وماهية احتضانه لهذه الثورة، ودفاعه المستميت عنها.
راعهم انتصار ثورة شعبية على أعتى الأنظمة الغاشمة الديكتاتورية المتأصلة منذ عقود، وراعهم خسارة نفوذهم واستباحتهم للأرض السورية ومقدراتها، فعملوا على إجهاضها بشتى الوسائل ومن مختلف الأطراف، بيد أن هؤلاء افتقدوا الرؤية الصحيحة لواقع الأمر في سوريا، ولم يدركوا معنى التضحيات التي بذلها الشعب السوري ثمنا لحريته وكرامته، وماهية احتضانه لهذه الثورة، ودفاعه المستميت عنها
وكان أبرز ما واجهته القيادة السورية الجديدة من تحديات: التوغل الإسرائيلي لمناطق وبلدات الجنوب السوري، تحت حججٍ وذرائع واهية هدفها تهديد الدولة، وفرض واقع جيوسياسي تمهيدا لفرض شروط سياسية جديدة غير تلك التي وقعها النظام السابق في اتفاقية فصل القوات عام 1974، وتجسيدا للعقيدة الصهيونية القائمة على التوسع والعدوان، ولإحراج النظام الجديد وطنيا أمام شعبه ومؤيديه؛ مما أعطى الفرصة للمناوئين، وشجع مجموعات أخرى للتحرك ضد هذه الدولة الفتية، ورفض مبدأ احتكار السلاح بيد الدولة، وخاصة ما حدث في الجنوب السوري تحديدا في الصنمين والسويداء وفي بلدة جرمانا بريف دمشق. ويأتي في هذا الإطار أيضا رفض "قوات قسد" الانضواء تحت راية النظام الجديد، ونبذ النزعة الانقسامية والانفصالية. لكن أخطر هذه التحديات كان استغلال فلول النظام المخلوع في الساحل كل ما سبق، وإعلان تحركهم بتشكيل مجلسٍ عسكري يضم رموز الإجرام في النظام البائد، أبرزهم رئيس المخابرات الجوية السابق اللواء إبراهيم حويجة، والعميد سهيل الحسن (النمر) المدعوم روسيا والعميد غياث دلّا وآخرون قاموا باستهداف المشافي والمباني الحكومية، ومهاجمة الكلية البحرية في اللاذقية، والاستيلاء على الكلية الحربية في جبلة، ونصب الكمائن في ريفي اللاذقية وطرطوس، وأسر نحو 50 من رجال الأمن العام، والسيطرة على بعض المناطق والشوارع؛ مستغلين وعورة التضاريس في المناطق الجبلية والأحراش ووجود حاضنة طائفية لهم كما يزعمون.
ولقد كان لعدم قدرة قوات وزارة الدفاع السورية والأمن العام في بسط سيطرتهم على كامل الأرض السورية نتيجة لهشاشة الوضع الأمني، وانشغال الدولة بالحصول على الشرعية الإقليمية والدولية تمهيدا لرفع العقوبات عن الشعب السوري، وانهماكها أيضا بتحقيق الاستقرار الداخلي وإنهاء الفوضى، وإنجاز التسويات لمنتسبي النظام السابق؛ دور في هذه الفجوة الأمنية الكبيرة.
إن الإرث الثقيل من الفساد والتدمير الكبير للبنى التحتية والخدمية، وضعف المعالجة الحقيقية للحاجات اليومية للمواطن السوري، والبطء في محاسبة مجرمي النظام المخلوع، وبقاء الكثير من مكونات الشعب السوري والقوى السياسية خارج إطار العملية السياسية في البلاد، وعدم إشراكها في قيادة الدولة، كل ذلك يضاف إلى الأسباب، والعوامل السابقة. وهناك ثمة عاملٌ آخر هو التربص الإقليمي لبعض الأطراف للعمل على إخفاق وإفشال هذه الثورة التي قضت على نفوذ هذه الأطراف والأحزاب المليشياوية، وعطلت مشاريعها القائمة على حساب الدم السوري، ووقف نهب مقدرات الشعب السوري.
إن محاولة هؤلاء ضرب السلم الأهلي وإثارة الفتن والنعرات الطائفية والمذهبية والعرقية يهدف إلى إفشال الدولة وإسقاط الثورة، ويهدف أيضا إلى البحث عن نفوذ جديد يعيد لهم ما خسروه، وإعادة تواجدهم في الساحة السورية لإعادة إنتاج نظامٍ جديدٍ موالٍ لهم كون هذه الفئات لا خيار لها سوى الدفاع عن وجودها وحياتها، لأن ما تواجهه إما الوقوع بقبضة العدالة أو الموت في ساحة المواجهة. من جانب آخر، إن استخدام فلول النظام السابق من أسلحة حديثة نوعية متوسطة وثقيلة لم تكن موجودة سابقا ضمن تسليح الجيش السوري إبان النظام المخلوع؛ هو إشارة أكيدة على تلقي هذه المجموعات دعما وتدريبا وتسليحا إقليميا خاصة من إيران، كما أشار إلى ذلك مسؤولو الإدارة السورية الجديدة، وكما وصفت إيران تحرك هذه الفلول تحت مسمى "قوات المقاومة الشعبية"، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية.
ما حدث من تطورات في الآونة الأخيرة، أظهر التفاف الجماهير السورية حول الدولة السورية الجديدة وحمايتها وأعطت قيادتها الشرعية الحقيقية في مواجهة كل دعوات التقسيم والانقسام والانفصال والفدرلة، وذلك من خلال التظاهرات التي اجتاحت الساحات الرئيسة للمدن السورية في دمشق وحلب وحماة وإدلب وحمص، واندفاع هذه الجماهير لمناطق الاشتباكات للمشاركة في مواجهة فلول النظام البائد
إن النجاح في مواجهة هذه التحديات يتطلب من الإدارة السورية الجديدة القيام بأمورٍ عديدة منها: تفعيل الحوار الأهلي والمجتمعي مع المكونات المختلفة للشعب السوري، ونبذ خطاب الكراهية والتحريض على الانتقام والثأر وصيانة وحدة النسيج السوري، خاصة في الساحل والجنوب السوري؛ لتفويت الفرصة على مثيري الفتن المذهبية والطائفية، والإسراع في وضع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري موضع التنفيذ، وكذلك إعادة تقييم التعامل مع "قوات قسد الديمقراطية" واتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من كونها جسرا لإمداد المجموعات الخارجة عن القانون بالعتاد والسلاح الإيراني، أيضا الإسراع في عملية محاسبة مجرمي النظام الساقط وتقديمهم إلى العدالة انتصارا للآلاف من ضحايا القتل والقمع، وإعادة النظر بطريقة المعالجة الأمنية والعسكرية المتّبعة مع تزايد خطر الكمائن من قبل المجموعات الخارجة عن القانون وتأمين المدنيين؛ وهذا بدوره يتطلب إحكام السيطرة على المناطق الجبلية والأحراش التي يتمركز فيها أزلام ورموز النظام السابق وملاحقتهم، وبسط سلطة الدولة على كافة أجزاء سوريا، وحصر استخدام وامتلاك السلاح بيد الدولة، وإخضاع كافة المجموعات المسلحة لدولة القانون لتجنب التدخلات الإقليمية وتهديد سلطة الدولة، وأخيرا، العمل على التوصّل إلى تفاهماتٍ واضحة دقيقة لإنهاء القواعد العسكرية الأجنبية خاصة الروسية منها، ووضع حد للانتهاكات الإسرائيلية ضد الأراضي السورية وسيادة الدولة.
إن ما حدث من تطورات في الآونة الأخيرة، أظهر التفاف الجماهير السورية حول الدولة السورية الجديدة وحمايتها وأعطت قيادتها الشرعية الحقيقية في مواجهة كل دعوات التقسيم والانقسام والانفصال والفدرلة، وذلك من خلال التظاهرات التي اجتاحت الساحات الرئيسة للمدن السورية في دمشق وحلب وحماة وإدلب وحمص، واندفاع هذه الجماهير لمناطق الاشتباكات للمشاركة في مواجهة فلول النظام البائد؛ مما شكل عنصرا قويا لتثبيت دعائم الدولة الجديدة وتجديد انتصار ثورة الحرية والكرامة السورية.
لذلك كما قال وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني: "إن ما جرى لا يمكن أن ينجح في دولة جيشها هو الشعب ذاته".
[email protected]