نشرت مجلة "الإيكونوميست" تقريرًا تناولت فيه تحديات اقتصادية تواجه الولايات المتحدة في عام 2024، متسائلة عما إذا كانت البلاد ستتمكن من تحقيق هبوط ناعم، وذلك في ظل الضغوط المتزايدة بما في ذلك ارتفاع معدل التضخم وتقلبات الأسواق المالية.

وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إنه لم يحدث قط منذ سنة 1945 أن انخفض معدل التضخم السنوي من أكثر من 5 بالمئة إلى أقل من 3 بالمئة، دون حدوث ركود في وقت الخريف أو خلال الثمانية عشر شهرًا اللاحقة.



وأوضحت أن المتنبئين المحترفين الذين شملهم استطلاع رأي بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا يقولون إنه في نهاية سنة 2024، سيبلغ التضخم السنوي الرئيسي 2.5 بالمئة، في حين أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي سينمو بنسبة 1.7 بالمئة على مدار السنة - وهو ما يتماشى تقريبًا مع اتجاهه على المدى الطويل، وتبتهج الأسواق المالية باحتمال حدوث مثل هذا "الهبوط الناعم".

وأشارت المجلة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي كان يحارب التضخم عن طريق رفع أسعار الفائدة منذ آذار/ مارس 2022. وعادة ما يؤدي تشديد السياسة النقدية إلى الركود لأن تثبيط الاقتصاد يشبه إلى حد كبير تفريغ البالون؛ فمن الصعب القيام بذلك بلطف. كانت هناك حالات لم يؤد فيها ارتفاع أسعار الفائدة إلى تراجع، كما حدث في منتصف الثمانينيات وأواخر التسعينيات (وأوقات أخرى حيث تدخلت الأحداث، مثل جائحة كوفيد - 19)، لكن في تلك المناسبات، لم يصل التضخم إلى أي مستويات مماثلة للمستويات المرتفعة التي وصل إليها في سنة 2022. إن قيام بنك الاحتياطي الفيدرالي برفع أسعار الفائدة بهذه السرعة في سنتي 2022 و2023 من شأنه أن يجعل الهبوط الناعم أكثر استثنائية.

وتساءلت: متى سيتضح أن الاقتصاد قد هبط؟ مبينة أنه تتم مراجعة بيانات التضخم بشكل أقل من البيانات الاقتصادية الأخرى، وبالتالي فإن تحقيق بنك الاحتياطي الفيدرالي لهدفه من المحتمل أن يحدث على مرأى من الجميع. ونظرًا لندرة وصول معدل التضخم إلى 2 بالمائة على وجه التحديد، سيكون من العدل الإعلان عن تحقيق الهدف في حالة انخفاض معدل التضخم الرئيسي السنوي والتضخم الأساسي السنوي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقة المتقلبة، إلى أقل من 2.5 بالمائة على مؤشر الأسعار المفضل لدى الاحتياطي الفيدرالي، والذي يرتفع بشكل أبطأ قليلًا من مؤشر أسعار المستهلك، بحسب المجلة.

وذكرت المجلة أن معدل التضخم الأساسي في أمريكا قد ارتفع، في الأشهر الثلاثة الماضية، بمعدل سنوي بلغ 2.2 بالمائة فقط. وإذا استمر ذلك؛ فإن المقياس السنوي سينخفض إلى أقل من 2.5 بالمائة في شباط/ فبراير. فمن دون ارتفاع أسعار النفط على سبيل المثال، ربما يكون التضخم الإجمالي عند الهدف أيضًا.



وبينت أنه من الصعب الحكم على المعيار الآخر للهبوط الناعم ــ تفادي الانكماش ــ حيث يميل الركود إلى الإعلان عنه بعد فترة طويلة من حدوثه. ففي الماضي؛ كان المؤشر الحقيقي الأكثر موثوقية الذي يبدأ به المرء هو "قاعدة السهم". ويتم تحفيزه عندما يرتفع المتوسط المتحرك لمدة ثلاثة أشهر لمعدل البطالة بمقدار 0.5 نقطة مئوية مقابل أدنى مستوى له خلال السنة السابقة. وحددت القاعدة كل حالة ركود أمريكي منذ سنة 1960، دون أي نتائج إيجابية زائفة. وارتفعت البطالة اليوم بنسبة 0.3 نقطة مئوية عن أدنى مستوى لها في منتصف سنة 2023.

ووفق المجلة، من الممكن أن تنهار قاعدة "السهم" هذه المرة؛ حيث كانت أسواق العمل متشددة بشكل استثنائي منذ تفشي الوباء. وسيكون من الطبيعي أن يرتفع معدل البطالة قليلًا. وحذرت كلوديا سهم، التي اخترعت القاعدة، من أنها مشوهة بسبب عودة الأشخاص الذين غادروا أثناء الوباء إلى القوى العاملة، وهو الأمر الذي يدفع معدل البطالة إلى الارتفاع حتى في غياب تسريح العمال.

ولكن في هذه الحالة، ستطلق القاعدة دعوة غير صحيحة للركود، بدلًا من تفويت فرصة الانكماش، فإذا حقق الاحتياطي الفيدرالي هدف التضخم دون تفعيل قاعدة "سهم"، فسيكون من الآمن الإعلان عن هبوط الطائرة.

وأشارت إلى أن الأمر لم يكن ليتوقف؛ ففي أوائل الخمسينيات وأوائل السبعينيات من القرن الماضي، حدثت حالات الركود بعد سنة ونصف كامل تقريبًا من انخفاض التضخم. ولم يكن صناع السياسات قد انتهوا من تعديل الضوابط. وأشار بنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه في كانون الأول/ ديسمبر إلى أنه يتوقع خفض أسعار الفائدة بمقدار ثلاثة أرباع نقطة مئوية في سنة 2024.

وأضافت المجلة أنه الاحتياطي الفيدرالي يريد تخفيف السياسة النقدية جزئيًا لأنه يعتقد أن نقطة الراحة الطبيعية لأسعار الفائدة أقل من مستواها الحالي. وإذا كان مخطئًا؛ فإن تخفيضات أسعار الفائدة سوف تكون بمثابة حافز غير مبرر، وسوف يتسارع التضخم من جديد. وستظل السياسة المالية أيضًا تنظر إلى وضع الأزمة، نظرًا للعجز الأساسي الهائل في أميركا، والذي وصل إلى 7.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنة المالية 2023. إن قطع هذا بشكل كبير يمكن أن يضر.

واختتمت تقريرها قائلة إن السبب الآخر للحذر هو أن الحديث عن الهبوط الناعم غالبا ما يحدث قبل حدوث الركود مباشرة. وذلك في دورات العمل العادية. ومنذ ظهور الجائحة كان أداء المتنبئين سيئًا؛ حيث قللوا من تقديرات النمو، وحتى وقت قريب، التضخم. إن اعتقادهم الآن بأن الهبوط الناعم قادم هو خبر سار، ولكن لا تصدق ذلك حتى تراه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد دولي تحديات اقتصادية اقتصاد امريكا تحديات المزيد في اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد دولي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة بنک الاحتیاطی الفیدرالی الهبوط الناعم أسعار الفائدة معدل التضخم أقل من

إقرأ أيضاً:

كرتونة رمضان في مصر تواجه أزمة غير مسبوقة بعد ارتفاع أسعارها 100%

القاهرة- في ركن من أركان مجمع تجاري كبير بالقاهرة، حيث تتراص كراتين رمضان ذات الأحجام المتنوعة، توقفت سيدتان لتفحص محتويات كل كرتونة بعناية فائقة، وتقارنان الأسعار مع التدقيق في أدق التفاصيل.

لم تكن نظراتهما نظرات المتبرعين المعتادة، بل نظرات ربات بيوت حريصات على كل قرش. كانتا تحسبان مدى الوفرة في كل كرتونة، لا لتوزيعها على المحتاجين، بل لتخزينها في بيوتهما، كأن الغلاء هذا العام قد قلب الموازين.

وتواجه مبادرات "كرتونة رمضان" أو "شنطة رمضان" في مصر أزمة غير مسبوقة، حيث قفزت تكلفة الكرتونة الواحدة بأكثر من 100% مما أدى إلى تراجع واضح في مكوناتها وفي توزيعها على الأسر الفقيرة.

وفي ظل ارتفاع معدلات التضخم وتراجع قيمة العملة المحلية منذ آخر تعويم في مارس/آذار 2024، أصبحت التغيرات على "كرتونة رمضان" تعكس أزمة اقتصادية عميقة تهدد روح الشهر الكريم، في وقت تشتد فيه الحاجة إلى التضامن الاجتماعي.

رمزية "حقيبة رمضان" مهددة

وبالتزامن مع قرار البنك المركزي المصري تحرير سعر صرف الجنيه من نحو 31 جنيها إلى 51 جنيها للدولار بنسبة هبوط حوالي 60%، قفزت الفائدة 6% دفعة واحدة ما بين 27.25% و28.25%، وارتفع التضخم إلى أكثر من 33%.

كرتونة رمضان أحد مظاهر التكافل الاجتماعي في شهر رمضان بمصر (الجزيرة)

وتعد "كرتونة رمضان" شكلا من أشكال التكافل الاجتماعي الذي اعتاده المصريون وتقليدا سنويا حيث يتم توزيعها على الأسر المحتاجة خلال الشهر المبارك، في أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان بأكثر من 107 ملايين نسمة.

إعلان

وتحاول "كرتونة رمضان" الاحتفاظ برمزيتها في ظل تراجع مكوناتها وارتفاع أسعارها، وتحتوي عادة على بعض المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والزيت والسكر والمعكرونة، بالإضافة إلى بعض المواد الأخرى مثل التمر والفول والشاي والصلصة.

وزادت الأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد من حاجة أكثر من 30 مليون مواطن مصري تحت خط الفقر، وفق آخر إصدار للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء لبحث الدخل والإنفاق السنوي في 2019-2020.

وبلغ معدل الفقر 29.7%، لكن منذ ذلك التاريخ لم ينشر الجهاز أي إصدار جديد، إذ كان المفترض صدوره نهاية كل عامين، في حين تشير تقديرات مستشارة الجهاز هبة الليثي إلى أن نسبة الفقر ارتفعت لتصل إلى 35.7% في عام 2022-2023.

وترجح بعض التوقعات زيادة هذه النسبة منذ تحريك الحكومة المصرية سعر صرف الجنيه 4 مرات منذ فبراير/شباط 2022، بالتزامن مع ارتفاع معدلات التضخم إلى أرقام قياسية غير مسبوقة.

تأثير الأزمة على الجمعيات الخيرية

لم يقتصر أثر الأزمة الاقتصادية على أسعار ومكونات "كراتين رمضان"، بل امتد إلى تراجع أعداد الكراتين الموزعة على الفقراء في عموم البلاد بنسبة أكثر من 30%، وفقًا لصحف ومواقع محلية.

تتكون كرتونة رمضان من سلع أساسية مثل الأرز والزيت والمعكرونة (الجزيرة)

وكشف مسؤول في التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي (أكبر تحالف للمنظمات والجمعيات الخيرية في مصر تحت إشراف الدولة) أن خطة التحالف خلال شهر رمضان تتضمن توزيع أكثر من 4.5 ملايين كرتونة، لتلبية احتياجات الأسر من المواد الغذائية الأساسية.

وأوضح حاتم متولي نائب رئيس الأمانة الفنية للتحالف، في تصريحات صحفية، أن التحالف يعمل على تلبية احتياجات المواطنين، وتحقيق التكافل الاجتماعي، وتعزيز مظلة الحماية المجتمعية خلال الشهر الكريم.

ورغم عدم وجود إحصاءات رسمية دقيقة لأعداد الكراتين الموزعة من قبل الجمعيات الخيرية أو التحالف نفسه، فإن التقديرات تشير إلى أن هذا الرقم يقل بنحو 33% عن توزيع 6 ملايين كرتونة مواد غذائية في شهر رمضان 2023.

إعلان بدائل "كرتونة رمضان"

كشف رئيس جمعية الكوكب المنير للتنمية ممدوح كوكب عن "تراجع واضح في عمل الجمعية خلال شهر رمضان على خلاف كل عام لأسباب تتعلق بارتفاع أسعار جميع السلع الغذائية من ناحية، وتراجع قدرات المصريين على التبرع من ناحية أخرى".

وأوضح، في حديثه للجزيرة نت، أن ارتفاع الأسعار انعكس على مكونات كرتونة الخير وجعلتها أصغر حجما أو أغلى سعرا وأقل عددا في كلا الحالتين، مما يؤثر بالطبع على خريطة توزيع حقائب رمضان وبالتالي أصبحت تكفي عدد أيام أقل من المعتاد.

وأشار كوكب، الذي تعمل جمعيته في محافظة سوهاج بصعيد مصر وهي إحدى أفقر المحافظات المصرية، إلى أنه نظرا لتراجع عدد المتبرعين وانخفاض مبالغ التبرعات قرر أن يوزع المساعدات نقدا، لكنه أشار إلى أن عمل التحالف الوطني للعمل الأهلي أصبح هو الجهة الأقدر على تقديم المساعدات.

تغير إستراتيجية المتبرعين

وقال رئيس جمعية "مواطنون ضد الغلاء" محمود العسقلاني إن "إستراتيجية المتبرعين في إعداد شنطة رمضان تغيرت في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية تحت وطأة انخفاض الجنيه وتراجع قيمة الدخول وزيادة معدلات التضخم".

ارتفاع الأسعار أثر بالسلب على مكونات كرتونة رمضان (الجزيرة)

وأوضح، في تصريحات للجزيرة نت، أن الاهتمام أصبح يتركز على النوعية أكثر من الكم مثل اختيار السلع الأساسية كالزيت والأرز والمكرونة والصلصة، واستبدال ياميش رمضان الغالي واختيار البلح الأرخص ثمنا، مشيرا إلى أن المتبرعين قادرون على التكيف مع تغيرات في الأسعار.

كما رأى العسقلاني أن روح العطاء في شهر رمضان لن تتأثر بشكل كبير بارتفاع معدلات التضخم. إلا أنه لفت إلى أن الأزمة الاقتصادية قد أحدثت خللاً في التركيبة الاجتماعية، مما دفع بعض أفراد الطبقة المتوسطة إلى اللجوء إلى شراء كراتين رمضان للاستخدام الشخصي كنوع من التوفير.

مقالات مشابهة

  • تحليل: توجهات اقتصادية تظهر انخفاضا ملموسا للتضخم في 2025
  • استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.0%
  • “الإحصاء”: استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.0% خلال شهر فبراير 2025
  • استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.0% خلال فبراير 2025
  • بنك المغرب يتجه نحو تثبيت سعر الفائدة وسط استقرار التضخم
  • معدل التضخم يبقى عند 2% بسبب ارتفاع الإيجارات
  • إعلام عبري: التصعيد العسكري بين أمريكا والحوثيين سيمتد لفترة طويلة
  • كرتونة رمضان في مصر تواجه أزمة غير مسبوقة بعد ارتفاع أسعارها 100%
  • "الجميع سيعاني"..لاغارد تحذر من تداعيات اقتصادية جراء سياسات ترامب التجارية
  • تحديات خطيرة تواجه إزالة الركام في غزة