هل يؤثر الإنترنت الفضائي في إيران على الصراع السياسي؟
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
طهران- رغم أن قضايا الإنترنت تُصنف ضمن القطاع التقني، فإنها في إيران تأخذ بُعدا سياسيا، لا سيما بعد حملة التقييد التي واجهها القطاع الرقمي في إيران، إثر الاحتجاجات الأخيرة التي اندلعت سبتمبر/أيلول 2022، نتيجة وفاة الفتاة مهسا أميني في أثناء اعتقالها من قبل شرطة الأخلاق والآداب في العاصمة طهران.
ووفق آخر إحصائية لموقع "سبيد تست" تتعلق بشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2023، تحتل سرعة إنترنت الهاتف المحمول في إيران مرتبة 75 من إجمالي 145 بلدا حول العالم، وفي تصنيف الموقع ذاته، تأتي سرعة الإنترنت الثابت في إيران في المرتبة 154 من إجمالي 181 بلدا.
أعلنت وسائل إعلام إيرانية أنه بالتزامن مع اختتام المؤتمر العالمي للاتصالات الراديوية (WRC-23) في دبي، تم التوقيع على القواعد الإقليمية لإيران من قبل الرئيس التنفيذي لشركة "ياه كليك"، لإعداد الأنشطة القانونية لهذه الشركة، لتقديم خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في إيران.
ويعتقد الخبير في الإنترنت محمد كِشوَري أن وصول الإنترنت الفضائي إلى إيران لن ينعكس على الصراع الدائر بين الأطراف السياسية داخل البلاد، بشأن هامش حرية التعبير والوسائل المستعملة في هذا الاتجاه، موضحا أن الإنترنت الفضائي مساحته صغيرة جدا، بحيث إنه لا يمكنه التأثير ولعب دور في هذا المجال.
ويوضح كشوري أن الإنترنت في إيران والعالم يعتمد على التغطية الأرضية، مشيرا إلى السعر المرتفع للأجهزة الداعمة للإنترنت الفضائي، وأن الإنترنت الفضائي يستخدم في الأماكن النائية فقط.
ويوضح الخبير أن المهم في الإنترنت الفضائي هو خدمة ستارلينك، إذ أرسلت الجهات المسؤولة في إيران خطابا رسميا إلى إيلون ماسك، وطلبت منه تزويد إيران بخدمة ستارلينك في إطار القيود التي تحددها إيران، وفي هذه الحال، لن تكون ستارلينك مختلفة عما هو موجود الآن.
إنترنت الألياف الضوئيةويتابع كشوري قائلا إن الإنترنت الفضائي لن يؤثر كثيرا في تحسين الإنترنت، وإن ما يؤثر في هذا المجال هو إنترنت الألياف الضوئية، الذي تسعى وزارة الاتصالات إلى تنميته، في ظل برنامجها لتوصيل إنترنت الألياف الضوئية إلى 20 مليون بيت، وقد أوصلته حتى الآن إلى 5 ملايين بيت.
وأعلن وزير الاتصالات الإيراني أنه خلال العامين الماضيين، تم توفير القدرة لأكثر من ضعف احتياجات البلد من الإنترنت، وأضاف أن "من بين الإجراءات المتخذة تخصيص ترددات جديدة لمشغلي الهواتف المحمولة، الأمر الذي أدى إلى زيادة تغطية الهاتف المحمول من 86% إلى 92%، وقد أتاح هذا التحسن في التغطية اتصالات أسهل وأفضل للمواطنين".
وأعلن الوزير أنه تم التخطيط لتمكين جميع الناس في المستقبل القريب من استخدام الألياف الضوئية بسرعة 100 ميغابت في الثانية.
الخامس من حيث السعروفي سياق منفصل، وجدت أبحاث "الجودة الرقمية للحياة" أنه لا توجد علاقة واضحة بين القدرة على تحمل تكاليف الإنترنت ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
فعلى سبيل المثال، تحتل إيران مرتبة منخفضة من حيث نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ولكن وفقا لتقرير شركة "سيرف شارك" العام الماضي، فهي تمتلك خامس أكثر اتصال بالإنترنت بأسعار معقولة في العالم.
وبالمقارنة، تتمتع الدانمارك بارتفاع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، وتحتل المرتبة السابعة في القدرة على تحمل تكاليف الإنترنت.
وحسب مؤشر جودة الحياة الرقمية لعام 2023، الذي نشرته "سيرف شارك"، وهو مسح للرفاهية الرقمية في 121 دولة تمثل 92% من سكان العالم، فإن إيران تأتي كما يلي:
الترتيب العالمي في مؤشر الجودة الرقمية: 95 (مؤشر 0.34) تصنيف القدرة على تحمل تكاليف الإنترنت: 68 (مؤشر 0.14) تصنيف جودة الإنترنت: 104 (مؤشر 0.27).المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الإنترنت الفضائی الألیاف الضوئیة فی إیران
إقرأ أيضاً:
التشخيص عبر الإنترنت.. هل يُغنيك تيك توك عن زيارة الطبيب النفسي؟
إذا كنت تعاني من مشكلة صحية غير محددة، فالمعتاد أن تذهب إلى الطبيب ليُجري التشخيص. على الأقل، هذا ما كان يحدث في الماضي. أما اليوم، في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، فقد أصبح التشخيص الذاتي -وخصوصا فيما يخص الأمراض النفسية- أمرا شائعا.
على منصات مثل تيك توك وإنستغرام، يشارك الأشخاص تجاربهم في تشخيص أنفسهم باضطرابات مثل الوسواس القهري وفرط الحركة وتشتت الانتباه "إيه دي إتش دي" (ADHD) أو التوحد، علما بأن التوحد ليس مرضا نفسيا. ويصف كثيرون أعراضهم ويسردون معاناتهم، ويشجع بعضهم الآخرين على فعل الشيء نفسه.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2في انتظار تقدير لا يأتي.. "متلازمة تيارا" التي تصيب النساء في العملlist 2 of 2الضوضاء البيضاء.. تساعد على النوم ولكنها خطيرة وضارةend of listتم تداول موضوعات الصحة النفسية على وسائل التواصل الاجتماعي منذ فترة. حيث يقوم مرضى -من بينهم مؤثرون ومشاهير لديهم جمهور واسع- بنشر مقاطع فيديو يتحدثون فيها عن اضطراباتهم، كما ينشر علماء النفس والمعالجون النفسيون محتوى متخصصا في مجالاتهم.
سواء كان الأمر يتعلق بفرط الحركة أو التوحد أو الاكتئاب أو غير ذلك، فإن نتائج البحث ذات الصلة تظهر سريعا عبر الإنترنت، وأحيانا يكفي تمرير سريع على الشاشة لتظهر تلك المحتويات.
يرى المعالج النفسي المقيم في برلين، أوموت أوزدمير، وهو أيضا كاتب ومحاضر وناشط على وسائل التواصل، أن مساهمة وسائل التواصل في كسر وصمة العار حول الأمراض النفسية بين الشباب تُعد أمرا إيجابيا.
إعلانويقول: "في بعض الأحيان لا يدرك الشخص أنه قد يعاني من مرض نفسي حتى يرى شيئا ما على وسائل التواصل".
ويضيف: "عليك أولا أن تدرك أنك لا تشعر كما يشعر الآخرون، وأن ما كنت تعتقد أنه طبيعي ليس طبيعيا على الإطلاق"، مشيرا إلى أنه إذا لم يكن لديك شكوك، فلن تفكر أصلا في زيارة معالج نفسي.
على سبيل المثال اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه "إيه دي إتش دي"، يقول أوزدمير إن الإحصائيات تشير إلى أن عدد الحالات المشخصة في ازدياد، ليس لأن الاضطراب أصبح أكثر شيوعا، بل لأن الناس أصبحوا أكثر دراية بأعراضه: "الناس أصبح لديهم الآن فرصة للتثقيف الذاتي، ومن خلال وسائل التواصل أيضا".
ويضيف أن عددا متزايدا من الأشخاص يأتون إلى عيادته وهم يظنون أنهم يعانون من حالة نفسية ما. ويقول: "هذا يدل على أنهم يطرحون الأسئلة الصحيحة ولا يتجاهلون الأمر"، لكنه يشدد على أن التشخيص النهائي يجب أن يصدر عن مختص، فالتشخيص الذاتي غالبا ما يكون عرضة للخطأ.
ويتابع: "من ناحية، هو تشخيص شخصي وذاتي، ومن ناحية أخرى، يفتقر عادة إلى الخبرة المهنية التي تميز بين التشخيصات المختلفة لأعراض متشابهة".
ولهذا فهو ينتقد الأشخاص الذين يطالبون بمعاملة خاصة بناء على افتراض لم تؤكده جهة طبية متخصصة. ويقول: "في أسوأ الحالات، يمكن أن يتوقف الشخص عند هذا الافتراض ولا يتقدم خطوة إلى الأمام".
ويحذر أيضا الدكتور بوركهارد رودك، الأمين العام للجمعية الألمانية لطب الأطفال والمراهقين "دي جي كي جيه" (DGKJ)، من مخاطر الاعتماد على وسائل التواصل كمصدر للمعلومات الطبية.
ويقول إنه رغم أن وسائل التواصل لا يجب رفضها كمصدر للمعلومات، فإن "المشكلة تكمن في غياب البحث الدقيق، ونادرا ما يتم التمييز بين الحقائق والآراء".
ويضيف أن المراهقين تحديدا يفتقرون إلى الخبرة التي تُمكّنهم من التفرقة بين المعلومة الدقيقة والرأي الشخصي، مشيرا إلى أن هناك مصادر موثوقة -حتى لغير المتخصصين- مثل الجمعيات الطبية والإرشادات الرسمية حول الأمراض.
إعلانكما يوصي أوزدمير بالتعامل النقدي مع مصادر المعلومات، قائلا: "الكثير من الناس ركبوا موجة الاهتمام بالصحة النفسية مؤخرا"، ويضيف: "أشعر أحيانا أننا نعيش في بلد الجميع فيه خبراء نفسيون".
ويشير رودك إلى مشكلة أخرى: "جميعنا نبحث عن المعلومات ونحن منحازون"، أي أننا نميل إلى قراءة ما نود سماعه فقط. ويقول إن "الإدراك دائما ذاتي"، ولهذا فإن وجود شخص محايد وذي خبرة أمر مهم جدا عند التشخيص.
ويضيف: "لكن لا بأس من البحث المبدئي قبل زيارة الطبيب أو المعالج".
ومع تزايد الإقبال على العلاج النفسي، أصبح من الصعب حجز جلسات علاجية. ويقول أوزدمير إن الحصول على موعد أولي -حيث يمكن إصدار تشخيص مبدئي- لا يزال سهلا نسبيا، لكن الدخول في برنامج علاجي قد يستغرق وقتا طويلا.
إذا كان الطفل أو المراهق يعاني بشكل واضح من حالة نفسية مفترضة، ينصح رودك الآباء بالتحدث مع طبيب الأطفال، وهو ما قد يساعد في تقصير فترة الانتظار للحصول على جلسة علاجية.
لكن كلا من رودك وأوزدمير ينتقدان نقص الأماكن المتاحة للعلاج، وهي مشكلة كثيرا ما يُشار إليها عبر وسائل التواصل وقد تكون من أسباب اللجوء للتشخيص الذاتي.
ومن العوامل الأخرى التي تدفع البعض لتصديق تجارب "مرضى" على وسائل التواصل، أن البحث العلمي والتشخيصات غالبا ما تركز على فئات محددة. خذ مثلا اضطراب فرط الحركة، الذي كان يُعتقد في السابق أنه مشكلة تخص الأولاد فقط. والآن نعلم أن الفتيات المصابات به يظهرن سلوكيات مختلفة عن الأولاد.
يقول أوزدمير: "أتفهم أن الأقليات يأخذون بعضهم البعض على محمل الجد عندما يقارنون تجاربهم"، لكنه يضيف: "لحسن الحظ هناك تطور في البحث العلمي وهذه الثغرة معروفة".
وفي النهاية، يؤكد أن الأهم بعد التشخيص الذاتي هو الخطوة التالية. "إذا كنت بحاجة إلى علاج، فلن تتمكن من تجنّب تشخيص احترافي".
إعلان