أنهى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسمياً أعمال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان التي أنشئت بقرار من مجلس الأمن لمحاكمة قتلة الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري ورفاقه في تفجير وسط بيروت عام 2005، قبل أن تنجز المهمة كاملة.   وكتب ثائر عباس في" الشرق الاوسط": فالمحكمة، وإن كانت قد أصدرت حكمها التاريخي بحق المتهمين في الجريمة، وهم ثلاثة أعضاء في "حزب الله" ، إلا أنها تركت خلفها ثلاث قضايا أخرى في حال "موت سريري" هي: قضية اغتيال الأمين العام السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، ومحاولتا اغتيال الوزير السابق إلياس المر، والنائب الحالي مروان حمادة.

  فالمحكمة أقفلت في العام 2021، قبل أن تبدأ بالنظر في هذه القضايا التي صدر فيها قرار اتهامي مفصل وحدد موعد انطلاقها في حزيران 2022.   وكان غوتيريش مدد العام الماضي أعمال المحكمة، من دون تمديد مهام القضاة، حتى نهاية العام 2023. وكلف مساعد المدعي العام السابق للمحكمة محمد علي اللجمي إدارة فريق مهمته تنظيم ونقل أرشيف المحكمة إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك.

وأوضح اللجمي لـ"الشرق الأوسط" أن عملية نقل الملفات تمت بشكل كامل، وأن الفريق أنهى المهمة الموكلة إليه بالكامل. وأشار إلى أن ما حصل لا يعني نهاية القضايا التي أنشئت من أجلها المحكمة، فإذا تمكنت السلطات اللبنانية من توقيف أي من الذين أدانتهم المحكمة، سيُعاد تحريك الملف من قبل الأمم المتحدة وأجهزتها المختصة، بعد التشاور مع السلطات اللبنانية المختصة.   لكن اللجمي اعترف بوجود إشكالية قانونية فيما خص الجرائم الثلاث التي لم تنجزها المحكمة (حاوي والمر وحمادة)، موضحاً أن المحكمة طلبت من لبنان رفع اليد عن هذه القضايا وأصدر المدعي العام قراره الاتهامي الذي أقره قاضي الإجراءات التمهيدية، لكنها توقفت عن العمل قبل بدء المحاكمات. وأشار إلى أن لبنان لم يطلب خلال السنة الماضية استعادة هذه القضايا وملفاتها، لكن ثمة إشكالية سوف تطرأ إذا ما فعل، لأن هذا يستوجب موافقة هيئة قضائية من المحكمة، وهذه الهيئة لم تعد موجودة.   رياشي: أنجزت الكثير   لكن نائب رئيس المحكمة السابقة القاضي رالف رياشي رأى أن باستطاعة لبنان تقديم طلب الاسترداد، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة ستنشئ هيئة مؤقتة لمتابعة القضايا الخاصة بالمحكمة، وإن لم تفعل، فهي ستضطر إلى ذلك إذا قدم لبنان طلباً بذلك.   وأبدى رياشي في تصريح إلى "الشرق الأوسط" أسفه لتوقف عمل المحكمة التي "أنجزت الكثير في خدمة العدالة والقضية التي أنشئت من أجلها"، مشدداً على أن "المحكمة أنجزت الأهم بتوصيف الجرم والإشارة إلى الجناة، أما توقيف هؤلاء فليس من صلاحيتها"

ورد على الانتقادات التي وجهها البعض إلى المحكمة لعدم تسمية الفاعل في قضية اغتيال الحريري، بتأكيده أنه "ليس من صلاحيات هذه المحكمة ولا غيرها من المحاكم الدولية تسمية الجهات والمنظمات، لكن المحكمة ذكرت صراحة في قرارها الاستئنافي الجهة التي ينتمي إليها المدانون بالجريمة".   ورأى رياشي أن من واجب الدولة اللبنانية بكل أجهزتها استكمال ما بدأته المحكمة، واستعادة الملايين من الأدلة والملفات للقيام بواجباتها حيال المتضررين من هذه الجرائم، معتبراً أن استنكافها عن القيام بذلك "يضر مبدأ العدالة".   حمادة: أسماء من "العيار الثقيل"   ويبدي حمادة أسفه لما آلت إليه أمور المحكمة، كاشفاً لـ"الشرق الأوسط" أنه بعث قبل أشهر برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة يطلب فيها حفظ أرشيف المحكمة الدولية لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة أو مؤسسة خاصة تعهد إليها حفظ الملفات "حتى لا تقع في أيد معادية تستعملها لتبرير الجرائم التي وقعت، أو تحريف التحقيق". وقال: "لقد اتخذنا خطوات لحفظ سرية التحقيق، فهناك الملايين من الوثائق التي يجب أن تحفظ بسرية تامة". وتحدث حمادة عن أسماء وردت في القرار الاتهامي "من العيار الثقيل" هي في الوقت الحالي من "المحرمات" لكن يجب أن تذكر يوما للتاريخ، خصوصا الأسماء "الرمادية" التي سقطت عنها الملاحقات لأنه لا يجوز قانونا ملاحقة الموتى، الذين صفاهم أعداؤهم أو أصدقاء أصدقائهم.   وأكد حمادة رفضه إعادة قضية محاولة اغتياله إلى لبنان، معلنا أنه يفضل أن "تنام ملفاتها في أدراج الأمم المتحدة على أن يتم قتلها ودفنها في لبنان"، محتفظا بـ"أمل صغير بأن يتم إحياء هذه القضية يوما ومحاسبة الفاعلين".   أحكام المحكمة   وقال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في بيان الأحد، إن "المحكمة الخاصة عقدت جلسات غيابية، وقضت بإدانة 3 أفراد هم سليم جميل عياش، حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، فيما يتعلق بهجوم 14 شباط 2005، وحكمت عليهم بالسجن المؤبد 5 مرات".

وافتتحت المحكمة الخاصة بلبنان في 1 آذار 2009، بناء على طلب تقدمت به الحكومة اللبنانية إلى الأمم المتحدة، وكانت ولايتها الرئيسية هي محاكمة الأشخاص المتهمين بتنفيذ اعتداء 14 شباط 2005. ولم يُصادق على الاتفاق الذي توصل إليه لبنان والأمم المتحدة، وجعلت المنظمة أحكامه نافذة من خلال قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1757.   ووجهت المحكمة اتهامات لأربعة من عناصر "حزب الله" غيابياً، هم عياش ومرعي وعنيسي وأسد حسن صبرا. كما تم توجيه الاتهام إلى القائد العسكري في "حزب الله"، مصطفى بدر الدين، الذي لقي حتفه في سوريا عام 2016. وقالت المحكمة إن "عياش كان مسؤولاً عن مراقبة الرئيس وهو الذي أعد العنصر المادي للتفجير، وأن منفذي الجريمة تركوا أدلة لتضليل التحقيق، واستخدموا شبكات اتصال داخلية وسرية". واعتمدت قضية الادعاء على تحليل المكالمات بين الهواتف الجوالة التي قال إنها استخدمت للتخطيط والتحضير وتنفيذ الهجوم. وقال الادعاء، إنه بعد وقت قصير من الهجوم، شارك مرعي وعنيسي، في توزيع شريط فيديو كاذب يعلن فيه رجل فلسطيني المسؤولية عن الهجوم نيابة عن جماعة أصولية سنية خيالية.   وفي عام 2020، أدانت غرفة المحكمة الخاصة بلبنان، عياش، بخمس تهم، بما في ذلك "ارتكاب عمل إرهابي باستخدام عبوة ناسفة" و"القتل العمد للحريري" بينما تمت تبرئة مرعي وعنيسي، وأسد صبرا من جميع التهم، إذ قال القضاة إنه "لا توجد أدلة كافية لإثبات إدانتهم، بما لا يدع مجالاً للشك".   لكن النيابة العامة قدمت طلبات استئناف ضد تبرئة مرعي وعنيسي خلال عام 2021، وخلصت غرفة الاستئناف إلى أن قضاة المحاكمة "ارتكبوا أخطاءً قانونية تبطل الحكم، وأخطاءً في الوقائع تسببت في إساءة تطبيق العدالة". وأبطلت الغرفة بالإجماع حكمي تبرئة مرعي وعنيسي، وأدانتهما بالتآمر بهدف "ارتكاب عمل إرهابي"، و"الاشتراك في القتل العمد"، و"الاشتراك في محاولة القتل العمد".  

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الأمم المتحدة للأمم المتحدة الأمین العام إلى أن

إقرأ أيضاً:

مصر تدعم الأمين العام للأمم المتحدة بعد الحملة الإسرائيلية المغرضة ضده

أبدت مصر ترحيبها بدعم مجلس الأمن الدولي لأمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مجدده تضامنها الكامل معه في مساعيه لإعلاء قيم ومبادئ الأمم المتحدة وميثاقها.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، السفير تميم خلاف، إن غوتيريش يتعرض"لحملة مغرضة" تشنها إسرائيل عليه، بعد إعلانها مؤخرا اعتباره شخصا غير مرغوب فيه.

 

وجدد المتحدث دعم مصر الكامل وتضامنها مع غوتيريش، الذي انحاز طوال فترة عمله ومسيرته المهنية لميثاق الأمم المتحدة والمبادئ والقيم الأممية النبيلة الداعية لاحترام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتحقيق العدالة واحترام حق تقرير المصير.

 

كما أشاد المتحدث المصري بدور غوتيريش المشهود في دعم السلم والأمن الدوليين ومواقفه الأخلاقية الملهمة التي يدافع عنها بإخلاص وقناعة كاملة سيشهد لها التاريخ.

 

وأول أمس أعلنت إسرائيل أنطونيو غوتيريش شخصا غير مرغوب فيه، وشن وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، هجوما جديدا على الأمين العام للأمم المتحدة.

 

وعلى مدار شهور الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، شنت إسرائيل هجمات متكررة على غوتيريش، بسبب مواقفه من الحرب، ودعوته لإيقافها ومراعاة الوضع الإنساني في غزة، ووصفه مسئولون إسرائيليون بأنه "معاد لإسرائيل".

 

وذكرت الخارجية الإسرائيلية، في بيانها الأربعاء، أن "وزير الخارجية قرر إعلان الأمين العام للأمم المتحدة، شخصية غير مرغوب فيها في إسرائيل ومنع دخوله إلى البلاد"، ووصفت الخارجية غوتيريش بأنه "يكره إسرائيل، ويقدم الدعم للإرهابيين والمغتصبين والقتلة".

 

وزعمت أن التاريخ "سيذكر غوتيريش باعتباره وصمة عار في تاريخ الأمم المتحدة"، مضيفة أن "إسرائيل ستواصل حماية مواطنيها والحفاظ على مكانتها وشرفها الوطني مع أو بدون أنطونيو غوتيريش".

 

وعبرت عدة دول عن دعمها لغوتيريش بعد الهجوم الإسرائيلي، وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية إن "هذه الممارسات إرهاب دولة منظم تمارسه إسرائيل، سلطة الاحتلال غير الشرعي، تجاه المنظمات والشخصيات الأممية، والقامات الدولية كالأمين العام للأمم المتحدة، وكل العاملين بمؤسسات القانون الدولي، والمقررين الخاصين واللجان الدولية ولجان التحقيق".

 

وذكرت أن هذه الحملات تستهدف "تقويض عملهم ومحاولة لثني المنظومة الدولية عن أداء دورها وقيامها بمهامها وفقا للمبادئ والمواثيق الدولية، ولإسكات صوتهم، وهو ما يتناقض مع السياسات والممارسات الإجرامية الإسرائيلية".

مقالات مشابهة

  • غوتيريش يحث على إنهاء الاحتلال لفلسطين والعودة إلى مسار حل الدولتين
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. الأمم اللاحمة
  • الادعاء العام في برلين ينظر في آلاف القضايا المرتبطة بحرب غزة
  • الأمم المتحدة تؤكد: عدد الشهداء المدنيين في لبنان غير مقبول بالمرة
  • عاجل - "غير مقبول".. الأمم المتحدة في إشارة لقتلى لبنان المدنيين
  • الجنائية الدولية تصدر مذكرات اعتقال ضد 6 ليبيين بتهم جرائم حرب
  • مصر تدعم الأمين العام للأمم المتحدة بعد الحملة الإسرائيلية المغرضة ضده
  • أعضاء مجلس الأمن يعلنون دعمهم الكامل للأمين العام للأمم المتحدة
  • رئيس محكمة شمال القاهرة يوافق على طلب المحامين بوجود سيارة إسعاف داخل المحكمة
  • الأمم المتحدة: إعلان إسرائيل غوتيريش شخصًا غير مرغوب فيه قرار سياسي