ما تفسير تسريح جيش الاحتلال 5 ألوية قتالية تعمل في قطاع غزة
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
سرايا - قال خبراء ومحللون إن إسرائيل تتجه تدريجيا نحو مرحلة ثالثة من الحرب على قطاع غزة، بعد الإعلان عن تسريح 5 ألوية قتالية منها لواءا احتياط، مع التأكيد أن تل أبيب فشلت في تحقيق أهداف الحرب المعلنة.
ويعتقد الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، أن تسريح الألوية القتالية تمهيد للانتقال للمرحلة الثالثة بسبب عجز جيش الاحتلال عن الاستمرار بالمعركة والفشل الواضح بتحقيق الأهداف.
وأوضح البرغوثي -خلال برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن إسرائيل فشلت بتحقيق هدفها المركزي بالتطهير العرقي في قطاع غزة كليا أو جزئيا، علاوة على الفشل باستعادة الأسرى واقتلاع المقاومة وبسط السيطرة على أي منطقة دخلتها الدبابات الإسرائيلية.
وأشار إلى أن هناك ارتباكا وتناقضا واضحين لدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحلفائه في اليمين المتطرف، مبينا أن هناك هوة بين الأهداف المعلنة والواقع الذي لا يستطيعون تجاوزه.
ولفت إلى أن إسرائيل تريد إنشاء منطقة عازلة على طول السياج الحدودي مع غزة، والسيطرة أيضا على منطقة وادي غزة، ومحور فيلادلفيا (محور صلاح الدين الحدودي بين مصر وغزة)، مبديا قناعته بأن جيش الاحتلال لن يستطيع تحقيق ذلك بعد فشله بمواجهة المقاومة.
ومع ذلك قال البرغوثي إن الخطر الحقيقي يكمن بمحاولة تنفيذ التهجير الطوعي والتدريجي في غزة من خلال الضغط الاقتصادي وتدمير البنية التحتية للقطاع، مطالبا بقيادة وطنية موحدة لقيادة "المرحلة الأخطر منذ النكبة، وإحباط المخططات الإسرائيلية".
وحول تدخل أميركي محتمل، يعتقد البرغوثي أن الرئيس الأميركي جو بايدن معرض لخسارة منصبه رئيسا للولايات المتحدة، في ظل التحول العارم بالمجتمع الأميركي، مشيرا إلى أنه يسعى لإنقاذ نفسه من خلال الضغط على نتنياهو الذي يواجه خطر السجن بعد نهاية الحرب.
أثمان باهظة
من جانبه، يرى الخبير بالشؤون الإسرائيلية محمد هلسة، أن العامل الاقتصادي حاضر في قرار تسريح ألوية قتالية تعمل في غزة، مبينا أن هناك 220 ألف جندي احتياط يعتبرون مشغلا أساسيا بالاقتصاد الإسرائيلي.
ويلفت هلسة إلى جبهات أخرى مشتعلة في ظل تصاعد التوتر مع حزب الله اللبناني، فضلا عن جبهة الضفة الغربية التي تشهد اقتحامات يومية، مشيرا إلى أن هناك إعادة بناء إستراتيجية المواجهة لأن الأثمان التي تدفعها إسرائيل لم تعد توازي الفائدة المرجوة من زج الجيش داخل غزة.
ويضيف أن الجيش الإسرائيلي يشعر أنه ضحية اعتبارات نتنياهو الشخصية، وبالتالي "قد يبدأ انسحابا تدريجيا إيذانا بالمرحلة الثالثة" خاصة في ظل غياب الرؤية والإستراتيجية حول الخطوة التالية، في ظل مجتمع يدعو لإجراء انتخابات خلال الحرب.
ويبين أن نتنياهو يحكم منذ 16 عاما، وهو معروف بأنه يصنع رأس ماله من خلال افتعال المشاكل إذ لطالما تحدث عن النووي الإيراني وحزب الله وحماس ولم يفعل شيئا، مضيفا أنها جزء من سياسته لإشغال المجتمع الإسرائيلي.
المصدر: وكالة أنباء سرايا الإخبارية
إقرأ أيضاً:
مدير عام الطب الشرعي بغزة: الاحتلال يطمس أدلة تثبت ارتكابه جرائم حرب
غزة- تنشغل مشرحة مجمع الشفاء الطبي هذه الأيام بمعاينة جثث الشهداء الذين اضطر ذووهم لدفنهم خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة داخل باحات المستشفيات وفي أماكن عامة، وذلك تمهيدا لنقلهم إلى المقابر المخصصة لدفن الموتى.
ويتولى الطب الشرعي مهمة استخراج جثث الشهداء والتأكد من هويات أصحابها، وتدوين كل الملاحظات الخاصة بطبيعة الإصابات التي أدت لوفاتهم في إطار استكمال توثيق ملفات الشهداء.
الجزيرة نت أجرت حوارا مع المدير العام للطب الشرعي والمعمل الجنائي في غزة خليل حمادة الذي تحدث عن ظروف العمل الصعبة التي تسببت فيها الحرب الإسرائيلية، وأثر منع قوات الاحتلال إدخال المعدات اللازمة على استكمال مهامهم.
كما رافقت الجزيرة نت المسؤول الطبي حين إتمامه تقرير وفاة مسن فلسطيني فارق الحياة على الفور بعد سماعه نبأ استشهاد أبنائه وأطفالهم عقب تدمير طائرات الاحتلال الحربية منزل العائلة فوق رؤوسهم.
وقال حمادة "هذه الحالة واحدة من مئات جرائم الحرب التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة".
مع انطلاق شرارة الحرب على غزة تكدست عشرات الجثث داخل المشرحة المخصصة لمعاينة الشهداء وتوثيق طبيعة الأسلحة التي اخترقت أجسادهم وما نجم عنها من تهشيم وكسور، وحتى تحول بعضهم إلى أشلاء بسبب تعرضهم للصواريخ بشكل مباشر.
إعلانويركز الأطباء الشرعيون عملهم خلال الحروب على المعاينة الظاهرية للجثث وتوثيقها بالصور التي تكشف الآثار التي تركتها الأسلحة الإسرائيلية على أجساد الضحايا سواء تعرضهم لشظايا صواريخ أو قذيفة دبابة أو طلقات نارية، أو أصابتهم صواريخ الطائرات الحربية بشكل مباشر، مع تدوين جميع المعلومات المتاحة عن هؤلاء الشهداء بما فيها الملابس التي يرتدونها والعلامات المميزة على أجسادهم.
ويقول حمادة إن الأطباء الشرعيين تعرضوا لضغط هائل الأيام الأولى للحرب على غزة، وبقوا على رأس عملهم حتى اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مجمع الشفاء الطبي في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، حينها خرجت المشرحة عن الخدمة قسرا.
وأوضح المدير العام للطب الشرعي أن جنود الاحتلال تعمدوا نثر ملفات معاينة الشهداء في ساحات المستشفى، وتدمير معدات العمل الخاصة بتشريح الجثث، مما زاد من صعوبة عمل الطواقم المختصة بعد انسحاب الآليات التي اقتحمت مجمع الشفاء الطبي مرتين خلال الحرب على غزة.
ويؤكد المسؤول الطبي أن جيش الاحتلال يريد طمس كل الوثائق والأدلة التي تثبت جرائم الحرب التي ارتكبها بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، كما اشتكى من ضعف الإمكانات المخصصة للعمل بسبب تدميرها ومنع ادخال المواد اللازمة لفحص الحمض النووي "دي إن إيه" (DNA) رغم أهميته في التعرف على جثث الشهداء مجهولي الهوية.
ولفت حمادة إلى أن الاحتلال دمر المستلزمات الأساسية لعمل الطب الشرعي من مناشير كهربائية وأجهزة الأشعة، ويمنع إدخال أجهزة فحص السموم.
وأضاف "نعاني من نقص كبير في الكادر البشري، حيث لا يوجد سوى 3 أطباء مختصين فقط في جميع محافظات قطاع غزة، مما زاد الأعباء الملقاة على الطب الشرعي".
وبرز ملف الشهداء مجهولي الهوية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة بشكل لافت، وشكل تحديا للطواقم المختصة التي اتخذت إجراءات يمكن أن تدل عليهم في وقت لاحق، كما يقول مدير عام الطب الشرعي.
إعلانويكمن أولى الإجراءات الخاصة بمجهولي الهوية في توثيق بياناتهم وتصويرها بشكل دقيق من حيث العلامات الظاهرة من شكل وألوان الملابس وحجم الحذاء وارتداء الشهيد أي إكسسوارات (ساعة، خاتم) وما يحمله في ملابسه من أوراق إن وجدت.
ويشمل التوثيق ما أحدثته صواريخ الاحتلال في أجساد الشهداء من كسور في العظام والجمجمة، ومن ثم تعريف الجثث المجهولة برموز، وذلك تمهيدا لتولي لجنة مختصة من وزارة الصحة والدفاع المدني ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية لعملية الدفن وتوثيق أماكنهم لحين تعرف ذويهم عليهم.
ويشير حمادة إلى أن عشرات الجثث لا تزال مجهولة الهوية، ولم يتم التعرف عليها، ويعزو ذلك لعدة أسباب منها استشهاد جميع أفراد العائلة دفعة واحدة، وأخرى تتعلق بانقطاع الاتصالات بين الأهالي في ذروة الحرب وبالتالي لم يعرفوا أماكن ووجهة أبنائهم، كما أن جيش الاحتلال دفن عددا من الشهداء بعد قتلهم، وتحللت أجسادهم قبل العثور عليهم.
وقد استدعت ظروف الحرب القاسية -كما يقول المسؤول الفلسطيني- تشكيل لجنة توثيق الشهداء والمتوفين والمفقودين في قطاع غزة، سيما أن مئات الشهداء لم يتمكن ذووهم من نقلهم للمستشفيات لإصدار شهادات وفاة لهم قبل دفنهم بسبب خطورة الأوضاع الأمنية، مما يستدعي اتباع إجراءات خاصة لتوثيق وفاتهم.
جرائم حرب
وشكلت الجهات الرسمية في غزة لجنة لتوثيق جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي بغزة تمهيدا لملاحقته قانونيا، والعمل وفق نماذج لجمع كافة البيانات اللازمة للمحاكم الدولية.
وشدد حمادة على أن الاحتلال ارتكب جرائم حرب أدت في الكثير من الأحيان إلى تبخر أجساد الشهداء وفقدان جثثهم.
وقال مدير عام الطب الشرعي إن القوة النارية للصواريخ الثقيلة التي أطلقتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على رؤوس الفلسطينيين أدت لتبخر أجساد عدد ممن سقطت الصواريخ عليهم بشكل مباشر.
إعلانوأوضح أن درجة الحرارة المنبثقة عن الصواريخ تصل لآلاف الدرجات المئوية، وتعمل على تفتيت الأشخاص لقطع صغيرة، ومن ثم حرقها كاملا وتبخرها.
وذكر المسؤول ذاته أن الكثير من الحوادث والشهادات التي عايشوها واستمعوا لها أثبتت أن جثث عشرات الشهداء تبخرت ولم يجد ذووهم أثرا لها، مشددا على أن هذه جرائم حرب وإبادة ارتكبتها قوات الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.