موقع النيلين:
2024-12-18@19:40:51 GMT

كرت البرهان الذي لا ينبغي تضييعه

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT


الحرب في بلادنا لم تبُح بكل أسرارها بعد، فما يزال هناك غموضٌ يلف كثيراً من المواقف والوقائع المتصلة بها منذ إنطلاقة شرارتها الأولى وحتى ما تمّ تداوله عن ظهور قائد التمرد في جولة إفريقية قبل أيام، وذلك برغم اجتهادات الصحفيين ومحاولاتهم لفك شفرة الكثير من تلك الأسرار.

□ منذ الأسبوع الأول من الحرب، قال رعاتها الدوليون والإقليميون (الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في الإقليم)؛ إن هذه الحرب ليس فيها طرف منتصر وأن أمدها سوف يطول، وأنها قد تتحول إلى حرب أهلية، وقد يتمدد أثرها السالب إلى الإقليم، وذلك في سياق حيثياتهم للمطالبة والضغط لوقفها عن طريق عقد صفقة بين (الجنرالين) !!

□ والحقيقة أن ما قالوه قد وقع بالفعل، إن لم يكن وقع الحافر على الحافر في صورته العامة، فبما هو قريب منه، فأمد الحرب تطاول خلافاً لتوقعات الكثيرين، ولم يتمكن الجيش السوداني، حتى الآن، من حسم التمرد والقضاء عليه، بل إن مناطق نفوذ التمرد إتسعت لتشمل ولايات دارفور، وبعض ولايات كردفان فضلاً عن ولاية الجزيرة، وما يزال التهديد لبقية الولايات قائماً، ولم يبق مما “حذر” منه الكفلاء – وعملوا على تحقيقه في نفس الوقت – إلاّ إندلاع الحرب الأهلية، التي كانوا ومازالوا يعملون لحدوثها، وأهم أدواتهم في ذلك هي إحداث إنقسام عِرقي وسط القوات المسلحة، وفجوة ثقة بينها وبين بقية أبناء الشعب السوداني، فهم يخططون لكي يفقد الجيش الثقة في قدرته على الحسم العسكري، ويفقد الشعب السوداني الثقة في جيشه، فينهار الجيش وتنهار الدولة!!

□ في طيات محنة سيطرة المتمردين على عاصمة ولاية الجزيرة وتمددهم في بقية أنحاء الولاية، وبعدما عاثوا في الولاية من نهب وقتل وترويع وما مارسوه من إنتهاكات، ظهرت منحة “المقاومة الشعبية” إذ بدون ترتيب يذكر من أية قوة سياسية بدأت قيادات شبابية وشعبية في تنظيم صفوف أهلها في عدد من ولايات السودان، وخاصة في الشمال والشرق والوسط وفي ولاية الجزيرة نفسها وفي كردفان، وإعدادهم للدفاع عن أعراضهم وأموالهم بالتدريب والتسليح، وخاطبت تلك القيادات المجتمعية قيادات الفرق العسكرية في مناطقها لتسليح المستنفرين والإشراف على قيادتهم الميدانية.

□ حتى الآن جاءت استجابة القيادات التنفيذية والعسكرية في مناطق الاستنفار للمقاومة الشعبية متفاوتة وفوق الوسط، وإن كانت في حدود المعقول، ويُستشف من ذلك أن الضوء الذي منحته القيادة العليا للدولة كان ضوءً أصفراً، فالقيادة العسكرية العليا ما تزال – وهذا من باب التحليل – تعطي اعتباراً لما ينصح به كفلاء التمرد ورعاته حين يُقدمون أنفسهم بمدخل الحريص على مصلحة السودان الراغب في أن “لا يتحول الصراع إلى حرب أهلية” !!

□ لقد بات من الواضح أن رعاة التمرد يسابقون الوقت لكي يضعوا حداً للحرب في السودان نظراً لتطورات محلية وأخرى دولية متسارعة، لسنا الآن بصدد الخوض في تفاصيلها، لكنها قد تقلب الموازين في غير صالحهم، وقد جاءت جولة “البو” في عدد من دول الإيغاد في هذا السياق. ولأن الرعاة والكفلاء يخططون لأن تكون كفة التمرد هي الراجحة في أية مفاوضات قادمة، فقد تصاعدت وتيرة الدعم العسكري والمالي للتمرد خلال الشهور القليلة الماضية حتى يستطيع تجنيد أكبر عدد من المقاتلين والمرتزقة وحتى يحصل على تسليح نوعي يحقق له تفوقاً عسكرياً، ولو بشكل غير استراتيجي.

□ وإذا سارت الأمور وفق ما يخطط له رعاة التمرد، فإن قائد التمرد حين يلتقي الرئيس البرهان في اللقاء الذي يجري الإعداد له، سيمد رجليه وربما لسانه ساخراً من المطالبة له بتنفيذ ما سبق وأن وقع عليه في جدة شهر مايو الماضي، وسيصر إصراراً ويلح إلحاحاً على فرض شروطه التي أفشلت جولة مفاوضات جدة الأخيرة وربما زاد عليها !!

□ وعليه وفي ضوء ما تقدم، يتعين على الرئيس البرهان أن لا يفرِّط في كروت القوة التي ما تزال في يده أو تلك التي جاءته منحة من رب كريم، وأعني بذلك نجاح الجيش في الحفاظ على أسلحته الرئيسية في ولاية الخرطوم تحت سيطرته، وتدافع السودانيين إستجابة لنداء المقاومة الشعبية. ولو كنت مكان الرئيس البرهان لما ترددت للحظة في تقديم كل الدعم للمقاومة الشعبية ولاعتبرتها الكرت الرابح – وهي بالفعل كذلك – ولخصصت لها قيادات عسكرية في الخدمة أو من المتقاعدين للإشراف عليها وتنظيم صفوفها ولشجعتها لتصعيد وتيرة عملياتها لردع المتمردين وحرمانهم من تحقيق كسب سياسي عن طريق العمل المسلح.

كتب: السفير العبيد مروح

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

الحرب تعصف بالمتاحف وتلتهم التراث السوداني 

 

أدت الحرب المشتعلة منذ أكثر من 20 شهراً في السودان إلى تدمير بنية المتاحف القومية ومعالم التراث في مدن العاصمة الثلاث بحري وأم درمان والخرطوم، إلى جانب عدد من الولايات التي تشهد نزاعات مسلحة، إذ تعرضت المواقع لأضرار وبعضها ما زال في مرمى الخطر، والآخر بات مكشوفاً في ظل غياب الحماية ويواجه أخطار النهب والتدمير والحريق، وأثر الصراع بشكل مباشر على الموروث الثقافي. 

بورتسودان _ التغيير

وفي الخرطوم تعرض المتحف القومي للتخريب والنهب، بجانب متحف الخليفة عبدالله التعايشي، كما تعرض القصر الجمهوري القديم للتشوية والتدمير الجزئي، بجانب متحف التاريخ الطبيعي والمتحف الحربي

.

تقديرات أولية

كشف وزير الثقافة والإعلام السابق د. جراهام عبد القادر، عن جملة التقديرات الأولية والتي بلغت أكثر من (110) مليون دولار للمباني ومعينات العرض، هذا بخلاف المقتنيات الأثرية التي لا تقدر بثمن لأنها تجسد حضارة البلاد وتاريخها وهي الأهم، وفي ذات السياق ذكر تضرر المتاحف القائمة بالولايات التي دخلتها قوات الدعم السريع.

وأشار عبد القادر إلى أن “تداعيات الحرب أثرت على المتاحف في ولايات لخرطوم والجزيرة وجنوب دارفور وغرب دارفور) بالإضافة لقصف مباني متحف “علي دينار” بالفاشر ومتحف “شيكان بشمال كردفان، وشمل النهب والتدمير بالعاصمة الخرطوم المتحف القومي والمتحف الاثنوغرافيا ومتحف التاريخ الطبيعي ومتحف بيت الخليفة ومتحف القصر ومتحف الفولكلور، بالإضافة للمتاحف الخاصة.

سلسة إجراءات

وعن دور الحكومة في حماية الآثار أوضح جراهام أن الدولة اتخذت سلسلة من الإجراءات عبر هيئة الآثار والمتاحف ورئاسة الوزارء والشركاء لتأمين المتاحف في الولايات الآمنة، وتم تكوين لجان طوارئ بشأن حماية الاثار والتواصل مع الدول والمنظمات ذات الصلة.

نهب وتهريب

وقالت مدير المتحف القومي اخلاص عبد اللطيف، إن متحف السودان القومي قد تعرض لعملية نهب كبيرة، إذ خرجت شاحنات كبيرة محملة بكل مواد الأثرية المخزونة بمتحف السودان القومي، وخروجها عن طريق أم درمان متجهة نحو الغرب ثم توزيعها على مناطق الحدود وخاصة جنوب السودان.

وأشارت إخلاص، إلى تعرض متاحف أخرى للنهب، وكذلك التدمير، منها متحف نيالا بجنوب دارفور حيث تم نهب جميع الممتلكات والمجاميع المتحفية، بالإضافة للأثاث وفترينات العرض، كذلك متحف “الخليفة عبدالله التعايشي” المتعارف باسم بيت الخليفة بأمدرمان، الذي تعرض للسرقة وتدمير أجزاء من المبنى.

وذكرت عبد اللطيف في ذات السياق، إن المجاميع المتحفية ترجع إلى جميع العصور التاريخية القديمة، منذ عصر الحجري وحضارة كرمة ونبتة ومروي وما قبل المسيحية والمسيحية والاسلامية، حيث إن مخازن متحف السودان القومي تعتبر المستودع الرئيسي لكل آثار السودان

التي لا تقدر بقيمة مادية.

ولفتت إلى أن المعروض في المزادات العالمية ليست المواد المسروقة حتى الآن وربما ممتلكات شخصية أو تتبع لأي جهة تم اقتنائها قديماً في فترة الاستعمار.

متحف الخليفة

على صعيد متصل، قال ممثل الهيئة العامة للآثار والمتاحف المكلف جمال محمد زين العابدين، إن المواقع الأثرية بمنطقة أمدرمان غربي مباني هيئة الإذاعة والتلفزيون “بوابة عبدالقيوم” أنها لم تصب بأي ضرر وهي بحالة جيدة، أما “البوردين والطابية “الواقعة على النيل الأبيض وتطل على جزيرة توتي، لم يتمكن الفريق من الوصول إليها نسبة للتوجيهات الأمنية لوجودها بالقرب من النيل.

في ذات السياق قال ممثل هيئة الآثار إن عمليات النهب التي وقعت “بمتحف الخليفة” متمثلة في تعريض مبانيه وتكسير دواليب العرض وسرقة أهم آثاره، من قبل “قوات الدعم السريع” ومن أهم الآثار التي سرقت “سيف الإمام محمد أحمد المهدي قائد الثورة المهدية”، و”سيف الأمير عبدالرحمن النجومي” و”سيف الأمير أبوقرجة” و”كأس خاص بشرب الخليفة عبدالله مصنوع من قرن وحيد القرن ويقال أن به مفعول لأبطال السم” وأيضا تمت سرقة أنواط ونياشين ونجوم خاصة بالجنرال غردون باشا وكثير من العملة التي كانت تستخدم أثناء حكم الدولة المهدية وبعض الأسلحة النارية من بنادق ومسدسات ومذكرات يوسف ميخائيل عن الإمام المهدي وخليفته عبدالله.

وفيما يخص المعروضات الأثرية التي ظهرت على مواقع تجارة عالمية وما إن كانت من المفقودات، ذكر زين العابدين أنه من ناحية العاملين في مجال الآثار لا يخطر ببالهم موضوع تقييم الآثار ماديا لكن هناك دائما تجارة غير مشروعة يكون لها ثمنها على حسب نوع وشكل القطعة، رغم إن تقيم الآثاريين يختلف عن ذلك.

الهوية السودانية

ومن جهتها قالت منظمة اليونسكو عبر بيان لها، ان هنالك تقارير عن الاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي.

وتعرب منظمة اليونسكو عن قلقها العميق إزاء التقارير الأخيرة عن احتمال نهب وإتلاف العديد من المتاحف والمؤسسات التراثية في السودان، بما في ذلك المتحف الوطني، من قبل الجماعات المسلحة، وتدعو المنظمة المجتمع الدولي إلى بذل قصارى جهده لحماية تراث السودان من الدمار والاتجار غيره المشروع.

وتجدد اليونسكو دعوتها للجمهور وسوق الفن المتورطين في تجارة الممتلكات الثقافية في المنطقة والعالم، إلى الامتناع عن اقتناء أو المشاركة في استيراد أو تصدير أو نقل ملكية الممتلكات الثقافية من السودان. وأي بيع غير قانوني أو نقل لهذه العناصر الثقافية من شأنه أن يؤدي إلى اختفاء جزء من الهوية السودانية.

بورتسودان – برعي صديق

مقالات مشابهة

  • البرهان غلطان
  • «مناوي» يصل موسكو لتعزيز التعاون السوداني الروسي في ظل الحرب بالسودان 
  • نتنياهو يزور جبل الشيخ في سوريا الذي احتله الجيش الإسرائيلي بعد سقوط الأسد
  • حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (66)
  • ترتيب أممي لمحادثات غير مباشرة بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» في جنيف
  • وفقاً للتحركات التركية: هل يعتبر البرهان من نصيب الأسد؟
  • الحرب تعصف بالمتاحف وتلتهم التراث السوداني 
  • البرهان يعلن تجهيز قوات كبيرة لإستعادة الخرطوم و عاصمة ولاية الجزيرة
  • ظهر مع كيكل ..البرهان يكشف عن 30 متحرك ويطلق لاءات وبشريات .. قريبا نلتقي في ودمدني والعالم ما شغال بينا “فيديو”
  • مراسلة الجزيرة بموسكو تكشف عن الفندق الذي نزل به الأسد والأموال التي بحوزته