عربي21:
2025-05-01@00:20:21 GMT

عندما يصبح الشيطان مصلحا اجتماعيا

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

من سخريات القدر أن مجرم الحرب وقاتل الأطفال بنيامين نتنياهو صرح في حوار مع الإذاعة العامة الأمريكية "NPR" بما يلي: "نحن بحاجة إلى تجريد غزة من السلاح أولا، والهدف الثاني الذي يتعين علينا القيام به هو القضاء على التطرف في غزة". ويرى أنه لتحقيق ذلك هم "بحاجة إلى تغيير ثقافي في أي إدارة مدنية في غزة تلتزم بمكافحة الإرهاب".

وتتكون هذه الإدارة من أشخاص "لا يشاركون أهداف حماس ولا يعلّمون الأطفال أنه يجب تدمير إسرائيل وأن يكون ذلك هدفهم في الحياة"؛ وهو ما حصل حسب اعتقاده في كل من اليابان الفاشية وألمانيا النازية بعد هزيمتهما العسكرية خلال الحرب العالمية الثانية.

بمعنى آخر، يقدم نفسه كمصلح ديني وسياسي مؤهل ليس فقط لتغيير هوية الفلسطينيين، بل ويزعم أن ذلك ما يجب القيام في جميع البلدان الاسلامية. فخلال تجواله مع إيلون ماسك، مالك منصة "إكس"، عمل على إقناعه بخطورة الفلسطينيين وثقافتهم بترويج ثقافة الموت، ودعا بكل صفاقة إلى إحداث تغيير في الإسلام بحجة "إلغاء التشدد في هذه البلدان المسلمة".

لا تقف هذه الكراهية عند المسلمين، وإنما تشمل أيضا المسيحيين الفلسطينيين وتمتد إلى عموم المسيحيين بمختلف فرقهم وجنسياتهم. فقد تجاهل بن غفير الرد على سؤال وجهته له مذيعة في الشبكة الثانية الاسرائيلية، ويتعلق بالبصق على كل دير أو كاهن عند المرور بجانبه، لكنه اعترف بكونه تقليدا يهوديا قديما، ورفض أن يعتبر ذلك مخالفة يعاقب عليها من يقوم بها
سنفترض أن ما جاء على لسانه صحيح، هذا يفترض أن المجتمع الاسرائيلي بريء من الارهاب، ومحصن ثقافيا ضد التعصب والكراهية. ولا شك في أن أفضل مرآة تعكس درجة انفتاح شعب ما تتمثل في نظامها التعليمي والتربوي الذي يتضمن قيمه ويحمي رؤاه الفلسفية والاجتماعية.

إذا عدنا إلى مقررات الدراسة الموجهة بالخصوص إلى الأطفال، نجدها تصف الفلسطيني بالعربي "الذي لا يعرف الرحمة والشفقة والقتل، والإجرام هواية عنده"، كما أنه "جبان، ملامحه شريرة، لص، عيونه تبعث الرعب". وتقول الدكتورة الإسرائيلية في جامعة حيفا تسيبورا شاروني "لم ترد كلمة واحدة في البرنامج التعليمي لليهود حول التطلع للسلام بين إسرائيل وجاراتها". فهناك حرص على "صناعة جيل مشحون بالكراهية والعداء ضد الفلسطينيين والعرب". كما أن المواد الدينية تحمل طابعا عنصريا، حيث "ينشأ الطلاب على فكرة شعب الله المختار، وأن غير اليهود أغيار يجب قتلهم في وقت السلم والحرب. كما أن كتب الجغرافيا المدرسية لا تشير إلى فلسطين، ولا ذكر للفلسطينيين في كتب التاريخ.

لا تقف هذه الكراهية عند المسلمين، وإنما تشمل أيضا المسيحيين الفلسطينيين وتمتد إلى عموم المسيحيين بمختلف فرقهم وجنسياتهم. فقد تجاهل بن غفير الرد على سؤال وجهته له مذيعة في الشبكة الثانية الاسرائيلية، ويتعلق بالبصق على كل دير أو كاهن عند المرور بجانبه، لكنه اعترف بكونه تقليدا يهوديا قديما، ورفض أن يعتبر ذلك مخالفة يعاقب عليها من يقوم بها.

وقد بيّنت إحدى القنوات التلفزيونية يهودا يبصقون على راهبات ورهبان في القدس، تنفيذا لهذا التقليد الذي يتمسك به أقصى اليمين الديني الإسرائيلي. وما لا يعرفه الكثيرون أن حاخام باريس أفتى بأن دخول اليهود إلى مبنى كنيسة فعل محرم على اليهود.

هذا تراث يهودي لم تتم مراجعته من قبل جميع التيارات الدينية اليهودية، رغم كونه نشأ في مراحل تاريخية قديمة. لقد أضفي على هذه الممارسات طابع القداسة رغم أنها تعكس كراهية شديدة لكل مخالف في الدين.

الذي يزعم أنه سيصلح أحوال الآخرين هو في الحقيقة كاذب وسلوكه معاكس لخطابه وادعاءاته، فالذي يحتاج إلى إصلاح ثقافي عميق هو من يعتقد بأن مخالفيه هم الأشرار الذين من واجبه القضاء عليهم. وكثير من الأشياء في المجتمع الإسرائيلي خاطئة ومزيفة
الذي يزعم أنه سيصلح أحوال الآخرين هو في الحقيقة كاذب وسلوكه معاكس لخطابه وادعاءاته، فالذي يحتاج إلى إصلاح ثقافي عميق هو من يعتقد بأن مخالفيه هم الأشرار الذين من واجبه القضاء عليهم. وكثير من الأشياء في المجتمع الإسرائيلي خاطئة ومزيفة، فالكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي اعتبر في مقال نشره في صحيفة هآرتس أن مؤسسات الدعاية في إسرائيل "أداة غير أخلاقية، ومن يكتفي بالصدمة مما حدث لنا ويتجاهل ما كنا نفعله منذ ذلك الحين، لا يتحلّى بذرّة نزاهة أو ضمير".

بمثل هذا الخطاب لن تذهب إسرائيل بعيدا، سواء ربحت الحرب أم خسرتها؛ سكانها يعيشون في عزلة عن العالم بما في ذلك محيطهم الفلسطيني والعربي، وهم ينظرون إلى أنفسهم من زاوية مزيفة، وقيادتهم تقتل أكثر من عشرة آلاف طفل وتعتبرهم بدون خجل إرهابيين أو مشاريع إرهاب، وكثير من مواطنيهم يكرهون الأطفال الفلسطينيين ويحقدون عليهم، ويدعون في كثير من الفيديوهات إلى قتلهم مع أسرهم دون رحمة بحجة كونهم يولدون أشرارا.

ومجتمع يفكر بهذه الطريقة وتغذيه الرغبة في الانتقام سينهار حتما، لهذا توقع المؤرخ الإسرائيلي إيلان بابي بأن نهاية اسرائيل مشروع استعماري وكدولة قد بدأت، واعتبر أن النسيج الاجتماعي الموحد تفكك، وأن بناء الوحدة بين الإسرائيليين القائمة على "كراهية العرب والفلسطينيين ليس عاملا مستداما"، فقد اعتبرها الدولة الوحيدة في العالم التي تضغط من أجل الحفاظ على بقائها".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو إسرائيل الفلسطينيين الكراهية إسرائيل فلسطين نتنياهو العنصرية الكراهية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

الساعة الأخيرة للجنجويد: حين يصبح الهروب هو المصير الوحيد

جيش قوقو
غرباء على الأرض
الساعة الأخيرة للجنجويد: حين يصبح الهروب هو المصير الوحيد
المقدم/رشاد الزيبق
معارك الوجود… لا مجرد ساحات قتال
في حروب العصر الحديث، تجاوزت المعارك حدود السلاح والذخيرة إلى صراع أعمق على شرعية الوجود ومعنى الانتماء. وفي السودان، حيث تنتفض الجغرافيا كما التاريخ، لا مكان للغرباء مهما طال بقاؤهم أو توهموا القوة. فهذه الأرض التي عرفها العالم مركزًا لحضارات سادت وامتدت، لم تكن يومًا ساحة مستباحة للغزاة أو الطامعين، ولن تكون.
أولئك الذين وفدوا حفاة من أي قيمة أو شرف، ممتطين صهوة السلاح والنهب، مثقلين بأموال السلب ورعب الهزيمة، يدركون جيدًا أن وجودهم في هذه البلاد ليس إلا عبورًا مؤقتًا… انتظارًا لساعة الفرار.
هذا المقال ليس انفعالًا عاطفيًا، بل شهادة توثّق لحظة سقوط الوهم، وتكشف حقيقة المرتزقة واللصوص ومن تحالف معهم من أدعياء السياسة الذين اتخذوا من فنادق المال الحرام أوكارًا. إنها لحظة استعادة الوعي الوطني في مواجهة مشروع الإذلال الذي حملته أدوات الحرب بالوكالة إلى قلب السودان.
الوجود المؤقت… والرحيل الحتمي
يدرك كل فرد في ميليشيا الجنجويد اليوم، وهو يتشبث بما تبقى له من جيوب السيطرة في نيالا والضعين وزالنجي، أن إقامته هنا عابرة، تمامًا كما كان وجودهم في أم درمان، الخرطوم، الجزيرة، جبل موية، الدندر، والسوكي.
ما سرقوه من أموال وما نهبوه من خيرات الشعب السوداني لم ولن يمنحهم حق البقاء، بل زاد من عمق الجرح الوطني الذي خلفوه وراءهم، ومن ثقل اللعنة التي ستطاردهم أينما فرّوا.
ولذلك، ينشغل هؤلاء اليوم بترتيب منافذ الهروب، وتهريب الأموال المنهوبة إلى تشاد، وإفريقيا الوسطى، ويوغندا، وكينيا، وجنوب السودان، يهرولون إلى المنافي في محاولة يائسة لإنقاذ ما يمكن حمله من غنائمهم الدموية، مدركين أن هذه الأرض ستلفظهم كما لفظت كل غازٍ قبلهم، وأن لحظة السقوط باتت أقرب مما يتوهمون.
سطوة الرعب: حين يتحول القتال إلى قيد وابتزاز
أما من بقي منهم قسرًا في تلك المناطق، فلا يُمسكه انتماء، بل الخوف وحده. فهم أسرى سطوة عبد الرحيم دقلو، الذي يفرض عليهم البقاء، ويدفع أبناء تلك المناطق إلى أتون معركة لم يختاروها، يزجّ بهم وقودًا في حرب الارتزاق، بين الابتزاز والتصفية.
غير أن دروس التاريخ واضحة: الخوف لا يصنع انتصارًا، والجبناء، مهما طال بقاؤهم، هم أول من يلوذ بالفرار حين تشتد المعركة. كما قال أجدادنا: “المحرِّش لا يقاتل”… ومن ارتجف قلبه، عجزت يداه عن حمل السلاح طويلًا.
هزيمة الأخلاق قبل هزيمة البنادق
لم تهزمهم رصاصات الجيش السوداني وحدها، بل هزمتهم أخلاقهم المنحطة قبل أن يبلغوا ساحات القتال. هؤلاء، الذين جاؤوا عراة من أي شرف أو مبدأ، حفاة من أي التزام إنساني أو أخلاقي، لم يحملوا في قلوبهم سوى الضغينة، ولا في أيديهم سوى أدوات القتل والنهب. خُلِقوا للارتزاق واللصوصية، فكان طبيعيًا أن ينبذهم كل شريف، وأن تتبعهم لعنة الأرض التي دنّسوها بدم الأبرياء.
المرتزق المبتور: صورة الهزيمة والانكسار
لا مشهد أبلغ على انحطاطهم الأخلاقي من صورة ذلك المرتزق المبتور القدمين، الذي ظهر في تسجيلات مصورة وهو يتوسل قادته الذين دفعوه إلى أتون المحرقة وتركوه لمصيره بعد أن استنفدوا أغراضهم منه.
يستجدي العلاج من أولئك الذين استعملوه ثم لفظوه إلى قارعة الطريق، في تجسيد فجّ لثقافة الاستهلاك حتى في أدوات الموت. بالنسبة لهم، المقاتل مجرد أداة رخيصة، تُستخدم حتى تبلى، ثم تُرمى إلى سلة المهملات بلا شفقة أو مواربة.
بيادق آل دقلو: أدوات تُستبدل وتُرمى
إلى أبناء القبائل الذين قبلوا أن يكونوا أدوات في يد عبد الرحيم دقلو وعصابته: لا تزال أمامكم فرصة، قد تكون الأخيرة، للفكاك من هذا العار.
لا تنخدعوا بوعود الذين لا يرونكم سوى وقود رخيص لحروبهم القذرة، أدوات تُستبدل متى شاؤوا وتُرمى متى انتهت صلاحيتها.
تاريخ الشعوب لا يرحم المتورطين في خيانة أهلهم. والمكان الوحيد المتاح للخونة هو هامش التاريخ… حيث تُكتب أسماؤهم بمداد الخزي والخذلان.
الخيانة في أبراج دبي وفلل أبوظبي
أما أولئك الذين ارتضوا لأنفسهم التنعّم في أبراج دبي وفلل أبوظبي، وقد باعوا ضمائرهم في سوق الخيانة السياسية، من أمثال خالد سلك، وبنات الصادق المهدي، وأبناء الميرغني، وزمرة قحت العميلة… فأي خزي ألحقتموه بأسمائكم؟ وأي عار سيرثه من يأتي بعدكم؟
كيف تصمدون أمام مرآة أنفسكم، وأنتم تدركون أنكم لا تجيدون سوى الانحناء تحت أقدام من موّلوا الخراب، ولا تصلحون إلا كأدوات رخيصة في يد صُنّاع الموت والتشريد لأهلكم؟
هوية عصيّة على الطمس… وتاريخ لا يرحم الطارئين
هل يظن هؤلاء الطارئون على التاريخ أن بإمكانهم طمس هوية هذا الشعب الأصيل؟
شعب حضارته تمتد من كرمة إلى كوش إلى البجراوية… شعب صاغته المحن، وعركته التجارب، وراكمت ذاكرته الوطنية خبرة الفقد والانتصار.
شعب يعرف من هو، ويعرف جيدًا من هم أعداؤه ومن هم الدخلاء الطارئون عليه.
لن تنجح مؤامرات الخارج، مهما تعاظمت أموال ممولي الحروب أو كثرت أدواتهم المستأجرة، في محو هذا التاريخ أو كسر هذه الإرادة.
ولعلّ أكثر ما يفضح هؤلاء المتآمرين أن يحتاجوا إلى من يذكّرهم بتاريخ وطنهم. حتى أميرة قطرية، غريبة عن هذه الأرض، لم تحتمل صمتهم، فحاولت أن توقظ ما تبقى من ضمائرهم النائمة، وتعيد إليهم ذكرى السودان الذي أنكروا انتماءهم إليه وباعوه في أسواق الخيانة والتآمر.
وبينما هم غارقون حتى الأعناق في حسابات المال المشبوه، فاقدون لأبسط معاني الكرامة والانتماء، جاءت كلماتها كشهادة خارجية تُعرّي خزيهم وتفضح عارهم أمام العالم.
لكن كل هذا العار لن يغيّر من حقيقة راسخة: أن هوية هذا الشعب لا تُمحى بانحدار أخلاقي، ولا تُزيف إرادة أمة كتبت وجودها بالدم والصبر والكبرياء.
هذه الأرض لأهلها… وهذه الهوية عصيّة على التزوير… وهذه الذاكرة لا تُشترى بالدولارات.
هنا السودان… وهنا يسقط كل طارئ، وتنتصر الحقيقة على كل وهم.
الخاتمة: السودان لا يُدار بالوكالة… ولا يُباع في أسواق الدم
نقولها اليوم بوضوح لا يقبل الالتباس:
سوداننا لن يُدار من دبي أو أبوظبي، ولن يُحكم بأموال المرتزقة، ولن يُباع في أسواق الدم، ولن يركع لأشباه الرجال.
هذه الأرض عصيّة على التدجين، محصّنة بالإرادة الوطنية، مشبعة بذاكرة النضال. ستظل راية السودان خفّاقة، وستبقى قلوب أبنائه مشتعلة بنار الكرامة والعزة، مهما اشتد الحصار، ومهما تعاظم طغيان المرتزقة والخونة.
المجد لشعب السودان، المجد لجيشه الباسل، والعار الأبدي لكل من خان.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • شهداء جدد.. الاحتلال الإسرائيلي يستمر في حصد أرواح الفلسطينيين
  • ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 51.400 شهيدٍ
  • الاحتلال الإسرائيلي يواصل حربه على مخيمات الفلسطينيين شمال الضفة.. 40 ألف نازح
  • معظمهم من الأطفال والنساء.. ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين بقطاع غزة إلى 51.400 شهيد
  • بسبب الحصار الإسرائيلي.. الجوع والمرض يفتكان بمئات الأطفال في غزة
  • سفير فرنسا: تسليم 9 أطنان مستلزمات طبية لرعاية الفلسطينيين القادمين من غزة (فيديو)
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل الصحفي علي السمودي ويواصل استهداف الصحفيين الفلسطينيين
  • أن تأتي متأخرا..
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تهدم منازل الفلسطينيين جنوب الضفة الغربية وتُشرّد سكانها
  • الساعة الأخيرة للجنجويد: حين يصبح الهروب هو المصير الوحيد