بالأمس طوينا عام 2023 بكل ما جاد به من أحداث وتحديات وإنجازات وإخفاقات، واليوم ندشن أولى لحظات العام الجديد بآمال وأمنيات وتطلعات جديدة ربما تطغى قليلا على المخاوف وهواجس التشاؤم ومشاعر اليأس والإحباط التي سادت في الأعوام الماضية في ظل العدوان والحصار والهدن الهشة وتداعياتها.
-على الصعيد المحلي يجري اليوم الحديث عن توقيع سلام وشيك يظن الناس أنه سيحمل معه بوادر انفراج لأزمة إنسانية طال أمدها، ويضع حدا لمعاناة أوجدها عدوان غاشم تنوعت فيه جرائم وأساليب ومراوغات وانتهاكات المعتدي، وما زال يحاول مستميتا كما تشي المؤشرات والوقائع للمضي في مخططاته لتمزيق اليمن وإحكام السيطرة على ثروات ومقدرات البلد خدمة للمشروع الأمريكي الصهيوني في المنطقة.
-القيادة الوطنية في صنعاء أثبتت أنها تعي جيدا وبشكل عميق هذه الألاعيب ومستعدة للتعامل معها، ولعل قرارها الدخول المباشر في المواجهة العسكرية مع الأمريكي والإسرائيلي في البحر الأحمر كان صائبا وشجاعا وحكيما، فإلى جانب منطلقاته الإيمانية والأخلاقية والإنسانية نصرة للأشقاء في فلسطين، فقد حمل في مضامينه دلالات ورسائل مهمة ربما يفهمها القريب قبل البعيد والوكيل قبل الموكّل.
-دوليا كانت عملية طوفان الأقصى لأبطال المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر، وما تلاها من عدوان صهيوني وحشي متواصل حتى اللحظة على قطاع غزة من أبرز الأحداث على الساحة العالمية، وقد تحولت أسطورة الجيش الذي لا يُقهر إلى أضحوكة أمام العالم ولم تمنعه جيوش أمريكا ومعها دول الغرب الاستعماري من هزيمة نكراء وسقوط مدوِ على كافة الأصعدة والمستويات.
– في ختام هذا المقال -الأول في العام الجديد- لا بأس أن نتجاهل لوهلة قضايا الوطن، والمنطقة والعالم، وقد أفنينا أعمارنا في متابعة مستجداتها ومآلاتها، ونستميح القرّاء الكرام في الحديث قليلا عن همومنا وآلامنا وآمالنا في مؤسسة الثورة كبرى مؤسسات البلد الإعلامية والصحفية ومنبر الشعب الأول، وهي التي عاشت ومنتسبوها خلال السنوات الأخيرة أوضاعا هي الأسوأ في تاريخها، وباتت تصارع من أجل البقاء بسبب تخلّي حكومة الإنقاذ “تصريف الأعمال حاليا” عن دعم الصحيفة.
-لقد ناضلت القيادة السابقة برئاسة الأستاذ عبد الرحمن الأهنومي ومعها صحفيو ومنتسبو المؤسسة كثيرا، وتحملنا جميعا ما لا يُطاق من المعاناة وشظف العيش في سبيل إبقاء الصحيفة على عهدها من الأداء المهني المميّز في خدمة الوطن وجمهور القراء والتصدي للعدوان وامبراطوريته الإعلامية الضخمة، لكن الظروف كانت أقوى وأشد، وربما شهدت تراجعا ملموسا على مستوى الحضور المؤثر في الساحة الإعلامية.
-اليوم ندلف إلى العام الجديد وعلى رأس صحيفتنا قيادة جديدة ممثلة في الشاب المتوقد حماسا وحيوية، الأستاذ/ احمد يحيى راصع الذي استلم دفة القيادة منذ بضعة أيام خلت، كشف خلالها عن ملامح برنامج عمل طموح أحيا به الأمل في النفوس والمشاعر بإمكانية إعادة الثورة -الصحيفة- إلى سابق عهدها وإلى مكانتها الطبيعية وبريقها المعهود، وكل ما نتمنى أن تتعاطى الحكومة بإيجابية مع برنامجه، وألّا تقف حجر عثرة في طريق تحقيقه على أرض الواقع لما فيه مصلحة هذا الصرح الإعلامي الرائد والملايين من أبناء الشعب المتطلع إلى رسالة إعلامية هادفة وصوت أمين يعبّر عن تطلعات ونبض الجماهير في كل أرجاء الوطن اليمني.
-أمّا على مستوى آمال وتطلعات منتسبي الإعلام الوطني بشكل عام فإن جُل أمنياتنا نحن في مؤسسات الإعلام الرسمي في العام الجديد، تكمن في إنهاء قضية أرضية جمعية المتحدون السكنية للإعلاميين ذوي الدخل المحدود، والتي تم شراؤها قبل 18عاما من الحاج/ عبد الله سعد الأوزري بموجب المستندات المؤيدة لملكيته للأرض المسماة بأرض دحنان الواقعة بمنطقة الرحبة جوار سوق الخميس بمديرية بني الحارث شمال العاصمة صنعاء.
-ملف هذه القضية منظور أمام اللجنة الرئاسية المكلفة بمعالجة قضايا أراضي الجمعيات السكنية منذ نحو عامين وما زلنا ننتظر النبأ السار، وكثير من هؤلاء الإعلاميين المنتظرين قد فارق الحياة دون الحصول على قطعة الأرض الموعودة، ولعل آخرهم الزميل عبد الرحمن الشميري، الذي قضى وووري جثمانه الثرى قبل أيام وكانت آخر كلماته كما أخبرني أصدقاؤه سؤاله عن مصير جمعية أراضي الإعلاميين إياها.
-كل عام والوطن وأبناؤه بخير وسعادة واستقرار ونبتهل إلى الله عز وجل أن يكون “عامٌ فيه يُغاث الناسُ وفيه يعصرون”.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
مؤمن الجندي يكتب: مسرحية بلا فصل أخير
في مسرح الحياة، تُضاء الأنوار على خشبة متآكلة، تتكرر على سطوحها الوجوه ذاتها، بملامح حفظناها عن ظهر قلب.. وجوهٌ اعتادت الوقوف تحت الأضواء، تدّعي التغيير وهي ذاتها التي صنعت الغبار فوق أحلام الإصلاح، كلما هلّت بشائر الأمل، عادوا لينتزعوا من قلوبنا شرارة الترقب، ويغرسوا مكانها رماد الخيبة.
مؤمن الجندي يكتب: كأس مها سلامة مؤمن الجندي يكتب: ولي العهد والنيل الذي لا يجف أبدًاإنها الوجوه التي تتقن التحول، ترتدي أقنعةً جديدة عند كل انتخابات، وتبيع شعارات مطلية بوعودٍ زائفة، نرى الطموحات معلقة بين صخب الشعارات، بينما الحقيقة تكمن في تلك الأيادي التي ألفت احتكار الكراسي، تتشبث بها بإصرار غريب، وكأنها جذور زرعت تتغذى على حلم التغيير حتى يموت قبل أن يولد.
في ظلال هذه الدوامة، يبقى الأمل محاصرًا، وحلم الإصلاح طيفًا بعيدًا، يهيم في أفق مستحيل.. تستمر الوجوه، وتستمر معها الخيبات، كأننا في مسرح عبثي يتكرر بلا نهاية، يتركنا نتساءل: هل هناك حقًا أملٌ في تغيير، أم أن حكايتنا ستبقى مسرحية بلا فصل أخير؟
في ظلال الملاعب المصرية، حيث كنا نشهد على مرّ العقود مواسم من الشغف والانتصارات، تتصاعد اليوم أصوات الشكاوى، وتملأ المشهد ملفات قضائية وبلاغات، وأحكام بحبس لاعبين، وتسريبات تهدد أساس اللعبة الجميلة، لتتحول كرة القدم المصرية إلى ميدانٍ للجدل والخيبة، في مشهد يعكس تراجيديا مركبة من الفساد، والغموض، والانهيار.
من ساحات للتنافس الشريف إلى ميدانٍ لتسريبات وبلاغاتمن بين التفاصيل الصغيرة التي أُغفلت لتتضخم وتصبح جزءًا من صورة شاملة من التدهور، يبرز فساد الإدارة الرياضية، وكأن الفساد نسيج أصيل، يعانق الفشل ويخترق الساحة الرياضية.. أصبحت الرياضة بشكل عام تُدار بطرق لا تتوافق مع تطلعات الجماهير التي تبحث عن المتعة والنزاهة في لعبة يعشقونها، وبدلًا من أن تكون الملاعب ساحات للتنافس الشريف، تحولت إلى ميدانٍ تسريبات وبلاغات.
وصلنا الآن إلى أحكام بحبس بعض اللاعبين، وتورطهم في قضايا نصبٍ واحتيال والتعدي على المواطنين داخل وخارج الدولة، جعلهم يقفون في صفوف المتهمين في قاعات المحاكم بدلًا من الركض على أرض الملاعب، وبدلًا من تحقيق الانتصارات، أصبحوا مادةً للإثارة الصحفية والاجتماعية.. تلك الأخبار التي كانت تروّج لمجدهم، تروّج اليوم لانهيارهم، وكأنهم فقدوا بوصلة شرف الرياضة، وانحرفوا عن درب الأخلاق، لتبدأ رحلتهم من الشهرة إلى المحاكم.
ولا ننس التسريبات التي تفجرت كقنبلة موقوتة، محملة بأسرار غرفة التحكيم داخل الاتحاد المصري لكرة القدم والتي كشفت عما يدور خلف الكواليس، وكأن هذا الحلم الرياضي أضحى صراعًا تملؤه النزاعات والتآمرات.. تلك التسريبات لم تكتفِ بكشف المستور، بل حطمت الثقة بينهم وبين الجماهير ومنظومة كرة القدم ذاتها، وكأن تلك التسريبات فتحت أبواب الجحيم على سمعة كرة القدم المصرية.
مؤمن الجندي يكتب: حسن "سبانخ" الكرة المصرية مؤمن الجندي يكتب: نشر الغسيل بالمقلوب مؤمن الجندي يكتب: وداعًا قصاص السيرة مؤمن الجندي يكتب: مُحلل خُلعفي النهاية، يقف المشجع المصري حائرًا، بين ولاءه للعبة التي أحبها وبين خيبة الأمل التي أصبحت تعصف به.. كرة القدم التي كانت تنبض بأحلام الفقراء وتمنحهم مساحة من الفرح وسط صعوبات الحياة، أضحت اليوم مرآة تعكس الخيبة والمصالح الضيقة، بعدما تغلغل الفساد ليأكل من جذورها ويفسد طعمها.
إذا كان هناك أمل في عودة كرة القدم المصرية إلى سابق عهدها، فإن هذا الأمل لن يتحقق إلا بانتفاضة رياضية، يقودها إصلاح شامل، يعيد بناء الثقة، ويزيح المصالح عن ميدان اللعبة.. ولكن كيف والأمل هو ترشح نفس الأشخاص والوجوه القديمة لتتصدر المشهد مرة أخرى! فهل نرى قريبًا عودة للبهجة، أم أن هذه الأزمة ستحفر في الذاكرة كحقبة سوداء من تاريخ كرة القدم المصرية؟
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا