صحيفة البلاد:
2025-01-24@09:55:49 GMT

2023 .. الطائف تتوشح رداء الشعر والأدب والثقافة

تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT

2023 .. الطائف تتوشح رداء الشعر والأدب والثقافة

البلاد ــ الطائف

حفلت محافظة الطائف، طيلة الـ 12 شهرًا الماضية بالعديد من المناسبات والفعاليات المتنوعة في الجانب الثقافي والأدبي والتاريخي والرياضي والعلمي والاقتصادي وغيرها من الفعاليات.

وعاشت “الطائف” في 2023 م، عاماً مزدهراً في مجال الأدب والشعر من خلال “عام الشعر العربي”، حيث استهلت في مطلع العام بأولى الملتقيات التي ضمت الجذور التاريخية للشعر العربي وشخصيته الفريدة، بتنظيم من جامعة الطائف، وهيئة الأدب والنشر والترجمة.

وقد ضم الملتقى سلسلة من المحاضرات والجلسات الحوارية والنقدية والأمسيات الشعرية التي سلط فيها الضوء على دور الطائف التاريخي في تحريك المشهد الشعري، وكذلك إقامة “منتدى الشعر العربي”، ضمن مبادرة عام الشعر العربي 2023 بمشاركة مجموعة كبيرة من نقاد الشعر من داخل المملكة وخارجها في عدد من الموضوعات أتى في مقدمتها أهمية الشعر إنسانيًا ومكانتها حول العالم، وعلاقته بالترجمة، واقتصاديات المعرفة، وكونه أحد أهم الفنون التعبيرية المتجذرة في وجدان الإنسان العربي منذ أمد بعيد، إذ يحتل الشعر مكانة رفيعة عند أفراد المجتمعات، حتى بات لسان حالهم، ينقل مشاعرهم، ويبوح بمكنوناتهم، ويحفظ تاريخهم وقصص حياتهم المختلفة.


واستهدف المنتدى التطلعات التي تثري الساحة الشعرية، بوصفه تراثاً غير مادي، وظاهرة إنسانية تمارسه الشعوب سواء البدائية أو المتطورة، وتتعاطاه مختلف الفئات الخاصة المثقفة والشعبية العامة، معبراً عن عاطفة الإنسان، ونظرته إلى العالم.
كما حظيت مدينة الطائف في العام ذاته بإعلان منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو”، إدراجها ضمن شبكة اليونسكو للمدن المبدعة، كأول مدينةٍ مبدعة في مجال الأدب بالمملكة، ارتكز ملفها على سبعة عوامل، والتي تمت مواءمتها مع برامج القطاعات الثلاثة، وهي: جودة وحجم النشر في المدينة، ووجود دور مهم للأدب والدراما والشعر في المدينة، وجودة وتنوع البرامج التعليمية التي تُركّز على تعليم الأدب المحلي، إلى جانب استضافة وتنظيم فعّاليات ومهرجانات أدبية بالمدينة، وتوافر مكتبات عامة، ومحال لبيع الكتب، فضلاً عن المراكز الثقافية العامة، ومشاركة الإعلام التقليدي والجديد في تسويق الأدب، وتعزيز سوقه المحليّ، وإشراك دور النشر في ترجمة الأعمال الأدبية في مختلف اللغات.

وحلّ في إبريل الماضي موسم ” الورد الطائفي”، في قمم جبال الهدا والشفا للاحتفاء بتاريخ المنطقة الثقافي والتراثي، وإبراز ما تكتنزه من جماليات لتصوغ وجهة ثقافية فريدة، حيث وثق الموسم اعتناء العرب بهذه النبتة منذُ الأزل؛ فأطلقوا عليها “سلطان الزهور”، وطعّموا بها القصائد، ووظفوها في أغراضهم الشعرية، واستشعر زوّار المهرجان الذي نظمته “وزارة الثقافة”، في نسخته الثالثة “طائف الورد”؛ قيمة النبتة الفريدة ذات، حيث تقفوا تاريخها وأثرها ومزيجها الجمالي المبهر؛ بواسطة محتويات وفعاليات المهرجان التي ركّزت على: سيرة الورد الاستعراضية، والمركبات المزينة بالورود، والمجسمات الضخمة، إلى جانب أنشطة أخرى شملت جبل الورد، ومعرض ترانيم الورد، وسوق الورد.


وفي الجانب التاريخي استذكرت الطائف ما أوجدته لنفسها في عهد الدولة السعودية الأولى من مكانة تفتخر بها تحت راية التوحيد، بعد أن نظمت دارة الملك عبدالعزيز ممثلةً في “مركز تاريخ الطائف” ندوة علمية عن “عثمان بن عبدالرحمن المضايفي العدواني”، ضمن برنامجها العلمي “من أعلام المملكة العربية السعودية”، وسلطت الندوة في وقتها الضوء على مجموعة من البحوث والأوراق التخصصية التي قدمها عدد من المؤرخين والأكاديميين والمهتمين في التاريخ السعودي؛ تناولت جوانب عديدة من حياة عثمان المضايفي ونشأته وشخصيته وإسهاماته إلى استشهاده عام 1228هـ.

ولم تغفل “الطائف” الجانب الترويحي والرياضي والسياحي في عام 2023م بتنظيم واستضافة المسابقات الرياضية، حيث عاشت تنوعًا غير مسبوق في احتضان ثلاث رياضات تشتهر بها المملكة والعالم العربي؛ تمثَّلت في كأس الملك سلمان للأندية العربية، ومهرجان وليِّ العهد للهجن وسباقات الخيل للفروسية في موسمها الصيفي، التي لعبت فيها سباقات الفروسية والهجن دورًا مهمًّا في ترسيخ العلاقة الوطيدة بين الإنسان والحيوان، وهي المرة الأولى تاريخيًّا التي استقطب فيها عاصمة المصائف ثلاث مناسبات رياضية مختلفة؛ مما جعلها المدينة الوحيدة في المملكة التي تضم هذه المناسبات، لإبراز الدور المهم للرياضة كمحرِّك أساسي من محركات التنمية الشاملة، وكمستهدف رئيس يتماشى مع رؤية السعودية 2030.


وشهدت “الطائف”، أول منتدى اقتصاديًا في شهر أكتوبر؛ شكّل منبراً متميزاً حرّك من خلاله جوانب “الاستثمار في الطائف” متناولاً العديد من الموضوعات وورش العمل، والقضايا الملحة مثل الأمن الغذائي واستدامته، وما يطلبه المستثمرون ورواد الأعمال، والتحديات والحلول في تطوير المحافظة بما يتوافق مع رؤية المملكة 2030، وضمان مبادئ الاستدامة في إستراتيجيات وقرارات الاستثمار، وتعزيز التواصل والتبادل المعرفي بين القادة وصناع القرار، والشراكات بين القطاعين العام والخاص لتحقيق تطلعات التنمية المستقبلية، بمشاركة نخبة من صناع القرار وقادة الأعمال وكبار المديرين التنفيذيين من داخل المملكة وخارجها.
وجسّدت الطائف في “عام الشعر العربي 2023م”، دوراً فعالاً في الجوانب الأدبية والشعرية والثقافية، متطلعة في عام 2024 “عام الإبل”، لأخذ فرصتها من خلال المشاركة وإلقاء الضوء على الإبل وتعزيز الجانبين الثقافي والاقتصادي لها.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الطائف الشعر العربی

إقرأ أيضاً:

السَّاردُ السَّاحر

عرفت الأستاذ صلاح الدين بوجاه - رحمه الله - أستاذا فـي المعهد الثانوي، وأنا فتى صغير، أحاول كتابة القصة وألتهم الأدب التهاما، وأرى فـي جيل أدباء السبعينيات نماذج عليا، فحضرت بعضا من دروسه، وشدتني أناقة لغته، وسعة اطلاعه وعمق تواضعه ووفرة ابتسامته، وغزارة علمه، وسيطرته على اللسانيين، فهو الهمذاني والتوحيدي والجاحظ ساعة يتكلم العربية، وهو بالزاك وفلوبير ساعة يقلب متحدثا بلغة الفرنسيين، ثم غاب عنا مدة وجيزة، إذ انتقل إلى التدريس فـي الجامعة، والتقيته من بعد ذلك، أستاذا لي فـي كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان، يدرسني مقرر الحضارة، وكانت المسألة «فتوح البلدان» للبلاذري، ومن ساعتها لم نفترق إلى أن تغمده الله برحمته الواسعة، شاركته مرجعيات كان مهووسا بها من أدب العرب والفرنسيين، أطْلعني على كنز ألف ليلة وليلة، الكتاب الذي صاحبني منذ الطفولة متعة قراءة، وتحول معه إلى ثراء لأرضية نقدية أكتشف منها فنون القصص، كان قارئا، مواكبا لمحدثات التجديد القصصي فـي الغرب، منصرفا إلى الأدب المقارن، ومن الخصال الجيدة آنذاك فـي الجامعة التونسية أن الأستاذ المساعد فـي التعليم العالي لا ينعم - بالضرورة - بتدريس اختصاصه، وإنما هو - برغبته أحيانا، وإكراها أحيانا أخرى - يجب أن يطوف على التخصصات ليتكون فـيها مع طلبته قبل أن يستقر فـي تخصصه، ولذلك فقد أفادنا صلاح الدين بوجاه بشكل لافت فـي درس الحضارة ودرس الأسلوبية وأبدع فـي درس الرواية. لقد ساهمت مدينة القيروان فـي تشكيل الخلفـية الأدبية والنقدية والمعرفـية لصلاح الدين بوجاه، كما فعلت مع محمد الغزي ومع منصف الوهايبي ومع جعفر ماجد ومع البشير القهواجي، وغيرهم من الفاعلين فـي المجال الأدبي. القيروان مدينة حاضنة للفقهاء والأدباء والمجانين، بإرثها الديني والأدبي، وبما بقي فـيها من آثار وبقايا عهود السيادة والألق والريادة، يشعر أبناؤها أنهم من سلالة أدب وعلم، ويفخرون بما ترك لهم من منابر وجدران وصوامع ومخطوطات، ولذلك وجد صلاح الدين بوجاه مهجعه واستكانته وساح فـي فضاءاتها وتفاعل مع أطلالها الباقية، وجاور أولياءها، وتشرب من أسفارها وعايش من بقي من أنفاس علي الحصري وابن رشيق من شعراء وأدباء نهجوا النهج السلفـي فـي الكتابة شعرا ونثرا، وغذاه والده من ثراء مكتبته وهو غض طري، فابتلاه ببلوة الأدب عشقا وهياما، يقول فـي حوار معه: «قـضيت السنوات العشر الأولى من طـفولتي فـي ريف سـيدي فرحات (منطقة ريـفـية قريـبة من مدينة القيروان). وكانت مكتبة الوالد فـي ذلك الوقت بمثابة غـنم كبير بالنسبة إلي. فكان الريف والصمت والكتب فضاء رحبا مكـنني من الغوص فـي ذاتي والبحث عن أجـوبة خـفـية للاستفهامات الكبرى التي أحاطت بي مبكرا. أما باقي العمر الذي يتجاوز الأربعـين سنة فـقد قضيـته فـي محراب القيروان المدينة المـفعـمة رخاما وترابا وأساطير».

القيروان مدينة المجانين، ففـيها البهلول بن راشد، حكيم المجانين، ومن سلالته وفرة من المجانين العقلاء يملؤون المدينة، وفـيها علي الحصري، صاحب الأشعار الجياد، وابن رشيق القيرواني صاحب العمدة، وعنه نتج عدد من الأدباء ما زالوا يمثلون المدرسة القيروانية فـي الأدب. اختار صلاح الدين بوجاه أن يكون وريثا وفـيا لآبائه، عينه على التراث، وعينه الأخرى على الأدب الفرنسي، وخاصة منه أصحاب «الرواية الجديدة» تنظيرا وإبداعا، فنهل من هذا وذاك، إبداعا ونقدا، ووجد فـي طريق الأدب المقارن سبيلا جامعا بين المختلفـين، فكتب فـي ذلك نقدا ودراسة ما أثْرى به المكتبة العربية وأبلغ تصوره للإبداع، من ذلك مثلا كتابه «كيف أثبت هذا الكلام» و«أدبية الاختلاف» و«الشيء بين الجوهر والعرض»، «مقالة فـي الرواية»، وكتابه الرائع، بالغ الأثر فـي الدراسات المقارنية «فـي الألفة والاختلاف، بين الرواية العربية والرواية المكتوبة بالفرنسية فـي تونس»، ومن هذا التراكم النقدي يمكن أن ندرك دعوة صلاح الدين بوجاه إلى ابتكار أرضية نقدية لا تطابق النظر الغربي ولا تتشربه تمام التشرب، وإنما هي تستلهم قوانينها وضوابطها من روح الأدب العربي الذي أسس قديمه أرضية متينة يمكن الاستناد عليها، ولذلك، فقد دخل التجريب الروائي عن وعي وإدراك، فكتب أول ما كتب من رواية، عملا يستلهم الشكل الإخباري العربي القديم، وبنى روايته على المتن والهامش، وهي التجربة العربية الأولى فـي الكتابة الروائية ظهرت فـي روايته «مدونة الاعترافات والأسرار»، ثم طفق من بعد ذلك، يستلهم من ألف ليلة وليلة، ومن أدب الرحلة، ومن المقامة، فـي رواية حققت القبول الحسن شرقا وغربا، ففتح بابا وسيعا من محاورة الأشكال التراثية السردية، وهي رواية النخاس، التي بها حقق انتشارا ومقروئية، وكانت رواية «التاج والخنجر والجسد» داخلة فـي الإطار ذاته من تجريب الأشكال وإعمال لغة صوفـية، ضاربة فـي القدم.

وصفه بعض النقاد الشرقيين، بأنه واءم الصدع الحال بين أدب المغرب وأدب المشرق، وأنه تلقى التلقي الحسن فـي بلاد المشرق، وقرئت أعماله وانتشرت فـيها، إذ قال صبري حافظ إن رواية النخاس تؤرخ لبداية حوار بين النصوص التونسية والنصوص العربية فـي المشرق. صلاح الدين بوجاه، هو مثال الجامع بين لطافة النقد وحسن إجرائه واختباره وإعماله فـي نصوص شعرية ونثرية، وكتابة الرواية والقصة، وهو فـي الفعلين، وفـي الصورتين، مهتم باللغة الرامزة، يجريها لعبا وجدا، انصاعت له لغة العرب، التي يراها ميزة وخصيصة فـي جمالها وألقها يمكن أن تؤسس ما أسماه هو بالرواية اللغوية، الرواية التي تحتفـي باللغة، وتضعها بؤرة يتركز عليها السرد، ولعله من هذا المنطلق قرر علينا ونحن فـي سنتنا الثانية من التعليم الجامعي رواية لم نسمع بها، ولم نعلم بصاحبها، وهي رواية «الجواشن» لقاسم حداد وأمين صالح، وهي رواية اللغة بامتياز، ومنه تفتحت أعيننا على كتب فـي التراث لم نكن نقف على منزلتها، وعلى أدباء معاصرين اضطررنا لتتبع آثارهم. والأهم من كل ذلك أنه علمنا حيل اللغة، وإدراك جمالها، اللغة فـي روايات صلاح الدين بوجاه، كما فـي دروسه، هي محراب صوفـي، هي متأسسة على عمق رمزي وسيع. أختم بانصراف بوجاه فـي رواياته إلى دمج الأسطوري والواقعي، الأسطورة فـي رواياته ليست عاملا موظفا، وإنما هي الواقع ذاته، أو هي البعد الثالث للواقعية فـي مصطلح بوجاه. «سبع صبايا»، «لون الروح»، «النخاس»، «التاج والخنجر والجسد»، كلها فضاءات سردية، تعْمل الأسطورة وجها من الواقع، وتصرف اللغة لإيقاظ الأساطير بطرائق شتى. لقد أفنى بوجاه جهده فـي البحث عن الشكل الأمثل لرواية عربية مميزة، والعمل الأدبي فـي نهاية المطاف، على حد عبارة هولدرلاين «هو بحث عن الشكل»، الذي سخر له بوجاه، اللغة والشخصيات والألوان والأصباغ لخلقه، «أفلا يمكن القول إن مشروع الكتابة عند صلاح الدين بوجاه قائم على «البحث عن الشكل» مع كل رواية جديدة! هكذا تكون «المدونة» استرجاعا لشكل المتن والحاشية، و«التاج والخنجر والجسد» استدراجا للسيرة الذاتية، و«النخاس» مداورة للملحمة، و«السيرك» قراءة للعمارة العربية، و«سبع صبايا» استباقا للأسطورة».

مقالات مشابهة

  • «أبيض الناشئين» يخوض نهائيات آسيا في الطائف
  • حقيبة المال: هل بتتّ في الطائف للشيعة؟
  • وسائل إعلام عبرية تكشف تفاصيل حول اللحظات التي سبقت الـ7 من أكتوبر
  • استعادة أراض حكومية على مساحة تتجاوز 2 مليون متر بالطائف
  • أقوى من سيروم سي|وصفة زيت اليوسفي لعلاج علامات التمدد وحب الشباب والندبات
  • هيئة الأدب والنشر والترجمة تقود مشاركة المملكة في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025
  • علي خضران القرني سيرة حياة حافلة بالعطاء
  • معرض الكتاب 2025.. قصور الثقافة تصدر كتاب «الأدب الصغير والأدب الكبير» لابن المقفع
  • السَّاردُ السَّاحر
  • المفقودون في عداد الشهداء.. عائلات غزة تتوشح بالسواد