ثقافة الإختلاف..(انت إيش فهمك)؟
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
في كثير من المجالس، هناك من يتصدّر المشهد، مُبدياً وجهة نظره في جميع المواضيع ، فارضاً رأيه على الجميع ، والويل كل الويل لمن يختلف معه في الرأي، حينها يتحوَّل النقاش إلى ساحة صراع يحاول الكل أن ينتصر فيها .
الإختلاف ظاهرة طبيعية، إلا أن هناك فارقاً كبيراً بين الإختلاف والخلاف، فالإختلاف هو تباين في الآراء ووجهات النظر ، أمّا الخلاف فغالباً ما يكون إستبداداً بالرأي وصداماً ، قد يفضي إلى خصومة أو مواجهة بين طرفيْ الحوار أو النقاش .
هذا النقاش قد يكون برداً وسلاماً على الجميع ، وقد يأخذ منحىً تصاعدياً برشقَات لفظية قد تنتهي بقطيعة، وفي كثير من الأحيان بعراك.
نجد هذا واضحاً في النقاشات التي نراها من حين لآخر في البرامج السياسية في التلفزيون(برنامج الإتجاه المعاكس أنموذجاً)، وأحياناً في برامجنا الرياضية.
في وقت سابق ليس ببعيد، كنت في أحد المجالس الخاصة ،أحد ضحايا الإختلاف في الرأي ، وذلك عندما اختلفت في الرأي مع أحد الموجودين في المجلس ،كان يصرّ على أن رأيه هو الصحيح، ثم أنهى النقاش بقوله: “انت ايش فهمك”.؟
تجنّبت الردّ عليه، حتّى لا ينزلق النقاش إلى مستوى متدنٍ من القذف والسبَاب والشتائم المتبادلة، معطياً ذات الشخص شعوراً واهماً بأنه هو من انتصر في ذلك النقاش.
لست أدري إن كانت هي عادة عندنا نحن العرب، أن نجد صعوبة في تطبيق قاعدة :”إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية”، واستبدالها بمقولة: “إن لم تكن معي فأنت ضدي”.
أجد هذا منتشراً في كثير من النقاشات العامة التي أكون طرفاً فيها أو شاهداً عليها ، خصوصاً الرياضية منها ،بل إنها تتحول في كثير من الأحيان إلى شخصَنة المواضيع، متجاوزةً بذلك سوء الفهم إلى التجّريح و القطيعة.
الإختلاف في جميع الأمور، أمر لا مفرّ منه، وشخصياً ، أجد متعة كبيرة في الإستماع إلى مختلف الآراء لأنها تفتح آفاقاً لم أكن قد اكتشفتها من قبل ، ولا أجد حرجاً في تغيير رأيي في أي نقاش ، متى ما اقتنعت بصحة كلام من أتحاور معه ،وأستغرب كثيراً عندما أجد من يحاول أن يفرض رأيه في مواضيع بها أوجه إختلاف كثيرة.
الثقافة السائدة والتي يشجّع عليها الكثير -للأسف- ، هي التهوين من أمر الشخص ، وتسفيه الرأي المخالف ،بل ويطال الشخص نفسه، فتجدهم يجرحون مشاعره ويسفِّهون آراءه ، وهذا أبعد ما يكون عن طبيعة الحوار مع الآخر، إذْ لابدّ من التشّجيع على احترام الرأي المخالف مهّما كان ، مستشهدين بقول الله لرسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم:”وجادلهم بالتي هي أحسن”.
إن الإختلاف و تبادل الآراء فيه ثراء ، والنقاش العقلاني المبّني على احترام الرأي المخالف حتّى وإن لم يقتنع به الشخص، فيه رقي كبير.
إحدى أهم النقاط لمعالجة الاستبداد بالرأي ، هي عدم الجدال، والصمت إذا لزم الأمر، لأنه لا طائل من جدال من يحاول أن يسرق رأيك، و يكابر في آرائه ، وأيضا عدم الخوض في معركة ليست ذات جدوى، فالصمت أمام هذه النوعية من الناس فيه من الحكمة الكثير.
وعلينا أن نتذكّر دائماً في حواراتنا ونقاشاتنا ، في مجالسنا الخاصة والعامة ، ونحن نتحدث عن ثقافة الإختلاف ، تلك القاعدة الذهبية التي أشرنا إليها سابقا : (إختلاف الرأي لا يفسد للود قضية”،ومقولة
الإمام الشافعي: (إن رأيي صوابٌ يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب) ، ومقولة فولتير الشهيرة: (إنني مستعد أن أدفع حياتي ثمناً للدفاع عن رأي أختلف معه).
أمّا من ينتهجون ثقافة إقصاء الآخر من النقاش ، فينطبق عليهم قول الله تعالى:”والذين هم عن اللغو معرضون”.
jebadr@
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: فی کثیر من
إقرأ أيضاً:
أجهزة الأمن تكشف حقيقة خطف الأطفال بالقليوبية
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ضبطت الأجهزة الأمنية بالقليوبية، عامل ادعى قيام شخص آخر بتخدير وخطف الأطفال بإحدى قرى مركز القناطر الخيرية في محافظة القليوبية، وذلك بعد نشره شكوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي أثارت الذعر بين الأهالي.
البداية عندما تقدم عامل، بدائرة مركز شرطة القناطر الخيرية، بشكوى رسمية عبر الصفحة الرسمية لوزارة الداخلية على فيسبوك، يدعي فيها إن شخصًا مجهولًا يقوم بتخدير وخطف الأطفال داخل القرية، مما أثار حالة من القلق والخوف بين سكان المنطقة.
انتقلت أجهزة الأمن للتحقق من صحة الادعاء، حيث تم بحث السجلات الرسمية، والتأكد من عدم وجود أي بلاغات رسمية أو محاضر محررة تتعلق بهذه الادعاءات وبعد عمليات البحث والتحرى تم تحديد هوية الشخص المشكو في حقه، وتبين انه عاطل وله معلومات جنائية وبضبطه ومواجهته أنكر ما نسب اليه، مؤكدًا أنه لم يتورط في أي أعمال خطف أو تخدير للأطفال، ولم تصدر عنه أي تصرفات مشبوهة من هذا النوع.
جرى على الفور استدعاء الشاكي نفسه للتحقيق، وبتضييق الخناق عليه اعترف أنه قام بنشر هذه المعلومات المغلوطة بسبب خلافات عائلية بين المشكو في حقه وأحد أقاربه ” نجل عمه ”.
وعند سؤال نجل عمومة المشكو في حقه، أكد أن هذه الشكوى كيدية، وأن الهدف منها إثارة الرأي العام ضد الشخص المتهم زورًا، ومحاولة جذب انتباه أهالي القرية وتشويه سمعته.
وجرى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق الشاكي، وذلك لنشر أخبار كاذبة وإثارة الذعر بين المواطنينواكد وزارة الداخلية على التعامل بحزم مع البلاغات الكاذبة التي قد تثير الفوضى في المجتمع.