نظمت مديرية الأوقاف بالفيوم برئاسة الدكتور محمود الشيمي وكيل الوزارة أوقاف الفيوم، 17 أسبوعا دعويا بجميع الإدارات الفرعية تحت عنوان: "محاسبة النفس". 

 جاء ذلك في إطار الدور التثقيفي ونشر الفكر الوسطي المستنير، الذي تقوم به أوقاف الفيوم بجميع الإدارات الفرعية، وتشمل فعاليات البرنامج التثقيفي، ومقارئ الأئمة والجمهور.

 

 خلال الندوات أكد العلماء أن محاسبة النفس زاد المتقين، وسبيل النَّجاة يوم الدين، وقد أقسم الحق سبحانه بالنفس الكريمة التي تُكثِر لَوْمَ صاحبِها ومحاسبتَه، يقول سبحانه: "وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ"، ودعانا نبيُّنا (صلى الله عليه وسلم) إلى محاسبة النفس، وأخبرنا أن أذكى المؤمنين هو الذي يضع الموت في حسبانه ويعمل لآخرته، فحينما سئل نبينا (صلى الله عليه وسلم) أي المؤمنين أكيس؟ قال (صلى الله عليه وسلم): "أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا وَأَحْسَنُهُمْ لِمَا بَعْدَهُ اسْتِعْدَادًا"، ويقول سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه): "حاسِبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا، وزِنوها قبل أن تُوزَنُوا، وتزيَّنوا للعرض الأكبر: "يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيةٌ". 

 وأوضح العلماء أنه إذا كان الإنسان سيلقى ربه سبحانه، ويحاسبه ويسأله عن كل شيء؛ فحُقَّ له أن يحاسِب نفسه قبل أن يُحاسَب، حيث يقول الحق سبحانه: "وَقِفُوهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ"، ويقول سبحانه: "وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا"، ويقول تعالى: "إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا"، ويقول المصطفى (صلى الله عليه وسلم): "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا سَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ، فَيَنْظُرُ أَيْمَنَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ أَشْأَمَ مِنْهُ فَلَا يَرَى إِلَّا مَا قَدَّمَ، وَيَنْظُرُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَلَا يَرَى إِلَّا النَّارَ تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، فَاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَة ". 

  العلماء: العاقل هو الذي لا يغفل عن محاسبة نفسه 

 كما أشار العلماء إلى أن العاقل هو الذي لا يغفل عن دوام محاسبة نفسه، ويتزوَّد بالتقوى ليوم القيامة، حيث يقول الحق (سبحانه): "وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى"، ويقول سبحانه: "وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ"، ويقول تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ* وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"، يقول ابن كثير (رحمه الله): أي: حاسِبوا أنفسَكم قبل أن تُحاسَبُوا، وانظروا ماذا ادَّخرتُم لأنفسِـكم من الأعمالِ الصالحةِ ليومِ معادِكم وعرضِـكم على ربِّكم، واعلموا أنه عالمٌ بجميع أعمالكم وأحوالكم، لا تخفى عليهِ منكم خافية، موضحين أنه بالمحاسبة تُزَكَّى النفس وتُرَقَّى إلى معالي الأمور وصالح الأخلاق، حيث يقول الحق سبحانه: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا"، ويقول الحسن البصري (رحمه الله): إنَّ العبدَ لا يزالُ بخيرٍ ما كان له واعظٌ مِن نفسه، وكانت المحاسبةُ مِن هِمَّتِه، ولا شك أن محاسبة النفس لا تقف عند حد النظر فيما قدمت لآجلتها، ومحاسبتها على أداء الشعائر من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحجٍّ ونحو ذلك، بل يمتد مفهومها ليشمل محاسبة النفس على ما قدمت لعمارة الكون ، وماذا قدم الإنسان لأهله ووطنه والإنسانية من علم نافع وعمل جاد ، فالعاقل هو من يعمِّر الدنيا بالدين ، ويلبي نداء وطنه متى دعاه الوطن أو احتاج إليه ،كما بينوا أنه وإذا كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) قد عدد أركان الإسلام في قوله: "بُنِيَ الإسلامُ على خمسٍ، شَهادةِ أن لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ محمَّدًا رسولُ اللَّهِ، وإقامِ الصَّلاةِ، وإيتاءِ الزَّكاةِ، وصَومِ رمضانَ، وحجِّ البيتِ لمنِ استطاعَ إليهِ سبيلًا"، فإن مفهوم العبادات أوسع من ذلك بكثير، فالإحسان إلى الأهل والنفقة عليهم من كسبٍ حلالٍ عبادة، والصدق عبادة، والأمانة عبادة، وإتقان العمل عبادة، وعمارة الكون عبادة، وما أجمل العيش في سبيل الله بأن يسخر الإنسان حياته لمرضاة الله سبحانه بخدمة خلقه وقضاء حوائجهم وكف الأذى عنهم، حيث يقول الحق سبحانه: "هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا"، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): "إِنَّكَ أَنْ تَتْرُكَ ورَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيرٌ مِنْ أنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ، وَإِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً إِلَّا أُجِرْتَ بِهَا، حَتَّى اللُّقْمَةَ تَرْفَعُهَا إِلَى فِي امْرَأَتِكَ"، ويقول (صلى الله عليه وسلم): "مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلَ مِنْهُ إِنْسَانٌ، أَوْ طَيْرٌ، أَوْ سبْعٌ ، إِلَّا كَانَ لَهُ صَدَقَةً"، فما أحوجنا إلى دوام محاسبة النفس، والمبادرة بتعجيل التوبة الصادقة؛ والعزم الصادق على الإصلاح، حيث يقول نبينا (عليه الصلاة والسلام): "إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا". 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: اوقاف العلماء الفيوم بوابة الوفد جريدة الوفد صلى الله علیه وسلم الحق سبحانه قبل أن

إقرأ أيضاً:

هل أسامح اللي ظلمني ولا آخد حقي منه؟.. أمين الفتوى يُجيب

كتب- حسن مرسي:

أجاب الشيخ أحمد وسام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال متصل بشأن: "أسامح اللي ظلمني ولا آخد حقي منه؟".

وقال أمين الفتوى، خلال حلقة برنامج "فتاوى الناس"، المذاع على فضائية "الناس"، اليوم الأحد، إن عدم مسامحة الشخص الذي أساء أو ظلم ليس ذنبًا بحد ذاته، ولكنه يشير إلى درجات مختلفة من الفضل عند الله.

وأوضح أنه ليس من الضروري أن يشعر الشخص بالذنب إذا لم يكن قادرًا على مسامحة من أساء إليه أو ظلَمه، ولكن هناك درجات أعلى من الفضل عند الله سبحانه وتعالى لمن يسامح ويعفو، موضحا أن تمسك الإنسان بحقه واسترداده ليس ظلمًا، ولكنه قد يكون أقل درجة من الفضل الذي يناله من يعفو ويسامح.

وأشار إلى أن الله تعالى يقول في القرآن الكريم: "وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَىٰ" (سورة النور: 22)، وهو يشير إلى أن الفضل والكرم أعلى درجة من التمسك بالحقوق فقط، مضيفا أن هذه الآية نزلت في سياق حادثة الإفك، حيث كان سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يمد قريبًا له بمرتب شهري، وعندما انتشرت الإشاعات عن ابنته السيدة عائشة رضي الله عنها، قطع سيدنا أبو بكر المساعدة المالية، ورغم أنه لم يكن عليه إثم، إلا أن الله سبحانه وتعالى يوصي بالعفو والفضل.

وشدد على أن مسامحة الآخرين والعفو عنهم هي درجة عالية من الفضل عند الله، في حين أن التمسك بالحقوق هو أمر مشروع ومسموح به، فإن العفو والتسامح يرفعان الإنسان إلى درجات أعلى من الأجر والمغفرة، موضحا أن الله سبحانه وتعالى يقول في نهاية الآية: "وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا ۗ أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ" (سورة النور: 22)، مما يدل على أن العفو والتسامح قد يكون سببًا لمغفرة الله ورحمته.

مقالات مشابهة

  • محافظ الفيوم يشهد احتفال الأوقاف بالمولد النبوي الشريف
  • محافظ الفيوم يشهد احتفال "الأوقاف" بالمولد النبوي الشريف
  • محافظ الدقهلية يشهد احتفال أوقاف الدقهلية بالمولد النبوي الشريف
  • بشارة الانجيل بمجيء رسول الله محمد صل الله عليه وآله وسلم..
  • فضل زيارة مقام النبي عليه السلام وروضته الشريفة
  • «أوقاف الشرقية» تنظم احتفالية بذكرى المولد النبوي الشريف بمسجد الفتح 
  • هل أسامح اللي ظلمني ولا آخد حقي منه؟.. أمين الفتوى يُجيب
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • هداية مولده صلى الله وسلم عليه وعلى آله للعالمين
  • حملة "كأنه معك" تسلط الضوء على جوانب إنسانية في حياة النبي صلى الله عليه وسلم