الغارديان تنشر تحذيرا خطيرا.. ربع سكان غزة قد يموتون خلال عام
تاريخ النشر: 1st, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، مقالا للخبيرة الأمريكية ديفي سريذار، أستاذة الصحة العالمية في جامعة أدنبرة، تحذر فيه من خطر محدق يحيط بسكان قطاع غزة، بسبب انتشار الأمراض جراء العدوان الإسرائيلي وانعدام مقومات الحياة.
سريذار وفي تحذير خطير، قالت إن ربع سكان القطاع البالغ تعداده نحو مليوني نسمة، قد يموتون خلال عام بسبب انتشار الأمراض.
وقالت إنه "ليست فقط رصاصات وقنابل، فأنا لم أر من قبل المنظمات الصحية قلقة بهذا الشكل حول المرض في غزة".
وتاليا الترجمة الكاملة للمقال:
حطمت الحرب الإسرائيلية على غزة العديد من الأرقام القياسية. فهذا هو الصراع الأكثر قتلاً للصحفيين منذ ثلاثين سنة، كما تسببت الحرب في أكبر عدد من الوفيات في صفوف العاملين في الأمم المتحدة في تاريخ المنظمة. وهي في طريقها لأن تصبح الأسوأ على الإطلاق من حيث العدد الكلي للهجمات التي تشن على مرافق الرعاية الصحية وعلى العاملين فيها، وبلغ عدد المدارس المدمرة فيها ما نسبته 51 بالمائة من المرافق التعليمية. وفي هذه الحرب لم تحظ باحترام يذكر القواعد الدولية، مثل معاهدات جنيف: فقد تم استهداف المستشفيات وسيارات الإسعاف، وتعرضت منظمات الإسعاف الطبي مثل أطباء بلا حدود وأنقذوا الأطفال للهجوم، وفقد عدد من موظفيها حياتهم.
كما أن الحرب الإسرائيلية على غزة مهلكة للأطفال، ويكاد هذا الصراع يكون الأسوأ بالنسبة للأطفال في الأزمنة المعاصرة: طوال الشهر الماضي، ما يقرب من 160 طفلاً كانوا يقتلون في كل يوم بحسب ما تقوله منظمة الصحة العالمية. قارن ذلك بما عدده ثلاثة أطفال في اليوم الواحد في الصراع الأخير في سوريا، وطفلان في اليوم الواحد في أفغانستان، وما لا يزيد عن 0.7 طفل يومياً في أوكرانيا. تقول منظمة اليونيسيف، صندوق الأطفال التابع للأمم المتحدة، إن ما يزيد عن 5300 طفل قتلوا حتى الآن. هؤلاء لم يختاروا أن يولدوا هناك، وهم أبرياء، وعلى الرغم من ذلك يتحملون القسط الأوفر من تكلفة هذه الهجمات.
وما هو مأساوي حقاً أن ما رأيناه من موت وإصابات، بأعداد تكاد تكون غير مسبوقة، من المحتمل أن يكون البداية فقط. من خلال النظر في صراعات مشابهة حول العالم، يعرف خبراء الصحة العامة أننا قد نرى أعداداً من الأطفال يلقون حتفهم بسبب الأمراض التي يمكن مكافحتها أكبر بكثير من عدد من يموتون بالرصاص والقنابل. بينما تتحدث الحكومة الإسرائيلية عن مناطق آمنة من أجل أن تلجأ إليها العائلات، فإن هذه المناطق أبعد ما تكون عما يمكن اعتبارها مناطق آمنة للصحة العامة، إذ لا يوجد فيها مياه نظيفة، ولا مرافق صحية شغالة ولا مراحيض، ولا طعام كاف ولا ما يكفي من العاملين المدربين في القطاع الصحي ولا من الأدوية والمعدات. هذه هي الاحتياجات الأساسية التي يحتاجها أي إنسان، وخاصة الرضع والأطفال، لكي يبقى على قيد الحياة وفي حالة صحية جيدة.
تقول الدكتورة مارغريت هاريس، المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، إن معدلات الإصابة بالإسهال بين أطفال تجمعات الإيواء التي تشبه المخيمات وصلت في أوائل شهر نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مائة ضعف ما كانت عليه معدلاتها في الأوقات الاعتيادية. في ظل عدم توفر العلاجات، من الممكن أن يصاب الأطفال سريعاً بالجفاف. من المعروف أن الأمراض التي من أعراضها الإسهال هي ثاني أكبر سبب لوفيات الأطفال دون سن الخامسة حول العالم، وهذه يسببها في العادة تلوث مصادر المياه وعدم توفر السوائل التي تعطى عبر الفم لعلاج الجفاف. كما زادت معدلات الإصابة بجدري المياه والأمراض الجلدية المؤلمة، وهناك مخاوف من أن تفضي الفيضانات التي وقعت مؤخراً إلى اختلاط المجاري غير المعالجة بالمياه العذبة المستخدمة للشرب والطهي، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفشي الكوليرا.
لقد لعب المرض دوراً في المعارك على مدى القرون. فأثناء الحرب الأهلية في الولايات المتحدة، كان سبب ثلثي الوفيات بين الجنود هو الإصابة بأمراض مثل الالتهاب الرئوي، والتيفوئيد، والزحار (الدزنطاريا) والملاريا. وفي عام 1994، تمكن مرضان، الكوليرا والزحار، وكلاهما يرتبطان بانعدام نظافة المياه وبمناطق النزاع، من قتل ما يزيد عن 12 ألفاً من اللاجئين الروانديين خلال ثلاثة أسابيع فقط في شهر يونيو (حزيران) من عام 1994.
بحسب تقديرات وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة فإن ما يقرب من 85 بالمائة من سكان غزة باتوا نازحين. في تقرير نشرته مجلة ذي لانسيت، يقدر الخبراء الذين حللوا أوضاع اللاجئين الذين نزحوا من قبل أن معدلات الوفيات الأولية (أي عدد الوفيات لكل ألف شخص) كانت ستين مرة أعلى مما كانت عليه قبل أن يبدأ الصراع، في المتوسط. إذا ما سحبنا ذلك على الوضع الحالي في غزة، حيث كان معدل الوفيات الأولي قبل الصراع 3.82 في 2021 (وهو منخفض نسبياً بالنظر إلى غلبة الشباب بين السكان)، يمكن أن تصل معدلات الوفاة في 2024 إلى 229.2 فيما لو استمر الصراع والنزوح في مستواه الحالي، وظل أهل غزة يعانون من ظروف غير صحية ومن انعدام المرافق الطبية والمساكن الدائمة.
في نهاية المطاف، وما لم يطرأ تغير ما، فإن العالم يواجه احتمال وفاة ما يقرب من ربع سكان غزة البالغ تعدادهم مليونين – أي ما يقرب من نصف مليون نسمة – خلال عام واحد. معظم تلك الوفيات ستكون بسبب عوامل صحية كان يمكن منعها وبسبب انهيار النظام الطبي. هذا تقدير أولي، ولكنه مستوحى من البيانات ويعتمد على أرقام للوفيات حقيقية ومرعبة شهدتها صراعات سابقة مشابهة.
تحاول المنظمات الدولية التحذير من هذا الوضع، وعن ذلك تقول هاريس بحسرة: "يبدو أن العالم فقد بوصلته الأخلاقية." بينما حذرت اليونيسيف قائلة: "إن نقص المياه والغذاء والدواء والحماية خطر أكبر من القنابل يتهدد حياة آلاف الناس في غزة."
لم أزل أعمل في قطاع الصحة العامة العالمي منذ عشرين عاماً، ولم يسبق أن سمعت منظمات الصحة والإغاثة تعبر عن قلقها بهذا الشكل الصريح حول مستوى المعاناة والموت في غزة. إنه صراع غير مسبوق، بل لعله حطم جميع السجلات المأساوية. وبينما يستمر الجدل بين الخبراء حول ما إذا كان ما يحصل هناك إبادة جماعية أم لا، فإن الحقيقة التي لا مراء فيها هي أننا نشهد قتلاً جماعياً للسكان، سواء بالقنبلة أو الرصاصة أو بالتجويع أو المرض.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الصحة العالمية غزة فلسطين غزة الاحتلال الصحة العالمية طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ما یقرب من فی غزة
إقرأ أيضاً:
يموتون ليلا.. حكاية قبيلة الهمونج المصابة بمتلازمة غريبة
في مناطق جنوب شرق آسيا، مثل لاوس وفيتنام وتايلاند وبعض قرى الصين، تعيش قبيلة الهمونغ التي تتميز بثقافتها الفريدة ولغتها التقليدية المميزة، ورغم انعزالها عن الصراعات والحروب الإقليمية فإنها تواجه القبيلة تهديدًا صحيًا غامضًا يُعرف بـ«متلازمة الموت الليلي المفاجئ غير المتوقع» (SUNDS)، حيث توفى العشرات منهم خلال العقود الماضية دون أي إشارات سابقة أو أمراض معروفة.
حكاية قبيلة مصابة بمتلازمة الموت المفاجئ ليلًايعاني أفراد قبيلة الهمونغ من ظاهرة غامضة تؤدي إلى وفاتهم أثناء النوم دون أسباب واضحة. حتى المهاجرين من القبيلة الذين يعيشون في دول أخرى، مثل الولايات المتحدة، لم يسلموا من هذه المتلازمة، وفقًا لدراسة منشورة على موقع «Springer»، تم تسجيل أول حالة وفاة في يوليو 1977، ومنذ ذلك الوقت، توفي أكثر من 100 شخص من جنوب شرق آسيا في الولايات المتحدة بسبب هذه الظاهرة.
في ستوكتون، كاليفورنيا، تمت دراسة 118 رجلاً وامرأة من الهمونغ حول وعيهم وتجربتهم الشخصية مع الوفاة الليلية. أظهرت البيانات أن معدلات الوفيات مرتفعة بشكل خاص بين الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و44 عامًا، وبين عامي 1981 و1982، وصل معدل الوفيات بسبب هذه المتلازمة إلى 92 لكل 100,000 شخص، وهو معدل يعادل مجموع الوفيات الناتجة عن الأسباب الخمسة الرئيسية للوفاة الطبيعية في الولايات المتحدة.
وفي الفترة 1981-1982، كان معدل الوفيات 92 لكل 100.000 شخص، وهذا يعادل مجموع معدلات الأسباب الخمسة الرئيسية للوفاة الطبيعية بين الذكور في الولايات المتحدة، وعلى الرغم من الدراسات العديدة التي أجريت على SUNDS، لم يتمكن علماء الطب من تحديد السبب الدقيق لوفاة هؤلاء الأشخاص الأصحاء أثناء نومهم.
ويشير أحدث تقرير صادر عن مراكز السيطرة على الأمراض في أتلانتا، جورجيا، إلى أنه على الرغم من أن الدراسات قد أشارت إلى وجود خلل هيكلي في نظام التوصيل القلبي والإجهاد قد يكونان من عوامل الخطر لـ SUDS، إلا أن سبب الوفيات لا يزال مجهولاً.
من هم قبال الهمونج ؟هم مجموعة عرقية من الناس لديهم لغة وثقافة محددة، جاءت قبائل الهمونغ في الأصل من الصين التي يعود تاريخها إلى أكثر من 4000 عام، غادر بعض الهمونغ الصين إلى فيتنام ولاوس وتايلاند وبورما بداية من أوائل القرن التاسع عشر نتيجة للتوسع الأرضي من قبل الحكومة الصينية.
منذ عام 1975، بعد انسحاب الولايات المتحدة من جنوب فيتنام، انتقل الآلاف من الهمونغ من لاوس لطلب اللجوء في العديد من الدول الأوروبية والغربية بما في ذلك أستراليا وفرنسا وكندا وألمانيا والولايات المتحدة، ووفقًا لتعداد الولايات المتحدة لعام 2010، كان هناك حوالي 260.000 أمريكي من الهمونغ يعيشون في الولايات المتحدة، حيث يعيش الأغلبية في ولايات كاليفورنيا ومينيسوتا وويسكونسن.