غزة تودّع عاما مليئا بالموت والدمار
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
غزة «وكالات»: ودّعت غزة الفلسطينية أمس عاما قاتما مضمخا بالدماء والموت والدمار في ظل غياب أي مؤشرات على إمكانية وضع حدّ قريبا للعدوان الإسرائيلي المستعر في القطاع المدمر والمحاصر والذي يعد الأكثر دموية ودمارا في الأراضي الفلسطينية.
لم تهدأ الغارات الجوية الإسرائيلية، ولم تتوقف المعارك البريّة بين الجيش الإسرائيلي وعناصر حماس، فيما يسود اليأس بين سكان القطاع المحاصر الذين يعانون تداعيات العدوان اليومية.
واستشهد 40 فلسطينيا على الأقل في قصف ليلي أمس على مدينة غزة وانتشلت 18 جثة حتى الآن فيما دُفن العديدون تحت الأنقاض. وقال محمد بطيحان وهو من سكان غزة: «بعد الانفجار أتينا إلى المنطقة ووجدنا الشهداء أينما كان. استخرجنا حتى الآن تقريبا 15 شهيدا وقد يكون هناك حوالي 30 شهيدا آخر تحت الأنقاض».
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه قتل 12 مقاتلا فلسطينيا في عدد من المعارك البرية وفي القصف الجوي والمدفعي، مشيرا إلى أنه عثر على أنفاق لحماس ومتفجرات مزروعة في روضة أطفال.
وقال سكان ومسعفون إن الطائرات الإسرائيلية كثفت هجماتها على وسط قطاع غزة أمس في وقت تحتدم فيه المعارك الدائرة حول أنقاض بلدات ومخيمات لاجئين في الحرب التي قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إنها ستستغرق «عدة شهور أخرى» قبل أن تنتهي.
واستهدفت ضربات جوية منطقتي المغازي والبريج في وسط القطاع مما أسفر عن استشهاد ثمانية أشخاص في منزل واحد ودفع المزيد من السكان للفرار إلى رفح على الحدود مع مصر بعيدا عن خطوط جبهة تشتبك فيها دبابات إسرائيلية مع مقاتلين من حركة المقاومة (حماس).
وأظهر تسجيل فيديو نشره الهلال الأحمر أمس الفوضى التي عمت بعد الضربات الجوية في وسط القطاع، كما أظهر مسعفين يعملون في الظلام ويحملون طفلا مصابا من بين حطام يتصاعد منه الدخان.
وقالت وزارة الصحة في غزة أمس إن 21822 فلسطينيا استشهدوا وأصيب 56451 آخرون في الغارات الإسرائيلية على القطاع الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر. وأضافت إن 150 فلسطينيا استشهدوا وأصيب 286 آخرون في غارات إسرائيلية في الساعات الأربع والعشرين المنصرمة. وأدّت الحرب إلى نزوح كل سكان القطاع تقريبا وعددهم 2.3 مليون نسمة.
وقال مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) على وسائل للتواصل الاجتماعي أمس الأول السبت إن الحرب ونقص الإمدادات دفعا 40 بالمائة من سكان القطاع لخطر المجاعة.
وتمنع إسرائيل دخول أغلب إمدادات الغذاء والوقود والدواء منذ السابع من أكتوبر. وقالت إسرائيل أمس إنها مستعدة للسماح بإيصال سفن من بعض الدول الغربية للمساعدات بشكل مباشر لسواحل قطاع غزة بعد عمليات تفتيش أمنية في قبرص.
وفي آخر تصريحاته قبل أن يترك منصب وزير الخارجية ويتولى منصب وزير الطاقة أمس، قال إيلي كوهين إن الحدود هي المصدر المرجح للتسليح الذي حصلت عليه حماس عبر السنوات الماضية. وقال حسين الشيخ المسؤول الكبير في السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة على موقع للتواصل الاجتماعي إن سيطرة إسرائيل على الحدود دليل على قرار «لإعادة الاحتلال بالكامل».
ولم تعلق وزارة الخارجية المصرية بعد على اعتزام إسرائيل استعادة السيطرة على المنطقة الحدودية وعلى ما إذا كانت أسلحة حماس قد دخلت لقطاع غزة من مصر.
وقالت أم محمد (45 عاما) من النازحات عند الحدود: «جئنا هنا من خان يونس على أساس رفح مكان آمن. ليس هناك مكان في رفح لأنها مكتظة بالنازحين... إذا سيطروا على الحدود أين سيذهب الناس؟» ووصفت ذلك بأنه سيكون «كارثة». وتفرض إسرائيل منذ التاسع من أكتوبر حصارا محكما على قطاع غزة الذي كان يخضع أصلا للحصار منذ عام 2007، تاريخ سيطرة حركة حماس عليه، ما تسبّب بنقص حاد في المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب والوقود والدواء.
ولا تكفي قوافل المساعدات اليومية التي تدخل القطاع للتخفيف من معاناة السكان، وفق الأمم المتحدة التي أشارت إلى نزوح أكثر من 85 في المائة من سكان غزة البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.
وحذّرت منظمة الصحة العالمية من الخطر المتزايد لانتشار أمراض معدية. وأعلنت الأمم المتحدة أن غزة «على بعد أسابيع» فقط من الدخول في مجاعة. ومع احتدام الحرب، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش «المعاناة الإنسانية الرهيبة» و«العقاب الجماعي» للمدنيين الفلسطينيين. ويدعو جوتيريش مع العديد من زعماء العالم بشكل متكرر إلى وقف إطلاق نار فيما تعهدت إسرائيل مواصلة حربها حتى القضاء على حماس.
داخل غزة، ترجو العائلات الفلسطينية التي دفع العديد منها للنزوح إلى أقصى جنوب القطاع مع اقتراب جبهة القتال، أن تهدأ الحرب. وقال محمود أبو شحمة من مخيم للنازحين في رفح عند الحدود مع مصر: «كنا نأمل بأن يأتي عام 2024 في ظل ظروف أفضل وبأن نحتفل برأس السنة في منازلنا مع عائلاتنا». وأضاف أبو شحمة (33 عاما) النازح من خان يونس في جنوب قطاع غزة أيضا: «نأمل بأن تنتهي الحرب ويكون بإمكاننا العودة إلى منازلنا والعيش بسلام».
وتظاهر السبت أكثر من ألف شخص في تل أبيب للضغط على حكومة نتانياهو لإعادة الرهائن المحتجزين في غزة.
وقال نير شافران (45 عاما) «آمل بأن يتم التوصل إلى اتفاق آخر وإن كان جزئيا أو أن يتم الإفراج عن بعضهم. أحاول التشبّث بكل ذرة أمل». ويواصل الوسطاء الدوليون جهودهم للتوصل إلى وقف جديد لإطلاق النار.
ويبحث وفد من حركة حماس في القاهرة في مقترح مصري لوقف إطلاق النار على ثلاث مراحل.
ونقل موقعا «أكسيوس» الإعلامي الأمريكي و«واي نت» الإسرائيلي عن مصادر إسرائيلية لم يكشفا هويتها، أن قطر أبلغت إسرائيل بأنّ حماس وافقت على مبدأ استئناف المحادثات بهدف إطلاق سراح أكثر من أربعين رهينة مقابل وقف لإطلاق النار.
وردا على سؤال حول المفاوضات، قال نتانياهو السبت إن حماس «أعطت مجموعة من الإنذارات التي رفضناها»، مضيفا «نشهد تحوّلا معينا، (لكن) لا أريد إثارة آمال»، من دون تقديم تفاصيل إضافية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
تعنت إسرائيلي.. الجمود يسيطر على مفاوضات إطلاق النار في غزة.. وجيش الاحتلال يواصل إخلاء شمال القطاع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت صحيفة هآرتس العبرية، إنه لا يوجد اتفاق وقف إطلاق نار بغزة فى الأفق، وأن جيش الاحتلال مستمر فى إخلاء شمال غزة بسبب حالة الجمود.
ووفقا للصحيفة فإنه ورغم الاتصالات المكثفة التى جرت فى الأسابيع الأخيرة، إلا أن المحادثات بشأن صفقة المختطفين تعثرت من جديد وفرص التوصل إلى تسوية تبدو ضئيلة. ومن المحتمل أن تدخل رئيس الولايات المتحدة المنتخب دونالد ترامب وحده هو الذى سيتمكن بطريقة أو بأخرى من إخراج هذه العربة من الوحل الذى أحاط بتنصيبه فى ٢٠ يناير المقبل.
وبحسب الصحيفة فإنه دون اتفاق سوف يقوم جيش الاحتلال الإسرائيلى بتوسيع هجماته إلى مناطق أخرى فى شمال قطاع غزة، بينما يقوم بشكل منهجى بتنفيذ "الجنرالات" بإزالة السكان الفلسطينيين من هناك، وشككت الصحيفة للغاية فى ما إذا كان هذا سيهزم حماس.
وذكرت الصحيفة، أن الخلافات بين إسرائيل وحركة حماس لا تزال قائمة، حيث تطالب حماس بالحصول على التزام واضح بالانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة، والذي سيتم دعمه بخرائط وجدول زمني صارم.
كما تسعى الحركة إلى صياغة اتفاقيات حول مفاتيح إطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية فى الجولات القادمة من الصفقة.
فيما تطالب إسرائيل حماس بتزويدها بقائمة كاملة ومفصلة بأسماء جميع الأسرى وحالتهم أحياء كانوا أم أموات.
وبحسب الصحيفة، فإن نقطة الخلاف الأخرى هى رغبة الحكومة الإسرائيلية فى التوصل إلى صفقة جزئية فقط، يتم بموجبها إطلاق سراح الأسرى المدرجين فى القائمة "الإنسانية" فقط - النساء والمسنين والجرحى والمرضى - فى هذا الوقت".
كما أن هناك خلافًا حول تعريف المرضى والجرحى الذين قد يدخلون فى المرحلة الإنسانية. لأنه بعد عام وأربعة أشهر تقريبًا من الأسر، أصبحت حالة جميع الأسرى الإسرائيليين صعبة، ويبدو أنه من الممكن إدراجهم جميعًا فى القائمة"، وفقا للصحيفة.
وأوضحت الصحيفة أنه لإسرائيل مصلحة فى زيادة العدد قدر الإمكان، لأن إتمام المرحلة الثانية من الصفقة أصبح موضع شك".
ومن ناحية أخرى، فإن قيادة حماس فى قطاع غزة، بقيادة محمد السنوار وعز الدين حداد (التى تحدد فعليا مواقف حماس فى المفاوضات)، تسعى إلى إعادة عدد محدود فقط من المختطفين من أجل الحفاظ على الباقي. باعتبارها "شهادة تأمين" لنفسها، على افتراض استئناف القتال قريبًا".
وهذا الوضع، الذى تصفه الصحيفة بدقة، لم يتغير كثيرًا خلال العام الماضي. حماس، حتى بعد مقتل معظم كبار مسئوليها فى الاغتيالات الإسرائيلية، متمسكة بمطالبها الرئيسية: إنهاء الحرب، انسحاب إسرائيلى كامل، إطلاق سراح أعداد كبيرة من الأسرى الفلسطينيين. المسجون فى إسرائيل (بما فى ذلك العديد من كبار المسئولين الذين ترغب الحركة إطلاق سراحهم مثل مروان البرغوثي).
ومنذ انفجار صفقة الرهائن الأولى فى ديسمبر من العام الماضي، كانت هناك محاولات لتجاوز بؤر الجدل، ولكن فى كل مرة يتم إحراز تقدم حقيقي، يكون هناك تراجع فى النهاية.
وقالت الصحيفة إن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ليس مستعدًا لاتخاذ الخطوة الإضافية للتوصل إلى اتفاق، وذلك لمجموعة من الأسباب السياسية والشخصية والاستراتيجية.
ويسلط الجمود فى المفاوضات الضوء على الشكوك بشأن استمرار الحرب فى قطاع غزة. وفى نهاية يوليو الماضي، بعد إطلاق الصواريخ الذى أدى إلى مقتل ١٢ إسرائيليا فى بلدة مجدل شمس الدرزية فى هضبة الجولان المحتل، غيرت إسرائيل مسارها ونقلت مركز ثقل الحرب فى الشمال، إلى لبنان.
وفى بداية شهر أكتوبر بدأت مؤخرًا العملية الهجومية الرئيسية لجيش الاحتلال الإسرائيلى فى قطاع غزة، وهى عملية الفرقة ١٦٢ فى مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة.
ولا تزال هذه العملية، وهى الرابعة فى المخيم منذ بداية الحرب، مستمرة. وكانت النتائج هذه المرة أكثر تدميرًا وفتكا: فقد دمر جيش الإسرائيلى الاحتلال معظم منازل المخيم، وقُتل أكثر من ألفين فلسطينى فى المعارك.
وبينت الصحيفة: يستمر رؤساء الأجهزة الأمنية الإسرائيلية فى الادعاء بأن الضغط العسكري، الذى تصاعد إلى حد ما فى الأسبوع الأخير مع توسيع العملية إلى بلدة بيت حانون القريبة، يدفع المفاوضات نحو التوصل إلى اتفاق عمليًا ويبدو بالفعل أن هذا التحرك ناجم عن الجمود، فالمفاوضات عالقة، ولا يلوح فى الأفق وقف لإطلاق النار، وفى غياب التقدم فى الاتصالات، يستمر السحق فى جباليا".
وتابعت: من دون التوصل إلى اتفاق، فمن المرجح أن تتوسع العملية إلى مناطق أخرى فى شمال قطاع غزة، مع إزالة السكان المدنيين الفلسطينيين بشكل منهجى من المنطقة بأكملها. وتواصل هيئة الأركان نفى أنها تنفذ "خطة الأبطال" المتقاعدة، التى تحدثت عن إخلاء النصف الشمالى من القطاع بالكامل بالقوة. ومن الناحية العملية، يواصل الجيش التقدم هناك خطوة بخطوة".
وأكدت الصحيفة أن حماس تواصل السيطرة المدنية على معظم أنحاء قطاع غزة، لافته إلى أنه تسيطر على الإمدادات الإنسانية، وتجنى الأموال منها.
وأوضحت أن التعافى العسكرى للحركة محدود، وهى فى هذه المرحلة لا تستطيع أن تشكل خطرا حقيقيا على المستوطنات المحيطة بغزة، على الرغم من زيادة معينة فى إطلاق الصواريخ من شمال القطاع، مشيرة إلى أن معظم جهودها موجهة نحو تحصيل الثمن من قوات الاحتلال التى تناور فى جباليا، وأحيانا من قوات الاحتلال التى تحتل ممرى نتسريم وفيلادلفيا.
وختمت الصحيفة: فى ظل هذه الظروف، من الصعب أن نرى كيف ستنتهى الحرب فى أى وقت قريب. وقد تظل إسرائيل متجذرة فى وحل غزة لسنوات قادمة، دون أن يكون لها قرار حقيقي. يحتاج نتنياهو إلى استمرار الحرب - من أجل تبرير أفعاله حتى الآن، ومن أجل منع تشكيل لجنة تحقيق رسمية فى الإغفالات التى جعلت هجوم ٧ أكتوبر ممكن".