نابلس- "دمار غير مسبوق" وصف المواطن الفلسطيني فراس خليفة ما حل بمخيم نور شمس قرب مدينة طولكرم شمال الضفة الغربية، بعد اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي له قبيل منتصف الليل، وتنفيذ عملية عسكرية هي "الأكبر والأعنف" ضد الأهالي ومساكنهم ومنشآتهم التجارية، من بين كثير من الاقتحامات والاعتداءات التي تعرض لها المخيم، واستشهد فيها 24 فلسطينيا منذ بدء الحرب على غزة.

وفي وقت ادعى فيه جيش الاحتلال أن هدف الاقتحام البحث عن العبوات الناسفة المدفونة بالشوارع، واعتقال مطلوبين ومصادرة وسائل قتالية، طال الهدم والتفجير 10 منازل بعضها مكون من عدة طبقات، وحطم الاحتلال 15 مركبة، 7 منها بشكل كامل، كما دمر البنية التحتية بأكملها في معظم حارات المخيم التي توغل فيها، وأصيب 15 شخصا برصاص الاحتلال وشظايا صواريخه المتفجرة.

وتعد هذه العملية العسكرية الثالثة التي تطال مدينة طولكرم ومخيماتها (نور شمس وطولكرم) منذ الثلاثاء الماضي فقط، وهذا الاقتحام السادس لمخيم نور شمس تحديدا منذ الحرب على غزة، لكنه "الأعنف" بوصف الأهالي، كونه حمل طابع التخريب والتدمير، بعد أن تكرر فشل الاحتلال في اعتقال المقاومين في المخيم واغتيالهم.

الاقتحام طال البشر والحجر والاقتصاد بالمخيم، واستهدف مؤسسات دولية تقدم الخدمات للمواطنين (الجزيرة) التدمير هو الهدف

قبيل منتصف الليل وضمن عملية عسكرية استمرت لنحو 12 ساعة، اقتحمت أعداد كبيرة من المركبات العسكرية التي تتقدمها الجرافات مخيم نور شمس، واعتلى القناصة من جنود الاحتلال أسطح المباني، وانتشر آخرون بين الأزقة، وأطلقوا النار على كل ما يتحرك، بينما شرعت الجرافات بتدمير شوارع المخيم، وصولاً لمعظم حاراته لا سيما الوسطى والمحجر وحارة المدارس.

أضحى هذا التدمير ديدن الاحتلال في معظم المناطق التي يقتحمها ويفشل بتحقيق أهدافه، ليصبح التدمير هو الهدف بحد ذاته، محاولاً الضغط على الأهالي وإرهابهم لكسر التفافهم الشعبي على المقاومة، والنيل من المقاومين أنفسهم.

وبحجة ملاحقة المقاومة، عمد الاحتلال لتدمير البنية التحتية في مخيم نور شمس، من شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي والاتصال وغيرها، ثم توسع الدمار ليطال منازل المواطنين ومنشآتهم التجارية وممتلكاتهم الخاصة، وحتى المؤسسات العامة والخدماتية من مدارس ومراكز صحية، سواءً الحكومية أو التابعة لمؤسسات دولية كوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، لم تسلم من هجمات الاحتلال واعتداءاته.

واعتقل جنود الاحتلال العشرات من المواطنين واقتادوهم إلى مراكز تحقيق ميداني، اتخذوها داخل منازل المواطنين التي حوّلت لثكنات عسكرية، وسط اقتحام لمنازل أخرى وتفجير بعضها وهدم أجزاء من أخرى.

تأليب على المقاومة

ولم يكتفِ الاحتلال بالجرافات والتفجير في هدم المنازل، بل قصفها بالطائرات المسيّرة، ويقول المواطن خليفة الذي هدم الاحتلال منزله واثنين من منازل أقاربه في حارة المحجر، إنهم عاشوا "يوما أسوأ وأعنف وأكثر حقدا من أيام الاجتياحات في عملية السور الواقي عام 2002، أو الاقتحامات السابقة التي نفذها الاحتلال بالمخيم خلال العام الجاري".

وأضاف خليفة أنهم تعرضوا لاعتداءات كثيرة، بيد أن ما جرى اليوم كان "إرهابا وهمجية" غير مسبوقة، إذ اعتقل هو وأحد أطفاله (16 عاما) وأبناء عمه، واعتدى الجنود على نجله بالضرب المبرح والعنيف.

ويقول خليفة للجزيرة نت "أراد الجنود إيصال رسالة بأنه ما دامت هذه المجموعات المقاومة موجودة داخل المخيم ستتعرضون لأكثر من ذلك، يريدون تأليبنا على المقاومة وأن نحارب المقاومين ونبغضهم".

ومنذ انسحاب قوات الاحتلال عند العاشرة صباحا وحتى ساعات متأخرة من مساء اليوم، واصل عضو لجنة خدمات المخيم رامي عليان عمله في تقديم المساعدة للمواطنين وإصلاح شبكات الكهرباء والمياه، وقال للجزيرة نت إنه يريد من ذلك أن يمنع تهجير المواطنين من المخيم كما يريد الاحتلال، ويريد تثبيتهم فيه.

ثبات والتفاف حول المقاومة

قدَّر رئيس لجنة الخدمات في مخيم نور شمس نهاد الشاويش خسائر المخيم اليوم وما سبقه من اقتحام آخر قبل يومين بنحو 6 ملايين شيكل (1.66 مليون دولار)، ووصف اعتداء اليوم بأنه "الأكثر همجية"، إذ طال البشر والحجر والاقتصاد بالمخيم، واستهدف مؤسسات دولية تقدم الخدمات للمواطنين.

ويقول الشاويش للجزيرة نت "كل ذلك من أجل كسر المقاومة وصمود الناس على الأرض وصولاً لتهجير المواطنين، لكن مخيم نور شمس قدَّم ولا يزال نموذجا مهما في الصمود والثبات واحتضان المقاومة فوق أرضه، ضد محاولات الاحتلال البائسة لإنهاء تلك الحالة".

وعن سبب تميز حالة احتضان المقاومة في مخيم نور شمس دون غيرها، يقول الشاويش أن ذلك يعود لقرب عائلات المخيم من بعضها وعلاقتها المتميزة، بحكم تهجيرها عام 1948 من منطقة واحدة (مدينة حيفا)، إضافة للإيمان المطلق من كل أهالي المخيم أن الاحتلال ظالم، ويجب أن يزول بأقرب وقت".

وعمد الاحتلال إلى "سياسة ممنهجة" كما يقول مراقبون في تدمير المناطق التي يقتحمونها، لا سيما تلك التي تحتضن المقاومة، كما هو الحال في مخيم جنين، حيث لم يعد الأهالي يصلح منازلهم أو حتى شوارعهم، وبالكاد يكتفون بأقل الخدمات، وذلك لكثرة الاقتحامات وعمليات التدمير في الأشهر القليلة الماضية، وقدرت الخسائر حتى اللحظة وفق رئيس بلدية جنين نضال العبيدي بأكثر من 5 ملايين دولار.

ويعتبر المواطنون أن كل ذلك يمثل محاولات للضغط عليهم "لينفجروا بوجه المقاومين وينفروا منهم بدلاً من احتضانهم"، وهو ما يرفضه الأهالي الذين يؤكدون أن المقاومين هم أبناؤهم، وجزء من نضالهم ضد الاحتلال الممتد طوال 75 عاما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی مخیم نور شمس

إقرأ أيضاً:

المقاومة تستهدف جنود الاحتلال وتتصدى بغارات مضادة شرق غزة

شهدت جبهات القتال في قطاع غزة تصعيدا ميدانيا واسعا، حيث نفذت فصائل المقاومة الفلسطينية عدة عمليات ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي، تزامنا مع ارتفاع كبير في عدد الشهداء المدنيين جراء الغارات الإسرائيلية المتواصلة منذ فجر اليوم.

وأعلنت سرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، أن مقاتليها استهدفوا بصاروخ موجه ثكنة عسكرية لجيش الاحتلال داخل منزل يتمركز فيه عدد من الجنود، شرقي حي التفاح بمدينة غزة.

وأكدت السرايا أن العملية جاءت ردا على المجازر المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين.

بدورها، أكدت كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أن مجاهديها تمكنوا من استهداف دبابة إسرائيلية من طراز "ميركافا 4" بقذيفة مضادة للدروع من نوع "الياسين-105" شرق حي التفاح.

وأضافت القسام في بيانها أن مقاوميها فجروا كذلك عبوة ناسفة مضادة للأفراد في تجمع لجنود الاحتلال الإسرائيلي، ما أسفر عن سقوط عدد منهم بين قتيل وجريح في المنطقة نفسها.

وأظهرت لقطات مصورة تداولتها وسائل إعلام فلسطينية مشاهد لسُحب الدخان الكثيف وأصوات الانفجارات في شرق غزة، وسط تحليق مكثف للطائرات الإسرائيلية.

منشورات تحريضية

ومن جهة أخرى، أصدرت الجبهة الداخلية الفلسطينية تحذيرا مهما للمواطنين في قطاع غزة بعد رصد محاولات خبيثة من قبل الاحتلال الإسرائيلي لإلقاء منشورات تحريضية مرفقة بعملات نقدية من فئة 20 شيكلا وشرائح اتصال إسرائيلية من نوع "سليكوم" بالقرب من مخيم الشاطئ.

إعلان

وأوضحت الجبهة في بيانها أن هذه الشرائح تحتوي على وسائل تجسس واختراق متطورة، حيث يتم استخدامها من قبل الاحتلال الإسرائيلي كوسيلة لاستدراج المواطنين الفلسطينيين للتواصل المباشر مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.

???? تحذير هام |بخصوص إلقاء المناشير والعملات والشرائح في مخيم الشاطئ
???? صادر عن الجبهة الداخلية الفلسطينية

تحذر الجبهة الداخلية من محاولات خبيثة ينفذها الاحتلال عبر إلقاء منشورات تحريضية مرفقة بعملات نقدية (20 شيكل) وشرائح اتصال إسرائيلية ("سليكوم") قرب مخيم الشاطئ.

⚠️ هذه… pic.twitter.com/KNMd9QXEoO

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) April 27, 2025

وأكدت أن الهدف من هذه المحاولات هو استدراج المواطنين نحو العمالة، وهو أمر قد يتم دون وعي أو إدراك من قبل الضحايا.

وشددت الجبهة على عدم تشغيل أو استخدام أي شريحة مشبوهة يتم العثور عليها، محذرة من التواصل أو الرد عبر هذه الشرائح التي تمثل خطرا بالغا على الأمن الشخصي والشعبي.

كما دعت الجبهة المواطنين إلى تسليم أي شريحة اتصال أو منشور يتم العثور عليه فورا إلى الجهات الأمنية المختصة في منطقتهم.

مجازر بحق المدنيين

وفي سياق متصل، أفاد مراسل الجزيرة باستشهاد 3 فلسطينيين وإصابة آخرين بجراح متفاوتة، نتيجة قصف استهدف حي التفاح شرقي مدينة غزة، الذي يشهد منذ ساعات الليل غارات متواصلة تركزت على المنازل السكنية والبنى التحتية.

كما ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة جديدة في جنوب القطاع، راح ضحيتها 8 فلسطينيين، بينهم 3 أطفال وامرأة، عقب استهداف طيران الاحتلال خيمة تؤوي نازحين في مدينة حمد شمال محافظة خان يونس، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وأكدت مصادر طبية أن عددا آخر من المدنيين أصيبوا بجروح خطيرة ومتوسطة جراء القصف، وسط تحذيرات من تدهور الأوضاع الإنسانية في مناطق النزوح التي تعاني من نقص حاد في الخدمات الطبية والإنسانية.

إعلان

وفي تطور آخر، استشهد فلسطيني متأثرا بإصابته في قصف إسرائيلي استهدف بلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس، في وقت تواصل فيه فرق الإسعاف جهودها لانتشال الضحايا تحت القصف المستمر.

ارتفاع حصيلة الشهداء

وأفادت مصادر طبية أن حصيلة الشهداء في قطاع غزة -منذ فجر اليوم- بلغت 38 شهيدا، بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، بالإضافة إلى عشرات الجرحى.

ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواصل أعداد الشهداء والجرحى الارتفاع، حيث أسفرت الحرب حتى الآن عن استشهاد وإصابة أكثر من 168 ألف فلسطيني، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • مصدر أمني بدمشق لـ سانا: قواتنا بدأت عملية تمشيط واسعة في منطقة أشرفية صحنايا، بهدف إلقاء القبض على العصابات الخارجة عن القانون التي اتخذت هذه المنطقة منطلقاً لعملياتها الإرهابية ضد الأهالي وقوات الأمن
  • وسط تصدي من المقاومة.. اقتحامات واعتقالات وتفجير بالضفة
  • أحدثُه اعتقال السمودي .. الاحتلال يوسّع استهدافه للصحفيين في الضفة الغربية
  • قصف إسرائيلي على تجمع للفلسطينيين شرق مخيم جباليا شمال غزة
  • الاحتلال يهدم 4 منازل بالضفة ويعتقل 22 فلسطينيا بينهم 4 سيدات
  • الاحتلال يشن حملة اعتقالات بالضفة تطال 22 مواطنا
  • قوات الاحتلال تهدم 5 منازل غرب الخليل.. وتقتحم مخيم العين في نابلس (شاهد)
  • المقاومة تستهدف جنود الاحتلال شرقي حي التفاح بمدينة غزة
  • الاحتلال يطلق الرصاص الحي باتجاه منازل المواطنين خلال اقتحام مخيم الفوار بالخليل – فيديو
  • المقاومة تستهدف جنود الاحتلال وتتصدى بغارات مضادة شرق غزة