رسام: «الكاريكاتير» الفن الأقرب للبسطاء ولسان حالهم
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
قال رسام الكاريكاتير سمير عبدالغنى، إن فن الكاريكاتير يحمل رسالة سامية ويعبر عن قضايا المواطن وينبض بأحلامه وطموحاته، مشيراً إلى أن الكاريكاتير تمكن من رسم الضحكة على وجوه المصريين فى أحلك الظروف لاعتماده على النقد الساخر، وأضاف «عبدالغنى» فى حوار لـ«الوطن»، أن المصريين شعب مرح بالفطرة وأهم أسرار قوتهم هو الضحك، لافتا إلى أنه تعلم الكثير من مدرسة الرسام العالمى جورج بهجورى، وأنه من بين المحظوظين لقربه منه.
ماذا يمثل فن الكاريكاتير بالنسبة للمصريين؟
- نحن شعب مرح بالفطرة على مر العصور، وأحد أسرار قوتنا هو الضحك، وسوف تجد ذلك فى أبطال المسرحيات والأفلام والكتاب الساخرين ورسامى الكاريكاتير، ونحن قنابل موقوتة من الإبداع الساخر ولا نقبل الكاريكاتير الباكى، لأننا شعب اعتاد أن بعد كل هزيمة نصراً كبيراً، وأننا من خلال السخرية والضحك ننتصر لأنفسنا.
كيف عبر الكاريكاتير عن هموم المصريين؟
- الكاريكاتير هو الفن الأقرب للبسطاء، فإذا كانت اللوحة التشكيلية هى الأقرب للطبقة المتوسطة يبقى الكاريكاتير هو لسان حال الغلابة وصوتهم، وتستطيع عندما تذهب إلى متحف الكاريكاتير بالفيوم أن ترى رسوم حجازى العظيمة التى اهتمت بمشكلات البسطاء ومعاناتهم، أيضاً سوف ترى شخصيات مصطفى حسين بكل تناقضاتها وهى تعبر بوعى عن كل هموم المواطن.
ما أشهر مدارس صناعة الضحك فى مصر؟
- هناك مدرسة أخبار اليوم، وكانت تضم مجموعة كتاب مسئولين عن صناعة الكاريكاتير، منهم مصطفى وعلى أمين وجليل البندارى ومحمد عفيفى، وكانوا يصنعون الأفكار التى كان يرسمها رخا، ثم جاءت فكرة الثنائى مصطفى حسين وأحمد رجب، فمدرسة أخبار اليوم تعتمد على أن الرسام ليس صاحب الفكرة، الفكرة يصنعها الكاتب ورئيس التحرير وهى تعبر عن رأى الجريدة وليس الرسام، أما مدرسة روز اليوسف فاعتمدت على أن الرسام هو صاحب الفكرة والمسئول عنها، لذلك كانت تختار رساميها بعناية وكانت تكتب أسماءهم بنفس بنط كتابة الصحفيين الكبار، ولا تنسى أن أول رئيس تحرير من فئة رسامى الكاريكاتير كان صلاح جاهين فى مجلة صباح الخير، وكان هذا أكبر دليل على أهمية هذا الفن ومبدعيه.
على ذكر صلاح جاهين.. حدثنا عن أهم ملامح مدرسته؟
- صلاح جاهين هو «كوكتيل» إبداع ليس فى فن الكاريكاتير فقط، لكنه كان شاعراً وكاتباً للسيناريو والأغانى والفوازير، كان حالة إبداعية يشبه عصره بكل تقلباته ونجاحاته وانكساراته وأحلامه، وكان صوتاً وضميراً، فإذا قرر هذا الكائن العبقرى أن يرسم كاريكاتير لا يستطيع أن ينافسه أحد، كان مبدعاً أسطورياً وصعب تكراره، رسامو الكاريكاتير عبارة عن نقطة فى بحر صلاح جاهين، الذى أضحك الناس وأسعدهم.
لماذا وصفته بأنه فاكهة الرسامين؟
- لأنه كان يعبر عن المشكلات بخفة دم وأسلوب شديد الوهج والإبداع، وكانت كل رسمة هى طاقة إبداع ومرح وفرح للمواطن ورسالة قاسية عنيفة للمسئول، وهذا هو سر فن الكاريكاتير الكامن فى الرسائل المزدوجة، التى تمنح قُبلة على وجه المواطن وصفعة على وجه التاجر الجشع أو المسئول المقصر، وأود الحديث أيضاً عن العبقرى حسن فؤاد الذى كان يعمل كمايسترو يوزع الأدوار بين الرسامين، ويخلق حالة من المنافسة بينهم لتخرج الأفكار المرحة المدهشة، وكان صلاح جاهين فى منافسة شديدة مع حجازى، والمستفيد هنا كان القارئ المحب لهذا الفن، ولكن المنافسة كانت تنتهى فى صفحات المجلة، لتبقى الصداقة والمحبة بينهما، فالحب بين الرسامين هو الذى صنع كل هذه البهجة.
وماذا عن مجلة كاريكاتير؟
- مجلة كاريكاتير والتى ظهرت سنة 1990، ضمت أهم رسام كاريكاتير ساخر فى الوطن العربى وهو الفنان حسن حاكم، الذى قدم رسوماً ساخرة دون كلام تعتمد على المفارقة، وكان جديداً ومدهشاً واستطاع أن يصنع حالة من البهجة فى عالم الكاريكاتير، وأصبح له تلاميذ ومريدون، وكان القراء يرسلون له خطابات يسألونه ماذا يشرب لكى يأتى بالأفكار المجنونة المدهشة؟
ما الفرق بين الكاريكاتير الضاحك والباكى؟
- الكاريكاتير خلق ليكون هناك صاحب حق منتصر وآخر انتهازى، وكلاهما يستقبل الكاريكاتير بشكل مختلف، واحد يضحك والآخر يشعر بالإهانة، لكن الكاريكاتير المصرى له علاقة بمزاجية هذا الشعب الذى يحب المرح، الفنان حسن حاكم كان دائماً يقول إنه ليس هناك فرق، إذا هزمت عدوك فأنت تضحك وهو يبكى.
نجوم الكاريكاتيرالفن الحديث للكاريكاتير نشأ على يد الفنانين الكبار سانتيس الإسبانى وصاروخان الأرمينى، حتى جاء عبدالمنعم رخا ليكون الكاريكاتير مصرياً خالصاً، ومن بعدهم جاءت مدرسة روزاليوسف بكل عظمائها وقدموا الكاريكاتير السياسى والاجتماعى الساخر، فإذا كنا نريد لهذا الفن أن يزدهر على الدولة إنشاء متحف للكاريكاتير وإعطاء الفرصة لإنشاء مواقع إلكترونية ساخرة.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: صناع السعادة فن الکاریکاتیر صلاح جاهین
إقرأ أيضاً:
الاستسلام العربى
لقد أوجد العرب نظرية جديدة فى الاستسلام تم إعمالها فى العديد من الدول العربية، وآخر هذه الدول «سوريا»، لعل أهم شواهدها اختفاء الحاكم فى لحظة، ولا يجد جيشه وتنهار عنه التحصينات والطائرات والمدافع والسفن. والأمر هنا يختلف عن الاستسلام العسكرى المعتاد الذى يتم فيه استسلام الدول للعدو بعد هزيمة عسكرية فى حرب بينهما وتوقيع وثيقة الاستسلام التى يُطلق عليها «معاهدة سلام»، يَفرض فيها المنتصر شروطه على المهزوم، أما فى الحالة العربية فالأمر مختلف، حيث ترى أن الذى يقبض يده علينا لا يستغرق وقتاً طويلاً فى السيطرة على مفاصل الدولة، بالضبط مثل الحقيقة التى لا نجدها إلا حيث لا نتوقعها، حينها نضطر إلى قبولها وإعادة قبولها مراراً لكى نجعلها شعاراً للمرحلة، ولكن هؤلاء القادة الجدد يعتبرون أنفسهم من الأنبياء.. فالإنسان العربى أشبه بذلك الرجل الذى يعرف الحق ويصفق للباطل، فيقول عنهم «المتنبى» «أغاية الدين أن تحفوا شواربكم» فإن «المتنبى» لا يرضى أن يكون الأمر شكلياً للغاية، فجوهر الدين رفض كل منكر ومن لا يعترض يُعاير بالحزن والعار، ويهرب من لا يتقوى بشعبه.
لم نقصد أحداً!!