من «النكتة» التقليدية القديمة التى اعتاد المصريون تداولها شفاهة، إلى أشكال النكتة الحديثة على الفضاء الإلكترونى ووسائل التواصل الاجتماعى من «بوستات وكوميكس وميمز».. هكذا اختلفت أشكالها وتمت إضافة «الصورة» وربما «الفيديو» إليها، مع ظهور وسائط جديدة أصبح من الممكن أن تنتقل من خلالها، لكن بقيت روح الفكاهة والسخرية عند المصريين واحدة.

وعن سر تحول النكتة والفكاهة إلى منصات «السوشيال ميديا»، يوضح الكاتب الصحفى والإذاعى راجى جلال، أن «السوشيال ميديا أصبحت إحدى أدوات التمكين للمواطن كونها سمحت للجميع بامتلاك المنصات الإعلامية، ومخاطبة جمهور أوسع، وإيصال صوتهم من خلال المحتوى الذى يقدمونه»، مستكملاً: «أحد أكثر أشكال هذا المحتوى انتشاراً عبر المواقع الاجتماعية هو المحتوى الكوميدى الذى يتم تقديمه سواء من العاملين بشكل احترافى فى مجال صناعة المحتوى أو مستخدمين عاديين استطاعوا خطف التريند للحظات عبر تدوينة أو فيديو ساخر قدموه ولاقى انتشاراً واسعاً».

 «عامر»: الشخصية المصرية الميّالة للسخرية صنعت أشكالاً جديدة من الفكاهة

ويشير «عامر»، فى هذا السياق، إلى أن طبيعة الشخصية المصرية مسالمة لذا فهى تميل إلى السخرية عند التعامل مع الأزمات فى محاولة لتهدئة غضبها عبر تفريغ شحنة الغضب أو الإحباط أو الضغوطات النفسية، لذا كان من الطبيعى أن يتم توظيف الأدوات المتاحة عبر «السوشيال» فى صناعة أشكال جديدة من النكت، تعتمد أكثر على الصورة والفيديو، عوضاً عن النكتة التقليدية التى تستند إلى التواصل المباشر بين الناس، مستكملاً أن سخرية السوشيال ميديا تعتمد على الصور أو الفيديوهات التى يقدم أصحابها «اسكتشات» كوميدية يتحدثون خلالها عن مواقف حقيقية أو أخرى من تأليفهم لكنها تحمل مفارقات، وبعضها يحمل إسقاطات على قضايا حقيقية تمس الناس.

وأضاف الكاتب الصحفى والإذاعى، أن الجملة الشهيرة «سمعت آخر نكتة» تحولت فى السنوات الماضية إلى جملة «شوفت الكوميكس ده»، وذلك فى إشارة لأحد أشهر أشكال الكوميديا المنتشرة عبر السوشيال ميديا، حيث يقوم المستخدمون عند صناعة «الميمز» أو «الكوميكس» بتوظيف لقطات من أفلام أو برامج شهيرة أو تصريحات لشخصيات عامة مع وضع تعليقات ساخرة عليها للتعليق على حدث بعينه.

واعتبر «عامر» أن هناك قضايا رئيسية يتم صناعة المحتوى الساخر عنها عبر السوشيال ميديا بها على رأسها التحديات الاقتصادية، والقضايا السياسية والاجتماعية.. بجانب استخدام «الكوميكس» من جانب جماهير كرة القدم للاحتفال بفوز فريقهم المفضل أو التقليل من الخصم عبر السخرية منه.

ومن ناحيته، يعتبر رسام الكاريكاتير فاروق موسى، أن وسائل أو مواقع التواصل الإلكترونية الحديثة سهلت انتشار والحصول على «النكتة»، مقارنة بما كان عليه الحال قديماً حيث كان الحصول على النكتة يتم بشكل أبطأ سواء من خلال «التواصل الحقيقى مع مجالس الأنس أو الأصدقاء أو أفراد الأسرة، أو من فنانى التليفزيون والمسرح والمنولوج مثل حمادة سلطان وغيره».

فمثلما جاءت وسائل التواصل الاجتماعى الإلكترونية الحديثة، حسبما يضيف «موسى»، لتؤثر بالسلب على حلقات السمر والتواصل الإنسانى المباشر، فإنها جعلت الحصول على النكتة فى متناول اليد أكثر، حيث لم يعد متلقى النكتة أو من يبحث عنها، فى حاجة لانتظار صحيفة أو مسرح أو سينما وحتى لقاء العائلة ليحصل على النكتة، بعدما أصبح كل شىء على الموبايل، ويمكن الحصول عليها بضغطة زر واحدة.

ويشير إلى أنه مثلما سهلت وسائل التواصل الإلكترونية الحديثة الحصول على النكتة مقارنة بما كان عليه الحال قديماً، فإنها غيرت فى شكل النكتة أيضاً، والتى بعد أن كانت «لفظية» فقط، أصبحت الآن مدعومة بفيديو أو صورة أو كوميكس أو كاريكاتير، وكان من شأن هذا أن يُغذى محتوى النكتة ويجذب الإنسان لها أكثر، بعد أن تمت إضافة مؤثرات كثيرة جاذبة لها كالصورة والفيديو.

«الديب»: مساحة التواصل الشخصى تآكلت لحساب الوسائل الإلكترونية

من جانبه، أشار مؤلف كتاب «جمهورية الضحك الأولى»، طايع الديب، إلى أن أشكال الفكاهة أو النكتة الحديثة تختلف عن القديمة فى الشكل فقط وطريقة الحكى أو السرد، حيث كانت قديماً «لفظية» عبارة عن حكاية قصيرة، أما الآن فأصبحت «مكتوبة ومصورة» أيضاً، عبر وسائل التواصل التى أصبحت رئيسية لصعوبة التواصل المباشر بين الأصدقاء وأفراد الأسرة.

ويضيف «الديب»: «يوماً بعد يوم أصبحت تتآكل مساحة التواصل الشخصى بين الناس للحساب الإلكترونى (الفيس بوك وتويتر)، ما يعنى بالضرورة أن يتطور شكل النكتة من الحكى الشفهى إلى وسيلة أخرى تناسب العصر، وبالتالى ظهرت نكت البوستات والكوميكس والميمز، المدعومة بصورة تعبيرية غالباً ما تُؤخذ من أفلام أو شخصيات كوميدية أو صورة للرجل الضاحك الصينى المشهور.

يرجع اعتماد وسائل التواصل بشكل أساسى على الصورة فى المقام الأول لكونها لا تحتمل الحكى، وتعتمد بشكل أساسى على الصورة فى المقام الأول، وإلى جانبها البوست الفكاهى الذى يتضمن كلمات قصيرة لا تزيد على 50 كلمة، ومن هذه النكت القصيرة التى توجد على مواقع التواصل، على سبيل المثال، نكتة عن واحد يسأل الآخر «هوه بكرة السبت ولا الأحد؟»، فيجيبه قائلاً «الاتنين»، ليقول له الأول «ياه هما الاتنين هييجو مع بعض»، وهو ما يشير إلى أن وسائل التواصل يمكن أن يُكتب عليها «نُكتة» شرط أن تكون قصيرة.

انطلاقاً مما سبق، يقارن المؤلف بين تجربته فى كتابة هذا الكتاب الذى كان يسعى بالدرجة الأولى لرصد النكات السياسية التقليدية خلال عهود الرؤساء عبدالناصر والسادات ومبارك، وبين محاولة كتابة كتاب عن أشكال النكتة الحديثة، قائلاً: «من أجل كتابة هذا الكتاب كنت أحضر جلسات وسهرات وأدون ما يقال فيها من نكات، أما الآن فلو أن أحداً أراد أن يؤلف كتاباً عن أشكال النكتة الجديدة فلابد أن يكون هذا الكتاب مصوَّراً».

لكن فى كل الأحوال، ورغم تغير الأشكال والوسائط التى تتخذها النكتة، حسبما يضيف «الديب»: تبقى الفكاهة فى مصر واحدة، وهى رقم 1 فى النكتة، وهو ما تأكد على الأقل منذ أيام الكاتب والمؤرخ «ابن مماتى»، الذى ألف كتاب «الفاشوش فى حكم قراقوش» فى إشارة إلى الحاكم الذى تركه صلاح الدين الأيوبى عندما ذهب لمحاربة الصليبيين، وقد كان رجلاً مغيب العقل وأحمق، سخر منه المصريون من خلال «النكتة»، وقام «ابن مماتى» بجمع هذه النكت فى الكتاب السالف الذكر، تأكيداً على ريادة المصريين فى مجال النكتة بين العرب.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: صناع السعادة السوشیال میدیا وسائل التواصل الحصول على من خلال إلى أن

إقرأ أيضاً:

السوشيال ميديا كشفتهم.. تجديد حبس المتهمين بارتكاب جرائم سرقات بالقاهرة

 
قرر قاضي المعارضات المختص تجديد حبس المتهمين بسرقة أغطية بالوعات الصرف الصحي بالقاهرة، 15 يوما على ذمة التحقيقات.

وكانت مقطع فيديو قد تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي متضمنًا قيام 4 أشخاص يستقلون دراجة نارية "تروسيكل" بسرقة أغطية بالوعات الصرف الصحي بإحدى المناطق بالقاهرة.
وبالفحص تم تحديد وضبط مرتكبي الواقعة وهم 6 أشخاص بحوزتهم 6 غطاء بالوعة صرف صحي من حصيلة واقعة السرقة الأداة المستخدمة في ارتكاب الواقعة ودراجة نارية دون لوحات معدنية والمستخدمة في ارتكاب الواقعة.
وبمواجهة المتهمين اعترفوا بارتكابهم الواقعة على النحو المشار إليه وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.

مقالات مشابهة

  • السوشيال ميديا كشفتهم.. تجديد حبس المتهمين بارتكاب جرائم سرقات بالقاهرة
  • نائب رئيس جامعة الأزهر الأسبق: المغالاة في الأسعار والغش من أشكال الظلم
  • ندوة " انتبه… واستخدمها صح السوشيال ميديا في حياتنا".. لقاء مركز إعلام الفيوم
  • حظر السوشيال ميديا لمن هم دون الـ16 عاما.. مشروع قانون يثير الجدل في أستراليا
  • الاتحاد الأوروبي يطلق حملة لمحاربة جميع أشكال العنف ضد المرأة
  • محمد البشيري: من فيديوهات عفوية إلى رسالة هادفة على السوشيال ميديا .. فيديو
  • منظمة التعاون الإسلامي تحتفل باليوم الدولي للقضاء على جميع أشكال العنف ضد المرأة 2024
  • سيف على رقاب الجميع
  • ريم مصطفي تشعل السوشيال ميديا بإطلالات مميزة.. وتستعد لمسلسل "سيد الناس"
  • سعر خرافي .. فستان جيهان الشماشرجي المرصع بالألماس يثير السوشيال ميديا