«الريحاني».. الفيلسوف الذي سخر من همومه فاعتلى عرش المسرح الفكاهي
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
أطلق عليه النقاد «فيلسوف الضحك»، لأنه الممثل الوحيد الذى أعطاه الله توليفة الضحك والسخرية من «الهموم»، على الرغم من وجهه العابس بعض الشىء لكنك لا تستطيع أن تتمالك نفسك من الضحك أمامه، لذلك سُمى أيضاً «الضاحك الباكى».
نجيب الريحانى رغم أنه ولد لأب عراقى وأم مصرية، لكنه كان مصرياً مائة بالمائة، بخاصة أنه ولد فى حى باب الشعرية بالقاهرة عام 1889، فبالنظر لحياته الشخصية سنجد إجابة لأسئلة كثيرة عن فلسفته، وسر حصوله على لقب «زعيم المسرح الفكاهى».
أحب «الريحانى» المسرح منذ فترة الدراسة فى المرحلة الابتدائية، بالتحديد مدرسة الفرير الفرنسية بالقاهرة، تِلك المدرسة التى جعلته يجيد الفرنسية بطلاقة، وكانت سبباً فيما بعد لأن يخترع ما سُمى بـ«كوميديا الفرانكو آراب»، حيث أجاد ترجمة الروايات الفرنسية وتقديمها للجمهور المصرى.
رحل والد الريحانى وهو لا يزال طالباً فى المدرسة، ولم يترك لهم إرثاً، لذلك كان على «الريحانى» التكفل بوالدته، والابتعاد عن حلم التمثيل، التحق بالبنك الزراعى، وهناك التقى بالفنان الكبير عزيز عيد، الذى كان يعمل فى المساء بالمسرح، ويقرر الريحانى الذهاب معه للتمثيل.
وفى أحد الأيام يأتى للريحانى سليم أبيض شقيق الفنان الكبير جورج أبيض، يعرض عليه مشاركتهم فى تكوين فرقة جديدة مقابل 25 جنيهاً وفرصة فى التمثيل، وهى الفرقة التى كونها جورج أبيض وسلامة حجازى، وفى أول عرض مسرحى لرواية «صلاح الدين الأيوبى»، المسرحية التراجيدية البعيدة عن الكوميديا، كان يقدم الريحانى دور «ملك النمسا»، وفى أول مشهد أمام جورج أبيض، يدخل الريحانى للمسرح فتضج الصالة بالضحك، حتى إن جورج بدأ يفقد سيطرته على المسرح، لهذا وفى نفس الليلة طُرد «الريحانى» من المسرح، وقال له الفنان عمر وصفى: «سى نجيب متبقاش تيجى تانى، ومتمثلش تانى انت ملكش فى التمثيل».
فقرر الانتقام، وحرض كل أعضاء فرقة جورج أبيض وسلامة حجازى على الرحيل منها، وبالفعل وافقه الرأى كل من عزيز عيد وروزا اليوسف وحسن فايق واستيفان روستى، وقرروا تكوين فرقة بمساهمة صاحب مقهى شهير بالقاهرة، وقدموا أول عرض لهم وهو «خلى بالك من أميلى».
وانطلق «الريحانى» فى المسرح، وبدأ بعبقريته وبمساعدة الكاتب بديع خيرى، تأليف عدد من المسرحيات وابتكار شخصيات جديدة استلهمها من الواقع المصرى، وهنا كان عصر جديد للكوميديا المصرية، حيث ابتعد عن ترجمة الروايات وبدأ كتابة مسرحيات مصرية خالصة بشخصيات واقعية، فكانت أول شخصية قدمها هى «كشكش بيه» عُمدة كفر البلاص بائع القطن بالنهار الذى يأتى القاهرة فى المساء، فتضيع أمواله على النساء فى الملاهى الليلية ويعود حزيناً إلى بلدته، وظل يقدم هذه الشخصية كثيراً على المسرح ولاقت نجاحاً كبيراً.
محاولات الريحانى للبُعد عن الكوميديا لم تنته، حيث حاول فى إحدى المرات تقديم عرض تراجيدى، والخروج من عباءة الإضحاك فى مسرحية «المتمردة» لكنها فشلت، ولم يؤمن «الريحانى» بالسينما فى بداية انتشارها فى مصر، بخاصة «السينما الصامتة»، لكن بدخول الصوت لشريط السينما أقنعه مدير ستوديو مصر بالتجربة، وأتى له بالمخرج الشاب نيازى مصطفى الذى كان قادماً من ألمانيا، وقدما معاً فيلمى «سلامة فى خير» و«سى عمر»، ويرى النقاد أن عظمة الريحانى تجلت فى تخليده بذاكرة السينما بـ7 أفلام فقط هى التى جرى الاحتفاظ بها، لذلك لقبه النقاد بـ«فيلسوف الضحك».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: صناع السعادة
إقرأ أيضاً:
عائلة جورج عبد الله تخشى تدخلات سياسية تنسف قرار الإفراج عنه
كتب يوسف دياب في " الشرق الاوسط": عبّرت عائلة السجين اللبناني في فرنسا منذ 40 عاماً، جورج عبد الله، عن خشيتها من «تدخلات سياسية تنسف القرار القضائي» القاضي بالإفراج عنه، وذلك «بالاستناد إلى السوابق التي حصلت، وإصرار وزارة الداخلية الفرنسية على إبقائه في السجن»، وأكدت عائلته وأصدقاؤه انتظار وصوله إلى بيروت بفارغ الصبر..
وبقيت قضية هذا الرجل موضع اهتمام السلطات اللبنانية التي تابعت هذا الملفّ منذ أكثر من 10 سنوات، وكلّفت الحكومة الحالية وزير العدل هنري الخوري متابعة القضية مع السلطات الفرنسية. وكشف الخوري، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه وجّه كتابين في الأشهر الماضية: الأول إلى وزير العدل الفرنسي السابق، والثاني إلى وزير العدل المعيّن في الحكومة الجديدة، للإفراج عن عبد الله، الذي أمضى مدة العقوبة المحكوم فيها، ولا يزال في السجن من دون مسوّغ قانوني. وأشار إلى أن الكتابين تم توجيههما قبل جلسة عقدتها محكمة فرنسية، ونظرت بطلبات الإفراج عنه في 7 تشرين الأول الماضي، بناء على هذه المراسلات والإجراءات التي لجأ إليها محاموه في فرنسا.
وأوضح وزير العدل اللبناني أن الإفراج عن جورج عبد الله «جاء في سياق التعاون الفرنسي مع لبنان، وهذا قرار جيّد يصبّ في سياق الاهتمام الفرنسي بالقضايا التي تهمّ الدولة والشعب اللبناني».
وفي وقتٍ عبّر الدكتور روبير عبد الله، شقيق جورج، عن ارتياحه لقرار الإفراج عن شقيقه، أمل في أن «يبلغ نهاياته السعيدة». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الآليات القضائية تتيح للنيابة العامة في باريس أن تستأنف هذا القرار، والحالات السابقة كانت محبطة، إذ أمرت المحكمة بالإفراج عنه مرتين، لكن وزارة الداخلية طعنت بالقرار، ولم يوقع وزير الداخلية على أمر ترحيله». ورأى أن «النقطة الإيجابية في القرار، الذي صدر، هي أنه يقضي بترحيله فوراً من دون توقيع وزير الداخلية، إلّا أننا نخشى تدخلات سياسية تعرقل الإفراج عنه»..
ومنذ تشكيل حكومته الثانية عام 2011، تابع الرئيس نجيب ميقاتي بحث هذه القضية مع السفير الفرنسي في لبنان، واستفسر منه أسباب «العرقلة غير المبررة» للإفراج عن عبد الله، وهذا الأمر شاركه فيه وزير العدل (آنذاك) شكيب قرطباوي الذي استنكر «كيف أنّ فرنسا التي تصدّر الديمقراطية إلى العالم، تتصرّف بهذه الطريقة وتسمح بتعطيل قرار قضائي واضح وصريح لأسباب سياسية». إلّا أن السفير الفرنسي ردّ قائلاً إن السلطة التنفيذية لبلاده «لا تتدخل في كل ما يتعلق بالسلطة القضائية»، داعياً كافة المسؤولين في لبنان إلى «القليل من الصبر وانتظار ما سيقرره القضاء الفرنسي بهذا الشأن»