نبعت الكوميديا فى مصر من «خفة ظل» شعبها، وعلى أثر ذلك تصدرت المشهد الفنى، سواء فى «السينما - التليفزيون - المسرح»، حيث برز نجوم خلدوا أسماءهم على مسارح وشاشات الوطن العربى بأكمله.

يتحدث الناقد الفنى والمؤرخ السينمائى محمود قاسم عن تطور فن الكوميديا على الشاشة المصرية فى السطور التالية..

متى انطلق فن الكوميديا فى الوسط الفنى المصرى؟

- بريق الكوميديا زاد فى مصر وانطلق بقوة منذ عام 1928، منذ نشأة الكوميديا ونجومها فى المسرح، لأنهم هم أنفسهم نجوم السينما، فمن يعمل هنا يعمل أيضاً هنا، واستمر الحال على هذا الوضع لسنوات طويلة، مع كل فترة يظهر نجم كوميدى كبير يسيطر على الكوميديا بشكل عام، خاصة أن المسرح المصرى معروف بالكوميديا، والجمهور يتجه إليه كى يسمع النكات والإفيهات ليضحك، وفى المقابل، نجد ندرة فى وجود مسرح يقدم فن التراجيديا أو أياً من القوالب الفنية.

من هم رواد فن الكوميديا فى مصر؟

- مع انطلاق الكوميديا فى فترة الثلاثينات، بدأ الفنان نجيب الريحانى مشواره من المسرح، ولكن بعدها وجد طريقه إلى السينما، فقدم أول أعماله السينمائية بعنوان «البحر بيضحك ليه»، ومع ازدهار السينما ذاع صيته بشخصية «كشكش بيه»، وبعدها أخذه المخرج نيازى مصطفى وقدما معاً عدداً من الأعمال السينمائية التى حققت نجاحات كبيرة، من بينها أفلام «لعبة الست - أحمر شفايف - غزل البنات - سلامة فى خير».

وتزامن ظهور الفنان نجيب الريحانى مع على الكسار أيضاً، إضافة للفنان فوزى الجزايرلى الذى ظهر فى الثلاثينات والأربعينات، وكان نجماً كبيراً فى مجال الكوميديا، وظهر معه ابناه فؤاد وإحسان الجزايرلى.

لماذا تعد فترة إسماعيل يس هى الأكثر ازدهاراً فى تاريخ الكوميديا المصرية؟

- عصر إسماعيل يس كان الأكثر ازدهاراً، لأنه وصل لفيلمه الرابع والعشرين سنة 1953، أى إنه كان يقدم فيلماً كل شهر ونصف تقريباً، فكان الجمهور يخرج من فيلمه ليدخل فيلماً جديداً له، وهو فنان كوميدى كان يقدم مونولوجات، إضافة إلى تقديمه لمجموعة من الأفلام الوطنية، ومنها «إسماعيل يس فى الأسطول»، «إسماعيل يس فى الجيش» وغيرهما من الأفلام.

وفى هذه الفترة كان المخرج فطين عبدالوهاب بطل هذه المرحلة، بحكم تقديمه سلسلة أعمال مهمة فى تاريخ إسماعيل يس، وبعدها قدم الفنان عبدالمنعم إبراهيم، كما أنه قام بشىء مهم وهو الاستعانة بأبطال أفلام الحركة فى الكوميديا، فوجدناه أتى بالفنان فريد شوقى فى فيلم «صاحب الجلالة»، ورشدى أباظة فى فيلمى «آه من حواء والزوجة 13».

لم تتوقف مسيرة الكوميديا باختفاء إسماعيل يس، وإنما ظهرت مرحلة جديدة بعد ذلك.. حدثنا عنها.

- ظهر وقتها الفنان فؤاد المهندس، الذى قدم مجموعة أعمال كبيرة، كان أغلبها مع الفنانة شويكار، ومن بعدهما جاء الفنان عادل إمام فى فترة السبعينات، والذى ظل يغرد وحده لسنوات طويلة، وخلال هذه الفترة كانت هناك محاولات لاكتشاف نجوم فى الكوميديا، إلى أن جاء جيل الفنان محمد هنيدى ومعه مجموعة من الفنانين، ولكن الآن لم تعد هناك أسماء لامعة من الكوميديانات، «الكوميديا دلوقتى مابقتش زى زمان، لأن مفيش عندنا كوميديانات يقدروا يقدموا كوميديا»، ولا خلاف على أن الأعمال الكوميدية يجب أن تكون حاملة لرسالة فى مضمونها، «كلمة رسالة دى كان بيقولها النقاد اليساريين، ولكن الكوميديا تنعكس على من يشاهدونها وتترك أثراً فى نفوسهم، لأنها تُحدث تنقية أو بمعنى أصح بتعمل تأثير وإشعاع نفسى فيهم لمدة يوم على الأقل».

فترة الخمسينات

الخمسينات هى الفترة الأكثر ازدهاراً فى عالم الكوميديا، ظهر حينها جيل الفنان إسماعيل يس، الذى بدأ من أواخر الثلاثينات، ولكن بدأ نجاحه فى الخمسينات هو وعبدالسلام النابلسى ورياض القصبجى، حيث قدموا عدداً كبيراً من الأعمال التى حققت نجاحات كبيرة وظلت لفترة طويلة حتى أصبح إسماعيل يس يكرر نفسه ولم يجد منافساً أمامه فظهرت حالة صديق البطل، والتى ظهر معها الفنان عبدالمنعم إبراهيم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: صناع السعادة إسماعیل یس

إقرأ أيضاً:

أسرار تاريخية عن عرب الخمسينيات تكشفها مذكرات أيزنهاور

إن الذي لا يقرأ التاريخ لا يفهم الحاضر وأبلغ كتب التاريخ هي تلك المذكرات التي يسجلها قادة حكموا العالم وتركوا بصماتهم على مصير البشرية خيرا أو شرا. ولعل بعض نكباتنا نحن العرب ـ قادة ونخبة ـ أننا لا نقرأ، وإذا قرأنا فإننا لا نعتبر، كما قال أحد أعدائنا. وأنا واثق من أن الجيل العربي في العشرينيات والثلاثينيات لو قرأ كتاب عميل المخابرات البريطانية (لورنس العرب) (أعمدة الحكمة السبعة) لفهم نوايا بريطانيا في اقتطاع فلسطين للشتات اليهودي ولو قرأ نفس الجيل كتاب (تيودور هرتزل) (الدولة اليهودية) لأدرك خطر مخططات الصهيونية.

تجول هذه الخواطر في ذهني وأنا أقرأ الطبعة الثالثة المنقحة لمذكرات رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الأسبق الجنرال (دوايت أيزنهاور) الذي حكم أكبر قوة على وجه الأرض من سنة 1953 إلى سنة 1961، وبذلك عايش وشهد أكبر الزلازل السياسية لفترة ما بعد الحرب الثانية مثل الحرب الباردة والعدوان الثلاثي على مصر وخروج الاستعمار الفرنسي من المغرب العربي وإعادة شاه إيران إلى عرشه بعد إجهاض ثورة مصدق والإنزال العسكري في لبنان عام 1958 حين كان كميل شمعون رئيسا وكذلك تنفيذ عقيدة (فوستر دالس) لاحتواء المد الشيوعي في أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا.. إلى آخر هذه الأحداث الجسيمة.

لم ييأس (عبد الناصر) من أمريكا فعرض على (أيزنهاور) تمويل بناء سد أسوان بالتعاون مع البنك الدولي فتم نفس الضغط إلى جانب ضغط (إيدن) رئيس حكومة بريطانيا الذي كان يعتبر القضاء على مصر قصما حاسما لظهر العرب ورفض (أيزنهاور) تمويل السد العالي فالتفت عبد الناصر إلى السوفييت.وبالنسبة لنا كعرب فإن مطالعة هذه المذكرات تكشف جوانب غامضة من السياسة الأمريكية إزاءنا بل وتبصرنا بضرورة قراءة ألف حساب لاستراتيجية القوى العظمى خاصة ونحن في عام 2025 نقتحم عالما معولما لا يخدم سوى مصالح القوى العظمى.. ولعلنا بدأنا ندرك هذه الحقيقة حين شهدنا حرب الإبادة الإسرائيلية الأمريكية على غزة وعجز حكام الجوار الفلسطيني عن الحركة وتقديم العون لأشقائهم الفلسطينيين.

واليوم حين نقرأ مذكرات (أيزنهاور) التي رتبها وجمعها وعلق عليها الصحفي الأمريكي المعروف (ستيفن أمبروز) تتضح لنا خارطة الشرق الأوسط كما تراها واشنطن في الخمسينيات وتداعيات الثورة المصرية كما تكشف أسرار المناورات السياسية الكبرى التي أطاحت بكثير من الأنظمة والرؤوس وغيرت المعادلات وقلبت التحالفات وأعطت لعصرنا الراهن طابعه المتميز خاصة بالانشقاقات العربية والإسلامية وهشاشة توجهات الانظمة في الشرق الأوسط في الخمسينيات وتغلغل التدخلات الأجنبية في قلب الامة العربية.

يكشف (أمبروز) في صفحات كتابه سرا ظل مجهولا حتى عثر عليه الكاتب فيما جمع من مذكرات (أيزنهاور), وهذا السر هو أن (فوستر دالس) وزير الخارجية طلب من المخابرات المركزية الامريكية ان تعد سيناريوهات محتملة لاغتيال جمال عبدالناصر. وفعلا تم إعداد هذه الصيغ الممكنة وعرضه (دالس) على أيزنهاور الذي رفضها.. ورفض الفكرة أصلا قائلا إنه يستبعد أن يكون عبد الناصر وراء زعزعة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. كان ذلك في أواخر سنة 1955.

وفي أواخر تلك السنة أيضا اتجه (عبد الناصر) إلى الولايات المتحدة لتسليح مصر بمبلغ سبعة وعشرين مليون دولار فهب (دالس) والكونغرس الموالي لإسرائيل لإجبار (أيزنهاور) على رفض الصفقة فتوجه عبد الناصر إلى تشيكوسلوفاكيا التي عقد معها صفقة فاقت الصفقة الأمريكية بخمس مرات وقبلت الحكومة التشيكية أن تقبض مقابل أسلحتها مقايضة بكميات من القطن المصري.

ولم ييأس (عبد الناصر) من أمريكا فعرض على (أيزنهاور) تمويل بناء سد أسوان بالتعاون مع البنك الدولي فتم نفس الضغط إلى جانب ضغط (إيدن) رئيس حكومة بريطانيا الذي كان يعتبر القضاء على مصر قصما حاسما لظهر العرب ورفض (أيزنهاور) تمويل السد العالي فالتفت عبد الناصر إلى السوفييت.

وقد كتب أيزنهاور في مذكراته بتاريخ 8 مارس 1956 ما يلي: "إني مقتنع أن عبدالناصر لن يقوم بأي حركة من أجل السلام وإن العرب أصبحوا وقحين ولذلك سوف أعمل جهدي على إحداث الشقاق بين عبدالناصر والملك سعود). وتصاعدت تحديات عبدالناصر مهددا بتأميم القنال فتضاعف خوف أمريكا وفرنسا وبريطانيا واستغلت إسرائيل التي كان يتزعمها (بن غوريون) آنذاك هذا الخوف لإثارة الغرب بأسره ضد مصر، ولم تنقطع تحديات عبدالناصر فأعلن في أواخر مايو أن مصر تعترف رسميا بالصين الشعبية وترفض صين شان غاي تشاك، وتحرك (أيدن) في اتجاه الاحتلال العسكري للقنال ولمصر إن لزم الأمر، قائلا في مذكرة بتاريخ 27 مايو 56 موجهة إلى أيزنهاور: "إن الغرب سيختنق وستنقطع عنه إمدادات النفط ولا يمكن أن نترك عبدالناصر يؤمم القنال ويهدد مصالحنا النفطية وملاحتنا البحرية.. والأمر يدعو إلى تأديب عبد الناصر..".

وكان أيزنهاور يميل حسب المعطيات التي استقاها من (دالس) ومن المخابرات الأمريكية إلى عقد ندوة لإيجاد حل قائلا في مذكراته وفي رسالة أبلغها (روبرت مورفي) إلى (أيدن) بتاريخ 2 سبتمبر 56. "إن لدينا في منطقة الشرق الأوسط وخاصة من بين العرب حلفاء، أعربوا لنا عن رغبتهم في تحجيم عبد الناصر ولكنهم يرون ان عملا عسكريا في القنال لا يأتي بتلك النتيجة..". وجاء جواب (أيدن) يوم 7 سبتمبر 1956 ليذكر أيزنهاور بأن بريطانيا وفرنسا تحالفتا في الحرب الأخيرة مع الولايات المتحدة (ولا يمكن أن نترك الغرب ينهار على مراحل).

"إن لدينا في منطقة الشرق الأوسط وخاصة من بين العرب حلفاء، أعربوا لنا عن رغبتهم في تحجيم عبد الناصر ولكنهم يرون ان عملا عسكريا في القنال لا يأتي بتلك النتيجة..".في منتصف نهار 31 أكتوبر علم أيزنهاور أن الطائرات البريطانية والفرنسية والإسرائيلية معززة في الأرض بقوات ثلاثية كبرى هاجمت مصر وأن عبدالناصر تمكن من غلق القنال وجمع قواته للمقاومة وكتب الرئيس الأمريكي في مذكراته بأن ذلك الهجوم كان مفاجأة عظمى له تعادل مفاجأة (بيرل هاربر) أو الهجوم الألماني على فرنسا والبقية معلومة لدى المؤرخين فقد تحرك (أيزنهاور) و(بولجانين) زعيم الاتحاد السوفييتي حينذاك لإنهاء العدوان واغتنم الكرملين هذا الحدث ومناخ الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليقوم بغزو المجر واحتلال عاصمته بودابست لسحق المتحررين.

ويهب أيزنهاور ليستخلص العبرة من العدوان الثلاثي فيقول "أنا مؤمن بأن مصالح أمريكا رهينة استقرار منطقة الشرق الأوسط أكثر منها رهينة الشرق الاقصى".

ويضيف أيزنهاور يوم 5 فبراير 1957 قائلا: "لعل مصلحة أمريكا تتلخص في الحفاظ على حاجة العرب المستمرة للمعونة الغربية مع استعدادنا للتدخل العسكري إذا ثبت أن جزءا من هذا العالم العربي صلب عوده لدرجة تهديد إسرائيل".. ثم قال أيزنهاور تلك الحكمة التي ذهبت مذهب الأمثال في الخمسينيات حين خطب أمام الكونغرس يوم 3 مارس 1957 قائلا: "بصورة عامة نحن بإزاء قادة عرب محتاجين للسلاح يحكمون شعوبا محتاجة للخبز" وتعليقي الوحيد على هذه الحقائق هي: أما آن للعرب أن يعتبروا وأن يغيروا ما بأنفسهم حتى يغير الله ما بهم؟.

مقالات مشابهة

  • نجوم صناعة السينما ضيوف صالون الأوبرا الثقافى
  • أبرزهم حسين فهمي ومدحت العدل.. نجوم صناعة السينما ضيوف صالون الأوبرا الثقافي
  • صور.. الفنان محيي إسماعيل يزور معرض الكتاب
  • من سيسرق الأضواء؟.. 5 نجوم بأكثر من وجه في مسلسلات رمضان 2025
  • نجوم الأوبرا تتألق بين التراجيدي والكوميدي على المسرح الكبير
  • مسلسلات رمضان 2025.. عودة نجوم بعد فترة توقف عن المشاركة بالموسم
  • عيد الشرطة المصرية.. نجوم جسدت شخصية رجال الداخلية على الشاشة
  • أسرار تاريخية عن عرب الخمسينيات تكشفها مذكرات أيزنهاور
  • ناهد السباعي: جدي فريد شوقي كان شخصية قوية واتربيت في المسرح
  • 5 فوائد لـ"يوجا الضحك" ..تعرف عليها