أمريكا وإسرائيل.. "عدو واحد" لنا
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
في ظل حرب الإبادة الجماعية التي تشنها دولة الكيان الصهيوني ضد أهلنا في غزة، وتحديدًا يوم 11 ديسمبر الجاري، وقف الرئيس الأمريكي "جو بايدن" في حفل "إضاءة الشمعدان" التقليدي بالبيت الأبيض بمناسبة عيد "حانوكا" اليهودي ليقول بكل صلف: "إن دفء التواصل الذي أشعر به مع الجالية اليهودية لا يتزعزع. لقد وقعت في مشاكل وانتقادات عندما قلت قبل بضع سنوات إنه ليس عليك أن تكون يهوديًا لتكون صهيونيًا، وأنا صهيوني".
إذًا.. هل هناك شك- ولو بنسبة "واحد في المليون"- أن الولايات المتحدة ضالعة حتى أذنيها في العدوان البربري على غزة جنبًا إلى جنب مع الكيان الصهيوني، بل أزعم أن مسؤوليتها أكبر حتى من إسرائيل، لأنها كانت تزعم أنها "الوسيط" بين الفلسطينيين، والصهاينة لحل مشكلة الشرق الأوسط المزمنة، والادعاء "الشكلي" بأنها مع حل الدولتين، في الوقت الذي تترك فيه الحبل على الغارب للصهاينة ليفعلوا ما شاءوا وقتما شاءوا دون وازع من أي قيمة إنسانية وأخلاقية!!.
وخلال الأيام المنقضية، تم كشف المستور عن "سيل" الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل في حربها الوحشية ضد غزة وأهلها، وهو الكشف الذي جاء باعتراف الصهاينة أنفسهم عبر جريدة "يديعوت أحرونوت"، والتي قالت إن الجسر الجوي الأمريكي قد سلّم لإسرائيل منذ 7 أكتوبر المنقضي (إثر عملية "طوفان الأقصى") أكثر من 10 آلاف طن من الأسلحة، والمعدات العسكرية!!.
وأضافت الصحيفة أنه منذ بداية الحرب، وصلت (230) طائرة، و(20) سفينة شحن أمريكية احتوت على: مركبات مدرعة، وأسلحة ومعدات حماية شخصية، وذخيرة وإمدادات طبية، وغيرها.
ومن ناحية أخرى، لم يتوقف الدعم الأمريكي الإجرامي لإسرائيل عند المساعدات العسكرية فقط، فمع بداية الحرب قدمت أمريكا دعمًا دبلوماسيًا- ربما غير مسبوق في فجاجته- تضمن زيارات من كبار المسئولين، وعلى رأسهم "جو بايدن"، ووزير الخارجية "أنتوني بلينكن" الذي زار تل أبيب أكثر من مرة، بالإضافة إلى وزير الدفاع "لويد أوستن"، فضلاً عن مدير جهاز الاستخبارات (سي آي إيه) "وليم بيرنز"، ناهيك عن إفشال الأمريكان لقرارين مقترحين بمجلس الأمن الدولي بضرورة وقف العدوان على غزة عبر "حق الفيتو" الملعون!!.
وفي هذا السياق، لا أدري لماذا قفز إلى ذهني مقولة الكاتب الأمريكي الساخر "مارك توين" الشهيرة: "كان من الرائع اكتشاف أمريكا.. ولكن الرائع حقًّا لو لم يتم استكشافها".
والخلاصة.. على كل واهم في دور- ولو أخلاقي- لأمريكا في ردع إسرائيل أن يفيق من غيبوبته، فأمريكا وإسرائيل "عدو واحد" لنا بلا أقنعة، ولكن الله أعلى وأكبر.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
حوار مع صديقي ال ChatGPT الحلقة (67)
د. أحمد جمعة صديق
جامعة الزعيم الازهري
حوار اليوم:
• هل الحرب الدائرة في السودان هي حقيقة حرب بين فصيلين متقاتلين ام هي مشروع سياسي ينفذ عن طريق الجيش والدعم السريع لمصلحة اطراف اخرى؟
• لقد طال امد الحرب هل يفسر بانها صارت حرب استنزاف للقوى الضاربة في السودان ام هو عجز الفصائل في حسم الحرب لصالح احد الاطراف؟
• يبسط الدعم السريع سيطرته على معظم الولايات في هذ الحرب ولكن يبدو انه عاجز عن ادارة هذه القطاعات المحتلة لانه لا يمتلك كوادر ادارية وفنية مدربة كافية لادارة هذه المساحات المحتلة. كيف نفسر مشروع الدعم السريع في مواصلة احتلال المزيد من الاراضي مع هذا العجز الواضح في الكادر الاداري والفني؟
• كيف للفصيل المدني ان يؤثر بصورة حاسمة في ايقاف هذا النزيف الحاد الذي سببته هذه الحرf?
الحرب الدائرة في السودان منذ أبريل 2023 بين قوات الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) يمكن النظر إليها من عدة زوايا، ويعتمد التفسير على السياق السياسي والاستراتيجي.
1. الحرب بين فصيلين متقاتلين: من ناحية، الحرب تبدو حربًا بين فصيلين عسكريين داخل السودان، حيث يتصارع الجيش والدعم السريع على السلطة والنفوذ. في الأساس، كانت هذه القوات جزءًا من تحالف سياسي وعسكري غير مستقر منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في 2019. وكان هناك تفاهم بين البرهان وحميدتي للمشاركة في عملية الانتقال إلى الديمقراطية، لكن الخلافات بينهما تفاقمت بسبب صراع على النفوذ في المرحلة الانتقالية.
2. مشروع سياسي ضمن أجندات أوسع: من جهة أخرى، يمكن النظر إلى الصراع على أنه جزء من مشروع سياسي مدعوم من أطراف خارجية، خاصة في ظل التعقيدات الإقليمية والدولية. على سبيل المثال:
o الدور الإقليمي: هناك تأثيرات كبيرة من دول إقليمية مثل مصر والإمارات والسعودية، التي كان لها علاقات مع مختلف الأطراف السودانية خلال الفترة الانتقالية. بعض هذه الدول قد يكون لها مصالح في دعم إحدى الأطراف بما يتناسب مع استراتيجياتها الإقليمية.
o المصالح الدولية: القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين تلعب أيضًا دورًا في هذا الصراع، حيث يهمها استقرار السودان من أجل مصالح اقتصادية وأمنية. مثلا، روسيا كانت تعمل على إقامة علاقات مع الدعم السريع في سياق محاولات التوسع في منطقة البحر الأحمر.
3. الجنرالات والصراع على السلطة: في النهاية، يمكن اعتبار أن النزاع هو نزاع على السلطة بين شخصيات سياسية وعسكرية، حيث يحاول كل طرف تأمين موقعه في الحكومة المستقبلية وفي صفقات السلطة والنفوذ في السودان. هذا الصراع الداخلي لا يُستبعد أن يكون مدفوعًا بمصالح مادية وتجارية، وكذلك بالرغبة في فرض الهيمنة على الدولة السودانية، وهو ما يعكس حالة الفوضى السياسية في البلاد.
النتيجة: على الرغم من أن الصراع يشمل في البداية فصيلين عسكريين، إلا أن خلفياته معقدة وتربطها مصالح إقليمية ودولية، مما يجعلها حربًا أكثر تعقيدًا من مجرد صراع داخلي.
• لقد طال امد الحرب هل يفسر بانها صارت حرب استنزاف للقوى الضاربة في السودان ام هو عجز الفصائل في حسم الحرب لصالح احد الاطراف؟يبسط الدعم السريع سيطرته على معظم الولايات في هذ الحرب ولكن يبدو انه عاجز عن ادارة هذه القطاعات المحتلة لانه لا يمتلك كوادر ادارية وفنية مدربة كافية لادارة هذه المساحات المحتلة . كيف نفسر مشروع الدعم السريع في مواصلة احتلال المزيد من الاراضي مع هذا العجز الواضح في الكادر الاداري والفني؟ • كيف للفصيل المدني ان يؤثر بصورة حاسمة في ايقاف هذا النزيف الحاد الذي سببته هذه الحرب
طول أمد الحرب في السودان منذ أبريل 2023 يعكس عدة عوامل معقدة تتداخل فيما بينها، ويُمكن تفسير هذا الأمر من عدة زوايا، ومنها:
1. حرب استنزاف للقوى المتحاربة:
• الاستنزاف العسكري والبشري: الحرب أصبحت حرب استنزاف طويلة الأمد، حيث أن كل طرف يحاول تقليص قدرات الآخر بشكل تدريجي من خلال المعارك اليومية، مما يؤدي إلى تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في البلاد. الجيش السوداني والدعم السريع يستخدمان مختلف الاستراتيجيات العسكرية لتحقيق مكاسب جزئية، لكن كل منهما يواجه صعوبات في الحسم السريع.
• الموارد المحدودة: كلا الطرفين يعانيان من محدودية الموارد المالية والعسكرية، خاصة مع استمرار الحصار الاقتصادي ونقص الإمدادات. هذه العوامل تؤدي إلى استنزاف القوة العسكرية بشكل بطيء ولكن مستمر. ومع احتدام المعارك، تزداد الخسائر البشرية والمادية، مما يؤدي إلى مزيد من التحدي في مواصلة الحرب لفترات طويلة.
• الإرهاق الشعبي: بالإضافة إلى التكاليف العسكرية، فإن السكان المدنيين يتحملون جزءًا كبيرًا من عبء الحرب. الأوضاع الإنسانية في البلاد تزداد سوءًا مع تدفق اللاجئين، وارتفاع معدلات النزوح الداخلي، وتدمير البنية التحتية. هذه العوامل تُسهم في زيادة الاستنزاف لكلا الطرفين، حيث لا يمكن لأي منهما تحقيق نصر سريع دون أن يتعرض إلى تدمير داخلي يتجاوز قدرة الصمود.
2. عجز الفصائل في حسم الحرب لصالح أحد الأطراف:
• التوازن العسكري: على الرغم من التفوق الواضح للجيش السوداني من حيث الحجم والعتاد العسكري، إلا أن الدعم السريع يمتلك قدرة تكتيكية ومقدرة على المناورة بسرعة، وهو ما أعطاه بعض التفوق في معارك معينة. هذا التوازن العسكري يعيق قدرة أي طرف على حسم الحرب بشكل حاسم.
• التجذر في المناطق المختلفة: الدعم السريع يسيطر على بعض المناطق الريفية والغابات، بينما يحاول الجيش فرض السيطرة على العاصمة الخرطوم والمناطق الحضرية. هذا التوزيع الجغرافي المتفاوت يمنع أحد الطرفين من تحقيق نصر حاسم. علاوة على ذلك، التقديرات تشير إلى أن الجيش والدعم السريع لا يستطيعان تحقيق انتصارات سريعة على الأرض بسبب المقاومة الشديدة من الطرف الآخر.
• التعقيدات السياسية الداخلية: الوضع السياسي في السودان أكثر تعقيدًا من مجرد صراع عسكري. كلا الطرفين يحاول أن يحتفظ بشعبيته في أوساط المدنيين والمجموعات المسلحة الأخرى. ولأن الدعم السريع يعتبر جزءًا من "الجيش غير النظامي" وله تواصل مع العديد من القبائل والمجموعات العسكرية في بعض المناطق، فإن الحرب تتخذ طابعًا طويل الأمد بسبب الانتشار الواسع للصراعات المحلية داخل السودان.
3. المناورات الدبلوماسية وتأثير العوامل الخارجية:
• تأثير القوى الإقليمية والدولية: الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، فضلاً عن القوى الإقليمية مثل مصر والإمارات والسعودية، لها مصالح في استقرار السودان، ولكنها غير قادرة على التأثير بشكل حاسم على سير المعركة العسكرية. هذا يُعقد قدرة أي طرف على حسم المعركة بسرعة.
• التفاوض والضغوط الدولية: هناك محاولات مستمرة من المجتمع الدولي للضغط على الأطراف المتحاربة للتوصل إلى هدنة أو تسوية سياسية. هذه الجهود، رغم أنها قد تؤدي إلى فترات تهدئة مؤقتة، إلا أن الأطراف السودانية المتنازعة لا تبدو مستعدة للقبول بتسوية شاملة دون ضمانات واضحة حول النفوذ والسلطة.
4. التهديدات الداخلية:
• صعوبة السيطرة على الأراضي: كلا من الجيش والدعم السريع يواجهان صعوبة في السيطرة على كافة الأراضي السودانية. القوى العسكرية غير قادرة على سحق الخصم بشكل حاسم في المناطق التي يسيطر عليها الطرف الآخر. وهذا يشير إلى أن الحرب تتحول إلى معركة طويلة المدى، حيث أن الحسم العسكري الكامل ليس سهلًا.
• التطورات العسكرية المتغيرة: كلما تحققت بعض الانتصارات العسكرية لأحد الأطراف، يعاود الطرف الآخر الهجوم ويحدث تحول في ميزان القوى. هذا يجعل من الصعب التكهن بمن سيفوز في النهاية، كما يعكس حالة استنزاف طويلة الأمد.
5. الخشية من التصعيد أو التنازل:
• التحفظ على التنازل: يبدو أن كل طرف غير مستعد للتنازل بسهولة عن مواقعه في الحرب، لأن أي تنازل قد يُعتبر خسارة استراتيجية. خاصة في ظل السعي للحصول على هيمنة سياسية أو عسكرية أكبر في الفترة الانتقالية. هذا يُطيل أمد الصراع ويمنع الحسم العسكري المباشر.
الخلاصة:
إن الحرب في السودان ليست مجرد صراع عسكري تقليدي بين جيشين، بل هي مزيج من حرب استنزاف، عجز عن الحسم السريع، ومناورات سياسية داخلية وخارجية معقدة. الأوضاع الحالية تشير إلى أن الوصول إلى حل عسكري سريع غير مرجح، وأن الحرب قد تستمر لفترة طويلة إذا استمرت العوامل الحالية كما هي.
• يبسط الدعم السريع سيطرته على معظم الولايات في هذ الحرب ولكن يبدو انه عاجز عن ادارة هذه القطاعات المحتلة لانه لا يمتلك كوادر ادارية وفنية مدربة كافية لادارة هذه المساحات المحتلة . كيف نفسر مشروع الدعم السريع في مواصلة احتلال المزيد من الاراضي مع هذا العجز الواضح في الكادر الاداري والفني؟
صحيح أن قوات الدعم السريع، رغم تفوقها العسكري في بعض المناطق، تواجه صعوبات كبيرة في إدارة الأراضي التي تسيطر عليها بسبب نقص الكوادر الإدارية والفنية المؤهلة. ومع ذلك، يمكن تفسير استمرار مشروع الدعم السريع في توسيع نطاق سيطرته على الأراضي رغم هذه الصعوبات من خلال عدة عوامل استراتيجية وعسكرية، تتعلق بالقيادة العسكرية والتوجهات السياسية والاقتصادية، وبعض التحديات التي يواجهها في الوقت نفسه:
1. التوسع العسكري لتحقيق الهيمنة:
• التوسع كأداة للضغط على الخصم: من وجهة نظر الدعم السريع، التوسع العسكري يمثل وسيلة استراتيجية للضغط على الجيش السوداني والفصائل الأخرى، وكذلك لفرض النفوذ العسكري في أرجاء البلاد. التوسع يعني تعزيز القوة العسكرية، وهو ما قد يمنح الدعم السريع أفضلية في المفاوضات السياسية وفي وضعه العسكري.
• التحكم في الأراضي والموارد: عندما يتوسع الدعم السريع في مناطق جديدة، فإنه يفرض السيطرة على الأراضي الغنية بالموارد مثل النفط والمعادن الزراعية، التي يمكن أن تكون مصدرًا أساسيًا للتمويل والاستدامة. السيطرة على هذه المناطق تتيح لهم استخدام الموارد المالية لصالح تمويل العمليات العسكرية، وكذلك لتحقيق التوسع السياسي في وقت لاحق.
• فرض "الواقع على الأرض": التوسع في الأراضي قد يكون أيضًا جزءًا من استراتيجية لفرض "الواقع على الأرض" الذي يصعب تغييره في المستقبل. في الحرب الأهلية أو الصراعات طويلة الأمد، غالبًا ما يسعى الطرف المتحارب للسيطرة على أكبر عدد ممكن من الأراضي لتقوية موقفه في أية مفاوضات محتملة.
2. الاعتماد على شبكات محلية وغير رسمية:
• الاستفادة من القبائل والشبكات المحلية: في العديد من المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع، لا يعتمد على كوادر إدارية وفنية متخصصة، بل على شبكة من القبائل والمجموعات المحلية التي يمكنها تأمين القليل من الخدمات الأساسية وتيسير العمليات اليومية. يمكن للدعم السريع أن يعتمد على هذه الشبكات في تنظيم الحكم المحلي وتسيير الأمور بالاعتماد على الولاءات القبلية أو المجموعات المسلحة المحلية.
• العمل بشكل غير رسمي: الدعم السريع يعمل إلى حد كبير في إطار منظومة غير رسمية، ما يعني أنه قد لا يحتاج إلى إدارة بيروقراطية تقليدية أو كوادر مدربة لإدارة مناطق جديدة. بدلاً من ذلك، قد يعتمد على شبكات غير رسمية للمراقبة والتحكم، مما يخفف من الحاجة إلى كوادر فنية مدربة بشكل كافٍ.
3. الأهداف السياسية طويلة المدى:
• تحقيق الوجود السياسي والإقليمي: التوسع العسكري قد يكون جزءًا من استراتيجية دعم سعي الدعم السريع إلى التأسيس لحضور سياسي طويل الأمد في الحكومة السودانية. من خلال السيطرة على مناطق واسعة من الأراضي، يسعى الدعم السريع إلى أن يكون جزءًا من الحل السياسي المستقبلي، وأن يكون له تأثير في تحديد ملامح الحكم في السودان.
• زيادة نفوذه السياسي والاقتصادي: عبر السيطرة على المزيد من المناطق، يسعى الدعم السريع إلى تعزيز مكانته السياسية داخليًا، وربما أيضًا دوليًا. بتوسيع دائرة نفوذه، يسعى لتشكيل تحالفات مع القوى الإقليمية والدولية التي قد تعزز من دعمه وتضمن مصالحه في المستقبل.
4. التنسيق مع قوى إقليمية ودولية:
• الدعم الخارجي المحتمل: من خلال السيطرة على المزيد من الأراضي، قد يكون الدعم السريع يعول على دعم خارجي سواء من دول إقليمية أو قوى دولية. بعض الدول قد تكون مهتمة في تعزيز استقرار الدعم السريع في مناطق معينة، خصوصًا في سياقات إقليمية مثل البحر الأحمر، حيث يمكن أن توفر السيطرة على الأراضي التي يسيطر عليها الدعم السريع فرصًا لتعاون اقتصادي أو عسكري مع بعض الأطراف الإقليمية.
5. التحديات العسكرية والإدارية:
• صعوبة الإدارة: رغم التوسع العسكري، يواجه الدعم السريع تحديات كبيرة في إدارة المناطق التي يسيطر عليها. نقص الكوادر الإدارية والفنية المتخصصة يعرقل قدرته على تنفيذ مشاريع التنمية أو تقديم خدمات حكومية فعّالة. في هذا السياق، غالبًا ما يتم استخدام قوات الدعم السريع بشكل أساسي لأغراض أمنية وعسكرية، بدلاً من المسؤوليات الإدارية الحاسمة.
• الحاجة لإدارة بالحد الأدنى: في العديد من المناطق التي يسيطر عليها الدعم السريع، قد لا تكون الحاجة إلى إدارة فنية متقدمة أمرًا حاسمًا في الوقت الراهن، حيث تظل الأولوية للأمن والاستقرار العسكري. قد يتجاهل الدعم السريع حاليًا جوانب الإدارة المدنية أو الاجتماعية، ويعتمد على القوة العسكرية لفرض السيطرة.
6. الانشغال بالصراع الداخلي على السلطة:
• التركيز على المواجهة العسكرية: في ظل التوترات المستمرة مع الجيش السوداني والفصائل المسلحة الأخرى، قد يكون تركيز الدعم السريع منصبًا على الحسم العسكري بدلاً من بناء هيكل إداري مستدام. فالنزاع الحالي يتطلب من الدعم السريع تركيز موارده على العمليات العسكرية، مما يؤثر على قدرة قواته على إدارة المناطق بشكل فعال.
• الانقسام الداخلي بين الفصائل: داخل الدعم السريع نفسه، قد يكون هناك انقسامات أو توترات بين مختلف القيادات والميليشيات، مما يساهم في تفاقم المشكلات الإدارية والفنية في المناطق التي تسيطر عليها.
7. التصعيد العسكري كوسيلة ضغط:
• رفع التحدي أمام الجيش السوداني: من خلال احتلال مزيد من الأراضي، يسعى الدعم السريع إلى رفع التحدي أمام الجيش السوداني، موجهًا رسالة مفادها أن توسعه العسكري لا يمكن أن يُتوقف بسهولة. مع استمرار الحرب، قد يُحفز هذا التوسع العسكري على توجيه ضغط على الجيش للتوصل إلى حل دبلوماسي أو عسكري يعترف بمكانته في المستقبل السياسي للسودان.
الخلاصة:
رغم العجز الواضح في الكوادر الإدارية والفنية التي يمكن أن تدير الأراضي التي يسيطر عليها الدعم السريع، فإن التوسع العسكري المستمر يعد جزءًا من استراتيجيته الأكبر لتعزيز نفوذه العسكري والسياسي. يمكن تفسير هذا التوسع كأداة لتأمين مواقع استراتيجية، وفرض واقع على الأرض قد يصعب تغييره لاحقًا، فضلاً عن كونه خطوة نحو تحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية الطويلة الأمد.
• كيف للفصيل المدني ان يؤثر بصورة حاسمة في ايقاف هذا النزيف الحاد الذي سببته هذه الحرب؟
الفصيل المدني في السودان يمكن أن يلعب دورًا حاسمًا في محاولة إيقاف النزيف الحاد الذي تسببت فيه الحرب، بالرغم من الصعوبات الكبيرة التي يواجهها. لكن لتحقيق تأثير حاسم، يتطلب الأمر تضافر جهود متعددة وبناء استراتيجية شاملة تشمل الضغط الداخلي والدولي، توحيد الصف المدني، ودعم الحركات الشعبية والسياسية. وفيما يلي بعض الطرق التي يمكن أن يؤثر بها الفصيل المدني:
1. الضغط الشعبي وتنظيم الاحتجاجات السلمية:
• حشد التأييد الشعبي: من خلال التحركات الشعبية المستمرة، يمكن للفصائل المدنية أن تدعو إلى مظاهرات ومسيرات سلمية للمطالبة بوقف الحرب، وهو ما حدث بالفعل في فترات سابقة من تاريخ السودان. يمكن أن تكون هذه الاحتجاجات ضغطًا مباشرًا على القوات المتحاربة (الجيش والدعم السريع) لوقف القتال أو على الأقل الالتزام بوقف إطلاق النار.
• توحيد الحركات الاحتجاجية: يجب توحيد الحركات المدنية المختلفة — من قوى الحرية والتغيير إلى نقابات المهنيين والجماعات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني — للعمل معًا في إطار واحد لتنظيم الاحتجاجات والضغط على الأطراف المتحاربة. هذا التوحد سيمنح الصوت المدني مزيدًا من القوة والفاعلية.
2. الضغط الدبلوماسي على المجتمع الدولي:
• إقناع القوى الدولية بالضغط على الأطراف المتحاربة: يمكن للفصائل المدنية أن تعمل على إقناع القوى الدولية الكبرى (مثل الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، الصين، ومجلس الأمن الدولي) بضرورة فرض ضغوط سياسية على الأطراف المتحاربة للجلوس إلى طاولة المفاوضات. هذا يشمل الدعوة إلى فرض عقوبات اقتصادية على الأطراف المتورطة في الصراع، ووقف الإمدادات العسكرية، أو حتى تدخل دبلوماسي أكبر من المجتمع الدولي.
• تعزيز مسار المفاوضات: الفصائل المدنية يمكن أن تكون جزءًا من أي مسار تفاوضي محتمل مع الأطراف المتحاربة، إما بصفة مستقلة أو عبر دعم مبادرات الأمم المتحدة أو الاتحاد الأفريقي. فالقوى المدنية قادرة على تمثيل مصالح الشعب السوداني في المفاوضات والضغط من أجل وقف القتال والانتقال إلى حل سياسي.
3. دعم وتوحيد الصف المدني:
• إيجاد وحدة داخل القوى المدنية: الفصائل المدنية في السودان بحاجة إلى تجاوز الانقسامات الداخلية بين الأحزاب السياسية والمجموعات المدنية المختلفة، والتوحد حول برنامج واحد لإيقاف الحرب. التعددية السياسية ليست مشكلة بحد ذاتها، لكن في ظل الوضع الحالي، التشرذم قد يضعف من قدرة الفصيل المدني على التأثير. يجب أن يتفق الجميع على هدف مشترك: وقف الحرب.
• التنسيق بين القوى السياسية والناشطين المدنيين: الناشطون المدنيون وقادة المجتمع المدني يجب أن يتعاونوا مع الأحزاب السياسية التي تدافع عن مبدأ الانتقال الديمقراطي لضمان توجيه ضغوط موحدة وفعالة على الأطراف المتحاربة. التنسيق بين هذه المجموعات سيسهم في تعزيز استراتيجية موحدة تؤدي إلى نتائج ملموسة.
4. الضغط الإعلامي والتوعية:
• فضح الانتهاكات الإنسانية: يجب على الفصائل المدنية تكثيف جهودها في توثيق الانتهاكات التي ترتكبها الأطراف المتحاربة، سواء من قتل المدنيين أو تدمير الممتلكات. يمكن استخدام منصات الإعلام المحلية والدولية لنقل هذه الانتهاكات إلى العالم الخارجي، مما يخلق ضغطًا شعبيًا داخليًا وخارجيًا للضغط على الأطراف المتحاربة.
• تعزيز الوعي الدولي بالكارثة الإنسانية: الفصائل المدنية يمكن أن تقوم بتنسيق حملات إعلامية عبر وسائل الإعلام العالمية لتسليط الضوء على الأوضاع الإنسانية الكارثية في السودان. هذه الحملات يمكن أن تجذب الانتباه الدولي وتدفع المجتمع الدولي للتحرك بشكل أكبر لوقف النزاع.
5. التركيز على مسار سياسي شامل:
• مشاركة الفصائل المدنية في محادثات السلام: يمكن للفصائل المدنية أن تلعب دورًا محوريًا في أي عملية سلام مستقبلية. يجب على المدنيين أن يكونوا جزءًا أساسيًا من أي اتفاق سياسي، لأنهم يمثلون الأغلبية الساحقة من الشعب السوداني الذين لا يريدون استمرار الحرب. سيكون من الضروري أن تركز محادثات السلام على التوزيع العادل للسلطة، وبناء مؤسسات ديمقراطية، والانتقال السياسي السلمي.
• دعم المبادرات السلمية المحلية: يجب أن تشجع القوى المدنية المبادرات السلمية التي تأتي من داخل المجتمع السوداني، مثل منظمات المجتمع المدني والمحلية، للعمل على تهدئة الأوضاع في المناطق المتأثرة بالحرب، ومحاولة بناء حوار بين الأطراف المتحاربة على الأرض.
6. المصالحة الوطنية:
• بناء توافق مجتمعي: هناك ضرورة ملحة لبناء توافق مجتمعي بين مختلف مكونات الشعب السوداني، بما في ذلك فئات النازحين، الفئات المتضررة من الحرب، والقبائل المختلفة. القوى المدنية يمكن أن تعمل على تعزيز المصالحة الوطنية من خلال إقامة حوارات مجتمعية ومؤتمرات للوصول إلى فهم مشترك لحل النزاع والحد من آثار الحرب.
• التشجيع على المصالحة بين الأطراف المتحاربة: يمكن للقوى المدنية أن تلعب دور الوسيط في التواصل بين الأطراف المتحاربة وتشجيعهم على العودة إلى طاولة المفاوضات. مصالحة وطنية حقيقية تتطلب الجلوس مع جميع الأطراف المعنية، ومن ضمنها القوى المدنية، لتجنب استمرار العنف في المستقبل.
7. تسليط الضوء على تكلفة الحرب الاقتصادية:
• التحذير من التدمير الاقتصادي: القوى المدنية يمكن أن تحذر من التدمير الذي يتعرض له الاقتصاد السوداني جراء الحرب المستمرة. انهيار الاقتصاد يؤدي إلى تفشي الفقر، البطالة، وتدمير البنية التحتية، ما يضر بشكل كبير بمصالح الجميع. من خلال توعية الشعب والضغط على الحكومة العسكرية والميليشيات، يمكن للقوى المدنية أن تسلط الضوء على تداعيات الحرب على الحياة اليومية للسودانيين، وهو ما قد يحفز الأطراف المتحاربة على التوصل إلى تسوية سياسية.
8. التعاون مع المجتمع المدني الدولي:
• الدعوة للمساعدة الإنسانية: الفصائل المدنية يمكن أن تطالب بتوفير الدعم الإنساني للسودانيين المتضررين من الحرب، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها طرفا النزاع. دعم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية يمكن أن يساهم في تخفيف معاناة الشعب السوداني، ويزيد من الضغوط على الأطراف المتحاربة لوقف الحرب.
الخلاصة:
الضغط المدني لإنهاء الحرب في السودان يتطلب توحيد الجهود الشعبية، استثمار وسائل الضغط الداخلي والخارجي، والتركيز على الأبعاد الإنسانية والاقتصادية للصراع. على القوى المدنية أن تتعاون مع المجتمع الدولي، وتحشد الدعم الشعبي، وتسعى نحو بناء تسوية سلمية شاملة عبر آليات دبلوماسية، مع التأكيد على ضرورة أن يكون المدنيون جزءًا رئيسيًا من الحل السياسي المستقبلي.
aahmedgumaa@yahoo.com