عامٌ ميلادي جديد يحلُم أغلب الناس فيه أن تتحسن أحوالهم المعيشية كي يواصلوا رحلة حياتهم دون عائق وبشكل سلس يمكِّنهم من أداء رسالتهم في الحياة تجاه مَن يعولون. هكذا يتمنى الناس دائمًا في مطلع كل عام، وتبقى الأمنيات مُعلَّقة، يتحقق بعضها ويتأجل البعض الآخر لعامٍ يأتي بعده. إنها سُنة الحياة على هذه الأرض، آمال وطموحات تصطدم أحيانًا بواقع وإمكانات، ويظل الرهان والقول الفصل مرتبطًا بكثير من الجهد والعمل والمثابرة حتى يتحقق أغلب تلك الأمنيات أو بعضها.
في عقول المفكرين والمثقفين ومَن تشغلهم القضايا العامة أكثر من حياتهم اليومية ربما يختلف الأمر قليلًا، فتجدهم في بداية كل عام يحلمون بشكل أكثر انفتاحًا وتطلعًا، يحلمون مثلًا بأن يشهد العام الجديد ثورةً فكريةً كاملةً تنجح في فك لغز تلك التغيرات السلوكية والحياتية التي طرأت على مجتمعنا في السنوات الأخيرة حتى أفقدتنا بعضًا من هويتنا المصرية المميزة. ولذلك وفي عامنا الجديد، سنظل نكتب عن ضرورة إعادة إحياء الشخصية المصرية وإعادة بناء عقول تلك الأجيال الشابة بما يليق بهذا الوطن وتاريخه العريق. بالعلم والمال يبني الناس ملكَهم، هكذا علَّمونا قديمًا، فلا غنى عن عوامل الاقتصاد التي توفر للإنسان سبل الحياة الأساسية، ولكن يظل لعوامل الفكر والعلم والثقافة والهوية أثر كبير في تحديد مصير ومستقبل الأمم. نحن لا نتحدث عن رفاهيات تأتي في المرتبة الثانية بعد الغذاء والمسكن والملبس، ليس هكذا تُبنى الأمم، ولكن بمزيج من الاثنين معًا، ظروف معيشية طيبة على قدر إمكانات المجتمع تتوازى مع حالة فكرية وتنويرية مساوية في المقدار تؤهل العقول وتنير ظلامها. في كتب التاريخ لم يذكر أحد أن شعبًا عظيمًا قد سقط وانهزم بسبب الفقر أو ظروفه الاقتصادية وحدها، ولكن الشعوب تسقط من عقولها حين تنخفض درجات الوعي والإدراك والهوية، فتهون الأوطان على ساكنيها. نريد عملًا جادًّا يشارك فيه الجميع من أجل بناء شخصية مصرية قادرة على حماية مستقبل وتاريخ وحضارة هذا الوطن، لا نزايد على أهمية العامل الاقتصادي لدى أغلب الناس، ولكن لا نريد أيضًا أن نسقط في فخ توجيه كل الجهود والأمنيات والدعوات نحو العوامل المادية فقط ونهمل معها كثيرًا من العوامل الفكرية والقيمية التي ستحدد وحدها شكل ولغة ووجهة وهوية هذا الشعب وهذا الوطن. اللهم ارزقنا عامًا يُغاث فيه الناس، فتشبع البطون وتسعد العقول بفكر وفن وثقافة وتعليم وخطاب ديني ونخبة مثقفة متطورة تليق بتاريخ وحضارة أقدم شعوب الأرض وأعرقها. اللهُمَّ عامًا منيرًا، وخسوفًا لكل تلك المظاهر والسلوكيات العارضة التي اعترت مجتمعنا مؤخرًا لنعود إلى الأصل، والأصل فينا هو الخير والنور والحضارة والجمال. كل عام ومصر الحبيبة وشعبها المميز بخير وازدهار.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
«القاهرة الإخبارية»: استمرار تدفّق شريان الحياة الممتد من مصر إلى غزة «فيديو»
أكد بشير جبر، مراسل قناة «القاهرة الإخبارية» من رفح الفلسطينية، استمرار تدفق المساعدات الإنسانية التي تدخل إلى قطاع غزة والتي تعد شريان حياة ممتد من مصر إلى غزة.
وأضاف جبر، خلال تصريحات عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أن المكتب الإعلامي الحكومي أصدر تصريحًا كشف فيه أن 40% فقط من إجمالي 200 ألف خيمة، المتفق عليها ضمن المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، قد دخلت إلى غزة حتى الآن، متابعا: «وتشمل المساعدات مواد غذائية، ومياه صالحة للشرب، وأدوية، ومستلزمات طبية، بالإضافة إلى السولار والوقود اللازمين لتشغيل المستشفيات والمرافق الحيوية».
وأوضح أن هذه الخيام ستُستخدم لإقامة مخيمات لإيواء النازحين، خاصة في مدينة غزة وشمال القطاع، من خلال جهود المنظمات الدولية والإغاثية العاملة في المنطقة.
وأشار إلى أنه اليوم عبر معبر رفح عدد جديد من المرضى والجرحى، ممن يعانون من إصابات خطيرة، متجهين إلى مصر لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية، وذلك بعد أن تقطعت بهم السبل داخل غزة، خصوصًا في ظل انهيار المنظومة الصحية في القطاع.
اقرأ أيضاًرفض أمريكي واسع للسيطرة والاستيلاء على غزة وتهجير الفلسطينيين
«الصحة الفلسطينية» تُعلن ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 48239 وإصابة 111676 آخرين
مصدر مسئول: نجاح الجهود المصرية ـ القطرية في تذليل عقبات استكمال وقف إطلاق النار بغزة