أعترف أنني لم أحمل همَّا في يوم من الأيام، لم أنم باكية في ليلة من الليالي، لم أخف من شيء ما، لم أخش شرور الكائدين والحاسدين والحاقدين.
واجهت كل مشاق الحياة وصعوباتها بكل ثقة وجلد أو كما وصفني أحدهم (منتصبة القامة مرفوعة الهامة، ثقتها بنفسها كالذهب تقدر بالجرام).
دائما كنت على يقين أن من يحاول إلحاق الأذى بي سيعود إليه الأذى خاسرا، فدعوة أمي بإذن الله تحميني، والدنيا كلها لا تعنيني، لقد كانت أمي معي.
كنت آمنة مطمئنة قريرة العين في حضن أمي، ملامحها الجميلة، صوتها، ضحكتها، طيبتها، حنانها، حبها، دعواتها التي لا تنقطع لي ولإخوتي.. جميعها أشياء تشعرني بالأمان، فهي خير سند ونصير لي.
بعدك يا ماماتي صرت وحيدة، تائهة، واهنة، ضائعة، حزينة، حسيرة، روحي هائمة، موجوعة القلب، منكسرة النفس، معذبة الوجدان، مذعورة من الدنيا وما فيها.
لقد شاخ قلبي من حزن الليالي الموحشة، لا أتحمل غيابك، لم أنسك، ولا أظن أني سوف أستطيع التعود، فالحياة دونك ليست صعبة، وإنما مستحيلة.
وجودك كان لنا مثل نسمة صيفية باردة في جو حار رطب لزج، بشرة خير في أيام القحط، نجمة مضيئة في سماء معتمة حالكة السواد، لحظة دفء في ليلة شتوية قارسة البرودة، رائحة مسك وسط غابة من الدخان الخانق، ينبوع ماء في صحراء قاحلة، زهرة متألقة وسط الأشواك، جنة مورقة وسط نيران العذاب.
أمي، بخلت علينا الدنيا بوجودك لكن عزاءنا أنك قد وجدت جنتك التي تستحقينها، والتي بذلت جهدك من أجلها، وأعددت لها طوال عمرك في الدنيا الفانية، فكم أرسلت من أعمال طيبة صالحة لتستقبلك في الدار الآخرة.
نشهد يا أمي أنك عشت لنا، بذلت جهدك لراحتنا، لم تقصري في حقنا، وتحملت مشاق تنوء بحملها الجبال لتحققي سعادتنا، وكل ذلك بمشيئة الله في ميزان حسناتك، ستظلين في قلوبنا ما دمنا أحياء، وحتى نلتقي في جنة الخلد لقاء لا يعقبه فراق.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
تداول فيديو وصول جثمان إسماعيل هنية إلى الدوحة.. وزوجته من أمام النعش: أنت حبيبي في الدنيا والآخرة
(CNN) -- أظهرت مقاطع فيديو حصلت عليها شبكة CNN وصول جثمان الزعيم السياسي الراحل لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، إلى الدوحة الخميس، قادما من إيران، تمهيدا لدفنه الجمعة.