رسائل حب وأسى عميق لأرواح آلاف الشهداء
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
غزة - رفح - القاهرة «رويترز»: كتب زوج على كفن زوجته التي حصدتها الحرب في قطاع غزة «حياتي.. عيوني.. روحي» وكتب ابن على كفن والدته «أمي وكل شيء».
الفقيدتان من بين أكثر من 21 ألف فلسطيني استشهدوا في العدوان الذي تشنه إسرائيل على قطاع غزة.
وعلى مدى 12 أسبوعا انقضت، باتت الأكفان البيضاء المتراصة في كل مكان في القطاع رمزا للشهداء المدنيين الذين قضوا في الرد الانتقامي الفاحش لإسرائيل في أكثر أيام تاريخ إسرائيل دموية.
وفي مقابل نقص حاد في الغذاء والمياه والأدوية في القطاع المحاصر ظلت الأكفان البيضاء وفيرة. لكن كلمات الحب لا تكتب عليها كلها، ففي ظل فوضى الحرب، بعض من رحلوا لا يمكن التعرّف على هوياتهم.
في تلك الحالات يحمل الكفن كلمات مثل «ذكر مجهول» و«أنثى مجهولة». وقبل الدفن يتم التقاط صور للموتى وتوثيق تاريخ وموقع القصف الذي أودى بحياتهم ليتسنى لذويهم التعرّف عليهم يوما ما.
وحتى إن تفاقم الصراع أكثر فمن المتوقع أن تواكب إمدادات الأكفان البيضاء التي تتبرع بها حكومات عربية ومؤسسات خيرية وتيرة الطلب المتزايد. لكن هناك صعوبات بسبب العدد الهائل من الشهداء وفي بعض الأحيان توجد فجوات في إتاحتها بين مكان وآخر.
وقال محمد أبو موسى، المتطوع في جمعية قيراطان لتجهيز الموتى «تفاجأنا بأن عددا كبيرا جدا من الأكفان.. مخزون الأكفان اللي كان أهل الخير متبرعين فيه نفد تماما في أول أيام الحرب على قطاع غزة.. مكانش عندي أكفان كنت أواجه صعوبة جدا في الأكفان وكنت تقريبا أحط أربعة خمسة شهداء في كفن واحد».
مشارط ومقصات وقطن
تابع أبو موسى قائلا وهو يصف ما يواجههم من صعوبات: «فيه نقص في المشارط.. المقصات اللي تلزمنا عشان نجهز الأكفان طبعا.. زي ما أنت عارف الوضع فيه حصار ومفهش مواد في قطاع غزة فبنلاقي صعوبة جدا في (إيجاد) المقصات.. المشارط.. القطن».
مشيرا إلى أن أرقام الشهداء خيالية بالنسبة له وغير مسبوقة في أي مرات سابقة من الحرب والتصعيد.
ويقول مروان الهمص، مدير مستشفى أبو يوسف النجار إن شيوع الأكفان البيضاء يشير إلى حجم المعاناة في قطاع غزة.
وتابع قائلا: «كترة الشهداء جعلت الكفن الأبيض رمزا لهذه الحرب وأصبح يوازي علم فلسطين في تأثيره في داخل العالم ومعرفة العالم برمزية قضيتنا... أصبح الآن الكفن هو رمز للقضية الفلسطينية ورمز لهذه الحرب.. حرب الإبادة ضد أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة».
وذكر طبيب في مستشفى في مدينة رفح جنوب القطاع لـ«رويترز» أن الأكفان التي تأتي من جهات تبرع عربية تصل مغلفة وبها مستلزمات تجهيز الجثمان.
وقال مسؤول في وزارة الصحة بغزة لـ«رويترز»: «في نوعين من الأكفان قماش ونايلون.. الأكياس النايلون بتيجي بلونين أبيض وأسود، أحيانا بنستخدم اللونين في عملية تحضير جثامين الشهداء للدفن». وتابع قائلا: «أحيانا بتحصل وبتجينا مساعدات أكفان باللون الأسود.. بس إحنا بنحاول قدر الإمكان تجنبها طالما موجود اللون... وبنفضل الأبيض.. الكميات الموجودة لدينا كبيرة جدا من الأكفان القماشية باللون الأبيض».
في الأوقات العادية في قطاع غزة لحظة وفاة شخص يسارع أحد أقاربه للسوق لشراء كفن.
لكن بالنسبة لعبدالحميد عبدالعاطي، الصحفي المحلي جاء زمن الحرب في قطاع غزة بمشاهد من الفوضى والدمار وضعته أمام موقف رأى فيه جثامين ستة من أحبائه تُسحب من تحت الركام، منهم أمه وشقيقه.
راح الستة ضحية غارة إسرائيلية على مخيم النصيرات في وسط قطاع غزة في السابع من ديسمبر. ودمرت الضربة البناية على رؤوسهم وهم نائمون.
وروى كيف أخذ على عاتقه الإجراءات في تجربة وصفها بأنها الأكثر إيلاما في حياته. وقال «أخذت الأكفان من المستشفى وكفنتهم بنفسي».
وأضاف لـ«رويترز»: «أول واحد كفنته أخوي، البقية ومن ضمنهم أمي إجو ملفوفين بالبطانيات فما رضيتش أكشف عنهم وحطيت الكفن فوق الأغطية، لفيتهم كويس وودعتهم».
وتابع قائلا: «وأنا بكفنهم كنت بحكي معهم.. قلت لهم سلموا على أبوي.. وطلبت منهم يتشفعولي عند ربي أنا وعيلتي... وأنا بكفنهم كنت بتساءل شو ذنبهم، شو اللي عملوه؟ ليش تم قتلهم بهاي الطريقة الوحشية؟ ليش إسرائيل قتلتهم وهم نايمين في سلام؟».
يعتبر عبدالعاطي أن عزاءه الوحيد هو أن ذويه مثواهم الجنة ويقول «الأكفان أو اللون الأبيض بيرمز للسلام والهدوء، جزء من ثقافتنا ومعتقدنا، بالأكفان البيضاء وكأننا بنطلب من ربنا أنه يغفر لهم جميع ذنوبهم وأن يتقبلهم في الجنة».
ولدى سؤاله عن مدى انشغال ذهنه بتعرضه لخطر الموت رد بالقول إن الجميع خائفون وبحلول الليل يشعر الناس بأنهم حبيسون كل منهم في انتظار دوره للموت.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
ارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين في قطاع غزة مع تواصل العدوان الوحشي
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، السبت، ارتفاع حصيلة الشهداء في صفوف الصحفيين الفلسطينيين إلى 189 صحفيا جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة للعام الثاني على التوالي.
وقال المكتب الإعلامي، في بيان، "ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين إلى 189 صحفيا وصحفية منذ بدء حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، بعد الإعلان عن استشهاد الزميل الصحفي وائل إبراهيم أبو قفة المحاضر بقسم الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية".
ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين بقطاع غزة إلى 189 منذ 7 أكتوبر 2023 بعد استشهاد الصحفي والمحاضر الجامعي وائل إبراهيم أبو قفة
المكتب الاعلامي الحكومي بغزة pic.twitter.com/fOpZ9O7nEM — الحـكـيم (@Hakeam_ps) November 23, 2024
وأدان المكتب "بأشد العبارات استهداف وقتل واغتيال الاحتلال الإسرائيلي للصحفيين الفلسطينيين" منذ بدء حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها ضد قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول /أكتوبر 2023.
وحمّل المكتب الإعلامي الاحتلال الإسرائيلي "كامل المسؤولة عن ارتكاب هذه الجريمة النَّكراء"، مطالبا المجتمع الدولي والمنظمات الدولية وذات العلاقة "بالعمل الصحفي في العالم إلى ردع الاحتلال وملاحقته في المحاكم الدولية على جرائمه المتواصلة والضغط عليه لوقف جريمة الإبادة الجماعية، ووقف جريمة قتل واغتيال الصحفيين الفلسطينيين".
وحذرت وسائل إعلام فلسطينية ودولية مرارا، من استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي للطواقم الإعلامية في قطاع غزة، ودعت إلى توفير الحماية لهم، وسط تجاهل إسرائيلي لتلك الدعوات.
وحطم الاحتلال رقما قياسيا في استهداف الصحفيين، حيث تجاوز عدد العاملين في مجال الصحافة الذين استشهدوا منذ بدء العدوان الإسرائيلي، عدد الصحفيين الذي قُتلوا خلال الحرب العالمية الثانية، وحرب فيتنام، والحرب الكورية، وفقا للأناضول.
ولليوم الـ414 على التوالي، يواصل الاحتلال ارتكاب المجازر، في إطار حرب الإبادة الجماعية التي يشنها على أهالي قطاع غزة، مستهدفا المنازل المأهولة والطواقم الطبية والصحفية.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان المتواصل على قطاع غزة إلى ما يزيد على الـ44 ألف شهيد، وأكثر من 104 آلاف مصاب بجروح مختلفة، إضافة إلى آلاف المفقودين تحت الأنقاض، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
والخميس، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال دوليتين بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال الإبادة في غزة.