فتون النوفلية
الحياة عِبارة عن طرق وعرة، ولا يخلو مسار حياة الإنسان من العوائق والحواجز التي تمنعه من المضي قدمًا بكلِ سلاسةٍ، ولكن القليل فقط من يرونَ أنَّ هذه العوائق ليست سوى تحديات وامتحانات تزيدهم صلابة وقوة في الحياة، إنها فرصٌ متنكرة للنمو الشخصي، وفرص لاكتساب الحكمة والصمود في وجه التحديات التي تقابلنا في رحلتنا.
وفي فترة ما تنطفئ تلك الشمعة بحب الحياة؛ حيث ترغب فقط بالجلوس في زاوية من زوايا الغرفة تراقب حياتك دون تدخلٍ منك! شعور لا يمكن تفسيره إلا أنه عالم صامت مثلًا بعد صراعٍ وحرب قتل جميع الجنود فأصبحت أنت الناجي الوحيد مستلقياً على الأرضِ تشاهد بقايا تلك الحرب وحدك.
وعندما يصبح الشغف مفقودًا والاكتئاب يسيطر أحيانًا، ينعكس هذا على الحياة بأكملها، فتتزايد فرص الإهمال والانسحاب، وهذا يعد أحد أكبر معوقات الازدهار الشخصي، حيث يعيق القدرة على تحقيق الأهداف ويعزز اندفاع الإنسان نحو الإهمال والانكسار.
كما إن الأخطاء أيضًا تشكل عائقًا قويًا، فالخوف من الوقوع فيها قد يحول دون تحقيق الأشياء الرائعة، وأيضًا مخاوف الوقوع في الخطأ قد تعيق تنفيذ الكثير من الأفكار والمشاريع، وتكمن القوة الحقيقية في قدرة الإنسان على التعلم من تلك الأخطاء وتحويلها إلى فرص للنمو والتطور، فليس هناك نجاحٌ دون أن يسبقه سلسلة من الأخطاء ولكن الذكي من يتعلم من تلك الأخطاء ويجعلها محطاتٌ للنجاح.
إضافةً إلى أن السخط يعتبر مصدرا آخر لمعوقات الحياة، فهو يشعل نار العداء والغضب الداخلي، مما يؤثر على العلاقات والتواصل الإيجابي مع الآخرين، ولكن المشكلة ليست في السخطِ نفسه بل المشكلة في طريقة تحكمنا بالسخطِ والتعبير عنه. وقد أحسن "الدالاي لاما" حين قال: "البطل الحقيقي هومن يقهر غضبه".
وعدم وجود هدف واضح يعد معوقًا كبيرًا؛ إذ يترك الإنسان في حالة من الضياع والارتباك، دون توجيه أواتجاه محدد، وأن لا شيء يعطي الإنسان إحساسًا بالإشباع الداخلي والرضا والسلام مثل الوضوح والفهم للنهاية التي يتوجهون إليها.
وأخيرًا.. إن النجاح في الحياة مطلب يسعى لتحقيقه ملايين الأشخاص، ولكن تجتمع كل هذه العوامل لتشكل حواجز تعيق النجاح والسعادة، إلّا أن العمل على تجاوز هذه المعوقات وتحويلها إلى فرص للتعلم والنمو الشخصي، يمكن أن يُحدث تحولًا كبيرًا في حياة الإنسان.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
هذه أسباب استقرار سعر الصرف رغم الحرب... ولكن هل هو ثابت؟
"كم بلغ سعر صرف الدولار؟". سؤال شغل اللبنانيين يومياً على مدار الأعوام الخمسة الماضية. فبعدما بات الإقتصاد مدولراً ولو بشكل غير رسميّ، أصبحت العملة الخضراء تحكم اللبنانيين لتسيير أعمالهم اليومية، حتى أزاحت الليرة اللبنانية عن الساحة بصورة شبه كليّة. ومع الحرب الدائرة منذ أيلول المنصرم، وفيما اعتدنا أن يغتنم المتلاعبون بالأسعار الفرصة لتحقيق مكاسب أكبر، من المستغرب بقاء سعر الصرف مستقراً عند حدود الـ90 ألف ليرة للدولار الواحد منذ نهاية العام الماضي.
منذ ربيع عام 2023، شهد لبنان استقرارًا ملحوظًا في سعر صرف الليرة مقابل الدولار الأميركي، على الرغم من التداعيات الاقتصادية والسياسية الكبرى التي هزّت المنطقة، بما في ذلك الحرب في غزة، وتصاعد التوترات في جنوب لبنان بعد إعلان حزب الله خوضه الحرب لإسناد غزة.
كما خلفت الحرب الإسرائيلية آثارًا كارثية من الدمار والتعطل الاقتصادي، مما زاد من الضغوط على الاقتصاد اللبناني الهش أصلًا.
وبحسب البروفسور بيار الخوري، تمكّن مصرف لبنان المركزي بعد تغيير الحاكمية والتوافق الذي حصل بين الحاكم بالتكليف د. وسيم منصوري والمؤسسات الدولية، من ضمان هذا الاستقرار النقدي نتيجة لاعتماد سياسات حذرة واستراتيجية مالية متميزة.
وأشار الخوري لـ"لبنان 24" إلى أن الخطوات تمثّلت بـ"وقف تمويل عجز الموازنة، فقد توقف المصرف عن تمويل العجز الحكومي، وتبنت الحكومة موازنات متوازنة تعتمد على الإيرادات الذاتية بدلًا من الاستدانة".
كما تمّ الحد من التدخل في سوق القطع، وفق الخوري "إذ قلّل المصرف تدخله المباشر في سوق صرف العملات، مع التركيز على ضخ السيولة بالليرة اللبنانية فقط ضمن حدود تضمن توفير المتطلبات الأساسية للاقتصاد".
إلى ذلك، جرى ضبط السيولة من خلال اعتماد المصرف سياسة تقنين السيولة بالليرة اللبنانية، بحيث لا تتجاوز الكتلة النقدية بمعناها الضيق (النقد في التداول) ما يعادل 600 مليون دولار. تم تحقيق ذلك من خلال اعتماد الحكومة على زيادة الضرائب والرسوم بما ساهم في سحب الفائض النقدي من السوق.
ووفق الخوري، استطاعت هذه السياسات الحد من الضغوط التضخمية وتحسين استقرار النظام النقدي، رغم الظروف القاسية والحوار وظيفة الليرة ودور البنوك في الاقتصاد، ما أدى إلى استعادة الثقة بالسلطة النقدية.
واعتبر الخوري أن مصرف لبنان يواجه اليوم تحديات سياسية واقتصادية تهدد استمرارية هذا الاستقرار النقدي، أبرزها "تعرض الحاكم بالتكليف وسيم منصوري، لضغوط سياسية بهدف دفع المصرف إلى تمويل مشاريع مثل أعمال الإغاثة، مما قد يؤدي إلى زيادة الكتلة النقدية وبالتالي ارتفاع التضخم وانهيار قيمة العملة".
كما أن الآثار الاقتصادية للحرب المستمرة في لبنان والتداعيات الإقليمية تضع الاقتصاد اللبناني تحت ضغط إضافي، خاصةً مع تعطّل شرايين التجارة والصناعة والخدمات بسبب خروج ثلث الأراضي اللبنانية من الدورة الاقتصادية.
واعتبر الخوري أن الاقتصاد اللبناني يظل معتمدًا بشكل كبير على التحويلات من الخارج والقطاع المصرفي، مما يعرضه لمخاطر متزايدة في ظل انعدام النمو الإنتاجي.
من هنا، أشار إلى أن "أي خطوة لاستئناف تمويل الحكومة من قِبل مصرف لبنان قد تعيد البلاد إلى دوامة التضخم الجامح وفقدان الثقة في النظام المالي. هذا التمويل، وإن كان يستهدف أهدافًا إنسانية وإغاثية، يمثل تهديدًا للاستقرار النقدي الذي تحقق بشق الأنفس، خاصةً في ظل هشاشة الوضع السياسي والاقتصادي وسيأتي بنتائج عكس المرتضى خاصة من حيث التأثير على الفئات الأكثر تعرضاً للازمة".
ورأى الخوري أن الحفاظ على الاستقرار النقدي في لبنان يحتاج إلى استمرار السياسات المالية والنقدية الصارمة التي تبناها مصرف لبنان. وبالتالي، يجب إيجاد مصادر تمويل في الوطن مثل المساعدات الدولية وزيادة الإيرادات من القطاعات الإنتاجية، بدلًا من الاعتماد على طباعة المزيد من النقود. المصدر: خاص "لبنان 24"