جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-03@02:07:03 GMT

عصبة تحمل جينات وراثية إجرامية

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

عصبة تحمل جينات وراثية إجرامية

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

 

كنت أغرق في تفسير ما يحصل في عالمنا المعاصر من قبل عصبة بني صهيون، التي لا يعجزها الكيد لغيرها في ضوء ما ذكره الله في كلامه المنزل، بأنَّ في قصة يوسف وخبره مع إخوته آيات، أي عبرة ومواعظ للسائلين والمستخبرين عنه، فإنه خبر عجيب يستحق أن يخبر عنه "إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَىٰٓ أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ" أي جماعة، فكيف أحب ذينك الاثنين أكثر من الجماعة "إِنَّ أَبَانَا لَفِى ضَلَٰلٍۢ مُّبِينٍ"، وقد تسموا بلفظ العصبة لأنهم محيطون بيوسف، الذي عزموا على قتله كي ينفردوا بأبيهم، بحيث يضيق حب أبيه له وأخيه، ليقتصر عليهم بوجه عام، ويقصره كل واحد منهم على خاصته، في إطار تفسيرهم للرشاد أو الضلالة، وتصبح عصبتهم محيطة بهم وموالية لهم.

ومن الطبيعي ألا يقتصر مفهوم العصبة عند إخوة يوسف على تصور فضفاض، وإنما يرتبط بما يعتنقون من فكرة الإجرام والاستحواذ على محبة أبيهم حسدًا من عندهم، وهم عصبة من أب وأم، فعصبة إخوة يوسف تبنت منهج الإجرام والنكران والعقوق، وحتى تحافظ على تماسكها، لابد لها من أن تأخذ مسافة نفسية من السياق الاجتماعي، والنظام الأخلاقي، والتصور القيمي السائد، فهي بالتالي أصبحت بمرور الوقت إطارًا دينيًا اجتماعيًا لحدود العلاقة بأبيهم.

وعلى الرغم من قدم قصة إخوة يوسف، فإن عصبتهم أدت الى قيام المتأثرين بأنانيتهم للعيش في "غيتو" نفسي بعد أن صدقوا أنهم هم المختارون، والأحق بالتسلط والسلطة، والأذكى عقلا، والأغنى مالا، والأكثر قوة.

ولا شك أن الحكم على عالم اليوم بأنه عالم يتبنى مفهوم إخوة يوسف لضلالة أبيهم، قد أورث اعتقادًا داخليًا بأن القوي هو الأجدر بالسلطة لأنه الأوفر مالًا ونفوذًا، وأن عصبة القوي ليست عصبة هامشية بل عصبة مركزية، لدرجة أن هذه العصبة لم تطق توسيع دائرة المشاركة، مما جعل منها أجسامًا منفصلة عن جسم مجتمع الأخلاق والفطرة الإنسانية.

لم انتبه لمعنى العصبة إلا فجأة، حين ربطها دماغي بالكلمة الجذر، وبالتعصب والعصابة التي تقتل الأبرياء وتنهش الأعراض وتؤذي الناس، بالتعاون مع من هم في عصبتهم،يسندون دعواهم بأدلة كاذبة استنتاجية؛ فالكذب يكفي بمنطقهم، كما فعل إخوة يوسف عندما جاؤوا على قميص سيدنا يوسف بدم كذب.

ولكني كتبت ما قد يحتويه هذا المقال، وأرجو أن تساعدني- عزيزي القارئ- في حلحلة وفهم عالم يدعي حكمة الجموع، والأممية؛ حيث إن عصبة الأمم سلف منظمة الأمم المتحدة جاءت فكرتها من الغرب الأوروبي، خلال فترة سادها الإجرام، بتحكم من قبضة عصبة بني صهيون، فحولتها إلى عصبة يسودها التآمر والاستعمار والحروب والتدمير والقتل، تجسيدًا لذات الجينات المتوارثة عن عصبة إخوة يوسف منذ آلاف السنين، ومع ذلك، ما تزال قصتهم وثيقة الصلة بما جرى من دمار عالمي، ويجري اليوم على أرض فلسطين. هذه القصة الموغلة في القدم تثير الاشمئزاز، فهي تجسد الرغبة في الإجرام والتسلط، لكن البشرية ترفض وحشية هذه العصبة باعتبارها عصبة تضطرم فيها رغبة الانتقام، فتذهب إلى معتقد إجرامي فيه توسل بأن ينتقم العالم للكبرياء المجروح، غير أن إرادة الله قهرت مكر هذه العصبة، وإجرامها، في غمرة الحزن أمام موت الضحايا، وأمام حتمية نصر الله للمؤمنين.

إذا كان الغرب قد رأى أن العظمة الحقيقية في السلام، تكمن في الرغبة بإنشاء "عصبة الأمم"، لمنع قيام الحرب عبر ضمان الأمن المشترك بين دول العالم، والحد من انتشار الأسلحة المسببة لفائض القوة، وتسوية المنازعات الدولية عبر إجراء المفاوضات والتحكيم الدولي، وغيرها من الأهداف التي وضعتها نصب أعينها، فإنه وبمرور الوقت تحول الجمع الأممي، الذي يجب أن يمارس "استعلاء العدل والحرية" على سائر الأمم؛ القوي منها والضعيف، بمن فيهم عصبة إخوة يوسف، إلى عصبة تسيطر عليها الصهيونية العالمية، فكثُر التوحش والإجرام والحروب والعدوان بين دول هي أعضاء في العصبة، وصارت وسيلة لما يغنمه القوى، ومغرم وقع على الصغير الضعيف.

في هذه السانحة، لست أنا من يكتب عن المغنم أو المغرم، إلّا أن ما يمكن الإشارة إليه في عجالة، هو أن أهم مشكلة تعاني منها الأمم، هي امتلاك الأقوياء حق النقض، الذي يؤدي إلى المساس بالمساواة بالسيادة بين الدول الأعضاء في المنظمة "العصبة" الدولية؛ حيث ألقى هذا الحق الذي اصطنعه القوي على وجه العدالة الدولية رداءً قاتمًا بدماء الأبرياء والدمار، وصار عقبة كأداء أمام السلام العالمي، ولم يستطع أحد أن يكبح جماح عصبة بني صهيون، لتتمكن الشعوب أن تعيش حياة الحرية والاستقلال.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الأمن السوري يصادر أعلاماً تحمل صورة الشرع

سرايا - صادر جهاز الأمن العام السوري أعلامًا تحمل صورة الرئيس السوري أحمد الشرع، محذراً البائعين من تداولها.

وقام عناصر الأمن العام بتوجيه تحذيرات للأكشاك والبائعين من تداول هذه الأعلام أو المساهمة في انتشارها، ملوحين باتخاذ إجراءات قانونية بحق المخالفين.

وخلال الأيام الماضية، تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً من دمشق تُظهر رفع علم سوريا بعد سقوط النظام السابق، وقد وُضعت عليه صورة الرئيس الجديد أحمد الشرع، مرفقة بعبارة “منحبك بالله”، في مشهد أعاد إلى الأذهان مظاهر التقديس التي كانت سائدة في ظل النظام السابق.





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 644  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 02-02-2025 09:39 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
الصين .. سمكة كبيرة تهاجم حورية البحر! الذكاء الاصطناعي يتنبأ بالمستقبل .. 9 مدن ستغمرها المياه بحلول عام 2100 ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند تأجيل النوم الانتقامي .. اكتشف ثمن متعة الثأر من ساعات النهار بالفيديو .. إحدى ضحايا قضية الموقر تروي تفاصيل... أمطار غزيرة وثلوج ورياح قوية في طريقها إلى المملكة... في لقاء حصري مع "سرايا" .. طلال أبو... السجن 17 عامًا لمزور شهادتي دراسات عليا لمسؤولين في... هل ستشهد المملكة تساقطاً للثلوج هذا الأسبوع؟ ترامب: الولايات المتحدة تدفع مئات مليارات الدولارات...بسبب قرار بترحيله .. مسافر يتسبب بحريق في مطار بيروتمصر: لدينا رؤية لإعمار غزة دون خروج أي فلسطيني من أرضهتحديد موعد تشييع جنازة حسن نصر الله قطر تتواصل مع إسرائيل وحماس للتحضير لمحادثات...روسيا تعلن إسقاط 44 طائرة أطلقتها أوكرانيابرشلونة يعبر ألافيس ويقلص الفارق مع الريال برشلونةعودة النازحين إلى جنوب لبنان وسط تصعيد ميداني61709 شهداء ضحية حرب الإبادة على غزة و50 مليار... بسبب البوستر .. أحمد العوضي يتدخل لحل أزمة البزاوي... الحروب يطلق ألبومه الغنائي الأول... سيرين عبد النور تثير الجدل برسالة غامضة: هل هي... نهال عنبر تكشف عن أجرها في برنامج رامز نيفر إند :... دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية "حمزة مون... أرسنال يقسو على مانشستر سيتي بخماسية في الدوري الإنجليزي الحسين يتغلب على الوحدات بثلاثية في ذهاب نهائي كأس السوبر .. صور ليفربول يستفز صلاح بـ"تخفيض راتبه" .. والمصري يرفض عكس الشائع .. التمارين الرياضية لا تحرق السعرات الحرارية بالقدر الذي تظنه! التعمري يقترب من الانضمام لرين الفرنسي العلماء الروس يرصدون 7 توهجات شمسية قوية دراسة تكشف حقيقة الفرق في الثرثرة بين الرجال والنساء مؤثرة صينية تصدم جمهورها بمظهرها الحقيقي من هي الدولة الأكثر استهلاكًا للشاي في العالم؟ بالفيديو .. عجلٌ يتسبّب بعرقلة حركة السير بالفيديو .. "الله أكبر" رجل يوثق لحظة سقوط طائرة فيلادلفيا مقتل شاب إثر اعتداء آخرين عليه .. اليكم التفاصيل مغامرة كادت تودي بحياتهما .. متزلجان يتسببان في كارثة ثلجية وينجوان بأعجوبة من الموت مرتضى منصور يحذر ترامب من زيارة مصر - (فيديو) بعد مقتل العراقي حارق المصحف .. شريكه يطل مرعوباً "دوري آت"

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • الدور الوطني لـ«كوكب الشرق».. استعادت ثقة الشعب بعد حرب 1967 بصوتها القوي
  • الأمن السوري يصادر أعلاماً تحمل صورة الشرع
  • شرطة بومرداس تطيح بشبكة إجرامية من 3 أشخاص وتحجز 1 كلغ من القنب الهندي
  • سقوط 5 عناصر إجرامية سرقوا دراجات نارية في البحيرة
  • العصبة الوطنية تفرج عن البرمجة الخاصة بالجولتين المقبلتين من البطولة الاحترافية
  • رويترز: طائرة الإسعاف الأمريكية المحطمة في فيلادلفيا كانت تحمل شخصين
  • بسعر لا يصدق .. بيع أغلى شاحنة تحمل شعار فورد
  • هبة محمد علي: كتاب «محمد جلال عبد القوي أديب الدراما العربية» سيرة فنية لأحد أهم كتاب الدراما
  • مصرع 3 عناصر إجرامية في مواجهات مع الشرطة
  • الـ16 .. السعودية تواصل جسر المساعدات إلي سوريا