حمود بن علي الطوقي
في الأول من يناير، نستقبل مع بزوغ الشمس، أول أيام العام الميلادي الجديد 2024، نسأل الله أن يكون عام خير وسلام على الأمة، ونرفع الأكف داعين الله أن ينصر إخواننا في غزة، ولسان الحال يقول إننا كمسلمين يحق لنا أن نطلق على العام المنصرم 2023 "عام الشهداء"، فقد ودّعنا هذا العام الذي كان ثقيلًا علينا باستشهاد أكثر من 21 ألف شهيد من الأبرياء الذين لا ذنب لهم سوى الوقوف في وجه الاحتلال الغاشم.
يحق لنا كمسلمين أن نعتبر "طوفان الأقصى" حدثًا تاريخيًا كُتب بدم الشهداء، وأن السابع من أكتوبر 2023، يوم خالد سيسجله التاريخ، تحقق فيه انتصار ساحق للمقاومة الباسلة على جيش الاحتلال. طوفان الأقصى أعاد للمسلمين كرامتهم وأعطى للفلسطينيين مكانتهم وأسقط الأقنعة الزائفة، ليتعرف العالم على حقيقة الكيان الصهيوني الغاشم الذي أباد في حرب غير متكافئة آلاف العُزّل، بتأييد دول الحلفاء.
يحق لنا كمسلمين بعد حرب مستمرة منذ 86 يومًا، أن نقف إجلالًا وإكبارًا ونرفع التحية لأبطال غزة وإخواننا المرابطين على صمودهم في وجه العدوان الغاشم، في ظل صمت دولي على المذابح بحق الشعب الباسل في غزة وفلسطين.
يحق لنا كمسلمين أن نقول لأشقائنا في غزة وفلسطين إن دماءكم التي سالت، هي عند الله نقية زكية، وإن غزة العزة ستظل شامخة، وإن العالم الحر يتعلم منكم دروسًا على مواقفكم الباسلة وصمودكم أمام الطغيان الغاشم وتمسككم بتراب أرضكم وإصراركم على البقاء رغم القصف الهمجي على المنازل والمساجد ودور العبادة والمستشفيات وتدمير البنية التحتية. كل ذلك الطغيان زادكم قوة وعزيمة وتمسُّكًا بكتاب الله، وإن الله قادر على أن ينصركم على عدوكم.
يحق لنا كمسلمين أن نتفاءل بالمستقبل وأن نرى الأقنعة تتساقط، وأن يرى العالم الحر حقيقة الكيان الصهيونى الذي يمارس أبشع الممارسات الإجرامية تجاه شعب أعزل، يُريد أن يعيش بسلام وفي أمان، ونحن نعلم أن النصر آتٍ لا محالة وأن وعد الله حق.
إن أبطال غزة الصامدين سيلقنون العدو وكل من تحالف معه درسًا في الصمود، لأن يد الله فوق أيديهم والله على كل شيء قدير.
يحق لنا كمسلمين أن نفتخر بأطفال غزة وفلسطين ونراهم وهو يقفون صامدين أمام العدو ويتحدون الآليات العسكرية والدبابات والصواريخ رافعين علامات النصر، معلنين لرفاقهم من أبناء المسلمين أنهم سيقودون مسيرة النصر وسيتقدمون أطفال العالم للصلاة في المسجد الأقصى.
يحق لنا كمسلمين أن نفتخر بإنجازات المقاومة ونفتخر بالقائد المجاهد أبي عبيدة ورفاقه بالانتصارات التي حققتها المقاومة الباسلة على أرض المعركة، رغم الوجع والألم لاستشهاد آلاف الأبرياء، لكن صمود المرابطين وتمسكهم بالأرض رسم خارطة جديدة للطريق نحو القدس الذي بات قريبًا.
يحق لنا كمسلمين أن نقف أمام أشقائنا في فلسطين وندعمهم بتأييدنا لهم، وأن قضيتهم عادلة وأن فلسطين أرض عربية إسلامية وأن القدس عاصمة أبدية لفلسطين، وأننا سنظل نرفع الأكف داعين الله أن ينصرهم على عدوهم، وبإذن الله سنستمر في الدعاء وفي مؤازرتهم إلى أن يتحقق وعد الله، وأن يكون النصر للمسلمين، وتعود القدس والأقصى إلى المسلمين.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر في يوم الشهيد: الشهادة في سبيل الله أرفع المنازل وأعظم الأعمال
أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، أن الاحتفال بيوم الشهيد يؤكد قيم الوفاء عند المصريين في الاعتراف بحق مَن ضحوا بأرواحهم لأجل الوطن.
وأشار رئيس جامعة الأزهر، إلى أن من أصعب الأحزان هو ألم الفراق لكن عندما يكون الموت والفراق لغاية سامية وللارتقاء لمنزلة أعلى عند الله فهو أمر يستوجب الثناء؛ لأن الشهادة في سبيل الله من أفضل الألقاب وأجل الأعمال التي تعلي قدر صاحبها في الآخرة وتخلد ذكره في الدنيا.
وأضاف رئيس جامعة الأزهر أن عزاءنا لأسر الشهداء أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وأنهم سيظلون يطوقون أعناقنا بحسن فِعَالهم وتضحياتهم بأرواحهم لنعيش في أمن وسلام.
وقدم رئيس الجامعة تحية إعزاز وإجلال لكل أسر الشهداء من الجيش والشرطة والمدنيين.
كما تقدم الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، بأسمى آيات الاعتزاز والاحترام لأرواح الشهداء ولأهليهم وللوطن أجمع، قيادةً وحكومةً وشعبًا، لقاءَ ما قدموا من قدوة عزّ مثيلها، ومآثر خالدة في وجدان الأمة وحاضرها ومستقبلها؛ إذْ صدقوا الله فصدقهم، وأقسموا على فداء الوطن فأبروا، ووعدوا بصون المواطن فأوفوا.
وأكد الوزير أن الشهادة في سبيل الله والوطن كما بر الوالدين – هما دَيْن لا يُرَد، ولا يقدر على الثواب عليه إلا الله وحده، وليس هذا المعنى الأوحد للشهادة، فالشهاد بِرٌّ وفداء، وبذل وعطاء، واستعداد وسمو؛ فمن عاش معاني الشهادة دانت له أسبابها وحاز فضلها.
وفي هذا المقام، توجه بالوزير بأسمى عبارات الاعتزاز والطمأنينة والافتخار إلى أهالي الشهداء وزملائهم ومؤسساتهم؛ مؤكدًا أن آلام الفقد مبرحة، ولا تبارح النفس والعقل وإن طال الزمن، لكن الصبر والسلوان من نعم الله الرحيم الحكيم، والنعيم المقيم في الآخرة وعد صادق، وليس أرقى ولا أسمى من بذل النفس في سبيل الله والوطن حتى نأمن بعد خوف، ونعمل بعد تعطل، ونصون الدين والوطن بما يليق بجلالهما في شرع الله وعيون من استشهدوا وأشهدونا على تضحياتهم ليكونوا لنا نبراسًا هاديًا، بعد أن جعلوا لنا -بأمر الله- من ضيقنا مَخرجًا. ونحن إذ نحيي يوم الشهيد فإننا نحيي في أنفسنا وفي أبنائنا معاني القدوة، وصون الوطن، وإتقان العمل، وامتزاج القيادة بصفوف المرؤوسين، والتفاني من أجل الوطن، والوعي الرشيد، واستلهام العبر والدروس من الماضي، واستشراف المستقبل بقلب واثق، وعقل واعٍٍ، وعزم كعزم الشهداء – لا يلين... أسكنهم الله أعالي الجنان، وأفاض علينا من رحماته وبركاته كي نصون مآثرهم ونهتدي بقيمهم.
كما أفاد الوزير أن حياة الوطن -جيلاً بعد جيل- تظل مدينة لأرواح الشهداء التي سطرت التاريخ وأنارت المستقبل؛ فبهم صار الوطن عزيزًا لا يضام، وأصبح المواطن آمنًا من خوف؛ فالشهداء بوابة المستقبل وإن لم يشهدوه، وهم درّة التاج وإن لم يلبسوه، وصمام أمان الوطن وإن غادروه... فرحم الله كل مَن وطّأَ ومهَّد، وهيَّأ وتعهَّد، ثم استُشهد قبل أن يَشهد.