فوضى حرب إقليمية أوسع.. هكذا توشك حافة الهاوية على الانهيار
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
منذ اندلاع الحرب بين الجيش الإسرائيلي وحركة "حماس" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ظل الشرق الأوسط ينزلق نحو شفا حرب إقليمية، لكن الأيام القليلة الأخيرة أظهرت أن حافة الهاوية يمكن أن تنهار بسرعة، وفقا لجوليان بورجر في تحليل بصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (The Guardian).
ويشن جيس الاحتلال حربا مدمرة على غزة خلّفت حتى الأحد 21 ألفا و822 شهيدا، و56 ألفا و451 جريحا، ودمارا هائلا في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة، وفقا لسلطات القطاع والأمم المتحدة.
بورجر قال، في التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إنه "خلال ساعات من اندلاع حرب غزة، بدأ حزب الله في لبنان بإطلاق النار على بلدات وقرى شمال إسرائيل؛ تضامنا مع الفلسطينيين، مما أدى إلى شن غارات جوية إسرائيلية. كما هاجمت قوات الحوثيين في اليمن السفن (الخاصة بالشحن والمرتبطة بإسرائيل) في البحر الأحمر".
وأضاف أن "الولايات المتحدة نقلت حاملتي طائرات والمجموعات الضاربة المرافقة لهما إلى المنطقة، حيث تعرضت القواعد الأمريكية في سوريا والعراق لهجمات من الجماعات المرتبطة بإيران".
ومنذ اندلاع الحرب، تقدم إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل أقوى دعم عسكري واستخباراتي ودبلوماسي ممكن، حتى بات منتقدون يعتبرون واشنطن "شريكة" في "جرائم الحرب الإسرائيلية" بغزة.
و"في الوقت نفسه اندلعت احتجاجات في الضفة الغربية على قصف المدنيين في غزة، وسرعان ما ركب المستوطنون اليهود المتطرفون موجة الغضب الإسرائيلي من خلال الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية وترويع سكانها"، كما قال بورجر.
((1))
مواجهة مفتوحة
بورجر قال إن "كل من مسارح الصراع هذه قادر على إشعال حريق كبير في الشرق الأوسط. وأظهرت الأيام القليلة الماضية مدى سهولة التصعيد، سواء كان مقصودا أم لا، بما يمكن أن يدفع إسرائيل إلى مواجهة مفتوحة مع إيران، ويجذب الولايات المتحدة أيضا".
ولتف إلى أن غارة جوية إسرائيلية خارج دمشق، قبل أيام، قتلت شخصية بارزة في الحرس الثوري الإيراني، وهو رضي موسوي، الذي كان مسؤولا عن الاتصال العسكري بين سوريا وإيران، وقد توعد الحرس "النظام الصهيوني الغاصب والوحشي سيدفع ثمن هذه الجريمة".
وتعتبر كل من طهران وتل أبيب العاصمة الأخرى العدو الأول لها، وتواصل إسرائيل منذ عقود احتلال أراضٍ في فلسطين وسوريا ولبنان.
و"في الوقت نفسه، أطلق حلفاء طهران الحوثيون النار على قوة المهام البحرية "حارس الازدهار"، بقيادة الولايات المتحدة، والتي تم تجميعها لحماية الشحن في البحر الأحمر"، كما زاد بورجر.
وتابع: "وأسقطت السفن الحربية الأمريكية العشرات من الطائرات بدون طيار ومجموعة من الصواريخ الباليستية. وأصدرت القيادة المركزية الأمريكية بيانا قالت فيه إن واشنطن لديها "كل الأسباب للاعتقاد بأن هذه الهجمات، رغم شنها من جانب الحوثيين في اليمن، إلا أنه تم تمكينها بالكامل من قبل إيران".
ورجح بورجر أنه "إذا تعرضت سفينة حربية أمريكية لهجوم، فسيواجه بايدن (ديمقراطي) ضغوطا شديدة لاتخاذ رد حاسم، مع دخوله عام انتخابي (2024) وولايته معلقة في الميزان (يأمل في الفوز بولاية ثانية) ويتطلع الجمهوريون إلى التركيز على أي أثر للضعف".
((2))
عنصر متفجر
وبموازاة الحرب في غزة، كثف جيش الاحتلال عدوانه في الضفة الغربية المحتلة، فقتل 527 فلسطينيا وأصاب نحو 3 آلاف و800 بجروح واعتقل 4 آلاف و876، بحسب مصادر رسمية فلسطينية.
ووفقا لخالد الجندي، زميل بارز في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، فإن "القوات الإسرائيلية تشن حملة مبالغة في محاولة لردع الانتفاضة في الضفة الغربية، تضامنا مع غزة".
وتابع: "العقلية الإسرائيلية تعتقد أنهم يمنعون انتفاضة ثالثة (بعد انتفاضتي الحجارة عام 1987 والأقصى 2000)، لكنني أعتقد أن الطريقة التي يعملون بها ربما تسبب في حدوث ذلك".
الجندي وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "عنصر متفجر في الحالة القابلة للاشتعال في المنطقة".
وتسود ترجحيات في إسرائيل بأن تحقيقات مرتقبة بشأن الإخفاقات في مواجهة "حماس" ستطيح بقادة سياسيين وعسكريين واستخباراتيين، في مقدمتهم نتنياهو.
ويُصر نتنياهو على مواصلة الحرب، على أمل البقاء في منصبه بعدها، من خلال إعادة الأسرى، وإنهاء حكم "حماس" المستمر لغزة منذ يونيو/ حزيران 2007، والقضاء على القدرات العسكرية للحركة، التي تؤكد أنها تقاوم الاحتلال القائم لفلسطين منذ عقود.
وردا على جرائم الاحتلال الإسرائيلي اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، ولاسيما المسجد الأقصى في مدينة القدس الشرقية المحتلة، شنت "حماس" في 7 أكتوبر الماضي هجوم "طوفان الأقصى" ضد قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية في محيط غزة.
وقتلت "حماس" في الهجوم نحو 1200 إسرائيلي وأسرت حوالي 240، بادلت قرابة 110 منهم مع الاحتلال، الذي يحتجز في سجونه أكثر من 7800 فلسطيني، وذلك خلال هدنة استمرت أسبوعا حتى 1 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، بوساطة قطرية مصرية أمريكية.
"وبصراحة، نتنياهو هو الذي يملي الشروط على جميع الجبهات.. في غزة، وعلى حدود لبنان، وفي جميع أنحاء المنطقة، ولأسباب تخصه، فهذه حربه وفي كل يوم يمضي فيها، فإننا نقترب من التوسع الإقليمي لهذه الفوضى"، كما أردف الجندي.
((3))
المصدر | جوليان بورجر/ ذا جارديان- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
إقرأ أيضاً:
مقال بيديعوت أحرونوت: إسرائيل في مأزق لا يمكنها الانتصار أو استعادة الأسرى
يرى الضابط الإسرائيلي السابق مايكل ميلشتاين، رئيس "منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان بجامعة تل أبيب " أن إسرائيل تعيش في مأزق إستراتيجي بسبب استمرارها في الحرب على قطاع غزة، يتمثل في عدم قدرتها على تحقيق أي من أهدافها المعلنة سواء استعادة الأسرى بالقوة، أو هزيمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" قال ميلشتاين إن تصريح حماس الأخير بعدم القبول بأي صفقة تبادل دون إنهاء الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، سهل على الحكومة الإسرائيلية نظريا أن تواصل الحرب باعتبارها الخيار المفضل".
ويشير ميلشتاين إلى أن ذلك انعكس في دعوة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى "استغلال رد حماس للقضاء على التنظيم، واحتلال كامل غزة، وتنفيذ خطة ترامب معتبرا أن ذلك سيؤدي أيضا إلى الإفراج عن الأسرى".
ويرى ميلشتاين ذلك "طرحا غير مقنع لغالبية الإسرائيليين الذين باتوا يدركون أن تحقيق الاثنين معا أي النصر الكامل وتحرير الأسرى لم يعد ممكنا".
ويقول الضابط الإسرائيلي السابق إن جيش الاحتلال "يسيطر فعليا على أكثر من 40% من أراضي قطاع غزة، لكنه لا يفرض سيطرة حقيقية على تلك المناطق، ولا يزال أمامه تحديان كبيران، أولهما الدخول إلى المناطق الحضرية المكتظة، حيث تنتظره حماس لتخوض معه معارك شرسة، وثانيهما إدارة شؤون السكان الفلسطينيين في قطاع غزة".
وبرأيه فإن هذا يعني "فرض حكم عسكري على مليوني شخص في بيئة عدائية ومدمَّرة بالكامل، مع توقع اندلاع حرب عصابات وموجات مقاومة مشابهة لما حدث في العراق بعد الغزو الأميركي".
إعلانوبحسب الضابط الإسرائيلي، فإن إسرائيل "عالقة حاليا في وضع لا تستطيع بلع ما حصل ولا تقيؤه به إذ لم تحقق تحرير الأسرى، وفي الوقت ذاته تزداد الشكوك بشأن القدرة على احتلال القطاع بالكامل أو فرض سيطرة طويلة الأمد عليه".
ويمضى في مقاله قائلا "بدلا من الوعد المزدوج بالنصر والتحرير، تبدو النتيجة حتى الآن لا هذا ولا ذاك، وسط إطلاق الحكومة الإسرائيلية شعارات مثل: حماس على وشك الانهيار ومزيد من الضغط سيجعلها تراجع، والعرب لا يفهمون سوى لغة القوة"، وهي شعارات يرى أنها "جوفاء وتبقي إسرائيل غارقة في حرب استنزاف مكلفة دون مؤشرات واضحة على تغير مواقف حماس أو تراجع قبضتها على غزة".
وهم نزع سلاح حماس
وانتقد ميلشتاين ما وصفه بـ"الوهم الجديد المتمثل في مطلب إسرائيل بنزع سلاح حماس، لأن ذلك ليس إلا عقبة مقصودة تعرض كهدف قابل للتحقيق بينما هي في الحقيقة تمثل عذرا لتجميد المفاوضات، أو تعبيرا عن انعدام الفهم العميق لطبيعة حماس".
كما حذر من "خطأ قراءة الوضع الداخلي في غزة بصورة متفائلة أكثر من اللازم"، مشيرا إلى أن "الحديث عن أزمة مالية داخل حماس أو وجود احتجاجات شعبية لا يعكس واقعا يهدد سيطرتها، إذ إن تلك الاحتجاجات تفتقر للقيادة والرؤية السياسية، ولا تشكل كتلة قادرة على زعزعة حكم الحركة، التي لا تزال صامدة رغم الضربات، وتمثل القوة المهيمنة في القطاع".
وأشار إلى "الابتهاج المرضي لدى بعض صناع القرار في إسرائيل خلال فترة حكم الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إذ يعتقدون أن هذه الحقبة تمكنهم من تنفيذ كل أحلامهم، بما فيها ضم أجزاء من الضفة الغربية، دون الحاجة لمراعاة المجتمع الدولي أو الدول العربية.
كما اعتبر أن هذه "الأرضية الإستراتيجية واهية بطبيعتها، لأنها لا تستند إلى تخطيط منظم، بل تتسم بانعطافات حادة ومفاجئة، مثلما ظهر في اهتمام ترامب المتراجع مؤخرا بخطة "تفريغ غزة"، في حين تصرّ إسرائيل عليها إصرارا يضرّ بمصالحها، خصوصًا في علاقاتها مع العالم العربي".
إعلانوأشار الضابط الإسرائيلي السابق إلى "التطور اللافت بفتح الولايات المتحدة حوارا مع إيران، وهو ما أثار القلق في إسرائيل من احتمال إبرام اتفاق يعزز موقع طهران، خصوصا أن المفاوضين الإيرانيين أكثر تمرسا وخبرة من نظرائهم الأميركيين".
واختتم ميلشتاين مقاله بالقول "هناك خياران سيئان فقط لإسرائيل الأول هو الاستمرار في القتال دون تحقيق حسم أو احتلال كامل، ومن المؤكد أنه لن يفضي إلى تحرير الأسرى. والثاني هو العودة إلى اتفاق يسمح بعودتهم لكنه يشترط إنهاء الحرب والانسحاب من غزة".
ودعا إلى تبني الخيار الثاني "رغم كونه خيارا باهظ الكلفة"، لأنه برأيه "أهون الشرين بالنظر إلى حجم الضرر المتحقق من استمرار القتال".