إقالة 9 جنرالات في حملة تطهير موسعة بالجيش الصيني .. تقرير
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
كشف محللون عن قيام السلطات الصينية بإجراء حملة تطهير واسعة للجنرالات الصينيين أدت إلى إضعاف جيش التحرير الشعبي الصيني، وكشف الفساد العميق الجذور الذي قد يستغرق المزيد من الوقت لإصلاح وإبطاء حملة التحديث العسكري التي يتبناها الرئيس الصيني شي جين بينغ وسط التوترات الجيوسياسية.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن كبار المشرعين الصينيين طردوا تسعة ضباط عسكريين كبار من الهيئة التشريعية الوطنية، الجمعة الماضي، وهي خطوة تسبق عادة فرض مزيد من العقوبات على الكوادر الضالة، وكان العديد من هؤلاء من القوة الصاروخية، وهي الذراع الرئيسي لجيش التحرير الشعبي الذي يشرف على الصواريخ التكتيكية والنووية.
وتمثل عمليات التطهير انتكاسة للرئيس شي الذي ضخ المليارات لشراء وتطوير المعدات كجزء من جهود التحديث لبناء جيش 'عالمي المستوى' بحلول عام 2050، مع نمو ميزانية الدفاع الضخمة في بكين بوتيرة أسرع من الاقتصاد لعدة سنوات.
ومع ذلك، فإن السقوط الأخير للجنرالات وموردي المعدات العسكرية أدى إلى ثقب بعض هذه الهالة، وأثار تساؤلات حول ما إذا كانت هناك رقابة كافية على هذه الاستثمارات العسكرية الضخمة في ظل تنافس الصين مع الولايات المتحدة في المجالات الرئيسية، بما في ذلك تايوان والجنوب. بحر الصين.
ومنذ تولى شي السلطة في عام 2012، شرع في حملة واسعة النطاق لمكافحة الفساد بين مسؤولي الحزب الشيوعي والحكومة، وكان جيش التحرير الشعبي أحد أهدافها الرئيسية.
جنرالات جيش التحرير الشعبي التسعة الذين تمت إقالتهم من المجلس التشريعي ينتمون إلى عدة فرق عسكرية؛ وكان ثلاثة منهم من القادة السابقين أو نواب قادة القوة الصاروخية لجيش التحرير الشعبي؛ أحدهما قائد سابق للقوات الجوية والآخر قائد البحرية المسؤول عن بحر الصين الجنوبي. وكان أربعة ضباط مسؤولين عن المعدات.
وقال أندرو سكوبل، الزميل المتميز لشؤون الصين في معهد الولايات المتحدة للسلام: 'إنها علامة واضحة على أنه يتم تطهيرهم'.
المزيد من الرؤوس سوف تتدحرجولم توضح بكين سبب إقالة الجنرالات، ويقول بعض المحللين إن الأدلة تشير إلى الفساد في شراء المعدات من قبل القوة الصاروخية لجيش التحرير الشعبي.
وقال ألفريد وو، الأستاذ المساعد في كلية لي كوان يو للسياسة العامة في سنغافورة: 'سيتدحرج المزيد من الرؤوس، إن عملية التطهير التي تركزت حول القوة الصاروخية لم تنته بعد'.
كما اختفى وي فنغ، وزير الدفاع السابق الذي كان يرأس القوة الصاروخية، وعندما سُئل عن مكان وجوده، قال متحدث باسم وزارة الدفاع في أغسطس إن الجيش لا يتسامح إطلاقاً مع الفساد.
وتم عزل خليفته لي شانغ فو فجأة من منصب وزير الدفاع في أكتوبر الماضي دون تفسير بعد أن اختفى لعدة أشهر. وكان يرأس سابقًا قسم المعدات، وتم عزل أحد نوابه من البرلمان يوم الجمعة.
وفي اليوم نفسه، تم تعيين دونج جون، قائد البحرية الصينية السابق، ذو الخلفية المطلة على بحر الصين الجنوبي، خلفاً للي كوزير للدفاع.
ويقول المحللون إنه على الرغم من أن الجيش الصيني معروف منذ فترة طويلة بالفساد، فإن مدى حملة القمع الأخيرة ومشاركة القوة الصاروخية التابعة لجيش التحرير الشعبي الصيني أمر صادم.
وقال دينيس وايلدر، زميل بارز في مبادرة الحوار الأمريكي الصيني حول القضايا العالمية: 'سيكون هذا الجزء من جيش التحرير الشعبي الصيني هو الأكثر صرامة في عملية التدقيق لكبار الضباط، نظرا لأهمية وجود رجال موثوق بهم للغاية مسؤولين عن الأسلحة النووية الصينية'. في جامعة جورج تاون.
واضاف 'علاوة على ذلك، يبدو أن الأمر يتعلق بعدد من كبار الرجال بدلاً من تفاحة فاسدة واحدة'.
ويقول المحللون إن تطهير كبار القادة العسكريين قد يؤدي إلى إضعاف القوة الصاروخية مؤقتًا حتى يتمكن شي من إعادة النظام إلى الداخل.
وقال يون سون، مدير برنامج الصين في مركز ستيمسون، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن العاصمة، إن 'القوة النووية الاستراتيجية هي ما تعتمد عليه الصين باعتبارها الحد الأدنى لأمنها القومي، والملاذ الأخير في تايوان'.
واضاف 'سيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتمكن الصين من تنظيف الفوضى واستعادة الثقة في كفاءة القوة الصاروخية وجدارة الثقة. وهذا يعني أن الصين في نقطة أضعف في الوقت الحالي'.
ووصف سون حملة شي للقضاء على الفساد العسكري بأنها مهمة عبثية 'لا يمكن إكمالها أبدا'.
وعلى المدى الأبعد، يتوقع المحللون أن تستمر مشكلة الفساد المزمنة في المؤسسة العسكرية الصينية بسبب عدم معالجة بعض الأسباب الجذرية ــ بما في ذلك تدني أجور الضباط والغموض الذي يكتنف الإنفاق العسكري.
وقال تشين داويين، الأستاذ المشارك السابق في جامعة شنغهاي للعلوم السياسية والقانون، إن حملة القمع المستمرة قد تثني شي عن المخاطرة باشتباكات خطيرة مع جيوش أخرى في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة.
واضاف تشين، وهو الآن معلق سياسي مقيم في تشيلي: 'قبل أن يدرك مدى تفشي الفساد، شرب مشروب الكولون الخاص به واعتقد أن الجيش يستطيع حقاً 'القتال والفوز بالمعارك' كما توقع'.
وتابع 'ولكن كيف يمكن أن تكون قلوب الجنرالات في حالة قتال، إذا كانوا مشغولين فقط بملء جيوبهم؟ يعرف شي الآن أن تصريحاتهم عن الولاء للحزب وللجيش تبدو جوفاء، وأتصور أن هذا من شأنه أن يفقد ثقته إلى حد ما'.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: جيش التحرير الشعبي الصيني شي جين بينغ لجیش التحریر الشعبی جیش التحریر الشعبی القوة الصاروخیة
إقرأ أيضاً:
الموقف الصيني من فلسطين وإسرائيل بعد 14 شهر على حرب غزة
بكين- ببحث سريع في الإنترنت، يمكن إيجاد عدد من الدراسات والمقالات الغربية التي تنتقد موقف الصين المستنكر للحرب الإسرائيلية على قطاع غزة رغم العلاقات القائمة بين بكين وتل أبيب.
الجزيرة نت سلطت الضوء على الموقف الصيني الرسمي تجاه سياسات إسرائيل بعد "طوفان الأقصى" والحرب على غزة، ورصدت حجم ومدى التعاطف الشعبي الصيني مع الفلسطينيين ومعاناتهم ونضالهم.
كيف يبدو الخطاب الرسمي والإعلامي الصيني تجاه إسرائيل؟
ليس في الصين سوى الإعلام الرسمي، ولذلك يسهم الخطاب الرسمي في توجيه وصناعة الرأي العام لعدم وجود إعلام بديل آخر محلي، وصفحات الإعلام الأجنبي محجوبة عن التصفح في البلاد مالم يُفعّل المرء تطبيقات "في بي إن" لكي يتصفح غوغل وصفحات الأخبار حول العالم.
ويرى دينغ لونغ أستاذ العلاقات العربية الصينية في جامعة شانغهاي للدراسات الدولية أن بكين وقفت مع الشعب الفلسطيني ضد العدوان والإبادة الجماعية لأهالي قطاع غزة، وما تسببت به العمليات العسكرية الإسرائيلية في القطاع من أزمة إنسانية شديدة وقتلى وجرحى.
وقال للجزيرة نت إن موقف الصين السياسي تجاه القضية الفلسطينية لم يتغير وثابت منذ اليوم الأول، فبكين تدعم الشعب الفلسطيني في قضيته لنيل حقوقه وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وتدعم حل الدولتين، وطرحت مبادرات في المحافل الدولية باعتبارها إحدى الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
إعلانوأشار إلى أن بكين أرسلت مساعدات إنسانية إلى غزة، وعقدت اجتماعا طارئا للدعوة لوقف إطلاق النار وإيجاد حل للأزمة الحالية، وقدمت إسهامات مهمة في لم شمل البيت الفلسطيني بعقد حوارات بين مختلف الفصائل الفلسطينية، وتم التوقيع على اتفاق بكين في يوليو/تموز الماضي.
كيف يتفاعل الصينيون مع الفلسطينيين اليوم؟يرى لونغ أن الشعب الصيني "أدرك الوجه القبيح للصهيونية لأنه قبل اندلاع الحرب كان هناك تعاطف من بعض المثقفين مع إسرائيل التي تظهر وجهها اللامع بالتنمية والتقنية، لكن هذه الحرب غيرت الرأي العام الصيني، فالأغلبية العظمى في كافة فئاته الآن تدعم الشعب الفلسطيني وتتعاطف معه بسبب ما تعرض له من عداون شرس وإبادة جماعية".
ويضيف أن التغطية الإعلامية الصينية لأحداث فلسطين زادت بشكل ملحوظ، وبعض القنوات ووكالة الأنباء الصينية لديها مراسلون في غزة وإسرائيل والأراضي الفلسطينية والعراق وإيران ولبنان.
يقول لونغ إن "بكين تنتقد واشنطن على ازدواجية المعايير والنفاق السياسي، فمثلا تبذل الولايات المتحدة جهودا للوساطة، لكنها تقدم الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي للإسرائيليين".
ما تأثير حرب غزة على العلاقات الصينية الإسرائيلية؟العلاقات السياسية الصينية الإسرائيلية تأثرت بشكل كبير جراء موقف بكين الداعم للشعب الفلسطيني، وفق لونغ، الذي أضاف أن إسرائيل ممتعضة لأن الصين لم تستنكر ما فعلته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في "طوفان الأقصى"، لكن العلاقات الاقتصادية مستمرة حسب كلامه.
من جهته، يقول ليو بو الصحفي والمحلل السياسي الصيني والمهتم بالقضية الفلسطينية، إن بكين تدعم الشعب الفلسطيني ولديها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل منذ مطلع التسعينيات، وموقفها من الجانبين لم يتغير بعد الحرب على غزة.
ويؤكد للجزيرة نت أن الصين لها مصالحها الإستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط وتحاول أن يكون لها موقف متوازن في هذا الصراع، ولا سيما بعد أن توثقت علاقاتها مع إسرائيل، حيث يوجد بينهما تعاون على المستوى العسكري والتقني والزراعي والاقتصادي.
إعلانلكن في الوقت نفسه، تُعتبر الصين من أشد الدول النامية انتقادا لإسرائيل، حسب ليو بو. "يكفي اعتراف بكين بشرعية المقاومة المسلحة الفلسطينية واعتبار ما تقوم به نضالا، مقارنة بموقف دول غربية ترى أن إسرائيل تقوم بعمليات لمكافحة الإرهاب".
ما علاقة الصين بالدول العربية والنامية عموما؟يرى ليو بو أن بكين تسعى لتكون رائدة بين الدول النامية، وتأييد النضال الفلسطيني يمنحها أرضية أخلاقية متينة ويعزز من علاقاتها مع الدول العربية، لأن موقف هذه الدول في قضايا أخرى مثل تايوان مهم بالنسبة للصين.
ويتحدث المحلل السياسي عن سعي إسرائيل لاستمالة الموقف الصيني منذ بداية أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن الصين لم تصغ للرواية الإسرائيلية واستمرت بالتعبير عن موقفها التقليدي والثابت، وهذا ما أغضب الجانب الإسرائيلي.
لماذا يتزايد التعاطف الصيني مع الفلسطينيين كلما طال أمد الحرب؟استمرار الحرب على غزة سيزيد من تعاطف الشعب الصيني مع الفلسطينيين لأسباب عديدة، وفق ليو بو، منها:
تزايد أعداد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة ومشاهد المعاناة الإنسانية والدمار وصور أطفال غزة شهداء أو تحت ركام منازلهم والجوع الذي يعاني منه أهل القطاع. علاقات الصين التقليدية الجيدة مع الفلسطينيين والدول العربية عموما. تشابه جوانب من التاريخين الصيني والعربي بعيد الحربين العالميتين ونيل الاستقلال، ولأن الصينيين عانوا من التدخل الأجنبي، فإن هذا يجعلهم متعاطفين مع الفلسطينيين. بدأ الصينيون يتابعون ما يكتبه كتاب عرب وغربيون ونشطاء داعمون للقضية الفلسطينية في الولايات المتحدة وأوروبا، وما ينشر في وسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب ما تعرضه وسائل الإعلام التقليدية، كل هذا كون فهما أفضل للمشهد الفلسطيني والعربي كله والسياق التاريخي للصراع، ولذلك يتعاطف الكثيرون مع الفلسطينيين. اهتمام الإعلام الصيني بشكل متزايد بالقضية الفلسطينية، وبما يحصل في الشرق الأوسط عموما، فالمنطقة مهمة إستراتيجيا بالنسبة لبكين، فهي مُصدّر رئيسي للنفط والغاز لها، ولأن لديها مشروعها وهو مبادرة "الحزام والطريق" الذي أطلق قبل 11 عاما، وهذا يجعلها أكثر اهتماما بهذه المنطقة. إعلان ما مستوى الوعي الصيني بالقضية الفلسطينية؟يرى ليو بو أنه يمكن تقسيم وعي الصينيين بالقضية الفلسطينية إلى مستويين:
فئة لديها فهم عام للقضية والأحوال المحيطة بها. وبسبب انشغال عامة الناس بحياتهم وأعمالهم، فالقضية الفلسطينية بالنسبة لهم واحدة من القضايا الدولية، لكنهم يدركون -في الوقت نفسه- استمرار وتطور الأحداث عموما في فلسطين. فئة أخرى أكثر متابعة للقضايا السياسية الدولية ولديهم متابعة مفصلة، وبعضهم صار يكتب مقالات وقصصا وتحليلات عن القضية الفلسطينية.هذا التعاطف الشعبي الصيني والموقف الرسمي المؤيد لنضال الشعب الفلسطيني انعكس في استطلاع للرأي في أبريل/نيسان الماضي أجراه معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، وأظهر أن 54% من الإسرائيليين يرون الصين دولة غير صديقة ومعادية لهم، في حين يراها 15% دولة صديقة وحليفة، ورد 31% منهم بالقول "لا أعلم".
ما تاريخ العلاقات الصينية الإسرائيلية؟لا ينفي دينغ لونغ وجود فئة من الصينيين تدعم إسرائيل في مواقع التواصل الاجتماعي، متأثرة بالموقف الغربي والأميركي، "لكنهم أقلية، إذ الأغلبية تدعم الشعب الفلسطيني".
ومنذ عام 1992، تأسست علاقات دبلوماسية بين الصين وإسرائيل. وحسب أرقام القنصلية الإسرائيلية في شنغهاي، هناك نحو 20 شركة إسرائيلية موجودة في العاصمة المالية للصين. ووفق أرقام وزارة الخارجية الصينية، وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 23.4 مليار دولار خلال عام 2023، وبلغ 16.34 مليار دولار بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول 2024.
وأشارت وزارة التجارة الصينية، في بيانات يوم 24 مارس/آذار 2023، إلى أن بكين هي ثاني أكبر شريك تجاري لإسرائيل بعد الولايات المتحدة.
وحسب تقرير "تشاينا بريفينغ" في هونغ كونغ، صادر في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2023، فإن الاستثمارات الصينية في إسرائيل خلال السنوات التي سبقت الحرب شملت 449 صفقة بقيمة 9.14 مليارات دولار في مجال التقنيات، و8 صفقات في البنى التحتية بقيمة 5.91 مليارات دولار.
إعلانأما بعد الحرب، فلا ينسى مسؤولون إسرائيليون إعلان شركتي "كوكسو" و"أوكول" للشحن الصينيتين وقف التعامل التجاري مع إسرائيل منذ بدء الحوثيين هجماتهم في البحر الأحمر، معتبرين ذلك مقاطعة تجارية لتل أبيب.
وتشير دراسة لمعهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب في أبريل/نيسان الماضي إلى تراجع نسبي في التبادل التجاري عام 2023 مقارنة بالأعوام التي سبقته.
ووفق تقارير صحفية في سبتمبر/أيلول الماضي، فإن جامعة التجارة والاقتصاد الدولي الصينية التي افتتحت فرعا لها في إسرائيل منذ 3 سنوات، أغلقت أبوابها، والأساتذة الصينيون عادوا إلى بكين.