حرب غزة تثير قلقا غير مسبوق لدى المنظمات الصحية
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
ترجمة: أحمد شافعي -
حققت حرب إسرائيل-غزة العديد من الأرقام القياسية العالمية. فهي الصراع الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين منذ 30 عاما. وهي التي تسببت في أكبر خسارة في الأرواح لموظفي الأمم المتحدة في تاريخ المنظمة. ومن المتوقع أن تحقق أسوأ عدد إجمالي على الإطلاق من الهجمات على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها، كما أنها دمرت مدارس، إذ تضرر51% من المرافق التعليمية.
وحرب إسرائيل-غزة مميتة أيضا بالنسبة للأطفال، بل يتردد أنها الصراع الأكثر فتكا بالأطفال في الآونة الأخيرة؛ فقد لقي ما يقرب من مائة وستين طفلا مصرعهم يوميا في الشهر الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وقارنوا هذا مع ثلاثة أطفال في اليوم في الصراع الأخير في سوريا، واثنين في اليوم في أفغانستان، و0.7 في اليوم في أوكرانيا. ويبلغ العدد الإجمالي للأطفال الذين لقوا مصرعهم بالفعل أكثر من 5300 طفل، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). وهؤلاء لم يختاروا أن يولدوا هناك، فهم أبرياء، لكنهم يتحملون وطأة هذه الهجمات.
والمؤسي أن الوفيات والإصابات التي شهدناها حتى الآن -وهي تقريبا غير مسبوقة- لن تكون على الأرجح إلا البداية فقط. فبالنظر إلى صراعات مماثلة في جميع أنحاء العالم، يعرف خبراء الصحة العامة أنه من المرجح أن نشهد وفاة عدد من الأطفال من جراء أمراض يمكن الوقاية منها أكبر من عدد من يموتون بالرصاص والقنابل. وفي حين أن الحكومة الإسرائيلية تحدثت عن مناطق آمنة يمكن أن تفر إليها الأسر، فهي غير قريبة مما نعده مناطق صحية عامة آمنة. إذ تفتقر إلى المياه النظيفة، أو الصرف الصحي والمراحيض الصالحة للاستخدام، أو الغذاء الكافي، أو الطاقم الطبي المدرب المزود بالأدوية والمعدات. وهذه هي الاحتياجات الأساسية لأي إنسان، وخاصة الرضع والأطفال، لكي يبقى حيا وبصحة جيدة.
لقد صرحت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، الدكتورة مارجريت هاريس، بأن معدلات الإسهال بين الأطفال في المخيمات الشبيهة بمخيمات اللاجئين (أي مساكن الإيواء) في غزة بلغت في أوائل نوفمبر مستويات تفوق مائة مرة المستويات الطبيعية، ومع عدم توفر علاجات، يمكن أن يصاب الأطفال بالجفاف ويموتون بسرعة. وتعد أمراض الإسهال ثاني الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال دون سن الخامسة في جميع أنحاء العالم، وهي تنجم عن مصادر المياه الملوثة وعدم إمكانية الحصول على السوائل التعويضية الفموية. كما زادت أيضا حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي، وجدري الماء، والأمراض الجلدية المؤلمة، وهناك مخاوف من أن تؤدي الفيضانات الأخيرة إلى اختلاط مياه الصرف الصحي غير المعالجة بالمياه العذبة المستخدمة في الشرب والطهي، بما يتسبب في تفشي الكوليرا.
لقد لعب المرض دورا في المعارك منذ قرون عدة. ففي الحرب الأهلية الأمريكية، كان السبب في ثلثي الوفيات المقدرة للجنود هو الالتهاب الرئوي والتيفوئيد والدوسنتاريا والملاريا. وفي عام 1994، أدى مرضان، هما الكوليرا والدوسنتاريا -المرتبطان بتلوث المياه ومناطق الصراع- إلى مقتل أكثر من اثني عشر ألف لاجئ رواندي في ثلاثة أسابيع فقط في يونيو من عام 1994.
تشير التقديرات إلى أن 85% من سكان غزة قد نزحوا بالفعل، وفقا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ويقدر خبراء يحللون عمليات سابقة لنزوح اللاجئين في مجلة لانسيت أن معدلات الوفيات (لكل 1000 شخص) كانت أعلى ستين مرة عما كانت عليه عندما بدأ كل صراع، في المتوسط. واستنادا إلى الوضع الحالي في غزة، حيث كان معدل الوفيات لكل ألف شخص قبل النزاع هو 3.82 في عام 2021 (وهو معدل منخفض نسبيا بسبب الديموغرافيا الشابة)، يمكن أن تصل معدلات الوفيات إلى 229.2 في عام 2024 إذا ما استمر الصراع والنزوح بالمستوى الحالي، وإذا ما استمر افتقار أهل غزة إلى المرافق الصحية والمرافق الطبية والسكن الدائم.
في نهاية المطاف، ما لم يتغير شيء ما، فإن العالم يواجه احتمال وفاة ما يقرب من ربع سكان غزة الذين يبلغ عددهم مليوني نسمة -أي ما يقرب من نصف مليون إنسان- في غضون عام واحد. وستكون هذه وفيات ناجمة إلى حد كبير عن أسباب صحية يمكن الوقاية منها وعن انهيار النظام الطبي. وهو تقدير تقريبي، لكنه تقدير قائم على البيانات، ويستعمل أرقاما حقيقية مرعبة لوفيات في صراعات سابقة وصراعات مماثلة. تحاول المنظمات الدولية التحذير من هذا الوضع، حيث أعربت هاريس عن أسفها قائلة: إنه «يبدو أن العالم قد فقد بوصلته الأخلاقية». كما حذرت «يونيسيف» من أن «نقص المياه والغذاء والدواء والحماية يشكل تهديدا يفوق تهديد القنابل على حياة الآلاف في غزة».
إنني أعمل في مجال الصحة العامة العالمية منذ عشرين عاما، ولم أسمع قط المنظمات الصحية ومنظمات الإغاثة بهذا القدر من الصراحة والقلق من مستوى المعاناة والوفيات في غزة.. إنه صراع غير مسبوق، يحطم أشد الأرقام القياسية مأساوية، وفي حين أن الخبراء قد يتجادلون في ما إذا كان إبادة جماعية أم لا، فإن الحقيقة هي أننا نشهد قتلا جماعيا لشعب، سواء بقنبلة ورصاصة أم بمجاعة ومرض.
ديفي سريدهار رئيسة قسم الصحة العامة العالمية في جامعة إدنبره.
عن صحيفة الجارديان البريطانية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية تحصد جائزة ماركوم العالمية
دبي: «الخليج»
حصلت مؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، ممثلةً في إدارة الاتصال والتسويق، على جائزة ماركوم العالمية عن فئة «الاتصال الاستراتيجي - برامج الاتصال»، تكريماً للجهود المتميزة التي تبذلها في تطوير وتنفيذ حملات اتصال استراتيجية مبتكرة تسهم في تعزيز حضور المؤسسة على الساحتين المحلية والدولية ورفع مستوى رضا وسعادة المتعاملين وأفراد المجتمع.
وأعرب راشد آل علي، مدير إدارة الاتصال والتسويق بالمؤسسة، عن فخره بالفوز بهذه الجائزة العالمية المرموقة التي تأتي تتويجاً لجهود الإدارة في تقديم حلول اتصال مبتكرة أثّرت بشكل مباشر في تعزيز تواصل المؤسسة مع جمهورها الواسع وتحقيق أهدافها الاستراتيجية، لافتاً إلى أن هذا الإنجاز يعكس مدى الالتزام بتطبيق أفضل الممارسات العالمية في مجال الاتصال الحكومي ودورها الريادي في تقديم محتوى تفاعلي هادف يعزز مكانة المؤسسة في القطاع الصحي، تماشياً مع استراتيجية الحكومة الرقمية 2025.
وأوضحت خلود العبيدلي، رئيس قسم الفعاليات والاتصال الاستراتيجي بالمؤسسة، أن هذا الإنجاز يُعد ثمرة للعمل الدؤوب والابتكار المستمر الذي تنتهجه الإدارة في جميع عمليات الاتصال والتسويق، في إطار التزامها بتطبيق استراتيجية متكاملة للتواصل مع المتعاملين وأفراد المجتمع بطريقة فعّالة ومباشرة.
وتتبنى إدارة الاتصال والتسويق في المؤسسة نهجاً شاملاً يدمج بين التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي لإيصال الرسائل بطرق تفاعلية إلى جميع أفراد المجتمع، حيث نجحت بفضل هذه الجهود في تنفيذ أكثر من 3000 حملة ومبادرة مجتمعية غطت مختلف المجالات الصحية، كما نجحت في تحقيق معدلات تفاعل عالية على وسائل التواصل الاجتماعي، وتحرص الإدارة على تعزيز حضور المؤسسة عبر القنوات الرقمية من خلال تقديم خدمات متعددة اللغات، حيث تجاوز عدد اللغات المستخدمة في أنشطة الاتصال 132 لغة، إضافة إلى لغة الإشارة، ما أسهم في زيادة التفاعل مع جميع فئات المجتمع.