لجريدة عمان:
2025-04-28@13:12:30 GMT

حرب غزة تثير قلقا غير مسبوق لدى المنظمات الصحية

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

حققت حرب إسرائيل-غزة العديد من الأرقام القياسية العالمية. فهي الصراع الأكثر دموية بالنسبة للصحفيين منذ 30 عاما. وهي التي تسببت في أكبر خسارة في الأرواح لموظفي الأمم المتحدة في تاريخ المنظمة. ومن المتوقع أن تحقق أسوأ عدد إجمالي على الإطلاق من الهجمات على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها، كما أنها دمرت مدارس، إذ تضرر51% من المرافق التعليمية.

وتعرضت للانتهاك فيها قواعد دولية من قبيل اتفاقيات جنيف: إذ استهدفت مستشفيات وسيارات إسعاف، وتتعرض منظمات الإغاثة الطبية مثل منظمة أطباء بلا حدود ومنظمة إنقاذ الطفولة للهجوم، كما فقدت عاملين فيها.

وحرب إسرائيل-غزة مميتة أيضا بالنسبة للأطفال، بل يتردد أنها الصراع الأكثر فتكا بالأطفال في الآونة الأخيرة؛ فقد لقي ما يقرب من مائة وستين طفلا مصرعهم يوميا في الشهر الماضي وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وقارنوا هذا مع ثلاثة أطفال في اليوم في الصراع الأخير في سوريا، واثنين في اليوم في أفغانستان، و0.7 في اليوم في أوكرانيا. ويبلغ العدد الإجمالي للأطفال الذين لقوا مصرعهم بالفعل أكثر من 5300 طفل، بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف). وهؤلاء لم يختاروا أن يولدوا هناك، فهم أبرياء، لكنهم يتحملون وطأة هذه الهجمات.

والمؤسي أن الوفيات والإصابات التي شهدناها حتى الآن -وهي تقريبا غير مسبوقة- لن تكون على الأرجح إلا البداية فقط. فبالنظر إلى صراعات مماثلة في جميع أنحاء العالم، يعرف خبراء الصحة العامة أنه من المرجح أن نشهد وفاة عدد من الأطفال من جراء أمراض يمكن الوقاية منها أكبر من عدد من يموتون بالرصاص والقنابل. وفي حين أن الحكومة الإسرائيلية تحدثت عن مناطق آمنة يمكن أن تفر إليها الأسر، فهي غير قريبة مما نعده مناطق صحية عامة آمنة. إذ تفتقر إلى المياه النظيفة، أو الصرف الصحي والمراحيض الصالحة للاستخدام، أو الغذاء الكافي، أو الطاقم الطبي المدرب المزود بالأدوية والمعدات. وهذه هي الاحتياجات الأساسية لأي إنسان، وخاصة الرضع والأطفال، لكي يبقى حيا وبصحة جيدة.

لقد صرحت المتحدثة باسم منظمة الصحة العالمية، الدكتورة مارجريت هاريس، بأن معدلات الإسهال بين الأطفال في المخيمات الشبيهة بمخيمات اللاجئين (أي مساكن الإيواء) في غزة بلغت في أوائل نوفمبر مستويات تفوق مائة مرة المستويات الطبيعية، ومع عدم توفر علاجات، يمكن أن يصاب الأطفال بالجفاف ويموتون بسرعة. وتعد أمراض الإسهال ثاني الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال دون سن الخامسة في جميع أنحاء العالم، وهي تنجم عن مصادر المياه الملوثة وعدم إمكانية الحصول على السوائل التعويضية الفموية. كما زادت أيضا حالات التهابات الجهاز التنفسي العلوي، وجدري الماء، والأمراض الجلدية المؤلمة، وهناك مخاوف من أن تؤدي الفيضانات الأخيرة إلى اختلاط مياه الصرف الصحي غير المعالجة بالمياه العذبة المستخدمة في الشرب والطهي، بما يتسبب في تفشي الكوليرا.

لقد لعب المرض دورا في المعارك منذ قرون عدة. ففي الحرب الأهلية الأمريكية، كان السبب في ثلثي الوفيات المقدرة للجنود هو الالتهاب الرئوي والتيفوئيد والدوسنتاريا والملاريا. وفي عام 1994، أدى مرضان، هما الكوليرا والدوسنتاريا -المرتبطان بتلوث المياه ومناطق الصراع- إلى مقتل أكثر من اثني عشر ألف لاجئ رواندي في ثلاثة أسابيع فقط في يونيو من عام 1994.

تشير التقديرات إلى أن 85% من سكان غزة قد نزحوا بالفعل، وفقا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. ويقدر خبراء يحللون عمليات سابقة لنزوح اللاجئين في مجلة لانسيت أن معدلات الوفيات (لكل 1000 شخص) كانت أعلى ستين مرة عما كانت عليه عندما بدأ كل صراع، في المتوسط. واستنادا إلى الوضع الحالي في غزة، حيث كان معدل الوفيات لكل ألف شخص قبل النزاع هو 3.82 في عام 2021 (وهو معدل منخفض نسبيا بسبب الديموغرافيا الشابة)، يمكن أن تصل معدلات الوفيات إلى 229.2 في عام 2024 إذا ما استمر الصراع والنزوح بالمستوى الحالي، وإذا ما استمر افتقار أهل غزة إلى المرافق الصحية والمرافق الطبية والسكن الدائم.

في نهاية المطاف، ما لم يتغير شيء ما، فإن العالم يواجه احتمال وفاة ما يقرب من ربع سكان غزة الذين يبلغ عددهم مليوني نسمة -أي ما يقرب من نصف مليون إنسان- في غضون عام واحد. وستكون هذه وفيات ناجمة إلى حد كبير عن أسباب صحية يمكن الوقاية منها وعن انهيار النظام الطبي. وهو تقدير تقريبي، لكنه تقدير قائم على البيانات، ويستعمل أرقاما حقيقية مرعبة لوفيات في صراعات سابقة وصراعات مماثلة. تحاول المنظمات الدولية التحذير من هذا الوضع، حيث أعربت هاريس عن أسفها قائلة: إنه «يبدو أن العالم قد فقد بوصلته الأخلاقية». كما حذرت «يونيسيف» من أن «نقص المياه والغذاء والدواء والحماية يشكل تهديدا يفوق تهديد القنابل على حياة الآلاف في غزة».

إنني أعمل في مجال الصحة العامة العالمية منذ عشرين عاما، ولم أسمع قط المنظمات الصحية ومنظمات الإغاثة بهذا القدر من الصراحة والقلق من مستوى المعاناة والوفيات في غزة.. إنه صراع غير مسبوق، يحطم أشد الأرقام القياسية مأساوية، وفي حين أن الخبراء قد يتجادلون في ما إذا كان إبادة جماعية أم لا، فإن الحقيقة هي أننا نشهد قتلا جماعيا لشعب، سواء بقنبلة ورصاصة أم بمجاعة ومرض.

ديفي سريدهار رئيسة قسم الصحة العامة العالمية في جامعة إدنبره.

عن صحيفة الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی غزة

إقرأ أيضاً:

تجاوز اليمن لأنظمة الدفاع الكهرومغناطيسية.. إنجازٌ تقني غير مسبوق

يمانيون../
تُثبِتُ القواتُ المسلحة اليمنية من يومٍ إلى آخرَ تفوُّقَها النوعيَّ في مواجهة العدوان الأمريكي وفي الوصول إلى عمق كيان العدوّ وتوجيه ضربات مسددة نحوه.

وفي جديد هذه التطورات، تمكّنت الصواريخ اليمنية وبنجاح من تجاوز منظومات الدفاع الأمريكية الكهرومغناطيسية في غضون مدة لم تزِد عن 10 أَيَّـام، كما قال رئيس المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط.

وتعد أنظمة الدفاع الأمريكية، من الأنظمة النارية، وَمن الجيل الخامس “نظام إيجيس وثاد ومنظومات آرو 2-3″، وأنظمة الطاقة الموجَّهة الكهرومغناطيسية (directed-energy weapons) التي استخدمها العدوّ الأمريكي لأول مرة في مهام الدفاع الجوي.

وفي هذا الشأن يقول الباحث في الشؤون العسكرية زين العابدين عثمان: إن العدوَّ الأمريكي حاول تطبيقَ أنظمة الـ (directed-energy weapons) الطاقة الموجَّهة بالإشعاع الكهرومغناطيسي، كخطوة لتعزيز القدرة على الدفاع، وسد الفجوة الهائلة لفشل أنظمة الدفاع الصاروخي “نظام إيجيس وثاد ومنظومات آرو 2-3″، في حماية كيان العدوّ الإسرائيلي والأساطيل الأمريكية.

ويؤكّـد عثمان أن “العدوّ الأمريكي لجأ إلى استخدام هذه التكنولوجيا لأول مرة في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة الهجمات الصاروخية والجوية التي تنفذها قواتنا المسلحة”، موضحًا أن “مختبرات أبحاث القوات الجوية الأمريكية، ومركز أبحاث وتنمية بحوث التسليح بالجيش، ومختبر الأبحاث البحرية، أجرى خلال السنوات الماضية، العملَ على تطوير تقنيات أسلحة الطاقة الموجهة directed-energy weapons وإنجاز بعض الأنظمة منها الرادارات النبضية عالية الطاقة والمايكروويف التي صُمِّمت لمواجهة التهديدات التي تشكلها الصواريخ فائقة السرعة، مثل الصواريخ الباليستية، وصواريخ كروز الفرط صوتية، والمركبات الانزلاقية HGV الفرط صوتية”.

وأوضح أنَّ “هذه الأنظمة، مع ما تحمله من تأثيرات وأبعاد تقنية متطورة، يمكن اعتبارها إحدى ركائز نظام الدفاع الاستراتيجي الأمريكي المعروف بـ “القبة الذهبية”، والتي خُصِّصت لحماية الأمن القومي الاستراتيجي لأمريكا من تهديدات الصواريخ النووية والجوفضائية التي تملكها كُـلٌّ من روسيا والصين”، مُشيرًا إلى أن “الفرضيات الأمريكية كانت متجهة للاحتفاظ بهذه التكنولوجيا كورقة قوة رئيسية في حال نشوب حرب نووية شاملة مع روسيا والصين”.

ويرى أن “إقدام خبراء الحرب الأمريكيين على استخدام هذه التكنولوجيا في هذه المرحلة، وخُصُوصًا ضد صواريخ قواتنا المسلحة، يعتبر مسألة اضطرارية، تأتي لمحاولة سد الفشل الكبير للتقنيات الدفاعية الأُخرى التي ذكرناها آنفًا، كما تعتبر هذه الخطوة إحدى أهم أوراق القوة في مرحلة مبكرة سابقة لأوانها وخارجة عن الفرضيات الأمريكية”.

ويشير إلى أن “عملَ أنظمة الطاقة الموجَّهة، منها المدافع الكهرومغناطيسية والرادارات النبضية، يقوم على أَسَاس توليد موجات راديوية عالية الطاقة والتردّد تعمل على التشويش والتأثير بالبنية الإلكترونية للهدف (سواءً صاروخ أَو طائرة)؛ ما يؤدي إلى تعطل قدرتها على التحليق، وينتهي الأمر بفشلها وسقوطها” وفق عثمان.

ويؤكّـد عثمان أن “مسألة القدرة الفعالة التي فرضتها أنظمةُ الصواريخ فرط صوتية لقواتنا المسلحة في تجاوز النُّظُم الكهرومغناطيسية الأمريكية تعتبر -بفضل الله تعالى- إنجازًا تقنيًّا غير مسبوق، وَيجعل أمريكا أمامَ فشل جديد لأحد أهم قدراتها وأنظمتها الدفاعية السرية التي كانت مخصصة لمواجهة صواريخ الصين وروسيا”.

ويوضح أن “قواتنا المسلحة بهذا الإنجاز انتقلت، بفضل الله تعالى، إلى وضعية أحرقت فيها أهمَّ أوراق القوة الأمريكية”.

عباس القاعدي | المسيرة

مقالات مشابهة

  • الصحة تحت النار: أثر الحرب على المنظومة الصحية السودانية
  • وزارة التربية تناقش الاستعدادات للامتحانات وتعليمات المراكز الامتحانية الصحية 
  • ارتفاع غير مسبوق في أسعار منتجات شي إن بالأسواق الأميريكية
  • إنهيار غير مسبوق لأسعار الصرف مساء اليوم الأحد في عدن 
  • وزير الصحة: دور المجتمع رأس الرمح في تحقيق التغطية الصحية الشاملة
  • تجاوز اليمن لأنظمة الدفاع الكهرومغناطيسية.. إنجازٌ تقني غير مسبوق
  • تدشين حملة التغطية الصحية لامتحانات الشهادة الابتدائية ب(12) أسعاف و(420) كادر طبي
  • الصحة العالمية وأونروا تحذران من نفاد الإمدادات الطبية بغزة وتراكم النفايات
  • منظمة الصحة العالمية.. 3700 قتيل و5100 مصاب جراء زلزال ميانمار
  • مصر تحصل على الإشهاد الدولي من الصحة العالمية في القضاء على الملاريا