كلام فنون.. بشأن التأريخ للموسيقى العُمانية «2»
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
ربما سأعود في مقالات لاحقة للحديث عن مرحلة عُمان القديمة التي كانت محور المقال السابق، وذلك بعد أن أحصل على معلومات إضافية ومهمة جار البحث عنها.
المرحلة التاريخية الثانية؛ وهي المرحلة التي اقترحتُ بداية لها مع أول ظهور للدولة الإمامية الإسلامية في عُمان، وتطوير مفهوم فقيهي أثر بمستويات مختلفة على تقدير النظام الثقافي الرسمي للمهارات الإبداعية كالموسيقى وفنون الرسم والنحت والتشكيل وقدرته على استيعابها وتنميتها بالمقارنة مع المرحلة الحديثة الإصلاحية منذ تولي المغفور له السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه-.
والتراث الشعري العُماني العظيم لا يبدو أنه كان بعيدا عن الترنم اللحني والإنشاد، وقد استمعت إلى مطولات شعرية كبيرة تؤدى بطريقة فنية جميلة من غير آلات موسيقية، وبعضها ملاحم من الشعر ملحنة بألحان جميلة كان يمكن أن يكون لها صدى أكبر وتأثير فني أعمق وأوسع لو أنها كانت تؤدى من قبل محترفين بمصاحبة آلات موسيقية. وفي هذه المناسبة أقترح استكمال جمع وتوثيق هذه القصائد والأناشيد وألحانها وأعلامها من الشعراء والمؤدين لها، وتضمينها في مادة المهارات الموسيقية؛ نظرا لأهمية ألحانها ومضامينها الثقافية والتربوية، حيث إن بلادنا العزيزة تشهد إصلاحات عظيمة ونهضة متجددة وعصرا من التنوير الثقافي والفني والاعتزاز بالهُوية الوطنية.
إن هذه المقالات ليست سوى مساهمة متواضعة في الشأن التاريخي للموسيقى العُمانية وجهد بسيط للتحفيز على تحقيق هذا الهدف، بدأته منذ صدور كتابي: «الموسيقى العُمانية مقاربة تعريفية وتحليلية» وعدد آخر من الدراسات المنشورة عن الموسيقى العُمانية والجزيرة العربية، لذلك اتّبع في كتابة هذه المقالات أسلوب المقارنة بين المرحلتين (الإسلامية القديمة، والحديثة الإصلاحية)، انطلاقا من تقييم النظام الثقافي السائد في كل مرحلة بهدف متابعة أدوات هذا النظام وفاعليتها ودورها في تطور الموسيقى عبر هذه القرون حسب المتوفر من معلومات مكتوبة أو مسموعة وبما يساعد على تكوين صورة معرفية معينة عن اللغة الموسيقية ونظامها النغمي وأساليب الأداء.
وفي سبيلنا للوصول لهذه النتيجة، أمامنا الكثير من التحديات المعرفية، فحتى الآن لا تسمح لنا معارفنا من وضع تسلسل زمني لأحوال الموسيقى عبر القرون الطويلة لهذه المرحلة الإسلامية التي تمتد من القرن الثامن الميلادي إلى القرن العشرين الميلادي على الأقل. فحتى الآن لا توجد لدينا أسماء لموسيقيين أو آلات موسيقية وترية مستعملة وزامرة لحنية، إلا منذ مطلع القرن العشرين حسب بعض الروايات ثم تسجيلات سالم بن راشد الصوري ومن جاء بعده. من هنا سيكون من شبه المستحيل مناقشة اللغة الموسيقية ونظامها النغمي قبل ذلك التاريخ دون اعتبار تسجيلات الصوري وزملائه منطلقا أساسيا للزمن الذي سبقهم. والمصادر التي اطلعت عليها في هذا الشأن لا تذكر سوى بعض الآلات الإيقاعية وقليل من أسماء أنماط الغناء ذات الصلة بالوقائع الحربية.
ومع ذلك لا نحتاج من حيث المبدأ إلى الكثير من الجهد واستخلاص رؤية معقولة عن السمات الأساسية المشتركة للنظام الثقافي العام وهيكله وأدواته ومرجعيته الفكرية أو فقهه النظري والتطبيقي (إن جاز التعبير) في كل دولة من الدول التي ظهرت خلال تلك العصور. ورغم ذلك، فمن الأهمية بمكان فحص ذلك النظام في كل عصر من عصور المرحلة الإسلامية من خلال ما نحصل عليه من نتائج في المجالات التالية: أولا: أنواع الآلات الموسيقية وأسماؤها وطرق صناعتها. ثانيا: المنشآت الثقافية الموسيقية والنظام التعليمي الموسيقي وعملية التوارث. ثالثا: أعلام الموسيقى من العازفين والملحنين والمطربين والفرق الموسيقية ودورهم ومكانتهم. رابعا: أنواع الأنماط الغنائية والقوالب الفنية والضروب الإيقاعية. خامسا: أنواع الاحتفالات الرسمية والشعبية.
من جهة أخرى تتزامن هذه المرحلة الإسلامية مع أهم دولتين في التاريخ العربي وهما: الدولة الأموية والعباسية المؤسستان للحضارة العربية الإسلامية وإنجازاتهما العظيمة في جميع مجالات المعرفة. وفي الدولة الأموية نشأ الغناء الإسلامي في المدينة ومكة وبلغ أوج تطوره في بغداد في ظل الدولة العباسية، ولأن عُمان كانت جزءا من هذه الدولتين حينا ومستقلة أحيانا أخرى، فإن هذا يجعلنا أيضا نتساءل عن العلاقة الثقافية والموسيقية مع الحجاز أولا، ثم مع الدولتين العظيمتين الأموية والعباسية؟ وللمقال بقية.
مسلم الكثيري موسيقي وباحث
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: هذه المرحلة الع مانیة
إقرأ أيضاً:
توضيح رسمي حول قضية المواطنة العُمانية الممنوعة من السفر في الهند
مسقط- الرؤية
قالت وزارة الخارجية إنها تابعت باهتمام ما تم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن قضية المواطنة العُمانية المتواجدة في جمهورية الهند، وذلك على خلفية دعوى قضائية مرفوعة ضدها من إحدى قريباتها، ما أدى إلى صدور قرار بمنعها من السفر لحين الفصل في القضية أو الوصول إلى تسوية ودية بين الطرفين.
وأكدت الوزارة أن القضية تحظى بمتابعة مستمرة واهتمام كبير من قبلها، ومن خلال سفارة السلطنة في نيودلهي، التي قامت بتعيين مكتب محاماة للدفاع عن المواطنة، بالإضافة إلى جهودها في حث الأطراف المعنية على حل خلافاتهم العائلية وديًا مع احترام القوانين السارية.