حكم التهنئة بأعياد رأس السنة الميلادية.. الإفتاء توضح
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن تهنئة إخواننا في الوطن بأعياد رأس السنة الميلادية ومبادلتهم الفرحة لا حرج فيها شرعًا؛ لأن في تهنئتهم اقتداءً بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ حيث عاش في نسيج مجتمعي مختلف الديانات حياة اجتماعية قوية امتزجت فيها مظاهر الإحسان والتعاون ومشاعر البر والمواساة وحسن الصلة، بالإضافة إلى إقرارهم على مناسباتهم وأعيادهم باعتبار ذلك من المشترك الإنساني على المستوى الثقافي والاجتماعي، وتبعه الصحابة الكرام رضي الله عنهم على ذلك.
حكم الاحتفال ببداية السنة الميلادية
أوضحت الإفتاء، أن المشاركة الاجتماعية بين المسلمين وإخوانهم في الإنسانية من غير المسلمين في فرحتهم بأعيادهم ومناسباتهم تحمل في طيَّاتها قيمًا إسلامية، ومعاني راقية، وهي من الخلق المحمود الذي تقتضيه مكارم الأخلاق، ولا يخفى أنَّ الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية مناسبة تتناولها مقاصد: اجتماعية ودينية ووطنية؛ فإنَّ الناس يُودّعون عامًا ماضيًا ويستقبلون عامًا آتيًا؛ حسب التقويم الميلادي المؤرخ بميلاد سيدنا المسيح عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام، والاختلاف في تحديد مولده عليه السلام لا ينافي صحة الاحتفال به؛ فإنَّ المقصود: إظهار الفرح بمضي عام وحلول عام جديد، وإحياء ذكرى المولد المعجز للسيد المسيح عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام، مع ما في ذلك من إظهار التعايش والمواطنة وحسن المعاملة بين المسلمين وغيرهم من أبناء الوطن الواحد، ومن هنا كان للاحتفال بالسنة الميلادية الجديدة عدة مقاصد، وكلها غير بعيد عن قوانين الشريعة وأحكامها.
الأدلة على جواز تهنئة غير المسلمين بأعيادهمأضافت الإفتاء، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد عاش في نسيج مجتمعي مختلف الديانات حياةً اجتماعيةً قوية، امتزجت فيها مظاهر الإحسان والتعاون، ومشاعر البر والمواساة، وحسن الصلة والضيافة، وعيادة المرضى، والمجاملة، والاحترام المتبادل، بالإضافة إلى إقرار الناس على مناسباتهم وأعيادهم؛ باعتبار ذلك من المشترك الإنساني على المستوى الثقافي والاجتماعي، وبيان حاجتهم إليها؛ حيث جرت أعراف كل قوم على أنَّ لهم أعيادًا يفرحون فيها ويروِّحون عن نفوسهم؛ فروى البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: أن أبا بكر رضي الله عنه دخل عليها، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم عندها يومَ فطرٍ أو أضحى، وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصارُ يومَ بُعَاث، فقال أبو بكر رضي الله عنه: مزمار الشيطان؟ مرتين، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ؛ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَإِنَّ عِيدَنَا هَذَا اليَوْمُ». وفي لفظ في "الصحيحين": «دَعْهُمَا يَا أَبَا بَكْرٍ؛ فَإِنَّهَا أَيَّامُ عِيدٍ»، وفي لفظ لأبي عوانة في "مستخرجه على صحيح مسلم" بلفظ: «دَعْهُمَا؛ فَإِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدٌ».
كما أقرَّ النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم الأحباشَ في احتفالهم على لعبهم وحركاتهم بطريقتهم الخاصة التي لا يعرفها العرب، وكان هذا في المسجد، فلم يمنع فرحتهم، بل إنه صلى الله عليه وآله وسلم بَيَّنَ للمعترضين على ذلك سماحة الإسلام ورحابته، ومراعاته لاحتياجات النفس البشرية من الترويح وإعلان الفرح في المناسبات المختلفة؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً؛ إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ» رواه أحمد في "مسنده" من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
وأردفت: وتبعه الصحابة الكرام رضوان الله عليهم على ذلك، مُرَاعين في ذلك أعراف الناس ومناسباتهم في مجتمعاتهم، حتى ورد عن بعض كبار الصحابة شهود الأعياد والاحتفالات المختلفة، وقبول الهدايا فيها، والتوسعة على مَنْ حولهم بتفريق بعض من هذه الهدايا، مستمتعين بمشاركة غيرهم في أجواء البهجة والسرور، والفرح بالمباحات التي يُثَاب الإنسان على النية الصالحة فيها، كالتمتع بالطيبات، والأكل من الأطعمة الـمُعَدَّة فيها، مستحسنين لها بلا أدنى حرج، كل ذلك في إطار الودّ والمحبة الذي هو خُلُقٌ إسلامي عظيم، ليبرزوا بقوة المعنى الحقيقي لمفهوم الأخوة الإنسانية، حيث يرتبط البشر من خلاله بعلاقة مميزة يكون قوامها الرحمة والإحسان والاحترام.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رأس السنة أعياد رأس السنة رأس السنة الميلادية الإفتاء دار الافتاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم السنة الميلادية صلى الله علیه وآله وسلم السنة المیلادیة رضی الله
إقرأ أيضاً:
حكم زراعة العدسات الملونة عن طريق العمليات الجراحية
قالت دار الإفتاء المصرية إن القيام بإجراء عملية جراحية لزرع العدسات الملونة للتداوي أو تصحيح النظر، أمرٌ جائزٌ ولا حرج فيه شرعًا، بشرط ألَّا يكون بغرض التدليس والخداع، وألَّا يكون هناك ضرر على من تُجرى له هذه العملية سواء في الحال أو في المستقبل.
وأكدت الإفتاء أن الشرع الشريف قد طلب الأخذ بالعلاج والتداوي وندبه وحثَّ عليه، وورد هذا المعنى في أحاديث كثيرة؛ منها: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين سئل عن التداوي قال: «تَداوَوا؛ فإنَّ اللهَ عز وجل لم يَضَع داءً إلا وَضَعَ له دَواءً، غيرَ داءٍ واحِدٍ: الهَرَمُ» و"الهَرَمُ": الكِبَر. رواه أبو داود والترمذي من حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه.
وقد ورد الحث على التداوي في الحديث مطلقًا غير مُقَيَّدٍ بقَيد، والقاعدة أن: "المطلق يجري على إطلاقه حتى يَرِد ما يقيده".
ضوابط الزينة التي أباحها الله للمرأةوأوضحت الإفتاء أن اللهُ تعالى أباح للإنسان الزينةَ بضوابطها الشرعية؛ فقال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 32].
كما أباح للمرأة الزينةَ الظاهرةَ أمام غير المحارم؛ فقال تعالى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: 31]، والزينة الظاهرة: هي ما تتزين به المرأة في وجهها وكفيها؛ كما نص على ذلك العلماء وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن جُبير وعطاء وقَتادة. ينظر: "جامع البيان" للطبري (19/ 157، ط. مؤسسة الرسالة).
وأضافت قائلة: وهو ما يدل عليه الحديث الذي رواه أبو داود في "سننه" عن أم المؤمنين عَائِشَةَ رضى الله عنها: أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ رضي الله عنهما دَخَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَعَلَيْهَا ثِيَابٌ رِقَاقٌ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم وَقَالَ: «يَا أَسْمَاءُ، إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى مِنْهَا إِلَّا هَذَا وَهَذَا»، وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ.
وتابعت: وما ذاك إلا مراعاةً لفطرتها وما جُبِلَت عليه من حُب الزينة؛ حيث وصفها سبحانه وتعالى بالتنشئة في الْحِلْيَةِ في قوله: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: 18]، فالزينة بالنسبة لها تُعَدّ من الحَاجِيَّات والتي بفواتها تقع المرأة في المشقة والحرج.
وأكدت الإفتاء أن الإسلام عندما أباح للمرأة الزينة لتحصيل الجمال أو استكماله لم يطلق لها العنان في ذلك حال ظهورها بها أمام غير المحارم، وإنما وضع لها أسسًا وضوابط؛ منها:
أولًا: ألَّا يكون بها ضرر على المرأة؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ»، رواه ابن ماجه.
ثانيًا: ألَّا تكون بغرض التدليس والتغرير بمن يخطبها؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»، رواه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
ثالثًا: ألَّا تتزين المرأة بشيء مما يختص به الرجال فتتشبه بهم؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لَعَنَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم الْمُتَشَبِّهَاتِ بِالرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهِينَ بِالنِّسَاءِ مِنَ الرِّجَالِ"، رواه الترمذي.
رابعًا: ألَّا تتزين بما نهى عنه الشارع نهيًا صريحًا مطلقًا؛ كالوشم ونحوه مما فيه تغيير خلق الله.