موقع 24:
2025-01-10@23:26:17 GMT

الرد الجلِي على عبدالله آل علي

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

الرد الجلِي على عبدالله آل علي

ليس أسعد لكاتبٍ، من أن يجِدَ تفاعُلاً مع كتابته، ولو ذَهَب التفاعُل باتجاهِ غير ما ذَهب إليه، ومن فضل الله عليَّ أن لقي المقال الذي كتبته بعنوان (الرجل الصامت)، ونشر في (الشرق الأوسط)، يوم الجمعة 29 ديسمبر 2023، أصداء طيبة، منها المقال الذي كتبه الصديق الأستاذ عبدالله ماجد آل علي في موقع 24.ae في اليوم التالي لمقالي، وعنونه: (وفضائل الكلام أكثر يا صديقي).

وأشكر الصديق الأثير، على ما خصني به من ثناء في مقالته، وعلى ما أرسله إليَّ برسالة خاصة، سلّمه الله، مبدياً إعجابه بما كتبت، وهذا بعض لُطفه، وشيء من حُسن خلقه، أدام الله عليه طيب السجايا.
بدأ الزميل آل علي مقاله مُشيراً لأنني تغنيت بفضائل الصمت، ورَفَعتُهُ فوقَ مكانة الكلام. وأوافق الصديق العزيز في الأولى، ولا أوافقه في الثانية، فالثناء على الصمت، لا يعني رفعه فوق منزلة الكلام، إلا إذا نص المُثني على الصمت بأن مقتضى ما أورد من ثناء، يعني تفوق الصمت على الكلام، على الإطلاق.
وهل من عاقلٍ، يفضل الصمت على الكلام؟!
فكيف تصلنا الرسالات، والمعارف، والعلوم، والفنون، لو قَدَّمنا الصمت على الكلام؟ وذهبنا للعمل بهذا التقديم؟!
إن من نافلة القول، ومما لا أَحسبه ينبو على شريف إدراك العقلاء، ومنهم الأستاذ عبدالله آل علي، أن هذا مما لا يمكن القول به بحال.
وإذا كان الكاتب الكريم، أشار إلى أن مسيرته المهنية، كانت في مجالات الفكر والأدب والثقافة، تؤكد على أهمية الكلمة، لنقل هذه المعارف، ونشرها، مما جعله يدرك قيمة الكلمة، فلا أَحسبه وفقه الله، ينسى أن الأقدار جمعتنا، في الكثير من هذه المراحل، فقد عملنا معاً، في جائزة الشيخ زايد للكتاب منذ تأسيسها، وبقيت عُضواً في اللجنة الاستشارية العُليا للجائزة، بضع سنوات حتى استقلت، كما اجتمعنا في مشاريع كثيرة، توطدت عبرها صداقتنا التي افتخر بها.
وأحسب الأستاذ عبدالله يعرف، أن كل مسيرتي المهنية، ثلاثة عقود في الصحافة والفكر والأدب، ثم خمس سنوات في الديبلوماسية، لا يمكن لمن انتظم فيها كل هذه السنوات، أن يقوم على مهمة واحدة وهو صامت! فهل هبط عليَّ تفضيل الصمت واختياره منهجاً على حين غِرّةٍ؟!
بالطبع، لا! ولا يمكن أن يكون ذلك!
وأستأذن الصديق عبدالله، والقراء الكرام، لأنقل من مقالي، ما يؤكد أني لم أذهب لتفضيل الصمت مطلقاً، وحاشاني، فمن ذلك: "وما يُجدي، أيها السادة، أن يتكلم المرء بكلام لا تدعو إليه حاجة، فلا مصلحة تفوت إذا قيل، ولا ضرر يقعُ إذا لم يُقل، ولا خير في كلام يقال في غير موضعه". وتأكيدي على أن الكلام الذي لا يجدي، هو ما لا تدعو إليه الحاجة، وبمفهوم المخالفة، فإن ما تدعو إليه الحاجة من الكلام، يُجدي الكلام به. وإذا لم يكن خيراً في كلام يُقال في غير موضعه، فالخير فيما يقال في موضعه من كلام.
ولا أدري، هل وقف أستاذنا الماجد، عبدالله ماجد، على هذا المقطع المفصلي في مقالي، أم لا؟!
" ليس حديثنا الآنف، يا سادة، دعوة للصمت حتى الموت، ولا توجيه للصيام عن الكلام على الدوام، لكنه حَثٌ على اختيار الصمت حين يكون أنفع من الكلام، ودعوة إلى تَخَيُّر أطايب المعاني، وأجود الألفاظ، إذا لَزمك الحديث، وفيه يقول أبو الفتح البستي:
تَكَلَّم وسَدِّد ما استَطَعْت، فَإِنَمَا         كَلامُكَ حَيٌّ، والسكوتُ جَمَادُ
فَإنْ لم تَجِدْ قَوْلاً سَدِيدَاً تَقُولُهُ          فَصَمْتُكَ عَنْ غَيْرِ السَدِيْدِ سَدَادُ".
وأُعيد التأكيد على دافع المقال كُله، كما في المقطع السابق، الوارد في مقالي: (الرجل الصامت)، ما أردته من: "حَث على اختيار الصمت حين يكون أنفع من الكلام، ودعوة إلى تَخَيُّر أطايب المعاني، وأجود الألفاظ، إذا لَزمك الحديث". ومن يُجادل في أهمية الصمت حين يكون أنفع من الكلام؟ بل من يُنازع في أهمية الدعوة إلى ضرورة "تَخَيُّر أطايب المعاني، وأجود الألفاظ، إذا لَزمك الحديث"؟! ثم كيف يقول هذه العبارات، من يُقَدِّم الصمت على الكلام مُطلقاً؟!
ومن له أدنى معرفة في جُلِّ كُتب المحاسن والمساوئ، يَعلم أنها في كل باب تتناوله، تُورد فيه النقيضين: ما ورد في مدح هذه الأمر، ثم ما ورد في ذمِّه، وهو من باب الإثراء والتنوع، وبيان الآراء المتعددة، والتي غالبها مرتبط، بسياقات خاصة، لا وارد على إطلاقه، دون تفصيل، أو تبرير، أو اشتراط.
ثم، هل يقول أحد، بتقديم الكلام على الصمت، إذا كان الكلام، ثرثرة، وهذراً، ورطناً، يقال بلا سبب، ويُطلق بلا داعٍ. بل هل يفضُل الحديثُ المُؤذي، الذي يقوله من يهرف بما لا يعرف؟!
لا أشك بأن الكاتب الكريم آل علي يوافقني تماماً، في رفض هذا النوع من الكلام، ويقف ضده، فانتشاره إساءة للكلام الطيب، وافتئات على كلام أهل العلم والمعرفة والأدب والفضل، ومن واجب كل عاقل رفض الإساءة لقيمة كلام النبلاء، عندما يُدافع بما يروج في بعض محافل السخافة، من كلام تافه، لا يرتقي لسمو الكلمة، ولا يوازي رُقي العبارة.
وأختم، بسعادتي بما خطه يراع صديقي الخلوق، وأؤكد على هذه الصفة بين صفات طيبة كثيرة لدى عبدالله آل علي، لإن من تمكنت منه الأخلاق، لا يُمكن أن يقبل أن يُقَدِّم تافه الكلام، على الصمت، وهذا هو لُبُ مقال: (الرجل الصامت). ثم لا يفوتني وقد استمتعت بما نقله صديقنا عن طرف من ذكرياته مع أحاديث جده الفاضل الحكيم العالم محمد بن حسن السويدي، وهو رجل سار ذكر فضله ورجاحة عقله بين مجايليه، وأتمنى على أخينا الأستاذ عبدالله آل علي أن يفيض من هذه الذكريات النافعة عن الجد الراحل، في كتابات مستقبلية. فهذا من الحديث الذي يقدم على الصمت، وعلى ما لا يجدر من الحديث، ونحن بالانتظار.


[email protected]

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: حصاد 2023 التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة مقالات الأستاذ عبدالله عبدالله آل علی من الکلام على الصمت

إقرأ أيضاً:

تكييف المبادرة التركية والمبادىء الدولية : محاولة خروج من الحديث المباشر إلى دور الوسيط

(1) ما يثار عن المبادرة التركية بين السودان والامارات العربية المتحدة هو فى خلاصته سيناريو لتغيير المسار من تفاوض بين دولتين وفق مبادئ القانون الدولي إلى مقاربات (خشنة) تعتبر الامارات فيه نفسها كضامن بإسم مليشيا الدعم السريع ، على أن تكون تركيا ضامن لموقف الحكومة السودانية ، وبذلك تضمن الأمارات دخول مليشيا الدعم السريع فى معادلة التفاوض ونتائجها وتتجنب اتهامها بتبنى قضايا ذات شأن داخلي..
وما نشر من تسريبات فى نقاط محددة ، هو فى حقيقة الأمر تحقيق لثلاث اهداف دفعة واحدة ، فهى قياس نبض لتوجهات الرأى العام و(امنيات) لإنعاش معنويات طرف متعسر ، و (تخمينات) لإرباك المشهد السياسي الداخلي ، وما تم من تصعيد فى بعض المنابر هو أمر مقصود.. وسنأتى لذلك بالتفصيل إن شاءالله..
(2)
يؤسس مبدأ الوساطة بين الدول على اربعة نماذج اساسية:
– تقريب وجهات النظر من خلال المقاربات والنصح..
– دراسة نموذج لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات ، وهذا نتاج دراسات خبراء فى الاقتصاد والدبلوماسية والقانون الدولى
– تطبيق نماذج تجارب مماثلة والاسترشاد بها..
– ونموذج أخير ، هو أقرب الى (فك الشفرات) ، وهو ما يسمونه السلوك العقلاني..
وفى السنوات الأخيرة ، شهدت مفهوم التفاوض دخول معادلات اخري:
– اولها: السلوك (الخشن) ، أى التهديدات والضغوط ، وقد شهدنا ذلك فى حالة مفاوضات جنيف ، وفى اغلب تحركات الولايات المتحدة الأمريكية ، فهى اقرب إلى فرض الارادة ، وقد يكون ذلك السلوك الخشن من أحد الأطراف لاخضاع الطرف الآخر..
– وثانيا: دخول (المفاوض) كضامن ، وحدث ذلك فى كثير من الحالات ،
(3)
تلتمس الدول فى بدايات اخرى أى وساطة بعض الأسباب الدافعية للاستمرار فى المفاوضات أو التوقف ، وهو ما يسمى باللقاءات الاستكشافية ، موقف كل طرف وتحفظاته ، وكل ذلك فى حدود المسؤوليات ، أى تجنب الدخول فى الشأن الداخلي للدول ، وهذه النقطة هى أول مقياس يشير إلى عدم صحة ما يتم تداوله عن مبادرة حول الخلاف السوداني – الاماراتي ، حيث تضمن قضايا من الشأن الداخلي..
ويجوز فقط للسودان الطلب من الأمارات التوقف عن دعم مليشيا آل دقلو الارهابية ، ولا تملك الإمارات سوى الدفاع عن موقفها..
ومن اسباب نجاح المفاوضات حول الوصول إلى طريق مسدود ، وما زال هذا الشوط بعيد التحقق ، حيث ترجيح كفة الحكومة السودانية فى الميدان العسكري ، ورغم محاولات رفع مكاسب المليشيا من خلال زيادة كلفة الحرب بإستهداف المدنيين بالقصف أو التجويع ، أو محاولة الدخول إلى الفاشر ، لاعطاء جرعة معنوية ، أو المضى قدماً فى مقترح حكومة منفى ، فإن فرص هذه المناورات محدودة التأثير..
ومع انفتاح القوات المشتركة فى كافة انحاء دارفور ، وصمود الفاشر ، فإن حسابات الميدان معقدة ، ولن يعترف أحد بحكومة طريدة..
ولذلك فإن الأمارات فى مرحلة تقييم المكاسب من استمرار الحرب ، مع اقتراب عودة الرئيس الامريكي دونالد ترامب ولادارته منهج آخر فى التعامل مع النزاعات الدولية ، وخلاصته : (نزع اليد)..
(4)
ما صدر من تسريبات عن نقاط محددة هى محض واحدة من ثلاثة ، اما (جس نبض) أو (تخمينات) من يسمون انفسهم خبراء دون خبرة أو (أمنيات) يائسة ، فهى تضمنت نقاط تعتبر شأناً داخلياً..
ولإحداث مقاربة أكثر فإن الاحتمالات الراجحة هى :
– خروج الإمارات من دائرة التفاوض مع الحكومة السودانية و ادخال الدعم السريع كطرف اصيل والدخول كضمان ، وبذلك تتبني اجندة مليشيا الدعم السريع دون حرج وتضمن فى سياق ذلك مصالحها ومطلوباتها ، ولهذا تم نشر هذه التسريبات ، والترويج لها ، وتبناها البعض بالموالاة أو الانتقاد ، وكلها تأتي ضمن اهداف التسريب..
– اما الاحتمال الثانى هو وساطة تركية بين أطراف سودانية ، وهذا مستبعد ، لان هناك منابر اقليمية ودولية قطعت مشوارا فى هذا الجانب..
من الضروري ، أن تستبق الحكومة السودانية ، مثل هذه المبادرات واللقاءات ذات الشأن المعقد ، بالتوضيح والتفسيرات ولا يكفي العبارات البروتكولية ، ويمكن للحكومة كذلك تسريب ما تراه بما يتفق ومصالحها..
حفظ الله البلاد والعباد
د.ابراهيم الصديق على
7 يناير 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رابطة علماء اليمن تدين العدوان الثلاثي على اليمن وتؤكد مشروعية الرد والردع
  • ياسمين عز للزوج المصري: الكلام الحلو مش بفلوس
  • حكومة التغيير تؤكد: أي عدوان على اليمن لن يمر دون عقاب وقواتنا المسلحة قادرة على الرد
  • عن الحشد والفصائل .. كلام في الصميم !
  • شقيقة رئيس OpenAI تقاضيه بتهمة الإساءة الجنسية
  • عن كلام رئيس الجمهورية.. ماذا قال حسن خليل؟
  • "الكلام على إيه".. إطلاق أول بوكاست من "القومي للمرأة"
  • خريطة مزعومة لإسرائيل تضم أراضي عربية والسعودية تعلن الرد
  • خبير استراتيجي: حكومة نتنياهو الأكثر تطرفًا في العصر الحديث
  • تكييف المبادرة التركية والمبادىء الدولية : محاولة خروج من الحديث المباشر إلى دور الوسيط