الأزمة الإنسانية تتكشف مع فرار الآلاف من الصراع العنيف في غزة
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
في خضم الصراع المتجدد والمكثف في غزة، يواجه عشرات الآلاف من المدنيين ظروفًا مزرية أثناء فرارهم من العنف، مع تزايد المخاوف بشأن احتمال حدوث زيادة كبيرة في عدد الضحايا.
وأعربت جيما كونيل، المسؤولة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) والتي شاركت بنشاط في جهود الإغاثة في غزة، عن قلقها العميق إزاء الوضع الذي يتكشف.
ووفقاً لـ كونيل، فإن الناجين الذين وصلوا إلى رفح، وهي بلدة في أقصى جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، عانوا من القصف المتواصل وغالباً ما وصلوا دون أي ممتلكات أو مأوى. وقالت في بيان نقلته رويترز: "إنني خائفة للغاية من أن عدد الوفيات الذي نشهده سيزداد بشكل كبير بسبب هذا الهجوم المتجدد ولكن أيضًا بسبب هذه الظروف، التي لا تصدق حرفيًا".
أصدر مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة بيانا يوم الجمعة، كشف فيه أنه خلال الأيام القليلة الماضية، لجأ ما يقدر بنحو 100 ألف شخص إلى رفح. ويأتي هذا التدفق في أعقاب هجوم بري وجوي جديد مكثف على مدينة دير البلح بوسط البلاد، وغارات جوية على بلدة خان يونس الجنوبية.
يؤكد مصدر هذه المعلومات، كما نقلت رويترز، مدى خطورة الوضع واحتمال تفاقم الأزمة الإنسانية. وقد شاركت الأمم المتحدة بنشاط في تقديم المساعدات والدعم للمتضررين من النزاع، لكن الحجم الهائل للنزوح والتحديات التي يواجهها السكان الفارون تشكل عقبات كبيرة أمام جهود الإغاثة.
مع استمرار تصاعد الصراع، يراقب المجتمع الدولي الوضع عن كثب، ويحث على ضبط النفس ويدعو إلى حل دبلوماسي لإنهاء العنف. وتتطلب الأزمة المتكشفة اهتماما فوريا وجهودا متضافرة للتخفيف من معاناة السكان المتضررين.
المصدر: صدى البلد
إقرأ أيضاً:
الهيمنة الأمريكية والمقاومة.. قراءة في خطاب الرئيس المشاط
هذه المواجهة ليست مجرد ردّ فعل على قرارات سياسية ظرفية، بل هي انعكاس لبنية الصراع الطبقي على المستوى العالمي، حيث تمارس الإمبريالية آلياتها القمعية لفرض التبعية، بينما تتشكل حركات المقاومة كردّ موضوعي على هذا القمع.
لا يمكن النظر إلى قرارات الإدارة الأمريكية تجاه اليمن بمعزل عن موقع الولايات المتحدة كقوة إمبريالية تسعى إلى إعادة إنتاج سيطرتها على النظام العالمي. العقوبات التي تفرضها واشنطن ليست سوى أداة من أدوات الحرب الاقتصادية التي تهدف إلى عرقلة القوى التي تخرج عن نطاق سيطرتها. وكما هو الحال مع العقوبات المفروضة على كوبا وفنزويلا وإيران، فإن الهدف النهائي هو تدمير أي نموذج مقاوم للهيمنة الأمريكية، سواء كان عسكرياً أو اقتصادياً أو حتى رمزياً.
الخطاب السياسي الصادر عن صنعاء يقرأ هذه الحقيقة بوضوح، إذ يربط بين العقوبات المفروضة عليها وبين محاولات واشنطن لحماية الكيان الصهيوني، باعتباره وكيلها الاستعماري في المنطقة. العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة ليست فقط تحالفاً استراتيجياً، بل هي علاقة بين قوة إمبريالية عالمية وقاعدة متقدمة لها داخل الشرق الأوسط، تستمد شرعيتها من استمرار العدوان الاستيطاني على الأرض الفلسطينية ومنع أي تهديد محتمل لهذه الهيمنة.
إنّ خطاب المشاط لا يتحدث فقط عن العقوبات كإجراء قانوني، بل يفكك البنية الكاملة للمنظومة الإمبريالية، موضحاً كيف أنّ الولايات المتحدة لا تتوانى عن التضحية بمصالح الشعوب الأخرى خدمةً لمصالحها الإمبريالية. يشير المشاط إلى أن اليمن ينسق مع "جهات تعتمد على الصادرات الأمريكية" للتخفيف من آثار العقوبات، فهو بذلك يشير إلى محاولة استخدام الاقتصاد كأداة مقاومة، مما يعكس وعياً بأهمية فك الارتباط بالنظام الاقتصادي الرأسمالي المهيمن، أو على الأقل تقليل الاعتماد عليه.
وهذا يتماشى مع فكرة "التنمية المستقلة" التي نظّر لها اقتصاديون ماركسيون مثل سمير أمين، حيث لا يمكن لأي دولة أو حركة مقاومة أن تتحرر سياسياً دون أن تمتلك الحد الأدنى من الاستقلال الاقتصادي. السياسة الأمريكية تجاه صنعاء هي امتداد لنفس النموذج الذي طُبق ضد التجارب الاشتراكية في القرن العشرين، حيث يتم تجويع الشعوب الثائرة وفرض الحصار عليها لخلق حالة من الانهيار الداخلي تدفعها إما إلى الخضوع أو إلى مواجهة شاملة لا تستطيع الاستمرار فيها على المدى البعيد.
من أبرز النقاط في خطاب المشاط هو استدعاء التاريخ كمصدر للشرعية السياسية. إذ يذكّر واشنطن بأن اليمن "كان ميدان الركلات الأخيرة للإمبراطوريات المتجبرة"، وهو استدعاء يحمل بعداً أيديولوجياً يعكس فهم الصراع كجزء من استمرارية تاريخية. في الفكر الماركسي، لا يعتبر التاريخ مجرد سجل للأحداث، بل هو سجل لصراعات القوى الاجتماعية، وهو ما يبدو حاضراً في هذا الخطاب الذي يضع المواجهة مع الولايات المتحدة ضمن سياق تاريخي طويل من مقاومة اليمن للهيمنة الخارجية.
هذا الاستدعاء للتاريخ هو أيضاً محاولة لإنتاج وعي طبقي ووطني في آنٍ واحد، حيث يتم تقديم الصراع ليس فقط على أنّه صراع بين دولتين، بل بين مشروع تحرري ومشروع استعماري عالمي. وهذا يعكس وعياً بأهمية الأيديولوجيا في الحروب الحديثة، حيث لم يعد الصراع يقتصر على المواجهة العسكرية، بل يمتد إلى الفضاء الرمزي والثقافي، وهو ما يتجلى في محاولة واشنطن فرض روايتها على العالم عبر أدواتها الإعلامية.
لم يقتصر خطاب المشاط على مهاجمة الولايات المتحدة، بل تضمّن أيضاً تحذيراً لمن أسماهم "المبتلين بمرض المسارعة"، في إشارة إلى الأنظمة العربية التي تسير في رَكْب التطبيع والتبعية.
ويمكن فهم هذا التحذير كجزء من صراع الطبقات الحاكمة ضد القوى المناهضة لها، حيث تعتمد الأنظمة الرجعية على الولاء للإمبريالية للحفاظ على مصالحها، مما يجعل أي حركة مقاومة تهديداً مباشراً لها.
يقدّم خطاب صنعاء نموذجاً لخطاب مقاومة يتجاوز كونه مجرّد ردّ فعل سياسي، ليصبح بياناً أيديولوجياً في وجه الإمبريالية العالمية. هذا الخطاب يعكس وعياً بأنّ المواجهة ليست مجرد صراع سياسي بين طرفين، بل هي جزء من الصراع العالمي بين الهيمنة الرأسمالية والقوى التي تسعى إلى التحرر منها.