البوابة نيوز:
2024-12-27@04:21:55 GMT

أول لقاء عابر مع الزعيم السوفيتي "اندروبوف" "10"

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

توقفت فى المقال السابق عندما بدأ الأستاذ "محمد حسنين هيكل"  يَسْرُدُ تجربته  الناجحة فى جريدة الأهرام بعد أن وجه إليه عضو المجلس السياسى السوفيتي "سولوسوف" سؤالا  وهو كيف تكون جريدة الأهرام  جَرِيدَةِ سِيَّاسِيَّةِ جَادَّةِ وَمَشْرُوعًا مَالِيأً نَاجِحًا...؟

وقد بدأ الأستاذ هيكل يتحدث حيث شرح وجهة نظره قائلا:

  لا تعارض أن تكون جريدة سياسية جادة وفي نفس الوقت مثيرة للاهتمام ومقروءة.

..

المشكله التي تواجه بعض الجرائد السياسية تاتي من الخلط بين الجديةوالكآبة أو من تصور ان إثارة الاهتمام مضيعه  لإثارة الاحترام...

اشار الكاتب الكبير بأن القارئ يريد الخبر صحيحا ويريده مستوفى وكاملا بما يمكنه من تكوين رأيه المستقل في الاحداث وتطوراتها وبما يسمح له بالحكم حتى على اتجاهات الجريدة التي يقرؤها نفسها...

ثم أبدى الكاتب الكبير رأيه في أن المقال  يتراجع في الصحافه الحديثه امام الخبر إلا اذا كان المقال -بقيمة ما فيه من أفكار ووقائع أو بقيمه كاتبه - يرقى إلى مستوى أن  يكون خبرا في حد ذاته...

ثم حاول أن يفرق فى سياسة جريدة  بين "التزامها بفكر" وبين "إلزامها بخط"...

وقال أن المساحة بين "الالتزام" و"الالزام" هي نفسها مساحه بين "مسئوليه الحرية" و"قيد الرقابة" ثم اشار الى أثر ذلك على ضمير القارئ وأثره بالتالي على الثقة بجريدة يفضلها وبالتالي سعة انتشارها ورواجها...

ثم أضاف  بأن  مشروع جريدة الأهرام   -في ذلك الوقت- يعتبر واحدا من أحدث وأكبر المشروعات الصحفية في العالم وقد جرى تمويله كله  ذاتيا ولم يأخذ  قرشا واحدا من الدولة ولم يتقدم من أجله بطلب قرض حتى من بنك وكان هذا التزمت مهما لأسرة جريدة  الأهرام سواء بالنسبه لحقهم في الاستقلال أو لحقهم في الحريه...

ولكن "سوسلوف" عضو المجلس السياسى السوفيتي كان  يرى غير ما يرى الكاتب الكبير في دور الصحافه فالتعبير عن "الحزب" و"الالتزام" بخطة  ليس تناقضا - في  حسبانه- مع الحرية والاستقلال لأن "الحزب" هو التعبير عن فكر وحركة الجماهير،وليس هناك بأس  في أن تقوم دولة"الحزب" بتمويل صحافته لأن الصحافة "أداة توعيه وتثقيف" وأما عن أهمية الخبر في الصحافة والتركيز عليه باعتبار الماده الاساسيه في الجريدة فهو يرى انها - بدعه منقوله عن صحافة الغرب الرأسمالي- وهى صحافة تخاطب غرائز قارئها ولا تسعى لتنمية مداركه"

ومضى الحديث، وتطرق إلى قضايا كثيرة كاقتصاديات الصحف، ومسأله الاعلان والدور الذي تقوم به وكالات الأنباء العالمية ثم من جديد إلى قضيه الخبر والمقال...!

وقال الأستاذ "هيكل" بانه بين الحين والآخر كان يلتف ناحية  "اندروبوف" المكلف  بِالْإِشْرَافِ على "كى جى بى" أى" لجنة حماية أمن الدوله والحزب " فيجده في كل مرة أشد اهتماما بالحديث وأكثر اقترابا منه إلى درجة انه أزاح مقعده حتى التصق بمقعد "سولوسوف" السائل عن تجربة جريدة الأهرام وفجأة تدخل "اندروبوف" في المناقشه  على نحو اثار دهشة الكاتب وقال بابتسامه خافته:

"إن صديقنا يقصد -الأستاذ  هيكل- مهتم بالخبر لكنني لم أكن أعرف أن الأخبار كلها في موسكو محصورة في السفارة الكندية  هنا"..."يقصد لقاءات الأستاذ "هيكل" بالسفير "روبرت فورد" سفير كندا فى موسكو "

وبعد الغذاء الرسمي قال الاستاذ "هيكل" للرئيس "جمال عبد الناصر" وكانا وحدهما:

-غريبه...! لقد قالوا لي أن "اندروبوف" هو رجل المستقبل في الكرملين لكنه  في الملاحظة الوحيدة -التي فتح الله بها عليه- في مناقشة  تجربة جريدة الاهرام لم يثبت فيها شيئا سوى انه فعلا رئيس ال "كي جي بي" ومشغول بقراءة تقارير جواسيسه عن تحركات زواره"....

لكن الرئيس "جمال عبد الناصر" قال له:

-لا اظنها مسأله تجسس...
لو كانت كذلك لما قالها لك...هؤلاء ناس يحسبون ما يقولون قبل ان يقولوه... أغلب الظن انها رسالة اليك تلفت نظرك إلى أن لا تصدق كل ما تسمعه من  مصادر الغرب... واظنه قالها على هذا النحو لكي تبدو في قالب "اجتماعي" ولو قالها في غير ذلك لبدت لك وكأنها نوع من الضغط عليك"

وصمت  الأستاذ "هيكل" لكنه علق بقوله:

-  وكان هذا هو أول لقاء عابر مع الزعيم الروسي اندروبوف "

"الأسبوع القادم باذن الله  أُحَدِّثُكَ عن اللقاء الثانى للكاتب الكبير مع  الزعيم السوفيتي".

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الأستاذ محمد حسنين هيكل الكاتب الكبير جريدة الأهرام جریدة الأهرام

إقرأ أيضاً:

من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أحياء في قاع المدينة

#أحياء في #قاع_المدينة

من أرشيف الكاتب #أحمد_حسن_الزعبي

نشر بتاريخ .. 8 / 10 / 2017

من قوانين الطبيعة، ومن معاهدات الحياة التي لا تنقض أبدًا: (أن القيعان تحمي كائناتها).. شاهدوا كيف يحتفي ماء البحر بأحيائه المسالمة، كيف يهيئ لها سلّمًا موسيقيًا لترقص عليه بعيدًا عن شباك الصيادين وطعوم الهواة! كيف تمشّط الشُعب المرجانية أسراب السمك الملوّن الذي يموج ويقدم على نفس الحركة كفصيل عسكري! شاهدا تنوّع المخلوقات؛ تفاوت في الأحجام، تباين في الصفات، اختلاف في السلوك، لكنها كلها تعيش في القاع، لا يحلم أي منها في السطح أبدًا، لأن السطح يعني الاستسلام للنهاية. هناك يتكاثر الموت المشبع بالأوكسجين.. كل الأشياء إن سقطت أو ماتت تغرق في القاع، إلا كائنات القاع إن سقطت وماتت ارتقت إلى السطح، لذا هي الكائنات الوحيدة التي خرقت كل قوانين الجاذبية بتحدّي العيش، ولذا أنا أحبّها.

مقالات ذات صلة المحامي محمد احمد المجالي يكتب .. ارْجِـعْ إليْنـا سالِمــاً يا أَحمَــدُ 2024/12/25

وقت الغروب ما زال يدهشني قاع المدينة أيضا.. فأزداد يقينًا أن (القيعان تحمي كائناتها)، كيف يحتفي الرصيف وريح المساء بالمشاة المسالمين، كيف يهيئ لهم سلّما من التاريخ ليرتقوا فيه إلى بيوتهم النابتة على صدور الجبال هناك، ذات الإضاءة الخافتة والأبواب الصدئة، ذات الشبابيك الممسوحة بممحاة الانتظار، وأسلاك الهاتف ولواقط البث وحبل الغسيل وأسلاك ملغاة مثل الأحلام المدلاة من سقف الذاكرة، لا أنت جازم في إهمالها، ولا أنت قادر على تحقيقها..

وقت الغروب أنظر إلى الوجوه العائدة إلى بيوتها، كيف تختبر بلاط الطريق بأحذية نصف بالية، تطأ أغطية الكولا التي تحمل الكثير من عبارة “حظًّا أوفر”، تحاول أن تبتعد عن “البسطات” لأن الوقوف أمامها يعني الشراء، وبالتالي الدخول في معادلات حسابية معقدة حول راتب آخر الشهر، أنظر إلى الوجوه المارة هناك في القاع، أحدهم يحمل مغلفًا فيه صور أشعة تحمل اسم مستشفى حكومي، ترى كم انتظر من الأيام والشهور حتى حصل على هذا الموعد؟ ماذا يحمل المغلّف من نتائج؟ أهي “أوراق اعتماد” لدى جلالة المرض.. أم “عدم محكومية” بالوجع؟.. انظر إلى من يحمل كيس خبزه، سبعة أرغفة بالتمام والكمال.. ترى أهي لأولاده السبعة أم لأيامه السبعة؟ هذه حسنة الأكياس الشفافة، تجعلنا نعدّ لقم الفقير “ابن القاع” الذي يعيش هنا يتحدّى الإرادة، الذي يعتبر الصعود موت، والسطح نهاية.

في القاع، ريح وتشرين، وشجر يحرس الشوارع، يرمي كل حين ورقة من معطفه المصفر، كعاشق نزق، يكتب ألف رسالة لحبيبة لم تمرّ ذاك المساء.. في القاع يعاد تعريف الحياة!
في القاع، ريح وتشرين، وشجر يحرس الشوارع، يرمي كل حين ورقة من معطفه المصفر، كعاشق نزق، يكتب ألف رسالة لحبيبة لم تمرّ ذاك المساء.. في القاع يعاد تعريف الحياة!

أنظر إلى من وقفتْ طويلًا أمام “بسطة” دمى، ثمّة دمية لها مفاتيح يدوية يديرها الشاب البائع أمام زبائنه، تمشي اللعبة، ترقص قليلًا، تصفق، لكنها ما تلبث أن تقف، تنظر الأم العائدة من وظيفتها كسكرتيرة في عيادة أسنان أمام اللعبة طويلًا.. تحتار بقرار الشراء، هل تشتريها؟ لكن اللعبة لا تختلف كثيرًا عن كائنات القاع، تمشي، ترقص قليلًا، تصفق للحياة، وتقف.. تضع الأم يدها على فمها في محاولة أخيرة لاتخاذ القرار، لكنها تغادر دون الشراء.. ستوفر ثمن الدمية لتدفع قسط الحضانة..

في القاع، دخان المركبات يلتصق بالأبنية القديمة، نداء حافلات النقل العمومي يلتصق بمسامع المارين، أشجار صنوبر تحمل على أغصانها أكياس خبز يابس، وبقايا “سندويشات” لم يكملها أصحابها وعلى ساقها حروف محفورة لأسماء وقصص حبّ لم يكملها أصحابها أيضاَ، في القاع أناس فقراء، لكنهم يعشقون المكان، لا يفنون أعمارهم بالتذمّر.. لا تعنيهم السلطة كثيرًا، ولا يفكرون بصراع القوى في مياه المحيط، يعيشون لأنهم يحبّون الحياة، أو ربما لأنهم قد فُرضوا على الحياة.. لا تعنيهم صورة الزعيم كثيرًا سوى أنها علامة مرور، أو رأس إصبع يرشد السائلين.

في القاع، ريح وتشرين، وشجر يحرس الشوارع، يرمي كل حين ورقة من معطفه المصفر، كعاشق نزق، يكتب ألف رسالة لحبيبة لم تمرّ ذاك المساء.. في القاع يعاد تعريف الحياة!

احمد حسن الزعبي

ahmedalzoubi@hotmail.com

#177يوما

#الحريه_لاحمد_حسن_الزعبي

#سجين_الوطن

#متضامن_مع_أحمد_حسن_الزعبي

مقالات مشابهة

  • سعد الدين حسن .. الكاتب الذي حادثه الوزير على تليفون المقهى
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي … ونحن أيضا
  • تسجيلات فيديو تظهر ثقوبا مجهولة المصدر على هيكل الطائرة الأذربيجانية المنكوبة (فيديو)
  • تسجيلات فيديو تظهر ثقوبا مجهولة المصدر على هيكل الطائرة الأذربيجانية المنكوبة
  • ” الهُدهُد ” .. قصيدة من الشاعر محمد المجالي مُهداة لِلسجين الحُرّ الكاتب أحمد حسن الزّعبي
  • جريدة الرواق الزميل « إيهاب زغلول » على جهوده الإعلامية والتوعوية
  • من أرشيف الكاتب أحمد حسن الزعبي .. أحياء في قاع المدينة
  • زفاف جيف بيزوس على مذيعة بتكلفة 600 مليون دولار.. بماذا رد مالك أمازون؟
  • "برتقالة من يافا ونهار عابر" أبرز الجوائز العربية بمسابقة الفيلم الدولى بـ القاهرة للفيلم القصير
  • نيجيرفان بارزاني يعزي بوفاة الكاتب الكوردي فتاح أميري