عربي21:
2025-03-12@05:13:31 GMT

الحقوق والحريات بين غرب ليبيا وشرقها

تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT

تملُّك السلطة مدعاة للتورط في انتهاك الحقوق ومصادرة أو تقييد الحريات، وفي اعتقادي أنها بديهية تجري على كل أصحاب السلطة، حتى أولئك الذين في الدولة المتقدمة، والاختلاف هو في الاساليب وفي مناطق ممارسة الاستبداد وانتهاك الحقوق، وما يجري في غزة اليوم دليل على ذلك. غير أن للاستئثار بالسلطة والتورط في الانتهاكات رادع يمثله الدستور وتعززه السلطات الأخرى الرسمية والمجتمعية، وهو ما نشاهده في المجتمعات الديمقراطية.



وإسقاطا على الحالة الليبية، فإنه لا يستثنى اليوم أحد من القابلية للوقوع في الاستبداد والتورط في القمع، فالحكام في غرب البلاد أو شرقها يضيقون ذرعا بالانتقادات والاعتراضات عبر وسائل التعبير المختلفة، والفارق بينهم هو الاختلاف في الخلفية والنشأة، غير أن الأهم هو وجود قوى تمنع تحول تملك السلطة إلى استبداد يفرخ العنف ضد المعارضين أو حتى المنتقدين لها في الغرب وانتفاء ذلك في الشرق.

صيانة وتثمين الحقوق والحريات كانت من بين أسباب انتفاضة قطاع واسع من الليبيين في شباط/ فبراير 2011م، وهي من أهم مكاسب الثورة، كما أنها من أبرز معايير التفضيل بين المناطق المتعددة في البلاد، غربا وشرقا وجنوبا، ولأن نفَس فبراير ما يزال حاضرا في الغرب الليبي فالحقوق والحريات أكثر صونا وتثمينا
صيانة وتثمين الحقوق والحريات كانت من بين أسباب انتفاضة قطاع واسع من الليبيين في شباط/ فبراير 2011م، وهي من أهم مكاسب الثورة، كما أنها من أبرز معايير التفضيل بين المناطق المتعددة في البلاد، غربا وشرقا وجنوبا، ولأن نفَس فبراير ما يزال حاضرا في الغرب الليبي فالحقوق والحريات أكثر صونا وتثمينا.

الجدل بين المثقفين أو من يصنفون ضمن شريحتهم قام منذ العام 2014م حول المفاضلة بين الحقوق والحريات والأمن، وانقسم أنصار فبراير -وآخرون وجدوا في الخلاف فرصة للعودة للمشهد- بين منتصر للأولى وآخر مقدم للأمن على كل شيء. والحقيقة أن وضع الحقوق والحريات في تناقض مع الأمن والاستقرار مغالطة ما كان ينبغي أن يقع فيها مثقف أو من هم من أهل العلم والمعرفة، إذ لا أمن بلا حقوق تصان وحريات تثمّن، وقد ثبت لدى معظم من ناصروا المشروع العسكري الأمني الذي هيمن على الشرق أن الأمن يتجه ليصير أمن السلطة وبقاءها، وعلى حساب النَيل من الجميع حتى من ناصروها وكانوا عاملا رئيسيا في بلوغها ما بلغته.

حادثة اعتقال الأستاذ الجامعي بشير عريبي في العاصمة طرابلس كانت اختبارا بل ربما معيارا لقياس مدى تقدير الحقوق والحريات في الغرب الليبي في مقابل المناطق الأخرى، خاصة الشرق، فالرجل مارس بعض حقوق المواطنة وأسياسات الحرية، وهي التعبير عن رأيه وما اعتبره تجاوزات للسلطات الأمنية بل حتى السياسية في العاصمة تجاه مطالب أعضاء هيئة التدريس في الجامعات. والحديث هنا لا علاقة له بما قام به أعضاء هيئة التدريس عبر نقابتهم من اعتصام أدى لوقف الدراسة لشهرين، وأسلوب عريبي في الاعتراض، فالنقاش في هذه المساحة مخصص لحق التعبير والدفاع عنه في مواجهة السلطة الحاكمة وأجهزتها، فهذا بيت القصيد.

الدكتور عريبي خرج في اليوم ذاته أو الذي يليه، ومن بين أسباب خروجه هو الحراك متعدد الواجهات الذي أدان السلوك الأمني تجاهه، ولأن المناخ العام يحكمه بقدر لا بأس به احترام الحقوق والحريات، ويضبطه التوازن بين المكونات المختلفة في الغرب والتي تجعل من هامش الحريات أرحب، فإن انتهاكات الحقوق وتقييد الحريات ليس هو الأصل، وأن البراح فيها ما يزال مرضيا، ولهذا تقع الاعتقالات لكنها محدودة وتنتهي في الغالب إلى تسوية، ويظل هامش التعبير واسعا والانتقاد والاعتراض حتى على رأس هرم السلطة متاحا.

الخطأ الأكبر أن يكون الحل هو تغلُّب إحدى تلك القوى لتصير إلى الاستئثار بالسلطة والوقوع في الانتهاكات ومصادرة الحريات، والمطلوب هو ترشيد وتقنين السلطة في الغرب والشرق والجنوب، والوسائل هي ترقية الوعي العام بقيادة وإشراف النخبة الرشيدة ومن خلال توازن السلطات الذي ينظمه دستور حاكم تسنده المكونات الرسمية والمجتمعية
حوادث عدة ووقائع كثيرة تؤكد أن الحقوق والحريات في مستوى متدن في الشرق الليبي، فتغييب نائبة في مجلس النواب، واحتمال تصفيتها، لاعتراضها على سلوك للسلطة المتحكمة وهي قيادة الجيش، ومقتل ناشطة في وضح النار لانتقادها سلوك متنفذين هناك، وما آل إليه العميد المهدي البرغثي بعد عودته إلى مدينته وبيته، واعتقال العديد من النشطاء المبرزين، آخرهم د. فتحي البعجة ورفقاؤه، لمجرد تحفظهم على الواقع السياسي والحقوقي، ومنع التظاهر والتجمهر إلا لمناشط تدعم السلطة الحاكمة، جميعها يشير إلى أن النهج هناك قائم على تثبيت السلطة وتعزيز النفوذ عبر القمع والترهيب، وأن المكونات الأخرى التي من المفترض أن تحقق التوازن وتمنع الاستئثار بالسلطة والانزلاق إلى تكريسها عبر الكبت والقهر تم تحييدها عبر التهجير أو التغييب أو الانزواء في ركن بعيد حيث لا حراك بل لا صوت.

لا أدعي أن الحالة في الغرب الليبي بالعموم صحية، والإشكال هو خلل السلطة بسبب تعدد القوى، غير أن الخطأ الأكبر أن يكون الحل هو تغلُّب إحدى تلك القوى لتصير إلى الاستئثار بالسلطة والوقوع في الانتهاكات ومصادرة الحريات، والمطلوب هو ترشيد وتقنين السلطة في الغرب والشرق والجنوب، والوسائل هي ترقية الوعي العام بقيادة وإشراف النخبة الرشيدة ومن خلال توازن السلطات الذي ينظمه دستور حاكم تسنده المكونات الرسمية والمجتمعية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحريات ليبيا حقوق الإنسان حريات حفتر مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحقوق والحریات فی الغرب اللیبی

إقرأ أيضاً:

الرئيس السيسي: تحية لكل من صنع نصر العاشر من رمضان العظيم


قال الرئيس عبد الفتاح السيسي إننا في ذكرى انتصار العاشر من رمضان المجيد .. نستلهم من بطولات قواتنا المسلحة روح العزيمة والتخطيط والإصرار على استرداد الحقوق والتمسك بها.

وكتب الرئيس السيسي عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك:" في ذكرى انتصار العاشر من رمضان المجيد .. نستلهم من بطولات قواتنا المسلحة روح العزيمة والتخطيط والإصرار على استرداد الحقوق والتمسك بها، لتضيف صفحة ناصعة البياض في سجلات تاريخنا الوطني.. إن هذا اليوم العظيم يذكّرنا بمعناه العميق: متمثلا في صلابة الشعب المصرى وقدرته على صد العدوان ورد الحقوق إلى وطنه مهما كانت التحديات .. ونؤكد التزام مصر بالسلام القائم على العدل، إيماناً بأن السلام هو المسار الذي يحقق الاستقرار والتنمية لجميع شعوب المنطقة.. تحية لكل من صنع هذا النصر العظيم، وتحية لشعب مصر الذي يواصل مسيرة البناء بعزم لا يلين، وشموخ يليق بأمةٍ عريقة، بدأ معها التاريخ ويستمر بها المستقبل.

https://www.facebook.com/share/p/1CC2dDrDa7/?mibextid=wwXIfr

مقالات مشابهة

  • وقفة أمام بقع الدم السوري..!
  • لو عايز ربنا يتقبل صيامك؟.. شاهد نصائح وزارة الأوقاف
  • العريس الذي كان يتجهز لزفافه لكنه زُفّ إلى الجنة
  • رحلة في اختبار الديمقراطية
  • الأمير حسام بن سعود يطّلع على تقرير وكالة الحقوق بإمارة المنطقة
  • اقتصادي يكشف سبب اهتمام الغرب بالسيطرة على قطاع غزة
  • مركز أوروبي: الغرب يضع العراقيل للاستفادة من الأموال الليبية المجمدة
  • الرئيس السيسي: تحية لكل من صنع نصر العاشر من رمضان العظيم
  • لعنة ميونخ تعود من جديد
  • وزير البيئة: المرأة في هذا الشرق لم تعرف الاستسلام