طالب رئيس مركز العدالة الدولي للفلسطينيين المحامي طيب علي جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي بدعم القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا لدى محكمة العدل العليا ضد الاحتلال.
وأضاف المحامي الدولي المرموق في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن الدول العربية والإسلامية لديها الآن فرصة سانحة للاستجابة لمطالبات ما لبثت تصدر عن مواطنيهم من أجل عمل شيء واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة رداً على جرائم الحرب التي ترتكب في غزة.



وفيما يلي النص الكامل للمقال كما ترجمته "عربي21":

الحرب على غزة: يجب على منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية دعم القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا لدى محكمة العدل العليا ضد إسرائيل

لدى منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية فرصة للانضمام إلى الإجراءات التاريخية التي يمكن أن تعيد تعريف الكيفية التي يعمل بها القانون الدولي وكيف يقيم العدل

طيب علي

ميدل إيست آي

31 ديسمبر (كانون الأول) 2023

لقد فتحت الحرب في غزة نافذة أمام البلدان ذات الأغلبية المسلمة لكي تقدم نموذجاً يُقتدى به في التمسك بسيادة القانون وإقامة العدل. تمثل هذه اللحظة فرصة سانحة للاستجابة لمطالبات ما لبثت تصدر عن مواطنيهم من أجل عمل شيء واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة رداً على جرائم الحرب التي ترتكب في غزة.

فيما عدا التقدم المادي والروائع المعمارية التي تنافس عجائب الدنيا العتيقة، تتميز الدولة المتقدمة حقاً بالتزامها بمبادئ المحاسبة والعدالة – وهو النطاق الذي أخفقت فيه بعض أعرق الديمقراطيات في العالم.

بعد خمسة وثمانين يوماً مرعبة من المعاناة تحت القصف المستمر، والذي أسفر عن مقتل ما يقرب من اثنين وعشرين ألفاً، بما في ذلك أكثر من ثمانية آلاف طفل وستة آلاف امرأة، ونزوح 1.9 مليون نسمة، وانهيار الخدمات الصحية، قامت جنوب أفريقيا أخيراً، وهي أحد الموقعين على معاهدة تحريم الإبادة الجماعية، بدعوة محكمة العدل الدولية إلى النظر في الأزمة.

تعكس هذه الخطوة التي طال انتظارها اعترافاً بدور المجتمع الدولي في حل النزاعات وفي حماية حقوق الإنسان.

يقف أعضاء منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية على مفترق طرق محوري، حيث يمكن لقرار يصدر عنهم بدعم الإجراء القانوني الذي تتخذه جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أن يشكل خطوة بارزة نحو إعلاء شأن القانون الدولي وإقامة العدل في الأرض.

مفترق طرق محوري

يجب على جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي أن يعبرا بوضوح عن دعم المنظمتين بشكل لا لبس فيه للطلب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية، وذلك بنفس الشكل الذي دعمت من خلاله منظمة التعاون الإسلامي قضية غامبيا ضد جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها ماينمار ضد المسلمين الروهنغيا.

يمثل طلب جنوب أفريقيا، الذي يتسم بالدقة والاستدلالات القانونية القوية، والذي تقدمت به إلى محكمة العدل الدولية، فرصة سانحة أمام هذه الدول المتنفذة لإقرار إجراءات الغاية منها التعامل مع مزاعم بحدوث انتهاكات خطيرة، عبر منتدى قانوني معتبر، بعيداً عن التدخلات السياسية.

وهذا الطلب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل العليا ليس مجرد اتهام، بل إنه وثيقة شاملة تتكون من أربعة وثمانين صفحة، متاحة لمن يرغب الاطلاع عليها عبر موقع المحكمة، مدعمة بالأدلة الواقعية وبالتحليل القانوني.

وعلى النقيض مما تدعيه إسرائيل، إن هذا التحرك من قبل جنوب أفريقيا ليس شكلاً من أشكال التعاون مع أي منظمة إرهابية، ولا عملاً يقصد منه تشويه السمعة، ولا نمطاً من معاداة السامية، بل يأتي من باب الوفاء بالالتزامات المترتبة على انضواء جنوب أفريقيا ضمن معاهدة تحريم الإبادة الجماعية.

إنه عمل مسؤول، لا يمكن الطعن به بأي شكل من الأشكال، تجاه المجتمع الدولي وتجاه مبادئ العدالة وحقوق الإنسان.

ومن شأنه أن يحول دون مزيد من فقد الأرواح من خلال قيام محكمة العدل الدولية بإصدار إجراءات مؤقتة مستعجلة تجاه إسرائيل.

إن اتهام إسرائيل بممارسة الإبادة الجماعية ادعاء بالغ الخطورة، وهو ما تعتبر محكمة العدل الدولية الوحيدة المؤهلة للنظر فيه دون أي تحيزات سياسية. وإن من الأهمية بمكان فهم أن وضع دولة ما رهن المساءلة والمحاسبة في القانون الدولي، كما تسعى إليه جنوب أفريقيا، ليس عملاً يقصد به تشويه السمعة، وإنما طلب العدالة.

إن ادعاء إسرائيل بأن مثل هذه الإجراءات القانونية ترقى إلى كونها "هجو الدم"، إنما هو تشويه خطير ومتعمد للحقيقة. لا يوجد دولة في العالم، بما في ذلك إسرائيل، فوق القانون الدولي.

ولا أدل على ذلك من أن قرار المحكمة البريطانية في عام 2009 إصدار مذكرة توقيف بحق سياسي إسرائيلي بناء على مزاعم ضده بارتكاب جرائم حرب أثناء عملية الرصاص المصبوب في غزة، كان بمثابة شهادة على ضرورة القيام بإجراءات التدقيق القانوني رغماً عن الحصانة السياسية.

كما ينبغي أن تخضع للتدقيق القضائي تلك التصريحات الأخيرة التي صدرت عن سياسيين إسرائيليين، والتي يفهم من بعضها نية ارتكاب الإبادة الجماعية. وهذا لا علاقة له باستهداف بلد ما أو شعب ما، وإنما بضمان إخضاع الأفعال والكلمات بشكل صارم لأحكام القانون الدولي.

ما بعد الكلام

كما أن مسألة حماس ومساءلتها بموجب القانون الدولي يجب أن يتم التعامل معها من خلال القانون. ولذلك لا يمكن بحال تبرير العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني باعتباره رداً على أفعال مجموعة معينة. ينبغي أن يخضع كلا الطرفين للتدقيق القانوني طالما توفرت الأدلة على انتهاك القانون الدولي.

بالنسبة لدول منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، تعتبر مبادرة جنوب أفريقيا لدى محكمة العدل الدولية فرصة للمساهمة في إجراءات من شأنها خدمة العدالة والإجراءات القانونية السليمة والقانون الدولي. إنها فرصة سانحة للانتقال من مجرد الكلام نحو اتخاذ إجراءات قانونية للتحقيق في صحة المزاعم الخطيرة.

لا ريب في أن زعماء دول منظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية ينددون في قلوبهم بأفعال إسرائيل المزعومة. ولكن الأفضل من ذلك أن يبادروا بالصدع بالحديث عن الانتهاكات المزعومة التي نراها يومياً على شاشاتنا، بل والأفضل من كل ذلك هو اتخاذ إجراء من خلال الانضمام إلى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، كخطوة أولى، من أجل كسر الحصانة التي ما لبثت تتمتع بها إسرائيل من المساءلة والمحاسبة، ثم مساءلتها ومحاسبتها على ما ينسب إليها من انتهاكات للقانون الدولي.

تعمل محكمة العدل الدولية بشكل مستقل، متحررة من أي ضغوط خارجية. ولذلك فإن أي اعتراضات على الطلب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا ينبغي أن يعبر عنه من خلال التقدم بطلب رسمي إلى المحكمة. وإن أي محاولات يقصد منها التأثير على المحكمة من خارج الأطر القانونية من شأنها أن تقوض نفس مبادئ العدالة والحياد التي أقيمت المحكمة أساساً من أجل إعلائها.

إن لدى منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية فرصة سانحة لأن يصبحا جزءاً من الإجراءات التاريخية التي يمكن أن تعيد تعريف الكيفية التي يتم بها تطبيق القانون الدولي في حل النزاعات وكيف يتم من خلاله إعلاء مبادئ العدالة والمحاسبة على المسرح الدولي.
















المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية جنوب أفريقيا الاحتلال غزة الفلسطيني فلسطين غزة جنوب أفريقيا الاحتلال المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإجراءات القانونیة محکمة العدل الدولیة الإبادة الجماعیة القانون الدولی الذی تقدمت جنوب أفریقیا فرصة سانحة من خلال فی غزة من أجل

إقرأ أيضاً:

العفو الدولية تطالب واشنطن باعتقال نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية

طالبت منظمة العفو الدولية، الثلاثاء، الولايات المتحدة باعتقال رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يلتقي مساء اليوم في البيت الأبيض بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقالت المنظمة في سلسلة منشورات على منصة "إكس": "باستقبالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية على خلفية تهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، تظهر الولايات المتحدة الأمريكية ازدراء للعدالة الدولية".



وأضافت: "أحبطت إدارة (الرئيس السابق جو) بايدن أي جهود لتحقيق العدالة الدولية من أجل فلسطين. واستمر الرئيس ترامب بهذا المسار من خلال عدم اعتقاله لنتنياهو أو إخضاعه لتحقيقات أمريكية، وها هو يستقبله كأول رئيس وزراء يزور البيت الأبيض منذ التنصيب" في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي.

وتأتي هذه التطورات في ظل لقاء مرتقب مساء اليوم في البيت الأبيض يجمع نتنياهو وترامب، من المتوقع أن يبحثا خلاله عدة قضايا أبرزها المرحلة الثانية لاتفاق وقف إطلاق النار بغزة، واليوم التالي للحرب في القطاع.

وهذه هي أول زيارة خارجية لنتنياهو بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه ووزير الحرب السابق يوآف غالانت، من المحكمة الجنائية الدولية في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، بتهمة "ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة".

وأكدت المنظمة الدولية أن "لدى الولايات المتحدة التزام واضح بموجب اتفاقيات جنيف بالبحث عن الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم حرب أو بالأمر بتنفيذها ومحاولة تسليمهم".

وشددت على أنه "لا يجوز إيجاد ملاذ آمن للأفراد الذين يُدعى ارتكابهم جرائم حرب أو جرائم ضدّ الإنسانية".



وركزت مذكرة الاعتقال على اتهام نتنياهو بارتكاب جرائم حرب ترقى إلى الإبادة الجماعية، بينها تجويع شعب بكامله ومنعه من حقه في الوصول إلى مقومات حياته.

وبحسب خبراء فإن مذكرات الاعتقال تنزع عمليا عن "إسرائيل" صفة الدولة الديمقراطية الملتزمة بالقانون الدولي، إذ إن القرار في جوهره يعني عدم ثقة الجهاز القضائي الدولي باستقلالية وعدالة الجهاز القضائي الإسرائيلي، لأن صلاحية المحكمة الجنائية الدولية تبدأ في ظل الافتقار للعدالة المحلية، وهذا بحد ذاته يفقد إسرائيل ادعاءها الخالد بأنها "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، ويعيد تصنيفها ضمن الدكتاتوريات والأنظمة العنصرية والرجعية.

مقالات مشابهة

  • العفو الدولية تطالب واشنطن باعتقال نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية
  • ضرب محامٍ داخل محكمة في أربيل والنقابة تتحرك (صورة)
  • وزارة العمل تواصل تعزيز التعاون مع «المنظمات الدولية»
  • تعزيز التعاون الأمني مع مكتب «الشرطة الجنائية الدولية»
  • مجلس الجامعة العربية يدين محاولات تعسف "الأونروا" في أداء دورها ويصفه انتهاكاً جسيماً لقرارات المجتمع الدولي
  • الجامعة العربية: حظر إسرائيل لعمل الأونروا إجراء باطل ولا أثر قانوني له
  • الجامعة العربية: حظر إسرائيل أونروا يهدف إلى تقويض أسس حل الدولتين
  • الداعية الإسلامي: إرضاء الله هو الغاية التي لا يجب أن نتركها
  • تدشين معبد هندوسي ضخم في جنوب أفريقيا
  • محام مختص بشئون الأسرة: قانون الأحوال الشخصية الجديد عليه وضع ضوابط للاستضافة