حرب غزة تكلف حكومة إسرائيل 18 مليار دولار.. والدعم الأمريكي يسندها
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
حرب إسرائيل تكلف الحكومة الإسرائيلية نحو 18 مليار دولار، أو ما يقدر بـ220 مليون دولار في اليوم الواحد، حيث تنفق أموالا طائلة على نشر أكثر من 220 ألف جندي احتياط في الحرب ودعم رواتبهم.
وقد يبدو من الفاحشة أن نقيم التكلفة المالية المتزايدة للحرب الإسرائيلية في غزة في حين لا تزال القنابل تتساقط على الجيب المحاصر، في حين يموت مئات الفلسطينيين في المتوسط كل يوم، إلى جانب أعداد أصغر، ولكنها تاريخية، من الجنود الإسرائيليين.
ومع ذلك، فإن العوامل الاقتصادية التي تقف وراء الهجوم الذي دام أسابيع لها آثار قوية على إسرائيل، والضفة الغربية، ومختلف أنحاء الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أن التكلفة التي ستتكبدها غزة مدمرة بشكل واضح، إلا أنها لم تبدأ بعد في حسابها.
وتعرض حوالي نصف المباني وثلثي المنازل في القطاع لأضرار أو دمرت، وتم تهجير 1.8 مليون شخص ومقتل أكثر من 21 ألف شخص، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
ووفق صحيفة "واشنطن بوست"، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، تعرض الاقتصاد الإسرائيلي لضربة قوية أيضاً، ناقلة عن اقتصاديين القول إن التأثير حتى الآن يقارن بأسوأ ما خلفته جائحة (كوفيد)، ويمكن أن يتجاوز تلك الخسائر إذا استمر.
اقرأ أيضاً
فايننشال تايمز: قيود حرب غزة تدمر اقتصاد الضفة الغربية.. 5 إجراءات إسرائيلية عقابية
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، عندما خرجت "حماس" والمقاتلون المتحالفون معها من غزة لقتل حوالي 1200 شخص في إسرائيل واحتجاز 240 رهينة أخرى، ارتفع الإنفاق الحكومي والاقتراض، وانخفضت عائدات الضرائب وقد تتأثر التصنيفات الائتمانية.
وسوف ينخفض الناتج المحلي الإجمالي، من توقعات النمو بنسبة 3% في عام 2023، إلى 1% في عام 2024، وفقًا لبنك إسرائيل.
كما يتوقع بعض الاقتصاديين انكماش الاقتصاد، لافتين إلى أن التأثير على قطاع التكنولوجيا الفائقة في إسرائيل، الذي يعد محرك الاقتصاد، مثير للقلق.
ويعمل العديد من جنود الاحتياط في جيش الدفاع الإسرائيلي في قطاع التكنولوجيا، وفي كل يوم يحاربون فيه في غزة، يكافح أصحاب العمل لمواصلة الاستثمار في البحث والتطوير والحفاظ على حصتهم في السوق.
والآن يتساءل صناع القرار وقادة الرأي: "كيف ستؤثر تكلفة الحرب على مدتها؟، ومتى ستقرر الحكومة إعلان النصر، ووقف النزيف المالي واستئناف جهود تنمية الاقتصاد؟".
وتنفق إسرائيل أموالاً طائلة على نشر أكثر من 220 ألف جندي احتياطي في المعركة، ودعم رواتبهم.
اقرأ أيضاً
الصفقات التجارية في أدنى مستوياتها.. تقرير: واقع ضبابي يواجه الاقتصاد الإسرائيلي
والعديد من هؤلاء الجنود، هم عمال في مجال التكنولوجيا الفائقة في مجالات الإنترنت والزراعة والتمويل والملاحة والذكاء الاصطناعي والأدوية والحلول المناخية.
ويعتمد قطاع التكنولوجيا في إسرائيل على الاستثمار الأجنبي، لكن ذلك كان يتضاءل حتى قبل الحرب، ويرجع ذلك جزئيًا إلى القلق بشأن عدم الاستقرار الذي يعتقد المستثمرون أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية قبل الحرب جلبته إلى إسرائيل، على الرغم من إعلان "إنتل" الأخير عن المضي قدمًا في إنشاء مصنع للرقائق بقيمة 25 مليار دولار في جنوب إسرائيل، وهو أكبر استثمار على الإطلاق من قبل شركة في إسرائيل.
ولا تحتاج إسرائيل إلى دفع تكاليف قوات الاحتياط والقنابل والرصاص فحسب، بل إنها تدعم أيضًا 200 ألف من الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من القرى الإسرائيلية على طول حدود غزة والحدود الشمالية مع لبنان، والتي يقصفها حزب الله يوميًا.
ويتم إيواء العديد من هؤلاء الأشخاص الذين تم إجلاؤهم وإطعامهم في فنادق في الشمال والجنوب، على نفقة الحكومة.
ولكن الآن، كثيرون مصابون بصدمات نفسية، وكثيرون مثلهم لا يعملون.
اقرأ أيضاً
ضربة موجعة لاقتصاد إسرائيل
ووفق الصحيفة، فقد توقفت السياحة، وشواطئ تل أبيب والبلدة القديمة في القدس خالية من الأجانب، وتم إلغاء احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية المحتلة هذا العام.
كما توقفت أعمال البناء التي تعتمد عادة على العمالة الفلسطينية من الضفة الغربية.
ومنذ أن شنت إسرائيل هجومها للقضاء على "حماس"، قامت بتعليق تصاريح العمل لأكثر من 100 ألف فلسطيني.
وانخفضت الصادرات في جميع المجالات، وتم إيقاف الإنتاج من حقول الغاز الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط في وقت مبكر من الحرب، ولكنه الآن يعمل جزئيًا.
ويقدر الاقتصاديون الذين أجرت "واشنطن "بوست مقابلات معهم، أن الحرب كلفت الحكومة حوالي 18 مليار دولار، بما يعادل 220 مليون دولار في اليوم.
ومؤخرا، قام نائب محافظ بنك إسرائيل السابق والأستاذ الفخري في جامعة تل أبيب زفي إيكشتاين، فحص الأرقام مع زملائه، وأفاد بأن التأثير على ميزانية الحكومة، بما في ذلك انخفاض عائدات الضرائب للربع الرابع من عام 2023، بلغ 19 مليار دولار، ومن المرجح أن تصل إلى 20 مليار دولار في الربع الأول من عام 2024.
اقرأ أيضاً
الأزمة الاقتصادية تتفاقم.. إسرائيل تسجل التخلف عن سداد 117 ألف قرض
جاء ذلك، على افتراض أن الحرب لن تمتد إلى لبنان، والتي من المتوقع أن ترتفع تكاليفها إذا اندلعت حرب أوسع مع "حزب الله".
ونقلت "واشنطن بوست"، عن صحيفة "كالكاليست" المالية العبرية، القول إن الحرب إذا استمرت من 5 إلى 10 أشهر أخرى، يمكن أن تكلف إسرائيل ما يصل إلى 50 مليار دولار، وهذا يعادل 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
لكن الحرب يمكن أن تستمر لفترة أطول، حيث تتوقع إدارة الأمريكية جو بايدن، أن تتحول إسرائيل في العام الجديد من القصف المكثف والقتال الشرس في الشوارع إلى هجمات أكثر استهدافًا.
وحذر رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، من أن الحرب "ليست قريبة من الانتهاء"، وقال للإسرائيليين: "ستكون هذه معركة طويلة".
ويقول الأستاذ في كلية أونو الأكاديمية وهو خبير اقتصادي سابق في وزارة المالية الإسرائيلية يارون زليخة، إنه من المهم فهم الآثار المترتبة على الحرب.
ويضيف: "هناك تكلفة شن الحرب، والانخفاض الحاد في النشاط الاقتصادي وما نتج عنه من انخفاض في الإيرادات"، مشيرا إلى أن العجز في الإنفاق تزيد تكاليف الاقتراض، والتي سوف تؤثر على الميزانية لفترة طويلة بعد توقف إطلاق النار.
اقرأ أيضاً
كبير الاقتصاديين بالمالية الإسرائيلية: حرب غزة تتجه بالنمو إلى الصفر
وأظهر استطلاع للرأي أجرته مجموعة "لاتيت" الخيرية، أن 45% من الإسرائيليين يعترفون بالقلق من أن الحرب ستجلب لهم صعوبات اقتصادية.
يقول اقتصاديون للصحيفة، إن هجمات "حماس" كانت كارثة، حيث أدت إلى تآكل ثقة المواطنين والشركات والمستثمرين في الحكومة والجيش، وسيكون من الصعب استعادة هذه الثقة.
ويتحدث الاقتصاديون عن الاقتصاد الإسرائيلي الحديث باعتباره مرنًا بشكل ملحوظ.
وخاضت البلاد حروبًا إقليمية على أراضيها في عامي 1967 و1973، وحروبًا في لبنان وعلى طول حدودها الشمالية في عامي 1982 و2006، ومعركة استمرت 50 يومًا في غزة في عام 2014، وانتفاضتين في الضفة الغربية المحتلة.
ويقول زليخة: "في الانتفاضة الثانية، كان جزء كبير من الضرر ناجما عن الإدارة الاقتصادية المضللة.. وكان هناك إسراف حكومي كبير في الإنفاق وزيادة ضريبية متزامنة".
ويتابع: "الفرق الرئيسي بين ذلك الحين واليوم هو أنه في ذلك الوقت، بلغ الدين الحكومي 100% من الناتج المحلي الإجمالي، وليس 60% كما هو الحال اليوم.. وضعنا الحالي أفضل بكثير".
يشار إلى أن واجبات الاحتياط والتهجير والآثار غير المباشرة للحرب، أدت إلى تعطيل ما يصل إلى 20% من العمال الإسرائيليين.
اقرأ أيضاً
انكماش حاد وديون متزايدة.. حرب غزة تستنزف اقتصاد إسرائيل
ويقول المدير الإداري لشركة "مانباور إسرائيل" أكبر وكالة توظيف في البلاد ميشال دان هاريل، إن "الاقتصاد الإسرائيلي شهد موجة صدمة مماثلة لذروة جائحة (كوفيد-19)".
ويضيف: "لقد توقفت أجزاء كبيرة من الاقتصاد لمدة أسبوعين تقريبًا.. كان الناس في حالة صدمة.. كل يوم يكشف حجم الأزمة، وأصبحت المناقشات حول الحياة الطبيعية، مثل العمل أو كسب العيش، غير شرعية تقريبًا".
ويتابع هاريل أن تأثير عمليات نشر جنود الاحتياط كان دراماتيكيا بشكل خاص، لأنه "يتم استدعاء الأفراد دون معرفة متى سيعودون إلى العمل.. ولم يتوقع أحد أن يتم تجنيد الأشخاص لمدة 3 أشهر أو أكثر".
من جانبها، تقول سيدة الأعمال في مجال التكنولوجيا الفائقة وصاحبة رأس المال المغامر إيريل مارغاليت: "على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، كانت إسرائيل تصعد الجبل بأثقال على ساقيها".
وتضيف مارغاليت العضوة السابقة في الكنيست، أن محاولة حكومة نتنياهو قبل الحرب الحد من سلطة السلطة القضائية، والتي أثارت احتجاجات ضخمة استمرت لعدة أشهر، أضرت بالاستثمار الدولي.
وتتابع أن "الحرب تشكل ضربة إضافية.. إنه يضغط من أجل صفقة جديدة على غرار فرانكلين روزفلت بعد انتهاء الحرب لإنشاء الابتكار والتعليم والأعمال التجارية الجديدة في الشمال والجنوب الأكثر تضرراً بعد انتهاء الحرب".
اقرأ أيضاً
محافظ البنك المركزي الإسرائيلي: الحرب مع حماس مثلت صدمة للاقتصاد
وتقدم الولايات المتحدة لإسرائيل دعما عسكريا بقيمة 3.8 مليارات دولار سنويا.
وتتقاسم الدولتان التكنولوجيا الدفاعية لمنح تل أبيب ميزة استراتيجية على خصومها، كما تبيع واشنطن قنابل وصواريخ وقذائف بمئات الملايين من الدولارات.
ويدفع البيت الأبيض بمشروع قانون تمويل إضافي يتضمن 14 مليار دولار كمساعدة لإسرائيل في أوائل عام 2024.
وتوقف مشروع القانون في الكونجرس حيث يناقش الجمهوريون والديمقراطيون الحد من التمويل الأمريكي.
ويصف زليخة الدعم الأمريكي بأنه "ضروري"، ويؤكد أن "المساعدات العسكرية تكلف مبلغا كبيرا من المال".
ويتابع: "إذا اضطررنا إلى تمويل ذلك بأنفسنا، فسيشكل ذلك مشكلة أكبر.. كما أن مجرد تلقي المساعدات يشير إلى الأسواق المالية بأن لدينا دعماً اقتصادياً، وهو ما يطمئن الأسواق".
ويزيد: "نحن بحاجة إلى إرسال شكر جزيل للرئيس جو بايدن على هذه المساعدة".
((8))
المصدر | واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل اقتصاد إسرائيل محافظ بنك إسرائيل مستوطنات احتياط السياحة الاقتصاد الإسرائیلی ملیار دولار فی إسرائیل اقرأ أیضا أن الحرب دولار فی حرب غزة أکثر من فی عام فی غزة
إقرأ أيضاً:
حكومة البرهان والانقلاب-ما بين خوف القصاص واستثمار الحرب لتحقيق مكاسب سياسية
في مشهد يجسد التناقض الصارخ والازدواجية السياسية، أعلنت حكومة البرهان-الكيزان الانقلابية ابتهاجها بفشل مشروع وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وهو قرار أيده 14 عضواً من أصل 15 في مجلس الأمن، بينما عارضته روسيا فقط. هذا الموقف يسلط الضوء على عقلية سلطة ترى في استمرار الحرب وسيلة للبقاء، وتخشى نهاية الحرب لأنها تعني بداية الحساب.
فرحة بالحرب وخوف من النهاية
قيادات حكومة الأمر الواقع تعيش حالة من الرعب من نهاية الحرب، ليس لأنها تخشى على الوطن أو المواطنين، بل لأنها تعلم أن أي نهاية للصراع ستفتح الباب أمام القصاص والمحاسبة. استمرار الحرب يعني بقاء السلطة والانفلات من العدالة، بينما توقفها يهدد بانهيار غطاء الشرعية الزائف الذي يتدثرون به.
الاستقواء بروسيا ومعاداة العالم
في موقف يشكك في التزام حكومة البرهان بسيادة السودان وكرامته، قدمت شكرها لروسيا على استخدام "الفيتو" ضد قرار حماية المدنيين. هذا الدعم الروسي يمثل تأييداً ضمنياً لمزيد من المذابح، الجوع، والتشريد. أما بقية العالم، بما في ذلك ممثلو القارة الإفريقية الثلاثة في مجلس الأمن، فقد أيدوا القرار، مما يجعل حكومة السودان في عزلة سياسية وأخلاقية حتى أمام أقرب جيرانها.
روسيا، التي تزعم دعم دول الجنوب وإفريقيا، تجاهلت صوت القارة الإفريقية في هذا القرار، واختارت أن تدعم استمرار الصراع. هذا يثير تساؤلات حول مصداقية روسيا كحليف لدول العالم الثالث ونياتها الحقيقية في المنطقة.
الترويج للأكاذيب واستثمار الحرب
تحاول حكومة البرهان تصوير معارضة القرار الدولي على أنها "حفاظ على سيادة السودان"، ولكن الواقع يقول عكس ذلك. إن تذرعها بحجج كالوطنية واحترام القانون الدولي هو تضليل يهدف إلى تغطية سياساتها القمعية وتجاهلها للأرواح التي تُزهق يومياً.
الحرب بالنسبة لهذه الحكومة ليست مأساة بل فرصة، إذ توفر لها الذريعة للاستمرار في السلطة تحت غطاء "حالة الطوارئ"، بينما تستغل دعم حلفائها الدوليين مثل روسيا لتحقيق مكاسب سياسية على حساب الشعب السوداني.
مناصرة الإسلاميين: خداع للوصول إلى السلطة
دعم حكومة البرهان للإسلاميين ليس إلا وسيلة لتأمين بقائها. هذا الدعم ليس دليلاً على التزام أيديولوجي، بل هو تحالف مؤقت لتحقيق مآرب السلطة، واستغلال لشعارات الإسلاميين لحشد تأييد داخلي. ومع ذلك، فإن هذه الاستراتيجية لن تكون مستدامة؛ لأن كل تحالف يقوم على المصالح الذاتية لا على المبادئ، سينهار مع أول اختبار حقيقي.
من يدفع الثمن؟
بينما تنشغل حكومة البرهان بحساباتها السياسية وتحالفاتها المشبوهة، يدفع المواطن السوداني الثمن الباهظ من دمائه ومعاناته. استمرار الحرب ليس قدراً محتوماً، بل نتيجة مباشرة لسياسات قيادة لا ترى في الشعب إلا وسيلة لتحقيق أهدافها.
المستقبل لن يكون رحيمًا بمن يصر على معاداة إرادة الشعب والعالم. الحرب ستنتهي، وحينها لن تنفع الأكاذيب، ولن يكون هناك مهرب من المحاسبة.
zuhair.osman@aol.com