شهد الملف السوري تطورات دراماتيكية خلال عام 2023، حيث بدا تعثر المشهد السياسي على سوريا واضحا إلا في جزئيات ذادت الملف تعقيدا بعد حملة التطبيع العربي مع النظام السوري وإعادة نظام الأسد إلى جامعة الدول العربية.

وأمام قطار التطبيع العربي استمر الرفض الغربي للتطبيع مع النظام، كما واصل النظام تعطيل أي مسارات للحل السياسي رغم الجهود الحثيثة التي قام بها المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون الذي طرح مسار جديد في العملية السياسية والتي عرفت بمبدأ خطوة مقابل خطوة إلا أن جميع الجهود مع النظام لم تحرز إي تقدم يذكر.



وسيطر على المشهد السياسي في سوريا حالة من الجمود والتعثر حيث بدأت مبادرات التطبيع العربي مع النظام السوري منذ مطلع العام بعد كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وكان تأثيره الأكبر في شمال غربي سوريا التي تسيطر عليها المعارضة السورية.

قطار التطبيع العربي

حقق مسار التطبيع العربي مع النظام السوري اختراقا غير مسبوق منذ بدئه نهاية عام 2018؛ حيث مر بمحطتين رئيسيتين وهما التطبيع السعودي مع النظام وزيارة وزير خارجيته فيصل المقداد للرياض في 12 نيسان/ إبريل وتبعه عقد اجتماع عمان، والبيان الصادر عنه في 1 أيار/ مايو، الذي رسم خارطة التطبيع العربي مع النظام، ثم جاء قرار عودة النظام للجامعة العربية في 7 أيار/ مايو وحضور بشار الأسد القمة العربية في جدة في 19 من الشهر ذاته.

وبدأت أول خطوات التطبيع تظهر جلية مع زيارة رئيس النظام السوري إلى سلطنة عمان بتاريخ 20 شباط/ فبراير 2023 بعد كارثة الزلزال التي ضربت شمال غرب سورية، هي الأولى المعلنة والرسمية له إلى خارج البلاد منذ عام 2011؛ حيث حظي فيها على خلاف الزيارات السابقة نحو روسيا وإيران والإمارات بمعاملته كرئيس وفق المراسم الرئاسية والدبلوماسية المتبعة دولياً.


عقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المكونة من الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر وأمين عام الجامعة والمكلفة بمتابعة تنفيذ بيان عمان اجتماعا واحدا في القاهرة منتصف آب/ أغسطس، والذي انتهى بخيبة أمل عربية كبيرة تجاه سلوك النظام من ناحية عدم تنفيذه أيا من مخرجات بيان عمان المؤيد بقرارات الجامعة، مما وضع التطبيع العربي في مسار متعثر، ودون تحقيق تقدم يذكر فيه.

التقارب التركي مع النظام

شهد عام 2023 تطور اللقاء الثلاثي بين تركيا وروسيا والنظام الذي عقد في موسكو بتاريخ 28 كانون الأول/ ديسمبر 2022، بين وزراء الدفاع ورؤساء الاستخبارات إلى لقاء رباعي بعد انضمام إيران إليه، وتم رفع مستوى المشاركة لوزراء الخارجية، وذلك في موسكو بتاريخ 10 أيار/ مايو 2023.

قدمت روسيا خلاله مسودة خارطة طريق تسقط القرار 2254 (2015) تركز على قضايا مكافحة الإرهاب والتنظيمات الانفصالية، وضمان أمن الشريط الحدودي بين سورية وتركيا، وعدم جواز انتشار القوات العسكرية الأجنبية على الأراضي السورية، وتسهيل عودة اللاجئين، وإعادة الروابط اللوجستية للنقل بين البلدين، واستئناف التعاون التجاري والاقتصادي دون أي حواجز.

وشهد التقارب التركي مع النظام أيضا في مسار متعثر لعدم استجابة الطرفين للطلبات المتبادلة بينهما، حتى أنه لم يصل إلى مستوى تبادل العلاقات الدبلوماسية كما حدث في المسار العربي، ولا إلى لقاء بين الرئيسين.

اللجنة الدستورية المتعثرة

تعطلت أعمال اللجنة الدستورية خلال عام 2023 عقب الاجتماع الأخير في حزيران/ يونيو 2022 بسبب ادعاء روسيا بعدم حيادية جنيف مقر انعقاد اللجنة، والشروط التي وضعتها لتسهيل وصول دبلوماسييها إلى جنيف بعد العقوبات الأوروبية المفروضة عليها إثر الحرب على أوكرانيا.


وأكد بيان لجنة الاتصال الوزارية العربية الذي عقد في 15 آب/ أغسطس 2023 إلى استئناف أعمال اللجنة الدستورية في العاصمة العمانية مسقط بديلا عن جنيف، لكن فشلت جميع المساعي اللاحقة لعقدها في مسقط أو في أماكن أخرى تم اقتراحها؛ حيث تضمنت آخر إحاطة للمبعوث الأممي الخاص عام 2023 تأكيده بعدم وجود مقر في المنطقة متوفّر ويحظى بإجماع كافة الأطراف، فضلا عن عدم وجود أية مؤشرات على أن هذا الوضع سيتغير قريبا، وأن تعطيل عمل اللجنة الدستورية لمدة عام ونصف بسبب مقر انعقادها كان بمثابة إشارة خاطئة وانتكاسة للعملية السياسية، وأنه سيستمر بالبحث عن مقرات بديلة، لكن بالتعاون من أجل تمكين اللجنة الدستورية من الانعقاد من جديد في جنيف.

بيدرسن والخطوة مقابل خطوة

حاول المبعوث الأممي الخاص إلى سورية غير بيدرسون عام 2023 بلورة مقترح الخطوة مقابل خطوة، مؤكدا حصوله على دعم أوروبي وأمريكي وعربي، إلا أنه أكد أن تلك المساعي تمر في مرحلة من الغموض بعد رفض من الجهات الفاعلة بسبب عدم تقديم النظام أي خطوات لبناء ثقة حقيقية من خلال إجراءات منسقة ومتبادلة وقابلة للتحقق.

وأكد بيدرسن أنه سيتابع مساعيه مع الأطراف السورية، والأطراف الإقليمية والدولية في هذا الصدد، رغم الموقف المعلن من هيئة التفاوض، ومن النظام، ومن روسيا في رفض مقاربته.

مسار أستانا الموازي لقرارات مجلس الأمن

عقدت وفود مسار استانا في 20 و21 حزيران/ يونيو، الجولة 20 من المباحثات، وكانت أول جولة تعقد بعد إعادة النظام إلى الجامعة العربية، وبعد انطلاق مسار تطبيع التقارب التركي مع النظام وقد عقد على هامش الجولة اجتماع رباعي، على مستوى نواب وزراء الخارجية التركي والروسي والإيراني والنظام، لبحث مسودة خارطة طريق التطبيع بين دمشق وأنقرة، التي اقترحتها روسيا بعد الاجتماع الذي عقد على مستوى وزراء الخارجية في موسكو بتاريخ 10 أيار/ مايو.

انتهت الجولة 20 بالاتفاق على عقد الجولة 21 من المباحثات في النصف الثاني من عام 2023 دون تحديد المكان وهو أستانا كما جرت العادة في الجولات السابقة، لكن ذلك لم يحدث فعليا، عكس عدم انعقاد الجولة 21 رغبة النظام في إنهاء السبب الذي وافق بموجبه على دخول القوات التركية إلى سورية لضمان نظام وقف إطلاق النار بموجب مذكرة خفض التصعيد (2017)، كذلك عكس استغلال النظام للوضع الناشئ بعد التطبيع العربي، واستعادة مقعده في الجامعة حيث يعتبر النظام أن الإجراءات التي يتم من خلالها التعامل مع وفد المعارضة كطرف ثاني يمثل الشعب السوري قد تلاشت لذلك فهو يرى أنه لا معنى لاستمرار مسار أستانا مع تقويض شرعية المعارضة المستمدة ابتداء من قرارات الجامعة العربية، وأنه يمكن حل القضايا الأخرى مع تركيا بشكل ثنائي أو عبر صيغة معدلة عن أستانا، دون حاجة لوجود وفد المعارضة فيها.

الموقف الأمريكي والغربي من التطبيع

وحيال التطبيع العربي مع النظام السوري أبدت الولايات المتحدة والدول الغربية موقفا رافضا لمسار التطبيع العربي والتقارب التركي مع النظام السوري؛ حيث تم الإعلان في بيان رباعي مشترك بتاريخ 16 آذار/ مارس أكدت فيه الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، عدم تطبيع العلاقات مع النظام قبل أن تشهد على تقدم حقيقي ودائم نحو حل سياسي يتوافق مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 (2015)، ويستند إلى العدالة والمحاسبة، وكذلك، عدم تمويل إعادة إعمار الأضرار التي تسبب بها النظام خلال النزاع، وعدم رفع العقوبات المفروضة عليه قبل حدوث ذلك التقدم، وأن هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام المستقر في البلاد.   


رأت الإدارة الأمريكية أن النظام لا يستحق العودة للجامعة العربية، وأن العودة كان يجب أن تكون مربوطة بخطوات أمنية وإنسانية وسياسية ملموسة من جانب النظام، لكنها لم تحبط التطبيع العربي بالكلية على أمل أن يحقق بعض الأهداف التي تتفق مع مصالحها في المنطقة، ولاستثماره في مواجهة المسار الرباعي للتطبيع التركي. بالمقابل، حرصت على استمرار وجود المعارضة السورية ودورها، وإظهار الدعم لها، وللمبعوث الخاص، وللعملية السياسية الأممية.

انقسامات المعارضة السورية


مرت المعارضة السورية الرسمية ممثلة بالائتلاف والمؤسسات التابعة له، وهيئة التفاوض واللجنة الدستورية المنبثقة عنها، بواقع غير مسبوق عام 2023؛ حيث واجهت واحدا من أسوأ الأعوام في مسيرتها، تمثل في ضعف الاهتمام بالملف السوري عموما، وبالمعارضة السورية خصوصا بعد أن خسر الائتلاف مقعد الجامعة العربية بعودة النظام لاستلامه، وبعد أن خسرت هيئة التفاوض مقرها في الرياض.

جاء ذلك في ظل عمليات التطبيع العربي والتقارب التركي مع النظام، والتعطيل الكامل لعقد اللجنة الدستورية، والانشغال الدولي بالغزو الروسي لأوكرانيا، ثم العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

لم يحدث تغيير بنيوي، أو في مستوى القيادة في صوف المعارضة، عدا وصول قيادة جديدة للائتلاف بدت عاجزة عن إحداث تغيير فعلي لتحسين أداء الائتلاف في المهام المناطة به، وخصوصا في إدارة الشمال السوري،

تحركات النظام السوري

حقق النظام السوري خلال عام 2023 اختراق جديد في مسار التطبيع العربي باستعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية وحضور رئيس النظام بشار الأسد القمة العربية التي عقدت في السعودية في أيار/ مايو وذلك لأول مرة منذ عام 2010.

وحاول النظام الاستثمار في كارثة الزلزال للتخلص من عزلته الدولية، حيث استغلت العديد من الدول العربية الكارثة للتواصل مع النظام بدعوى الدبلوماسية الإنسانية ومن جانبه استفاد النظام من ظروف الكارثة باستعادة السيادة على معابر باب السلامة وباب الراعي شمال حلب والخاضعين لسيطرة المعارضة؛ حيث منح الأمم المتحدة إذنا لاستخدامها من أجل توسيع دخول المساعدات التي كانت تمر فقط عبر معبر باب الهوى.


كما شهدت مناطق النظام عام 2023 سلسلة احتجاجات واسعة في درعا والساحل فضلا عن السويداء التي كانت الحدث الأبرز؛ حيث اتسمت موجة الاحتجاج هذه المرة بالسقف المرتفع للمطالب وباستهداف الرموز التابعة للنظام كحرق اللوحات التي تحتوي على صور حافظ وبشار الأسد ورمي بعضها في القمامة كتعبير عن حجم الغضب الشعبي العارم والمستمر منذ منتصف آب/ أغسطس.

وكانت أبرز أسباب تلك الاحتجاجات تدهور الوضع المعيش والأزمة الاقتصادية التي تمر فيها البلاد، لتتحول إلى كرة نار تتخطى البعد المعيش وشهدت احتجاجات السويداء، رفعا لرايات الثورة السورية للمرة الأولى، وتوسعت إلى درعا، وطالب المتظاهرون في المحافظتين برحيل النظام، وإطلاق سراح المعتقلين، وتطبيق القرار الأممي 2254. ولاقت الاحتجاجات مؤازرة في ريف دير الزور، وريف حلب وإدلب، كما ظهرت تحركات محدودة في مناطق سيطرة النظام في العاصمة دمشق، وطرطوس في غرب البلاد.

الإدارة الذاتية الباحثة عن مخرج

حاولت الإدارة الذاتي التي تمثل الجانب المدني والسياسي للمناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال وشرقي سوريا التقدم خطوة إلى الأمام فأعلنت الإدارة الذاتية عن المصادقة على العقد الاجتماعي لمناطق سيطرة قسد، في 12 كانون الأول/ ديسمبر والذي بموجبه تم اعتبار هذه المناطق إقليما قائما بحد ذاته فيما يبدو أنه خطوة جديدة نحو تنفيذ مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي للانفصال أو على الأقل تطبيق مبدأ الكونفدرالية كما ورد في العقد نفسه، وأسس هذا العقد أيضا لانتخابات عامة لهذه الإدارة يفترض إقامتها خلال عام 2024.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سوريا التطبيع العربي النظام السوري المعارضة السورية الجامعة العربية سوريا المعارضة السورية الجامعة العربية النظام السوري الإدارة الذاتية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المعارضة السوریة اللجنة الدستوریة الجامعة العربیة خلال عام عام 2023

إقرأ أيضاً:

سوريا | بين تصاعد العدوان ومحاولات التحييد.. هل دخلت دمشق الحرب رسميا؟

لا يكاد يمر يوم إلا والاحتلال يشن غارات عنيفة على سوريا، حتى شملت مجمل المناطق التي يسيطر عليها النظام من دمشق حتى حماة وحلب وصولا إلى القصير والمعابر الحدودية مع لبنان.

وبينما يكتفي النظام السوري بإدانة الهجمات والاحتفاظ بحق الرد، تضاعف "إسرائيل" عدوانها على البلاد وتهدد بشكل صريح بتوسيعه هذا فضلا عن تحركات برية يقوم بها جيش الاحتلال في الجولان المحتل.

في هذا التقرير نحاول الإجابة على السؤال الأهم:
هل دخلت سوريا رسميا دائرة الحرب؟

محاولات التحييد
منذ الأيام الأولى للعدوان ذكرت تقارير إسرائيلية، أن الإمارات أرسلت رسائل إلى بشار الأسد تحذر فيها من أي تدخل لسوريا في الحرب الدائرة في غزة أو هجمات ضد دولة الاحتلال من الأراضي السورية.

وذكرت المصادر للقناة 12 العبرية، أن الإماراتيين نقلوا الرسائل إلى سوريا على أعلى مستوى، وأبلغوا الإدارة الأمريكية بعد ذلك بمحادثاتهم مع سوريا بشأن قضية غزة.

مطلع الشهر الجاري، تحدثت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، عن ما وصفتها بـ"إغراءات" الإمارات لإقناع رئيس النظام السوري بشار الأسد، بالتخلي عن تحالفه مع إيران وحزب الله.

وقالت الصحيفة إن "نتنياهو يراهن على تحقيق تغيير ليس في لبنان فقط، بل في سوريا أيضا"، مشيرة إلى أن تقارير دبلوماسية تتحدث عن أن "إسرائيل" تتابع باهتمام ما يجري في دمشق، وما الذي يمكن أن تحققه جهود تقودها الإمارات بالتعاون مع الأردن، لإقناع الأسد بالتخلي عن إيران وحزب الله.

وتابعت: "تل أبيب لا تراهن على تغيير كبير في الموقف السوري، لكن حلفاءها في أبو ظبي وعمّان يطلبون مهلة لمحاولة إقناع الأسد بالطلب من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله بمغادرة الأراضي السورية، وإقفال المقرات الخاصة بكل من له صلة بمحور المقاومة، والتعهد بعدم إفساح المجال أمام عبور أي نوع من الدعم المادي والعسكري إلى لبنان عبر الأراضي السورية".

وذكرت أن "الإمارات تحاول تقديم إغراءات مالية كبيرة للأسد، مع إبداء الاستعداد لإطلاق ورشة إعادة إعمار في كل سوريا إذا ابتعدت عن محور إيران. كما يتعهد الأردن بالقضاء على كل المجموعات المعارضة للحكومة السورية في جنوب وشرق سوريا".



هل نجحت خطة التحييد؟

يقول الكاتب والباحث السياسي محمد الخفاجي، إن "سردية الوساطة الإماراتية ليست وليدة اللحظة كما أن عودة الأسد إلى الجامعة العربية كانت قبل طوفان الأقصى، لذا فإن محاولة التركيز عليها لتفسير صمت الأسد تبدو مخطئة، خصوصا أن علاقة سوريا بالمحور علاقة عضوية استراتيجية عميقة وليست مصلحية بسيطة".

وأضاف في حديث لـ "عربي21"، أن "تكثيف الكيان للضربات على سوريا، يأتي لزيادة الضغط على حزب الله للقبول بوقف إطلاق النار وفق شروط نتنياهو وبنفس الوقت رسالة لإيران بأن الحرب تتسع وقد لا يسعفها الوقت للنأي بنفسها عنها، فعليها الضغط باتجاه قبول الحزب بشروطها لوقف الحرب في لبنان".

هل وصلت الحرب دمشق؟
يشير الخفاجي، إلى أن "سوريا منذ سنوات كانت ساحة صراع إسرائيلي إيراني مستتر فالغارات التي تتصاعد الآن هي حلقة أخرى من صراع قديم اشتعل بشكل أكبر بعد طوفان الأقصى، لكن فعليا الاحتلال غير قادر على فتح جبهة سوريا لأسباب سياسية أولا وعسكرية لوجستية ثانية".

وعن الأسباب يقول الخفاجي، إن "إسرائيل في اجتياح لبنان بثمانينات القرن الماضي وصلت بيروت بوقت قياسي بينما إلى الآن لم تستطع الوصول إلى الليطاني وما زالت تقاتل في البلدات الحدودية رغم تقدمها في عدة محاور، لذا فإن فتح جبهة سوريا مكلف للغاية وقد شاهدنا خلال عام من العدوان أن نتنياهو لم يفتح جبهة لبنان إلا بعد انتهاء الجزء الأكبر من العملية البرية في غزة ووصولها لطريق مسدود".

وتابع، "يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار أن الخشية الإسرائيلية ليست من النظام فحسب بل من الفصائل الموجودة في سوريا خصوصا حركة النجباء العراقية، التي روجت قبل أيام بشكل ضمني لاحتمالية فتح جبهة الجولان".

أما سياسيا فيقول الخفاجي، إن "جميع حلفاء إسرائيل بمن فيهم العرب يحاولون التهدئة وإبعاد شبح الحرب الشاملة التي لا يطمح لها أحد سوى نتنياهو، والأخير لم يعد بإمكانه فرض الأمر الواقع على حلفائه خصوصا الأوروبيين الذين باتوا يرونه عبئا عليهم بسبب المجازر المستمرة في غزة والمكررة في لبنان".



الحليف الإيراني
وبين محاولات التحييد والقصف الإسرائيلي المتواصل، برز الموقف الإيراني أخيرا بزيارة مكوكية شملت دمشق وبيروت لعلي لاريجاني كبير مستشاري المرشد الإيراني علي خامنئي، الذي حط في العاصمة السورية وهناك التقى الأسد.

لاريجاني قال لوسائل إعلام لبنانية، إنه حمل رسالة لرئيس النظام السوري "وسيترك له الإجابة على مضمونها".

بعد لاريجاني، وصل وزير الدفاع الإيراني، عزيز نصير زاده، إلى العاصمة السورية دمشق، السبت، على رأس وفد أمني رفيع؛ لإجراء محادثات مع المسؤولين السوريين.

وذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية أن الوفد الإيراني بحث "آخر المستجدات في المنطقة بشكل عام، وتعزيز التنسيق والتعاون بين الجيشين الصديقين".

بدورها، نقلت وكالة مهر الإيرانية عن وزير الدفاع الإيراني قوله لدى وصوله إلى دمشق، إنه "بناء على توصيات قائد الثورة الإسلامية، مستعدون لتقديم كل وسائل الدعم لسوريا الصديقة".

وأضاف أن سوريا لديها مكانة إستراتيجية في السياسية الخارجية لإيران، مبينا أن الزيارة إلى دمشق جاءت بناء على دعوة من نظيره السوري.

وأوضح نصير زاده أنه والوفد المرافق له سيبحثون مع المسؤولين السياسيين والعسكريين في دمشق عدة مسائل مشتركة في مجال الدفاع والأمن، لتوسيع وتطوير العلاقات في هذا المجال بين البلدين.

بدورها ذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكي في تقرير لها الأسبوع الماضي، إن "غياب سوريا عن الصراع الحالي هو دليل واضح على فشل استراتيجية إيران الرامية إلى -وحدة الساحات-، والتي تفترض استجابة منسقة من جانب جميع شركائها في محور المقاومة. ويكشف هذا عن أن البقاء السياسي للأسد يتقدّم على الموقف الإيديولوجي، وأن سوريا في وضعها الحالي لن تشكّل مشكلة بالنسبة لإسرائيل".

ما سر الصمت؟
يقول الكاتب والباحث السياسي رائد الحامد، إن "النظام السوري لا يبدو منسجما مع خيارات محور المقاومة بما يعرف بتعدد الجبهات أو وحدة الساحات".

وأضاف في حديث لـ "عربي21" أن "النظام الذي تلقى مئات الضربات خلال هذا العام اكتفى أحيانا بإصدار بيانات الإدانة فيما لم يرد على أي من الضربات كما أنه لم يسمح لأي من الفصائل المنخرطة في محور المقاومة باستخدام الأراضي السورية منطلقا للرد على إسرائيل أو شن هجمات انطلاقا منها".

وأضاف، أن "ذلك يعزز فرضية عدم رغبة قيادة المحور ممثلة بإيران بانخراط سوريا في طوفان الأقصى تجنبا لمصير متوقع لدمشق على الأقل شبيه بمصير غزة، ومن جانب آخر بقاء الاراضي السورية مستودعا لأسلحة وذخائر المحور وممرا لها من طهران عبر العراق إلى لبنان".

وذكرت "فورين بوليسي" في تقريرها، أنه "على الرغم من القصف الإسرائيلي المنتظم على سوريا، ووعد الحكومة السورية بالوقوف إلى جنب الشعب الفلسطيني، إلا أن النظام السوري وقف متفرّجا على الحرب التي اندلعت منذ  أكثر من عام على غزة".

ويقول الخبراء والمراقبون الذين نقلت عنهم  المجلة، إن أهم أولوية للأسد هي نجاة نظامه والبقاء متحكما في الجماهير السورية. ورغم سحقه للمقاومة، إلا أن نسبة 40 في المئة من الأراضي السورية خارجة عن سيطرة الحكومة، وفقا لذات التقرير،

وقال النائب السابق لمدير مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، عيران ليرمان: "لو ارتكب خطأ وانضم لمحور المقاومة بنشاط فستكون العواقب سريعة"، مضيفا: "في الوقت الحالي، أعتقد أن الأسد متردد للانخراط، ورغم أن الحكومة السورية هي قومية عربية، إلا أن فلسطين تقع في أسفل قائمة الأولويات. فعلى رأسها النجاة".

وتقول معدة التقرير المتخصصة في السياسة الخارجية، أنشال فوهرا، إن "هناك عوامل أخرى وراء ابتعاد الأسد عن النزاع، فهو يأمل بأن يكافئه الغرب على ضبط نفسه وتخفيف العقوبات المفروضة على نظامه". مضيفة: "قد وضع نفسه إلى جانب الإمارات العربية التي تعدّ لاعبا رئيسيا في إعادة تأهيل الحكومة السورية".



مصير نصر الله
هدد جيش الاحتلال الإسرائيلي، بمهاجمة أي محاولة لنقل الأسلحة إلى حزب الله اللبناني عبر الأراضي السورية، إلى جانب استهداف مستودعات الأسلحة والمقرات العسكرية ومنصات إطلاق الصواريخ.

وقال المتحدث باسم جيش الاحتلال دانيال هاغاري في تصريحات لوسائل الإعلام؛ إن "الجيش استهدف مستودعات الأسلحة والمقرات العسكرية ومنصات الصواريخ، ودمر معظم مستودعات حزب الله في بيروت"، مدعيا أنه "تم التعرف على صواريخ منتجة في سوريا، ويتم نقلها إلى الحزب".

وتابع قائلا: "من ثم فإن الجيش الإسرائيلي سيهاجم أي بنية تحتية في سوريا توفر أسلحة لحزب الله".

الأسبوع الماضي تحدثت تقارير صحفية، عن رسالة تهديد إسرائيلية لرئيس النظام السوري بشار، بأنه سيلقى مصير الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الذي اغتيل أواخر أيلول/ سبتمبر الماضي، في حال واصل التحالف مع حزب الله وإيران.

تلك التقرير ترجمها وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر مطلع الشهر الجاري، عندما أكد أن "على إسرائيل أن توضح للرئيس السوري بشار الأسد أنه إذا استمرّت سوريا في كونها طريقاً لتوريد الأسلحة من إيران إلى حزب الله، وسمحت بالعدوان من أراضيها على إسرائيل، فإنه يعرّض نظامه للخطر".

وأضاف ساعر، أن "تل أبيب لن توافق على تجديد بناء قوة حزب الله عبر سوريا، ولن توافق على فتح جبهة ضدها من الأراضي السورية والآن يجب أن يواجه الأسد خياراً حاسما".

وعن ذلك يقول الحامد، "ليس ثمة أي شك في أن الضربات الإسرائيلية التي استهدفت لثلاث مرات منفذ المصنع على الحدود مع لبنان وتدمير عدة جسور في بلدة القصير على الحدود مع لبنان كانت رسائل واضحة، كما نجح الاحتلال بشكل واضح في إلحاق أضرار كبيرة بخطوط الإمداد عبر الاراضي السورية".

مقالات مشابهة

  • بعد 5 سنوات من الاعتقال.. النظام السوري يفرج عن الصحفي الأردني الغرايبة
  • قراءة إسرائيلية في موقف النظام السوري من الحرب مع حزب الله
  • روسيا باقية في سوريا.. اسألوا نتنياهو
  • سوريا | بين تصاعد العدوان ومحاولات التحييد.. هل دخلت دمشق الحرب رسميا؟
  • مع تصعيد القصف على سوريا.. هل دخلا دمشق الحرب رسميا؟
  • جامعة الدول العربية تثمن مبادرات "أم الإمارات" لدعم الأمهات اللبنانيات
  • جامعة الدول العربية تثمن مبادرات ” أم الإمارات ” لدعم الأمهات اللبنانيات “
  • العربية للتنمية الزراعية تنظم حدثًا جانبيًا حول تسهيل وصول الدول العربية للتمويل الأخضر في COP29
  • منظمة حقوقية توثق مقتل 84 شخصا تحت التعذيب في سوريا
  • مصدر سياسي:أمريكا طلبت من بغداد تبليغ طهران بسحب ميليشياتها من سوريا