قبلان: ما يجري في الجنوب دفاع عن لبنان وسيادته
تاريخ النشر: 31st, December 2023 GMT
شدد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان على أن "لبنان وجد ليبقى، ولن نسمح للخرائط الأميركية الإقليمية الإطاحة بلبنان ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي وشراكته الإسلامية المسيحية، وكل عام ولبنان وسيادته وجيشه وشعبه ومقاومته بخير".
وقال في بيان: "مع نهاية هذه السنة بكل ما فيها من قتل وفظاعات ومجازر وطغيان أميركي غربي صهيوني كنا نتوقّع من بعض القامات الدينية أن ترفع الصوت بوجه واشنطن كمصدر للشر العالمي وسبب قيادي بمذبحة غزة وإبادة نسائها وأطفالها لا أن تُحوّل سهامها نحو القدرات الوطنية المقاومة التي بفضلها ما زال لبنان موجوداً".
أضاف: "لهذا البعض أقول إن التعويل على واشنطن تعويل على إبليس، ومصالح واشنطن من مصالح تل أبيب، وما يجري بغزة يؤكد عظمة المقاومة في لبنان، والقرارات الدولية مقبولة بمقدار المصلحة الوطنية فقط، والحرب التي تجري على الجبهة الجنوبية محاطة بصوت المسيح ومحمد وصميم رسالات السماء، وفلسفة وجودنا ومنطق خلقنا وتكويننا يأبى أن نسكت عن أسوأ كارثة إنسانية بهذا القرن، وإنما جاء الإنبياء بالحق والعدل وإغاثة المظلوم ونصرة المعذّب وخصومة الظالم لا فتح الأبواب له، ولعبة التذاكي معيبة، والمجتمع الدولي مصدر طغيان هذا العالم، ولا حياد بالحق والعدل وخصومة الظالم ونصرة المظلوم".
وتابع: "لبنان أكبر من الطوائف، وقصة هذا لي وهذا لك سبب خراب لبنان، وأي مركز دستوري هو ملك اللبنانيين جميعاً ودعونا من جيفة الطوائف وسواطيرها. ولأن التجارب مُرّة منذ ما قبل الإجتياح الإسرائيلي ثمّ مع الإجتياح وتجيير الدولة ومؤسساتها وأجهزتها للغازي الصهيوني ثمّ شراكة البعض للعبة الأميركية الخبيثة لن نسمح بتمرير أي صفقة أميركية ولا باغتيال القرار السياسي للبلد، والحل بتسوية رئاسية حماية للبنان ومصالحه الوطنية، ولبنان ليس "عدد" والديمقراطية العددية تضع البلد بمكان آخر، وما نريده شراكة وطنية لا شراكة عددية، والتعامل مع إسرائيل خيانة، وأي اتصال مع الصهيوني مهما كان جريمة، وخرق قوانين المقاطعة جريمة وطنية، وقطع يد الصهيوني بكل أشكالها واجب وطني وأخلاقي".
وقال: "ما يجري في الجنوب دفاع عن لبنان وسيادته وتأكيد لوجوده ومنعته وتأصيل لوصية المسيح ومحمد بالدفاع عن المظلومين أينما كانوا في لبنان أم غزة أو غيرها، وما أوصلنا لتحت الحضيض التبعية العمياء لواشنطن والسكوت عن جرائمها الوطنية والسياسية والنقدية طيلة عقود طويلة، ومنها معادلة الطائفية الظالمة، والحل بإدانة واشنطن وقطع يدها عن لبنان ونبذ الطائفية والتعامل مع مصالح لبنان بخلفية وطنية لا طائفية، ومجلس النواب حارس سيادي لا كازينو، ورئيس مجلس النواب لا يجيد لعبة الحظ لأنه ضامن وطني للمصالح الوطنية، وبفضل منصات المدافع والترسانة التي لا سابق لها ما زال لبنان موجودا وما زلنا نتكلم العربية".
وختم: "ما نريده لبنان وطني لا لبنان صهيوني، والخلط بين الصهيونية والوطنية كارثة، والشراكة الإسلامية المسيحية تفترض حماية لبنان لا تركه لأنياب واشنطن وتل أبيب".
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
وقف النار في الجنوب اللبناني وما بعد!
سواء في لبنان أو في غزة يظل التوصل إلى وقفٍ لإطلاق النار أمراً شديد الأهمية؛ لأنه يعني وقف القتل والتخريب والتهجير الذي يوشك أن يصبح آتياً من طرفٍ واحدٍ هو الطرف الإسرائيلي. بيد أنّ المشكلات الأخرى المتكاثرة بعد الحرب على الجبهتين هي بالصعوبة نفسها، بل قد تكون أكثر عسراً واستعصاءً، وستقتصُر المعالجة هنا على الجبهة في لبنان.
إنّ الصعوبة الأولى بعد وقف النار إن حصل تتمثل في دخول الجيش اللبناني إلى منطقة الليطاني الحدودية والتي اخترقتها إسرائيل من الوريد إلى الوريد. وبالطبع، فإنّ الانسحاب الإسرائيلي ينبغي أن يحصل أولاً، وإن حصل فهل يكون دخول الجيش سهلاً وسلِساً؟ المنطقة المقصودة خالية من السكان تقريباً، لكنها لا تخلو من عناصر الحزب وربما لا تزال هناك أسلحة ومخابئ إن لم تكن هناك أيضاً أنفاقٌ لم يدمّرها الإسرائيليون بالكامل. فهل يستطيع الجيش إخلاء المنطقة من السلاح والمسلحين بطول مائة كيلومتر تقريباً؟ للمرة الأولى منذ ثمانينات القرن الماضي ما حصلت ضربةٌ للحزب كضربة هذه الحرب. وقد كان سابقاً ينفّس عن نفسه بدعاوى الانتصار التي لا يستطيعها الآن؛ ولذلك ستنصبّ مماحكاته على الجيش و«يونيفيل» الذين لن يقاتلوه لكنهم سيصرُّون على الخروج والإخراج وهم تحت رقابة الإسرائيليين والأميركيين والفرنسيين.إشكاليات الخروج والإخراج، تتلوها إشكاليات الموقف الداخلي. لدينا منذ قيام دولة لبنان الكبير الذي لم يعد كذلك لا لجهة سورية ولا لجهة إسرائيل ولا لجهة المناطق التي ينتشر فيها الحزب ومسلَّحوه. منذ قيام الدولة في العشرينات منذ القرن الماضي تحضر مشكلات الهوية الفصامية بين المسيحيين والمسلمين وقد صارت الآن رباعية وليست ثنائية: المسيحيون والسنة والشيعة والدروز. وقد كانت المظلومية الشيعية سيدة الموقف من ستينات القرن الماضي، وهي ستعود الآن بعد الصدمة الهائلة على الصعد كافة: كيف سيعود الشيعة إلى منازلهم على الحدود ومعظم المنازل مدمَّرة؟ وهم سيشهدون الدمار الهائل وسيبتزون الحكومة العاجزة بحجة رفع الظلم. وبعد الحكومة هناك عشرات ألوف المساكن التي يحتلها المهجَّرون في سائر الأنحاء بإيجار ومن دون إيجار، وهناك عشرات المدارس التي لا تستطيع فتح أبوابها للطلاب لأنّ المهجَّرين فيها! وربما لا يمون الحزب على مناطق التهجير، لكنه لن يسهِّل عودة أصحابها إليها وسيكون هذا الإباء جزءاً من الصدمة التي نزلت بالحزب وسائر اللبنانيين.
قبل الحرب كان «الثنائي الشيعي» يحتجز رئاسة الجمهورية ويريد فرض مرشح معين من أجل الأمن الاستراتيجي للحزب! أما الآن فسائر الشيعة غير آمنين ولا في مساكنهم، والذي أتصوره أن الرهان سيزداد تعقيداً لأن الفصامية ازدادت بين الشيعة والمسيحيين وما عاد عندهم ما يمكن تبادله. هناك من اللبنانيين من يعتقد أن إعادة الإعمار وإعادة بناء الدولة هما همّان يمكن أن يجمعا اللبنانيين. لكنّ الأمر ليس كذلك الآن. كان هناك «مجنون» بإعادة إعمار بيروت وهو رفيق الحريري يعاونه السعوديون والفرنسيون، لكنّ التضامن العربي والدولي ليسا حاضرين الآن. مفاوض الشيعة الوحيد على وقف النار وعلى استعادة الكيان السياسي واحد ووحيد هو نبيه بري وأمل الشيعة فيه مشروط، إنما لا ثقة للآخرين به. وعلى أي حال، فكل تنازُلٍ من جانبه سيقابل بالإنكار والاستنكار. لكن، هناك انطباعٌ الآن أنّ إيران تريد أخيراً وقف الحرب بعد أن كانت قد أثارتها. ويقال إنّ علي لاريجاني مستشار المرشد الإيراني إنما زار بري ولبنان لهذا الغرض. وبالطبع الجميع الآن يعتبر إسرائيل هي العقبة وقد جاء آموس هوكستين مبعوث الرئيس الأميركي إلى لبنان لهذا الغرض، ويقال إنّ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب يدعمه أيضاً!
الجميع الآن يترقب نوايا وأفعال ترمب الذي يقال إنه يريد وقف كل الحروب ومنها الحرب على لبنان وستبيّن الأيام القليلة المقبلة مدى الصدق في هذه المقولة. لكن على ماذا يراهن الحزب المقاتل بعد هلاك الألوف من عناصره وطائفته، وإذا كان «يعاني» سابقاً غرور فائض القوة، فهو يعاني اليوم الضعف الشديد الذي أوصلته إليه الحرب الإسرائيلية ويسخر المتحدثون الإسرائيليون ويزعمون أنهم يريدون تحرير اللبنانيين من سطوة الحزب وداعميه، ويصل برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الغرور إلى مخاطبة الشعب الإيراني بأنه يريد تحريرهم من نظام حكمهم الفظيع!
الصعوبات قبل وقف النار وبعده لا تُعدُّ ولا تُحصى. وعندما جاء هوكستين إلى بيروت قابل ثلاثة، هم: الرئيسان نبيه بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش جوزف عون الذي من المفروض أن يرسل جحافله الجرارة إلى منطقة الليطاني للحلول محلَّ تحصينات الحزب وأنفاقه.
المطربة اللبنانية الشهيرة فيروز بلغت التسعين، ويتخذها اللبنانيون ومحبو لبنان من العرب دليلاً على «خلود» لبنان رغم ضخامة المشكلات فيه داخلياً وخارجياً.